| عطفة مظلمة...
|
*محمد أحمد عبد النعيم:
.. ينتقل الآن - بعد نتيجة مشرفة لطالب متفوِّق لفت أنظار الجميع فباركوا تفوُّقه - من على (مقعد) في (فصل) إلى (بنش) في مدرج.
من ساحة (المدرسة) وجرس (حضرة الناظر) إلى ساحة (الجامعة) وآفاق رحبة ولا رقيب على نفسه إلاّ نفسه ..
يتأبّط كتبه وهو يخطو بخطا متفائلة، فتية وثّابة لآفاق المستقبل المأمول.
ينظر للحياة بعينين نديّتين بالأمل، ووجه مشرق كقرص الشمس يتسع صدره وينشرح لعبق الحياة ..
تتلألأ على محياه (الغض) ابتسامة وليدة الرغبة في إثبات الذات .. ولكن في مسيرته (المشرقة) ينعطف و.....
يتعثّر في طريقه حين ينتبه لأبواق تنخرط نداءاتها في أذنه. فتأخذه تلك النداءات والعزف على الأوتار الحساسة إلى منحى آخر ويظل مشدوهاً بها وشيئاً فشيئاً (ينجذب) و(يؤسر) عقله وتخبو النظرة الندية وتتأجج العين بنظرات نارية.
ويموت الأمل الفتى ..
وتعجز الخطا عن السير في بقع النور.
وتأبى النفس أن تعيش إلاّ في قبو مظلم.
ويعزف عن كلِّ الناس ويعزف عنه كلُّ الناس أي يعيش (حالة انطواء).
حتى يظلم تماماً ولا يسمح لنقطة نور تنفذ إليه من الظلام .... ولا يسمح إلاّ لنداء واحد، ينقر في رأسه كنقر ماء صنبور على صاج متوهج ومع جريان الزمن يزداد النقر ويقوى في رأسه.
تتلوّى رأسه بين كفّيه يحاول أن يعصرها من الألم.
تتملّكه الفكرة (السوداء) يصبح (عبداً) لها، أسيراً لقيدها فتجرّه فوق (بقع دم) تتماوج على (الطريق)، (تسكره) رائحة الدم يطلب المزيد يتحوّل إلى (مدمن دم)، تجرّه (الفكرة) إلى أن يغوص في (خضم) من الدم .. يظلِّله (دخان أسود كثيف) يحجب (قرص الشمس)، فيظلم الأفق.
ثم يختفي بعد أن (طرطش) الدم على الجدران البيضاء، فلطّخها ..
وتيبست الأوراق الخضر واسودّت الأغصان، وتساقطت الأزهار ..
وانحنى النخيل، وتكسّرت (سعافه).
وتشقّق (طين) الأرض من حمم (القنابل) المزروعة فيه.
وتفسّخت العصافير والطيور في كبد السماء ..
كانت آخر كلماته قبل أن تنفجر ينابيع (الدم) من تحت رجليه.
وقبل أن يغرق في هذا الظلام السرمدي الدامس.
* إلى الججيم أيُّها الكفرة!!
ثم غرب في لجته الحمراء بوجهه الشاحب المكفهر الذي لم يعرف إلاّ التكشيرة في وجوه خلق الله وذلك منذ أن انعطف في شارع غارق في ظلام دامس وأبواق تنعق الموت، ولا تشم منها رائحة الحياة.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
