الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 10th May,2004 العدد : 58

الأثنين 21 ,ربيع الاول 1425

حبة الفستق الفاسدة
(السوس عندما يختلط بطحين الجوعى)!!
سهام القحطاني
(علامة استفهام) تذكرت وأنا أقرأ مقالة استاذ أكاديمي بعنوان (حبة الفستق الفاسدة) في جريدة محلية عدد الخميس الموافق 103 قول زهير ابن أبي سلمى:
وان سفاه الشيخ لا حلم بعده
وان الفتى بعد السفاهة يحلم
لقد ألفنا أن يصدر كلام فارغ من الجهال وأنصاف المتعلمين وأشباه الأميين، في صحفنا.. لكن أن يصدر كلام فارغ يفتقد شجاعة النقد وموضوعيته من أستاذ أكاديمي، فتلك والله كارثة، فلا نسأل بعدها عن سبب التخلف التعليمي لدينا، ان كان الأستاذ حصاده محروق، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بلا شك أسعدني أن يتابع الأستاذ الأكاديمي ما أكتبه ولولا (قيمة) ما أكتبه ما تكبد الأستاذ حفظه الله مشقة قراءة.. ما تقعر من لغتي.. والتقعر في اللغة كما يعرف ملكة لا يمثلها إلا أرباب الكلام الفني وأصحاب الثقافة اللغوية الرفيعة ولي في أبي تمام والمتنبي والمعري أسوة حسنة وما تغور من مصطلح.. وما تسرمد من لفظي.. ما استوغل من معنى.. وما تأفق من غاية.. هي جد قريب للفاهمين.. جد بعيد لغيرهم من (الجهال وأنصاف المتعلمين وأشباه الأميين، حتى في مجال التخصص الأكاديمي) ثم البحث في ثناياه وهذه شهادة (بأني كامل)، فمثلي يا سيدي الفاضل .. مثل نار تجذب الفراش إليها لتحرقها إن كانت عمياء لا تبصر طريقها.
قلت حفظك الله (.. هي تعالم بعض الجهال وأنصاف المتعلمين وأشباه الأميين، وترديد ألفاظ ومصطلحات دون وعي بالمفاهيم المندرجة تحتها، بغية لفت الأنظار والظهور بمظهر العلماء والعارفين عند من لا يميز بين الغث والسمين. وهذه ظاهرة متفشية في مشهدنا الثقافي بشكل مؤسف مستشهدا بمقالي وهو تلخيص لدراسة نقدية سابقة لي النص وسلطوية فعل القراءة)، وكنت سأقدر شجاعته الموضوعية وألتمس له شرف المقصد لو صرح باسمي كما صرح باسم المقال، ولعل الإخفاء دليل مقصد غير نبيل. ومآرب أخرى لا يعلمها إلا الله.. وفي ذلك لا تستوي الحسنة ولا السيئة.
على العموم أتفق معه أننا نعاني من بلاء من يدعي الثقافة والمعرفة والفهم الأعلوي وما عدا دائرته جهول كفور، وجل الكارثة أن يكون ممن يقودون دفة التعليم الأكاديمي، فيحسبون أنفسهم قد ملكوا ناصية أمة العلم والمعرفة، وغيرهم شبه أميين، في حين أن بعض هؤلاء الأساتذة ما هم سوى حفظة للأقدمين، ونساخ أبحاث أكل وشرب عليها الدهر، في كل واد يهيمون بلا رؤية ولا فكر وانظر حولك وهم كثر ابتليت بها جامعاتنا، ثم نسأل بغباء لماذا نفتقد المبدعين من الطلاب، ولن يتحقق هذا الأمر وبيننا من الأساتذة الحفظة الذين ينظرون لكل مجتهد مثقف بدونية وينعتونه بأنصاف المتعلمين وأشباه الأميين، وهي نعوت يستحقها من تقولب داخل جلد قربة جوفاء يطبل عليها حرفي (أ/د) عند بعضهم هؤلاء حفظك الله .. يشبهون رعاة البقر يتفاخرون بعضلاتهم المفتولة في المراعي، وما هم خارجها بميزة، حتى إذا جنى الليل تقاذفوا كبعوض من وراء حجاب يمتصون دماء العصافير ورحيق الأزهار لا شك أنك فهمت ماذا أقصد لقد ذكر أنني أردد ألفاظا ومصطلحات دون وعي بالمفاهيم.. ويا ليته حفظه الله استشهد ببعض منها.. لعلي أقدم له شرحا لما استغلق عليه من فهم وعجز عن إدراكه وما مسوغ ذلك سوى الجهل نستعيذ من شره.. وأحترم موضوعيته في الرأي، إن كان نبل المقصد متوافرا.
أليس من الموضوعية وأنت أستاذ أكاديمي عندما تعرض رأيا بناء على مستند موجود أن تدلل من شواهده؛ ضمانا للموضوعية ونقاء للذمة، هذا ما نعلمه لطلاب الثانوية في درس النقد الموضوعي إلا أن كان الأمر يحمل وجها رماديا يختبئ خلف كومة بيت متهدم كذئب مفترس وذكاؤك يا سيدي يفهمك المقصد ولو كنت أبغي لفت الأنظار فالأمر سهل يسير، (وأنت أعلم الناس يا أستاذ بطرائقها)، أما التمييز بين الغث والسمين فتظل مسألة نسبية إذا ابتلينا بأساتذة يعلموننا مفهوم الحفظ لا التقييم..!!
أما كوني كاتبة مبتدئة أو ناشئة حفظك الله فهذه ليست منقصة، فأنا لا أعاني من تضخم الذات فيما يتعلق بالألقاب والمراتب، ففكر المرء هو ما يحدد قيمته، وما أنا متأكدة منه أن ما أطرحه من رؤية وفكر يفوق فكر العديد من الأكاديميين عندنا الذين لا يستطيعون التفكير خارج حدود المنهج الذي يدرسونه ويحفظونه عن ظهر قلب كطلاب المدارس ولا يفهمون غيره.
أما تعليقه على عنوان المقالة حفظه الله (النص وسلطوية فعل القراءة) فلم يوضح سبب اعتراضه عليه، وذلك طبعي، لأنه لا يملك حجة التصنيف، (فلماذا لا تفهم رحمك الله ما يقال) وسأختصر لك التوضيح (السلطوية) مصدر صناعي) والسلطة (اسم) وأنت أدرى الجميع بوظيفة كل من المصدر والاسم وتأثيره في أبعاد ظلال الكلمة لتقريب المعنى، أما استبدال (القراءة) ب(فعل القراءة) فأمر غريب أن يضيع عنه الفرق بينهما، فالقراءة سلوك كامن، وفعل القراءة، سلوك منتج للمعنى، وهذا المقصد من المقال، (أرجو أن يكون الأمر قد اقترب من ذهنك.. وإن كنت أشك في ذلك).
أما فيما يتعلق باستشهاده بالمقطع الذي أوردته اشرح (البنية السطحية والعميقة للغة)، فما فهمته من حديثه أنه لم يستوعبه، إذن مشكلة اللافهم لديه، لأنه لم يفهم ما كتبته، وكون (القارئ البسيط) لا يفهم ما يكتبه (المثقف) فتلك إشكالية جهله، الذي يحاول أن يلقي بمسؤوليتها على المثقف، وليست قضيتي جهل (القارئ) بمعلومات ما أكتبه، فعليه أن يبحث ليفهم ما أكتب، وليس من شأني أن أشرح لمن لا يفهم.
على العموم لا داعي لنجدة اللسانين والاستغاثة بهم لإفهامه الفرق بين البنية البسيطة والمعقدة، وإن كانت دهشتي عارمة أن يغيب عنه فهم هذه النظرية الشهيرة وهو يتعلق بابن قتيبة أيسر كتب العربية!!، فأنت تستطيع أن تستوعب الفكرة بمجرد قراءة كتاب أستاذي رحمه الله الذي تتلمذت على يديه في هذا المجال عندما كنت طالبة في الجامعة الدكتور خليل عمايره وكتابه (في نحو اللغة وتراكيبها) وهو كتاب سهل التوضيح للمبتدئين في مجال اللسانيات.
.. أما نعتي بالنعوت التي ذكرها فلا أملك جوابا لها.. سوى بيت طرفة بن العبد..
(ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
ويأتيك بالأخبار من لم تزود)
وأخيرا.. أقول (له) حفظه الله شكرا على رأيك (فالشجرة المثمرة هي التي تُقذف بالحصى) وإن كان هو يستطيع أن يكتب كما أكتب.. فليفعل والحجة بالحجة في عهد (الحوار) يا أستاذ.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
ذاكرة
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved