الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 09th October,2006 العدد : 174

الأثنين 17 ,رمضان 1427

الشنطي وأيقونة التصنيف
عبدالله الوشمي

التعلق بحرفة الأدب إبداعاً أو قراءة أو متابعة هو أمرٌ يتجاوز الثقافة واللغة والجنسية والبلاد، ويمتد ليكون نبرة يفهمها الجميع ممن خاض مآزقها واكتوى بلهيبها.
وأحسب أن الدكتور محمد الشنطي من البوابات النقدية المشرقة في مشهدنا المحلي بدرجة أولى وفي المشهد العربي بدرجة لاحقة، وإني إذ أبارك خطوة التكريم التي بها نُفصح عن نقائنا وعن إيماننا بالوفاء والصدق كقيمة تتجاوز المحلي إلى العربي، بالإضافة إلى ما نؤديه من حق هذا الرجل الذي استطاع أن يترك بصمته الفاعلة في حركتنا الثقافية، وأن يكون رقماً فاعلاً فيها.
وحين أتجاوز إنشائية التكريم وخطابيته، فإني أسعى في هذه المداخلة المختصرة إلى أن أضيء جانباً نقدياً سأجعل الدكتور محمد الشنطي نموذجه الأكبر أو الأوضح، ألا وهو الخروج عن التصنيف، فالشنطي الذي (دشّن) وتابع كثيراً من المبدعين الحداثيين، هو الذي نافح عن مجايليهم من المحافظين، وحين يؤلف متابعاته عن مشروع الحداثة، فإنه وبالمنهج نفسه يؤلف كتابه (في الأدب الإسلامي)، وأظنه لا يخرج من النادي الأدبي الثقافي بجدة إلا ليدخل في رابطة الأدب الإسلامي بالرياض، ولا يتناول كتابات د. العشماوي، إلا ليعطف بالاهتمام نفسه أو بدرجة أقل على مؤلفات د. عجب الزهراني، وهذه المؤشرات هي ما تسعى هذه المداخلة إلى لفْت الأنظار إليه، معتقدة أنَّ صاحبها يكاد أن يُمثّل اتجاهاً ينتمي إليه كثيرون، أو لنقل: يتمنى أن ينتمي إليه كثيرون، ولكن ظروفاً تتصل بالشخصية والمرحلة والتخصص تمنعهم. فأمَّا الشخصية، فهي السمات التي احتضنها الدكتور الشنطي من الطيبة والتسامح مع الجميع، والانحياز إلى الكل، بالإضافة إلى أنَّ شخصيته لم تكن من الشخصيات الصامتة أو المنعزلة، فعلى الرغم من ظرفه الطارئ (المقيم العربي)، فإنه اشتبك مع الحركة الثقافية، واستطاع أن يكوِّن نفسه بعصامية كبيرة، وأن يستثمر وجوده في المملكة بمواصلة الدراسات العليا إلى أن أنهاها، ولمع نجمه بعد ذلك مساهماً في شتى الفعاليات، وبذلك تخطّى أعرافاً عدة، فلم يخضع للعرف المحلي بوصف الطارئ بالنهم المادي، أو بالنقد السطحي الذي لا يقدم شيئاً، وإنما كان نقاؤه دافعاً للاستمرار، حتى إنّ ناشر كتبه الأستاذ سالم الملق حدثني بأنَّ د. الشنطي لا يتحدث مطلقاً عن الجانب المادي، وربما أعاد شيئاً مما يُدفع له من باب الحرص على القيمة العلمية لا المادية.
وأمَّا المرحلة، فهي التي وقع الدكتور الشنطي في أتونها من حيث الصراع الحاد بين الاتجاهات الفكرية السائدة، وأحسب أن ظرفه الاجتماعي وكونه من ضمن المقيمين في البلاد، فإنَّ ذلك دفعه إلى أن يتآخى مع الجميع، وأن يكتفي بوظيفة الشارح، أو المثني على جوانب الجودة، وأن يؤخر أو يدفع ما يمكن قوله عن جوانب الرداءة.
وأمَّا التخصص، فلعل انكباب الدكتور الشنطي على مؤلفاته التاريخية أو التوثيقية أو التصنيفية، صنعت منه مؤرخاً للأدب، ومن هنا استبطن بجدارة وظيفة دارس الأجيال والمراحل والتحولات، فهو يصفها، ويُصنّفها، ويجتهد ألا يترك تياراً إلا وقد أولاه عنايته، وذلك من منطق الأمانة العلمية، وتخفف من الدخول في نقد الجماليات وأضدادها.
وإن جهود الدكتور الشنطي المتعددة دليل على الإخلاص النقدي والانقطاع إليه، حتى وجدنا مؤلفاته ومقالاته ومشاركاته لا تقف عند سقف معين، ولا اتجاه دون آخر، ولا تخصص دون غيره، وإنما تمتد كالنهار لتصل إلى الجميع، وهي نتيجة طبيعية لطبيعته الشخصية التي يستحيل معها رفض طلبات الناس وإلحاحهم، ونتيجة للتخصص الذي يوجب عليه متابعة الجديد ورصده ووصفه.
ومهم أن يقال: إن هذا التنوع والتفاوت في جهود الدكتور قد يقال عنه ما يقال من التفسيرات المختلفة أو المتناقضة أو المتَّهمة، ولكني أظن أن الأقرب هو ما سبق، مع امتلائي الشخصي بالتقدير الكبير لجهوده في متابعة المسيرة الأدبية المحلية.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
حوار
تشكيل
مسرح
الملف
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved