الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 10th July,2006 العدد : 161

الأثنين 14 ,جمادى الثانية 1427

وجوه وزوايا
الرقيب
أحمد الدويحي

نقرأ ونسمع عن أعاجيب الرقيب، أشياء في الصحف المحلية ووزارة الإعلام، وأبدأ بنفسي لئلا أجد مقالي هذا في غابة المحذوفات، فقد بدأت حياتي العملية، أراقب الأفلام المستوردة قبل أكثر من ثلاثين عاما، حينها كنت شابا صادفه حظ، وجاءت له فرصة رؤية أفلام طازجة، ولو كانت بالأبيض والأسود، فهذا شأن لا يتوفر لغيره، فكنا أنا وزميل يكبرني قليلا، إذ كان في الجامعة ومازلت طالبا في الثانوية نعمل مراقبين، نأتي في المساء إلى إدارة الأفلام بشارع الوشم، وحينها فلم نكن نعرف أحدا، فنشاهد ما كان معدا لنا مراقبته، ونعمل فيه ما تملي به معرفتنا المحدودة وذائقتنا من أحكام، ولم تكن قائمة (التابو) المعروفة راسخة في أذهاننا صغرت أم كبرت، وإنما كنا نستنتجها بالبداهة، ونحكم في تلك الجزئية أو الأخرى طريق السلامة، دون العودة لمدير أو مستشار أو أي أحد غيرهما، نشاهد الفيلم ونسعد به، ونستبعد ما نخاف منه، ولو خرج الفيلم عبر التلفزيون مقطعا وغير منتظم موضوعه، فذلك أمر لا يعنينا فالمشاهد في النهاية، سيضطر لمشاهدة القناة الوحيدة في ذلك الزمن، وتخرج في النهاية بدون مسؤولية ولا ضرر يلحق بنا، وفعلا خرجت من تلك الدائرة دون ملاحظة بعد سنوات قليلة، وقد استمتعت بما حرمت الناس من رؤيته.
وشاءت الظروف أن تملي علي التعايش السلمي مع الرقيب سنوات، عشت مع نماذج متنوعة منهم كزملاء في الصحف على مدى ثلاثين عاما، كان بعضهم سببا مباشرا في هجر الكتابة المنتظمة، لأنهم يظنون أنهم أصدقاء ورحماء بي، فيكبحون جموح وجنون حروفي بالشطب، وتمزيق بطن وشرايين كتاباتي الممزقة أصلا، ومازال البتر والحذف وظن التجميل مستمرا إلى الآن، ويقيد ضد (مجهول) تحمل عني المسؤولية، ولم يحملني شيئا غير الاعتراف بمولود مختلف على أن أتحمل نسبه، وأظن أنهم في كل الأحوال، يؤدون دورهم فيقودهم هذا الدور إلى بر السلامة، ورؤساء تحرير الصحف في كل الأحوال، يظنون أن القسم الثقافي هو أقل الأقسام أهمية في هيكلية الصحيفة، ويمثل حالة من الغموض يصعب تفسيرها، ولا يشكل رقما مهما في نسبة المبيعات، فالمحرر الذي يمثل هواه يصل إلى مواقع قيادية، ويفرض توجهه وصداقاته ومصالحه التي تقتل التنوع، بل إن المحرر الرياضي أهم منه بمراحل، ولا يتسبب في إيقاف المطبوعة ووجع الرأس، والشواهد أكثر من أن تحصى..
أصغيت ذات مساء إلى حديث الشاعر المبدع، والمثقف النبيه جدا علي العمري، حول دور المطبوعات والملاحق الثقافية السلبي، وعدم قدرتها خلال عقود على مسايرة جملة من التحولات، وعجزها المبين عن طرح قضايا المجتمع المكبوتة، فالخروج عن النوع يصنع المراحل، فالحداثة الشعرية هي الحركة الفنية الحقيقية، كما تقول الشاعرة أسماء الزهراني، ودعك مما صاحبها من فذلكات حول حكاية الحداثة والكتابة خارج أو داخل الأقواس، وأزيد من عندي على كلام أسماء الجميل أن دراسة الناقد والشاعر محمد العلي، لمواجهة ما سمي في تلك المرحلة بالحداثة في ميزان الإسلام لم تستطع أي صحيفة محلية نشره، ونشر على بعد خطوات منا في الكويت.
أظن بطول هذه المدة الزمنية قد تغيرت أشياء كثيرة، ولعل المشهد الثقافي يتذكر حوارا شفافا في أمسية شعرية، حينما داعب الشاعر الكبير محمد العلي سؤالا لا أظن أنه كان عابرا، يتعلق بغياب قصائده المكتوبة في عواصم عربية كالقاهرة وبيروت، وكان إيحاؤه بأنه يريد لقصائده تلك أن تعيش منطلقة بحرية، دون أن يقيدها أحد بما لا تريد!
ويتذكر ذات المشهد مداخلة الأستاذ إياد مدني، حينما جاء إلى تلك الأمسية بالذات، وأجاب عن ذلك الإيحاء بذكاء، فصارت مداخلته حديث الساحة لفترة، حينما قال: إنه سيكون العباءة لتلك القصائد التي لابد أن تصل إلى قارئها الحقيقي والمعنى الأول بها، وهو القارئ المحلي، وزد على ذلك أن كثيرا من نتاجنا الروائي مازال خارج الحدود، وبالذات أغلب المكتوب السردي في السنوات الأخيرة، ولن أنسى بأن هناك رواية (سفينة الموتى) لشيخ الرواية إبراهيم الناصر الحميدان، مازالت تعاني من ذلك الغياب القسري، وتعيش في غربة أكثر من ثلاثين، ومع ذلك نتحدث عن التراكم السردي، وتواصل الأجيال وبناء منجز ثقافي، وهي أوهام تبنى في الهواء ما دام هناك معضلات صغيرة، لأن البناء صعب والهدم سهل يتم بجرة قلم في ثوان!؟


aldw17y1000@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved