الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 10th April,2006 العدد : 148

الأثنين 12 ,ربيع الاول 1427

(أبجديات سياسية)
تأليف: الدكتور حسن بن فهد الهويمل

*محمد بن ناصر العبودي:
عرفت الدكتور حسن بن فهد الهويمل منذ أن كان تلميذاً عندنا في المعهد العلمي في بريدة. كان يبدو شيخاً وقوراً في ثياب شاب طموح. وكان هادئ الطباع ولكن هدوءه يخفي أشياء منها محبته للمرح والنكتة المغلفة بالعقل والرزانة ومنها ونشاط ذهني وعقلي جعله من أكثر طلاب المعهد إسهاما في ليالي النادي الأدبي الذي كنا نقيمه في المعهد، وإقبالا على دروسه وعلى التهام ما يقوله أساتذته بحواسه الخمس.
وكنت عرفت جده وسميه (حسن بن ناصر الهويمل) تاجراً لا يشتغل بالتجارة إلا بشيء غير منظور، وذلك أنه ذو مال معروف به ولكنه يستثمره عن طريق (البضاعة) لتجار عقيل والذين من أهل بريدة يبحثون عن الحصول على المال بطريق الاتجار بالإبل يأخذونها من نجد إلى الشام وفلسطين ومصر.
و(البضاعة) كشركة المضاربة: صاحب المال يدفع ماله أو جزءاً منه إلى شخص آخر يتجر به وما يحصل منه من ربح يقتسمانه نصفين، أو حسب الاتفاق بينهما.
وكان أناس كثر من أهل بريدة ممن لا يملكون رأس المال أو يملكون من المال مالا يقابل التعب في ذهابهم إلى بلاد الشام ومصر وإيابهم منها فيأخذون أموالاً من جماعة من الناس يجمعونها منهم ويتاجرون بها ثم يدفعون نصيب كل واحد من الربح بقدر رأس ماله.
كان حسن الهويمل (الجد) واحدا من هؤلاء الذين يملكون المال ويعطونه لأمثال أولئك الذين يتغربون، بل يتجشمون الصعاب في سبيل الحصول على الربح والفائدة، ولذلك كان له دكان ليس فيه بسطة، وإنما فيه أوراق ودفاتر بيان بماله عند الناس من مال (البضاعة) وما له عند الفلاحين من مداينات.
ثم عرفت ابنه فهداً، والد الدكتور حسن الهويمل، حين كان شاباً يشترك مع أخيه عبدالله في الذهاب إلى بلدان بعيدة من بريدة في تجارة الإبل ثم الاتجار ما بين مدن المملكة على الإبل أيضاً وأخيراً بالنسبة للأب فهد الهويمل عرفته عندما ترك التنقل والترحال ونزل دكاناً في شارع الصناعة في بريدة شريكاً لصديقه إبراهيم بن عبدالكريم العبودي وتجارتها هي العقار.
أما والد جد الدكتور حسن الهويمل فلم أدركه وإنما أدركه والدي، بل عرفه حق المعرفة، وكان يحدثني عنه حديث الخبير، ويمدح صدق وأمانته واستقامته وذكر أنه عصامي لم يكن يملك شيئا في شبابه ولكن بسبب معاملته الحسنة مع الناس وصدقه حصل على قسط طيب من المال مما يعده الناس كثيراً في تلك العصور.
ونعود للدكتور حسن الهويمل فنقول: إنه واصل دراسته بالجِد نفسه والمحبة للعلم نفسها، حتى حصل على شهادة إتمام الدراسة العالية بتقدير عالٍ أهله إلى أن يعين معيداً في الجامعة، إلى أن حصل على الدكتوراه.
استمر أستاذاً في الجامعة حتى تخرج به جماعات من الطلاب وأصبح بذلك أستاذ جيل من الأساتذة الكبار الذين يشار إليهم بالبنان.
لا سيما بعدما اختير رئيساً لنادي القصيم الأدبي، فقام عليه القيام المطلوب، وكان من أهم ما يهتم به نشر الكتب والرسائل المتعلقة بالمنطقة، من دون أن يغفل الرسائل التي تتعلق بأماكن أخرى أو موضوعات أخرى حتى غدت منشورات نادي القصيم الأدبي ومطبوعاته تحت رئاسته مضرب المثل بكثرتها النسبية واختيار موضوعاتها.
وكان هو نفسه مؤلفاً حصيفاً طرقَ في كتبه ميادين عديدة من ميادين البحث والكتابة وبلغت كتبه المطبوعة أربعة عشر كتاباً.
وآخر كتبه (أبجديات سياسية: على سور الوطن) ويقع في 492 صفحة. وقد أهداه إلى (الذين يجنحون إلى السلام، ويرفضون الاستسلام).
والكتاب مجموعة مقالات وبحوث تدور - كما قال المؤلف - حول محاور ثلاثة:
- الوطن.
- الإرهاب.
- الغرب.
وعنوان الفصل الأول من الكتاب هو (مخاضات الإصلاح: نتوءات السبيل) وتحت هذا العنوان الواسع عنوانات فرعية هي: (ص12).
1- الإصلاح السياسي بين (الديمقراطي) و(الثيوقراطي).
2- من أرهق الأمة صعوداً: الثوريون أم المصلحون؟
3- اتقاء الفتنة أو ابتغاء الخلوص منها.
4- قل: هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة.
5- عقلنة الخطاب.
6- الظلاميون في زمن الادعاء التنويري.
7- المملكة بين: التخوين والتآمر.
8- المواطنة بين تعدد المفاهيم وتشعب القيم الثقافية
9- عندما نفجع بالنخبة أو نخدع بالمتنخوبين.
10- أيها المؤتمرون عنا في اللقاء الوطني: فعِّلوا التوصيات.
11- الحوار الوطني من الشتات إلى التجمع.
12- القمة العربية بين جدلية التأجيل وحتمية التفعيل.
13- أيها العرب: إن لم تتحدوا فتعاونوا وإلا فتعاذروا.
14- جلد المناهج جلد للذات المقنَّعة.
15- مصداقية التسامح ومغالطة التماكر.
16- سلبيات الإفراط والتفريط والعنتريات.
والمقال الأول منها وهو بعنوان: (الإصلاح السياسي بين الديمقراطي والثيوقراطي) فصل المؤلف فيه تفصيلاً مصطلحات غامضة في أذهان بعض الناس كالديمقراطية والثيوقراطية، وفهم المقتضيات، وصياغة المفردات والحقوق والواجبات بأسلوب رصين عميق، بل إن عمقه يصل إلى درجة أن لا يستطيع الغوص في فهمه إلا ذوو الأفهام الحادة والعقول المستنيرة المتابعة لمجريات الأمور السياسية في البلدان العربية.
فكأن المؤلف إنما يخاطب بكلامه النخبة من أبناء الأمة وليست العامة من الناس. وآخر فقرات هذا الفصل الأول هي بعنوان: (سلبيات الإفراط والتفريط والعنتريات) وقد استغرق هذا الفصل (192) صفحة.
وهو مليء بالتحليلات السياسية، وبالشكوى من الآلام التي أصابت المسلمين المثقفين على حالة الأمة المسلمة، وكيف أنها تملك الإمكانات الكبيرة ولكنها لا تستغلها.
ومع هذه الشكوى الغالبة من الأوضاع السائدة في بلدان الأمة المسلمة بيان بكيفية الخلاص من الأمراض وإيضاح السبيل الموصلة إلى السلامة واستقامة الحال.
كل ذلك بأسلوب الكاتب الرصين، والسياسي المتبصر الذي ينتقي العبارات المهذبة وأحياناً يتجاوز حتى تعبيرات السياسيين المتحفظة.
ولكننا نرجو ألا يكون ذلك كله (صيحة في وادٍ أو نفخة في رماد).
على أنه أياً كان الأمر فإن الدكتور حسن الهويمل بإصدار كتابه هذا قد أنذر وحذر و(قد أعذر من أنذر) كما قال العرب القدماء.
أما الفصل الثاني فعنوانه العام: (الإرهاب على السفود) ومحتوياته ثلاث عشرة مقالة (ص195) وهي:
1- الإرهاب بين تضارب المفاهيم وتعدد الأسباب.
2- الإرهاب وتدافع الانتماء.
3- الإرهاب وطرائق المواجهة.
4- أرى خلل الرماد وميض نار.
5- قراءة الأحداث وترتيب الحلول عليها.
6- صناعة الإرهاب بين المناهج الدراسية واللعب السياسية.
7- الثوابت والمتغيرات في مواجهة التفجيرات.
8- فداحة الحدث.. ومتاهة التأويل.
9- الذكرى الفاجعة للحدث الأفجع.
10- مسؤولية رجل الأمن ورجل الفكر في الظروف العصيبة.
11- الموقف من الإنسان والأشياء في العمليات الأمنية.
12- التخليات لا تحقق التجليات والمعارضة غير المفارقة.
13- ويلي عليك وويلي منك يا عرب.
ولو كان عنوان هذه الفقرة: (ويلي عليكم وويلي منكم يا عرب) لكان أفصح.
وأولى فقرات هذا الفصل عنوانها واضح المقصود، ولكنه ملتبس الحدود في أذهان بعض الناس وهو: (الإرهاب بين تضارب المفاهيم، وتعدد الأسباب). وفي هذا المقال المهم أو الفقرة المهمة من هذا الفصل (ص197) قال المؤلف: (ولما كنا نود الحديث عن إشكاليات الإرهاب المتمثلة باختلاف المفاهيم وتعدد الأسباب وتنوع الانتماءات وأساليب المواجهة، اقتضى التناول المعرفي السليم تعريف كل مفردة بما يقربها إلى الطرف الآخر، فإذا استقرت في الأذهان استقراراً معرفياً عقلانياً أمكن النفاذ إلى صلب الإشكاليات، لتصورها أولاً، ثم اتخاذ أجدى الحلول وأهداها وأيسرها، وسوف يكون حديثنا عن المفاهيم والأسباب أولاً، ثم نفيض إلى سائر الإشكاليات.
ولأن لكل طائفة من الأناسي والمفكرين والساسة رؤيتها وموقفها ومرجعيتها، فإن من أوجب الواجبات استكناه الرؤى والتصورات وحدود المرجعيات، ومحاولة التماس القواسم المشتركة والانطلاق منها.
وحديثنا يمتد إلى كلمات تعريفية وإجرائية: ك(الإرهاب)، ومفاهيمه و(الأسباب) وتعددها و(الانتماءات) وتنوعها و(المواجهات) وأشكالها، وتلك حيازات دلالية وإجرائية، تتداخل كالدوائر، وتفترق كالمتوازيات، فما الإرهاب بوصفه ظاهرة؟
وما هو بوصفه فعلاً إجرائياً يمس أطرافاً معينين، ويقوم به أطراف معينون، ويقع في ظل ظروف معينة؟ ثم: ما الأسباب؟ والإشكالية ليست قصراً على تعريف جامع مانع، يتفق عليه كل الأطراف، وإنما هي في توحيد المواقف، وتجنيس المواجهات، وأخشى ما أخشاه أن يتحول الإرهاب من مُفرَز لعبة إلى لعبة مستقلة. وإذا نيفت التعاريف على المئة فإن إمكانية الاتفاق متعذرة، وكأني به معهود ذهني يُعرَف ولا يعرَّف وهو إخافة أو ممارسة ويدخل في الممارسة البغي والعدوان والحرابة وتعريض الضرورات الخمس للخطر وكل فعل مخل بالأمن فهو إرهاب.
وكل التساؤلات عن الظاهرة وأسبابها مشروعة لكل طالب حق يطرحها بين يدي حديثه عن الإرهاب، ومن أراد إطفاء لظى الفتن لزمه التحري والتحسس عن وجوه الالتقاء، وهي ممكنة عندما يجنح الجميع إلى السلام لا إلى الاستسلام).
وآخر فقرات الفصل عنوان طريف وإن لم يكن للطرافة محل وسط مآسي الأمة وهو (ويلي عليك وويلي منك يا عرب) كما سبق.
وقد استغرق هذا الفصل من الكتاب 137 صفحة.
أما الفصل الثالث فهو (هوامش على الأجندة العربية): فقد ضم هذا الفصل (15) مقالة أولاها عنوانها: (أمريكا الأمس وأمريكا اليوم: والدفع بالتي هي أحسن..).
وآخرها مقالة: (لقد يُسِّرَتْ المصائب للاتعاظ).
وفي هذا الفصل كما في فصول الكتاب ومقالاته العمق والأصالة ومخاطبة العقل المستنير المتعمق في دراسة المشكلات.
وهو لا يخرج عما عرفناه وعرفه القراء في الدكتور حسن الهويمل من عمق التفكير، والبعد عن السطحية في تناول القضايا التي يتناولها، فإذا تطلب ذلك من الكاتب العميق التفكير كالدكتور حسن الهويمل عمقا أكثر، تطلب ذلك من قرائه تفكيرا أكثر.
ويحس القارئ لهذا الكتاب الفريد في بابه أن المؤلف الدكتور الهويمل قد أدرك مآسي الأمة المسلمة وأدرك علاج تلك المآسي، مما لا يدركه إلا مفكر من الطراز الأول، أو رئيس هيئة سياسية متمرس، وهو يوضح أن الدكتور الهويمل يحمل هموم الأمة المسلمة مجتمعة، وهي التي أثقلت عواتق الأشداء من الرجال؛ مما حَملَنَا على الدعاء له بالمزيد من التوفيق وأن ينفع الله بجهوده الإسلام والمسلمين.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved