الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 10th March,2003 العدد : 2

الأثنين 7 ,محرم 1424

المجلة الثقافية: إصدارنا الرابع
عندما بدأنا بـ «مجلة الجزيرة» كأول إصدار إضافي لصحيفة «الجزيرة» يُقدم للقراء هدية منها، لم تكن دراساتنا تشير إلى أن هذه المجلة الاسبوعية سوف تكون موعودة بأن تحقق كل هذه المساحة الكبيرة من اهتمام القراء في شهورها الأولى..
لكن وعندما تبين لنا بعد شهور من صدورها تحفظ دراساتنا المسبقة في تقدير النجاح المنتظر لها، بناء على ما ظهر لاحقاً من نتائج اختصرتها لنا المؤشرات التسويقية وبالاعتماد على رصد أمين لهذا الاصدار ما كان منه سلباً أو ايجاباً للتعرف على وجهات النظر المتباينة بين متلقيه..
أقول، إننا في ضوء هذه المعلومة الصغيرة وبما أعطته لنا من نتائج، قد حفزتنا إلى أخذ القرار الجديد والصحيح بإصدار مجلة أخرى تخاطب جيل«الانترنت» تفاعلاً مع ثورة الاتصالات واستثماراً لها، مسبوقة بدراسات ربما أنها كانت أقل تحفظاً وأقرب إلى الواقع من سابقتها، مصحوبة بشيء من التفاؤل في أن تكون «مجلة العالم الرقمي» اضافة جديدة إلى نجاحات كانت المجلة الاولى قد حققتها..
وأعترف، أن نشوة الفرح والحماسة اللذين استقبلنا بهما نجاح الإصدارين، وما ظهرت به «مجلة الجزيرة» ثم «مجلة العالم الرقمي» من تميز مهني غير مسبوق، قد شجعانا لان نسرع في تقديم الهدية الثالثة للقراء وهي «مجلة الإصدار الدولي»، وهي مجلة تعتمد في مادتها على انتقاء أهم الكتب العالمية واختيار أفضل الدراسات الدولية مع اهتمام خاص بالافتتاحيات والندوات وكل ما ينشر في الصحف العالمية، ونشرها بعد ترجمتها لتمكين القارىء من الاطلاع والإلمام والمتابعة بما يدور في العالم.
***
وبهذا الجهد، أصبح القارىء في أيام السبت والأحد والثلاثاء، من كل أسبوع، يقتني«الجزيرة» مع إحدى المجلات الاسبوعية «مجلة الجزيرة» أو «مجلة الإصدار الدولي» أو «مجلة العالم الرقمي» ضمن ما تقدمه صحيفة «الجزيرة» من خدمة صحفية يحاول الزملاء من خلالها أن يلبوا رغباته ويستجيبوا لكل ما يطالب به وينتظره منهم..
ولان القارىء هو الحكم وهو المستهدف«تحديداً» في كل جهد يبذل هنا، فقد كان كريماً وسخياً معنا بما قرأناه له وسمعناه منه عن هذه الاصدارات، ثناء حيناً وملاحظات قيمة أحياناً أخرى، بما أفادنا في تلمس الطريق الصحيح للعمل الاصح..
ومن غير المناسب أن أتجاهل هذا النمو في توزيع «الجزيرة» الذي صاحب وثباتها، لاخلص منه إلى أن سببه في جزء كبير منه يعود إلى القارىء«النخبوي» بتجاوبه وتفاعله وتقديره لخطواتنا التطويرية، والتزامه وقناعته بشعاره وشعارنا «الجزيرة تكفيك» بوصفه شريكاً معنا في النجاح الذي تحقق، ومازلنا نعوّل عليه في النجاحات المستقبلية إن شاء الله.
***
واليوم هو الاثنين، تذكروا انه منتصف هذا الاسبوع وكل اسبوع.. وقد اخترناه لكم من بين كل الايام موعداً لكم معنا في سياحة صحفية تليق بكم..
لنقرئكم فيه مجلة أسبوعية جديدة، ولكنها هذه المرة عن الثقافة وللمثقفين..
ونحن نرى في قراء «الجزيرة» أنهم جميعاً ودون استثناء يمثلون رقماً مهماً في مجموعة الطبقة المثقفة والملمة بكل ألوان الطيف الثقافي..
ومجلتكم الجديدة من حيث زمن الصدور تعد الرابعة التي تصدر عن صحيفة«الجزيرة» في غضون عشرة أشهر..
لكنها من حيث وثبات التطور زمنياً يأتي ترتيبها الخامس، وهي من حيث الاهمية في الترتيب الاول كباقي الوثبات..
وبالنتيجة، فإن هذا العمل الجديد أمكن انجازه في الوقت المناسب ضمن منظومة طويلة من الاعمال الصحفية الكبيرة والمتواصلة التي وعدنا بها القراء، وبصدور«المجلة الثقافية» سيكون القارىء إذاً على موعد يوم السبت مع مجلة«الاصدار الدولي» ويوم الاحد مع مجلة «العالم الرقمي» ويوم الاثنين مع «المجلة الثقافية» ويوم الثلاثاء مع «مجلة الجزيرة» وهناك خطوات متسارعة لانجازات أخرى.
***
بقي لي، أن أنوه بالجهد الكبير والرائع لزميلي الإعلامي اللامع «إبراهيم التركي» مدير التحرير للشؤون الثقافية وللزملاء المبدعين أسرة تحرير هذه المجلة، لانجازهم هذه المجلة على النحو الذي ترون..
وأنا على يقين بأن طرحاً مميزاً كهذا الذي تطالعونه في العدد الاول من المجلة الثقافية سوف يرضي الكثيرين منكم، وفي مقابل ذلك فإن ملاحظات ووجهات نظر وآراء أخرى لن تكون المجلة في غنى عن سماعها، بل من الضروري أن تقال وبصوت عال ومسموع للوصول إلى الكمال الذي قد لايتحقق وإن حاولنا..
فالثقافة كما هو معروف مجموعة معارف وباقة علوم، وإذا كانت مجامع اللغة وأهل الاختصاص لم يتفقوا ولم يتوصلوا بعد على تعريف مانع جامع لهذه المفردة، فلابأس أن تتباين وجهات النظر حول طرح ثقافي كهذا الذي يصدر على شكل مجلة تُعنى بالثقافة وبإسمها الشامل المجلة الثقافية، مع يقيني بأن الأفكار سوف تتلاقى في النهاية لتقديم ربما ما يتفق الجميع عليه.
ندوة «الرواية السعودية» نستعرض تاريخ التجارب الروائية: «2 -2»
البازعي: كثير من الروايات التي نشرت في الفترة الأخيرة ما تزال في قائمة الممنوعات
المناصرة: البعد السردي بوصفه بعداً جماعياً هو أساسي في بناء أية رواية

متابعة: تركي إبراهيم الماضي
ضيوف الندوة: د. حسين المناصرة أ.عبدالحفيظ الشمري أ. خالد اليوسف
أدار الندوة: أ.د. سعد البازعي
ضمن نشاط (المنتدى الثقافي) نصف الشهري الذي تقيمه إدارة التحرير للشؤون الثقافية، أقيمت ندوة ثقافية بقاعة الأمير سلمان بن عبدالعزيز بمبنى المؤسسة تحت عنوان (هل بلغت الرواية السعودية مرحلة النضج؟!) شارك بها: د.حسين المناصرة والاستاذ خالد اليوسف والزميل الاستاذ عبدالحفيظ الشمري وأدارها أ.د.سعد البازعي، وها نحن في المجلة الثقافية نقدم الجزء الثاني والأخير من هذه الندوة.
البازعي
هناك نقطة ينبغي أن تذكر هنا وهي أن هذه الروايات لتركي الحمد أو لغيره ليس كلها طبعا ولكن كثير من الروايات التي نشرت في الفترة الأخيرة ما تزال في قائمة الممنوعات وليست موجودة في السوق، اتحدث عن اعمال قد نقرأها في مكان آخر ونحضرها من مكان آخر فهي إشكالية خطيرة إشكالية الحرية فتركي الحمد أو غازي القصيبي أو عبده خال من الأسماء التي نشرت ولم تبع هنا باستثناء قليل يمكن في بعض معارض الكتب. هؤلاء تمتعوا بحرية أن ينشروا مالديهم لكن خارج السياق المحلي ومع ذلك تعرض بعضهم لمتاعب منهم تركي الحمد مثلا تعرض لمتاعب نتيجة هذه الروايات فالمسألة ليست بالسهولة التي تبدو أن الوضع تغير فجأة وأصبح الجميع يستطيع أن ينشر ما يريد مازالت هناك قيود وإن كانت قيوداً نسبية ليست كالسابق كأنما الروائيون اكتشفوا طريقة جديدة في التعامل مع هذه المشكلة فبدأوا يكتبون وينشرون في الخارج وقد تأتي إلى هنا بشكل أو بآخر.
اليوسف
أساساً الروائي أصبح يهرب بموضوعاته، أكثر الروايات التي نقرأها أحداثها تدور خارج الوطن سواء من «شقة الحرية» وهذه جزء من الحرية سواء الحرية الكتابية أو دخولها لهذه الأرض وتصبح من الممنوعات. ولماذا تكون من الممنوعات؟
لأني اعتقد ان الكاتب لو دارت احداثه في مدينة الرياض رواية معينة كرواية «رياض نوفمبر» لسعد الدوسري مثلا حتى الآن مخطوطة لم يستطع نشرها لأن أحداثها تدور في مدينة الرياض ويمكن كأشخاص كأماكن أشياء كثيرة في الرواية تدور في هذه المدينة ما زال المجتمع سواء الواعي أو غير الواعي أو غير المثقف، أنا أذكر العام الماضي في أحد نوادي القصة أن رواية «سقف الكفاية» حوكمت من المثقفين بمعنى أنه حتى المثقفين لديهم محدودية في قضية الحرية وحكموا على محمد حسن علوان عن قضية الحب وكيف يدخل البيت وكيف يكون البطل يغازل هذه الفتاة في غرفتها فمعنى هذا أن الحرية حتى الآن محدودة جداً جداً.
الكاتب الروائي يمر بمعاناة كبيرة ثلاثية تركي الحمد فعلاً مدن ما بين الرياض والدمام وجدة ولكن أعتقد أنه مازال يعاني من هذه الرواية.
إذا كان المتلقي بهذه العقلية فستكون الرواية كما وعطاء ولكن الكيف يكون ضعيفا مهما أنتج حتى الآن أظن أننا كل سنة ننتج 13، و14 أو 15 رواية ولكن في بعضها هلاميات وبعضها رموزا حتى الأماكن حتى الشخصيات حتى الأحداث حتى الزمان والمكان قليل منها جداً الذي يكون واضحاً تماماً.
البازعي
لايزال السؤال قائماً بمعنى هل هذه طفرة مؤقتة؟ لو أجبنا بالإيجاب على هذا السؤال لربما استندنا إلى ما قاله الأستاذ عبدالحفيظ الشمري من علاقة الرواية بالسير الذاتية هناك كثير من الروايات تعتمد على السيرة الذاتية.
السيرة الذاتية طبعاً معين ينضب ولايمكن للإنسان أن يظل يكتب عن نفسه كتب مرة مرتين ثلاثاً.
فإذا اعتمد الروائي على سيرته الذاتية في إنتاج عمل أو عملين أو ثلاثة أليس هذا مؤشراً على أنه قد يتوقف مستقبلاً؟ الأيام ستؤكد هذا طبعاً، لكن ما هي توقعاتكم؟.
إلى أي حد الرواية المنتجة الآن متصلة بالسيرة الذاتية وكم عدد الروايات ونسبتها التي تعتمد على السيرة الذاتية؟ وهل هذا الاعتماد سيؤدي إلى فقر إبداعي قريب إن لم يستطع هؤلاء الروائيون ان يتجاوزوا حدود رؤياهم الشخصية وما مروا به من أحداث؟؟
غالبا الكاتب الروائي لا يبتدىء إلا بسيرته سواء هنا أو في أي مكان، دائما سيرته تكون أقرب شيء إليه ودائما تكون الطفولة والفتوة والشباب تتصارع في داخله وأعتقد بعد ذلك قراءاته وتبدأ موهبته فيلتفت إلى سيرته الذاتية خاصة إذا كان فيها بعض المواقف الملفتة لكتابتها. إذا تمرس بعد هذه الكتابة الأولى بالتأكيد سينطلق إلى عوالم كثيرة جداً واسعة.
كثير من الكتاب. غازي القصيبي «شقة الحرية» تقريبا سيرة ذاتية ولكن إلى آخر رواية انطلق إلى عوالم كثيرة ومر بتجربة اليونسكو وصراع مع اليونسكو هذه جاءت ليكتب هذه الرواية برموزها وأسمائها.
والكاتب الروائي لديه موهبة أن ينطلق إلى عوالم واسعة جداً إلا إذا كانت تجربة أولى، وكثير منهم أيضاً كتب في السيرة الذاتية وتوقف بعدها لأنه ليس لديه الموهبة الأساسية للكتابة ولذلك الكاتب الروائي لا ينجح إلا إذا كان كاتب قصة بالأساس إذا كان كاتب قصة لديه الأدوات بشكل كامل لكيفية التقاطها والاستفادة منها في كتابة الرواية أيضا الكاتب الروائي إذا كان واسع المعرفة.
أكيد سينطلق ويتوسع ولا يدور في محور واحد ومن غير تحديد أسماء فيه كثير منهم أصبح كم رواياته عشر روايات ولكن يدور في فلك واحد لا يتغير والسير الذاتية هي أهم معين للكاتب.
الشمري
الحقيقة أن الرواية في الوضع الحالي تعاني من إشكالية العمل الإبداعي المنتج في مجال الرواية بمعنى أن الكاتب يتناول سيرته الذاتية.
والمشكلة الأخطر من ذلك أن النقاد لديهم حساسية من العمل الروائي أو العمل الإبداعي بشكل خاص. ومن خلال الرواية نجد أن معظم الطروحات النقدية تتناول العمل الروائي وكأنه يتيم عندما تكتب رواية ويأتي ناقد ويستوقفك في النقد والتجريح والمداخلة والملاسنة وكل ما لديه من أسئلة تجد أن الرواية فعلا تصبح يتيمة وهذا في اعتقادي خطأ وكرس لهذا المفهوم في ندوة قبل شهر في نادي جدة الأدبي بأنه يجب أن يكون لكل روائي رواية واحدة يتيمة لن نناقش غير هذه الرواية، وهذا خطأ طبعاً لأننا بحاجة إلى كم من الروايات عندما نأتي ونقول لكل روائي يتيمة هذا في اعتقادي صعب.
طبعاً مفهوم اليتيمة انه عمل متميز لكن يقصد به كما يريدون انه عمل واحد وهذا خطأ. مثل الأستاذ محمد أبو حمرا عندما يكتب روايته ويتوقف أنا أضع علامات استفهام أمام هذه تجربة إذا لم يكتب غير ما كتب من رواية ففي اعتقادي سأناقشه في بعض الوسائل هل سيستمر علماً بأني أجد أن السير الذاتية فضاء واسع جدا ربما السيرة لأننا أبناء ريف أبناء قرى أبناء مزارع وفلاحين فلدينا تراث جيد وممتع من الثقافة نتناوله على شكل سيرة ذاتية للقرية سيرة ذاتية للريف سيرة ذاتية لحالتنا نستقصي حقيقة تاريخنا جذورنا هذه جيدة لن تكون لشخص واحد ربما سيرة قرى وبلاد كاملة.
البازعي
بذلك تكون سيرة وليست سيرة ذاتية مرتبطة بالذات.
المناصرة
المسألة الأساسية ألا نسميها سيرة ذاتية دائما نسميها الرواية السيرية وبالتالي الرواية السيرية لا شك انها من أبرز الأعمال التي بدأت تظهر في الفترة الأخيرة وحتى على مستوى الرواية في المملكة الكثير من الكتاب لو عدنا إلى التجربة الروائية أو الذاكرة الروائية هي بكل تأكيد ذاكرة سردية تعود إلى السيرة الذاتية التي عاش الكاتب في البيئة التي ينتمي إليها لكن نأخذ أيضا في عين الاعتبار أن السيرة الذاتية لم تعد اليوم مسألة متقوقعة على ذاتها أصبحت بفعل العولمة بفعل الانفتاح أصبح الكاتب عندما يكتب عن همه الذاتي هو يدخل في مجموعة من الهموم يعني إذا أصبح الجنون جزءا من بناء الشخصية أصبح جزءا من اللامنطق في هذا العالم لذلك نترك هذه المسألة الأساسية. صحيح أن هناك مقولة أن الرواية الأولى هي سيرة ذاتية لكن أنا من وجهة نظري أن الكاتب لا يمكن أن نقول انه قد ينضب من السيرة الذاتية لأنه يمكن أن يعيد كتابة السيرة الذاتية في عشر روايات يعني كثير من الروائيين كتبوا سيرتهم الذاتية لكل مرة يكررونها في رواية ولكن بطريقة مختلفة وأعطي نموذجاً على جبرا ابراهيم جبرا فالبطل دائماً هو شبيه جبرا ابراهيم جبرا لذلك يتكررون روايات مختلفة الأسماء ومختلفة الإشكاليات لكن البطل يحمل نفس الهموم والملامح الفنية نفسها هذه مسألة مهمة جدا ولذلك أنا أعتقد أن التجربة الذاتية في مسألة بناء البعد السردي بوصفه بعداً جماعياً هو أساسي في بناء أية رواية لذلك يجب أن نتجاوز القول ان هذا الكاتب يكتب عن علاقة خاصة حدثت في الحارة يكفي أن نأخذ العبارة الأساسية من كل رواية هذه الرواية لا علاقة لها بالواقع وهي جزء من الخيال ولا ترتبط بسيرة مؤلفها فأعتقد أن هذا التحول مهم جدا في تعاملنا كرؤية نقدية لأي عمل روائي بعيدا عن الإسقاطات النفسية فيما يخص علاقة الكاتب بنصه على الأقل على مستوى المساءلة الاجتماعية والسياسية والثقافية.
البازعي
النقطة التي أثرتها يا دكتور حسين متصلة بتجربة القارئ أيضا في التعامل مع الرواية إذا كان جمهور القراء لا يمتلك الخبرة في التعامل مع الرواية أو لديه خبرة ضعيفة في تلقي العمل الروائي فبالتأكيد تلقيه سيكون متجهاً باتجاه معين، المهتم من القراء لدينا اعتاد فترة أطول على القصة القصيرة والقصة القصيرة ظلت من السبعينيات أو ما قبل ذلك بقليل هي سيدة الموقف بالنسبة للسرد المحلي وأود هنا أن أنتقل إلى مسألة القصة القصيرة لاعتقادي أنها مطروحة ليس لأن الكتاب الثلاث الموجودين هناك تبوا القصة القصيرة وبعضهم انطلق إلى الرواية وإنما لأنه حضور مهم في الساحة الأدبية، والآن السؤال مع هذه الطفرة الروائية إذا جازت التسمية هل هذا إيذان بتراجع القصة أو انطفائها مؤقتا على الأقل أم انه دليل على اكتشاف الكتاب ان القصة لم تعد قادرة على التعبير عن إشكاليات المرحلة التي نعيشها أو التي يعيشونها هم ككتاب، وهل ثمة صراع ضمني بين الشكلين القصة القصيرة والرواية أم أنهما تتكاملان كأشكال أدبية هذا السؤال مطروح؟!.
وأبدأ بالأستاذ عبدالحفيظ أنت أيضا كتبت الشكلين.
الشمري
بدايتي أنا ربما بداية بسيطة في القصة القصيرة قبل عقدين من الزمان توجتها ببعض الأعمال، حقيقة القصة لم تكن قادرة على تخطي أزمة وجودها في ظل هذه الهجمة الروائية التي أشرنا إليها.
السبب يعود للأسف وأكرره الآن أنها ارتبطت بقضية الشعر الحر عندنا في المملكة تحديدا عندما نستقرئ التاريخ ونفتش فيه نجد من حوالي عشرين سنة ماضية أن تجربة الشعر الحر كانت مؤثرة وكانت القصة كفن في الظل، للأسف حدثت للشعر الحر بعض الهزات وتخلى عنه بعض النقاد وأهل الشعر تخلوا عنه ومن ثم جاء الدور على القصة فكانت نبتة في ظل التجربة الشعرية وهذا رأي شخصي ربما يؤخذ به أو يرد.
حقيقة القصة القصيرة لدينا تمتعت بشيء من الحضور كالشعر، كتابة القصة كانت مرهونة بالبدايات أيضا ولم تكن سيرة ذاتية ولكنها ظلت تحافظ على بداية الكاتب عندما ينطلق من حيث يتضح عالمه وما حوله نجد أن كل الكتابات في البدايات أو نقول عنها سيرة البدء تنطلق من القرية ربما من الريف ربما من الطفولة فكل قاص لو فتشت في نصوصه تجد أن التجربة الأولى أو المجموعة الأولى أو نصف المجموعة الأولى يمثل هذه الطريقة ومن ثم ينطلق إلى عوالم أخرى في السرد لتداخله مع بعض الأجناس ولقراءاته ولا طلاعة.
المناصرة
أنا مع الأستاذ عبدالحفيظ الشمري أن هناك تراجعاً في القصة القصيرة التي نقول انها بضع صفحات وهذا التراجع لصالح عالمين سرديين العالم الأول هو عالم القصة القصيرة جدا والذي يمكن أن نسميه كما قال الأستاذ عبدالحفيظ قصيدة النثر وكذلك التراجع نحو الرواية لا شك كثير من الكتاب بدأوا الآن يميلون إلى الاستعداد النثري لكتابة الرواية وبعضهم الآن يراجع بعض المسودات وهذا بكل تأكيد شعور داخلي ذاتي أن القصة القصيرة أدت دوراً فاعلاً في الثقافة الإبداعية منذ الستينات حتى بداية التسعينات كان لها دورها المتميز لكنه في التسعينات إذا سألنا بعض كتاب القصة سيقول ما كتبت القصة من ثلاث سنوات أو سنتين أو خمس سنوات.
النقطة الأخرى المهمة جدا ان كثيراً من الذين يقرؤون ويكتبون كل منهم يريد أن يكتب رواية أو يترجم رواية هذه المسألة كانت تتكرر في التسعينات والتقيت بكثير من الزملاء كتاب القصة وأسألهم يقول عندي رواية وأشتغل على رواية وعندي مسودة الخ حتى ان كثيراً من الأعمال ممكن أن نفسرها على أنها رواية صحيح انه لا يكتب عليها رواية يسميها كتاب حتى القصة القصيرة بدأت تأخذ شكل الرواية يعني مثلا رواية «الحزام» هذه قصص قصيرة مأخوذة من واقع البيئة وشكلت مع بعضها رواية اذن الكاتب بإمكانه أن يكتب مجموعة من القصص القصيرة في شكل من أشكاله الروائية لكن يترك فيها وحدة شعورية أو وحدة موضوعية وبالتالي ينتج هذا العمل لأن أي رواية هي محصلة نهائية لمجموعة من القصص القصيرة أو الحكايات المتعددة بأسلوب الرواية.
البازعي
قبل أن أنتقل إلى الأستاذ خالد أحب أن أقول: إن الحديث يذكرني بأن الرواية عندما ظهرت في أوروبا في القرن الثامن عشر في النصف الثاني من القرن الثامن عشر كان ذلك مرتبطاً بتطور اقتصادي مهم واجتماعي وهو ظهور الطبقة الوسطى وازدهارها بمعنى انه في الفترة التي سبقت ذلك كان المجتمع مقسماً إما مجتمع ارستقراطي أو مجتمع فقير والفقير لا يقرأ ولا يكتب والارستقراطيون يقرؤون الشعر أو المسرح مهتمين بالمسرح لكن الرواية ظهرت كشكل أدبي لجمهرة القراء كشكل ثقافي إمتاعي في التسلية أو الثقافة العامة، في تخيلي أن شيئا من هذا قد يصدق على واقعنا ليس بالضرورة الكاملة بمعنى اتساع القاعدة القرائية لدى الناس يجعل من الممكن من المشجع للكاتب أن ينشر أعماله على المستوى الجماهيري وأن ازدهار القصة كما ذكر الأستاذ عبدالحفيظ جاء مرتبطاً بالشعر لأن ا لشعر هو الأساس في تركيبتنا الثقافية والأدبية وبات من الممكن أو المتاح كان الشكل السردي ممكنا بعد ذلك للقصة القصيرة لقربها من الشعر كما ذكرت.
نرى لكل من درس القصة القصيرة لدينا نزعتها الغنائية هناك نزعة غنائية ليس بالمعنى الحرفي للغناء وإنما معنى التعبير الذاتي ففيه لغة شعرية قوية وفيه أيضا ذات الكاتب تعبر عن نفسها بشكل واضح وأذكر الأستاذ عبدالحفيظ عندما كنا نقرأ أعماله في إثنينية النادي الأدبي في الرياض كانت تغلب عليه هذه اللغة الشعرية الرمزية فيها هذا الطرح القوي وأيضا قصص الآخرين كجارالله الحميد وعلوان والمشري وكثير من الكتاب كانت تفيض كتاباتهم بهذه الناحية لكن لعل الرواية الآن قد لا تأتيك على مؤشر نقلة اجتماعية واقتصادية أيضا في تركيبتنا المحلية .
الأستاذ خالد السؤال مطروح كما طرحته في البداية .. فما هي وجهة نظرك؟.
اليوسف
قد لا أتفق مع الأخوين لأن الرواية هي الآن مسيطرة ولكن هذا إعلامياً وليس على مستوى إنتاجي أو مستوى قرائي أو مستوى ذائقة.
القصة ما زالت كما هي ولكن الرواية بدأت تبرز فعلا في الثّمانينات كان العدد قليلاً، ففي السنة رواية روايتان ثلاث روايات، أما الآن، ففي السنة عشر روايات تقريباً لأن الفضاء مفتوح والرواية تعطيني فرصة لأن أتحدث عن أشياء كثيرة جدا. القصة محصورة ومركزة ومكثفة وأيضا ككتاب وكلغة القصة لها محدودية، والرواية أعطت فرصة للذين لا يجيدون كتابة القصة ونعرف أسماء كثر مهندسين وإعلاميين ورجال أعمال كتبوا روايات، وتستغرب من الأسماء التي كتبت روايات أيضا الكاتبات. وقد يكون هناك شعور آخر لدى القاص أحدث في داخله نوعاً من الهزة، أنت قاص ويجب أن تكون كتابة الرواية من الأولوية لديك لذلك يمكن كما قال الدكتور حسين أصبح ما يكتب قصة جالس يفكر لماذا لا أكتب رواية هل فلان أو فلان أفضل مني لماذا لا أكتب رواية فهذه جعلت بعض كتاب القصة يتوقف ولم يستطع إكمال كتابة القصة فهو نوع من الهزة النفسية: هل فلان أفضل مني؟ لذلك كثير من كتاب القصة فعلاً توقف. إنه نوع من التراجع في الثقافة والقراءة، بعضهم رجع إلى مكتبه يقرأ كثيراً من الأعمال ليواكب الوضع.
وكناحية رصدية أو دراسية الروايات العام الماضي 16 رواية والمجاميع القصصية 18 حتى الأسبوع الماضي آخر رواية كانت رواية سلمى لغازي القصيبي مثلا مجموعة قصصية مثلا لإبراهيم النملة الآن لو ذهبت للمكتبة تلاحظ فيها إنتاجا روائيا وإنتاجا قصصيا وهناك أسماء جديدة، وكما هناك كاتبات رواية جدد هناك أيضا كتاب قصة جدد بالتأكيد كثير منكم دخل على مواقع إنترنت نفترض موقع القصة العربية لجميل سليمان نقرأ فيه يومياً عشرات القصص ولماذا نقول: ان هناك روايات على الشبكة العالمية هناك أيضا قصة. وكانت أغرب قصة مثلا ويعتبرها نوعاً من التجربة فيها نوع من التجارب الدخول بأدوات جديدة وطرح جديد لاستفادتها من فنون كثيرة كلمة واحدة نشرت في موقع القصة وأصبح فيه تعليقات هذه الكلمة لما.. لما.. لما.. وأصبحت التعليقات هذه ردود فعل في الوطن العربي وفي الغرب تقرأ تعليقات هل هذا نوع من التجربة الجديدة أيضا.
إذن القصة القصيرة جدا جدا جدا إلى كلمة واحدة أصبح فيها أيضا طرح جديد بمسايرة مع الرواية .
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved