الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 10th October,2005 العدد : 126

الأثنين 7 ,رمضان 1426

فوضى المفاهيم الثقافية
«الحداثة» و«المحافظة»..أنموذجاً..!!
الأستاذ إبراهيم التركي مدير التحرير للشؤون الثقافية
تطالعنا كل يوم مواكبة ومسايرة مع الأحداث المتغيرة والمتلاحقة فوضى المفاهيم الثقافية، وتسارع المفردات المعرفية المحسوبة على الجنس الأدبي، وكأنها على اتفاق مع التحولات السياسية الإقليمية والعالمية، والتفاعلات الاجتماعية المنوطة بالأسرة والمجتمع والبيئة عموماً.. وكأن المشهد الثقافي برمته يخضع لمثل هذه المشكلات الفردية التي قد تكون تنشئة فردية ورؤية فكرية أحادية تلح في ثقافة اللسانيات والتراكيب النظرية ضمن إطار المناقشة، والبت في عمقها وأنساقها وغاياتها.. والذي يلحظ مدى تواصل هذه الأفكار مع محيطها الثقافي وانغماسها في تفاعلات الإنسان المثقف يتكيف على أنها كاتب وقارئ ونص، ومفهوم وسط يجمع العناصر الثلاثة.. وقد ينتهي الأخير باستقلاليته الذاتية، وقد يتفاعل بآلية مناسبة فيتحول إلى أداة تصلح هذا وتصوب ذاك، وتمخر بالنص عباب الواقع فينبثق النقد، فتكتسي الناقد هوية المعرفة وشخصية التجرد من كل ما يشين الفرد من ألوان العزة والكبرياء والشللية والقمط والتهميش والإقصاء. ومع هذا التكيف تظهر الصورة دون شموليتها أنماط التطبيق والمعرفة المطلوبة والمنضوية في الحاجة والفائدة حتى ولو على مستوى القبول مرحلياً.. وذلك في مصاديق متعددة وفي معان كثيرة اتسمت كلها بالمفردات المؤدلجة والمفاهيم المتداخلة التي اشبهت بالمشتركات اللفظية - المتشابهة في الحروف كتابة والمختلفة في المعنى قصداً ومن الأعاجيب التي تصل إلى حد المفارقة والبعد اللافت أنك تقرأ خبراً أو تسمع بياناً يفيد الوقوف قطعاً على أسلوب متبع، وسلوك متعارف عليه تجاه أي مفهوم، أو أي مصطلح، وبعد ذلك - وفي ذات الوقت يأتي النقيض ويأتي التضاد، وكأن الملاك اختلف والغاية انعدمت والأداة تغيرت، وهكذا.. ومع غياب التخصص والوظيفة وسلامة النقد - ناهيك - عن تبعثر الذائقة المعرفية والركون الفكري وتباين الآراء حتى في المدرسة الواحدة وشكاوى المؤسسات الثقافية من تنامي المشكلات فيها وإهمال الناس لها وعدم الإقبال على إنتاجها ونتائجها حتى أنه في الآونة الأخيرة ظهرت الدراسات والبحوث تجاه النوادي الأدبية المنتشرة في المملكة والتي تزيد على العشرة (10) ووضعها تحت المجهر وارتفاع حمى التنازل والابتعاد عن هوية النادي وشخصيته ويكفي أن النوادي بحد ذاتها مشكلة قائمة على مستوى المسؤولين والأعضاء وقبولية المجتمع له ولدوره المفروض عليه.. وتتابعاً لهذا الشأن فقد نقلت مجلة الإعلام عدد 36 ص 44 بتاريخ غرة شعبان 1426هـ بعض الهموم والتأملات من نخب فاعلة ومهمة لها ثقلها الفكري والثقافي حال تعيين د. عبدالعزيز السبيل وكيلاً للوزارة للشؤون الثقافية، وقد تشكلت بعض الأسباب من مادية وشخصية وتعاونية مشتركة ودوافع ذاتية جعلت منها - النوادي - حراكاً بطيئاً داخل النسيج المحلي والمنظوم الداخلي إضافة إلى مشكلات عينية كالقراءة والكتاب وابتعادهما عن مسرح الحياة العملية كذلك التهميش والإقصاء، وعدم قبول الآخر بما يملك من حضارة وثقافة، وعدم قبول الجنس البشري الآخر حتى لا يلحق التأنيث بالإبداع أو بالمجال الثقافي بعد تأنيث القصة والقصيدة.
وما فتئت هذه الأهواء وما زالت هذه التداعيات تشري وتتفاقم حتى بات المشهد الثقافي في سبات عميق وبيات أشبه بالموات لا يحمل سوى النظريات والرؤى والاختلافات، وإبداعات الذات، في قالبها الشخصي واجترار المفاهيم والأنساق، ومحاكاة الماضي بنوع من الإعادة والتكرار والتعود.. وها نحن في شيء من تلكم الأصداء الواضحة في مفاد ما ذكرنا من تعدد الآراء، وابتسار الحقائق في مصطلح مثل (الحداثة) أو مفردة الحداثة كمفهوم واقعي، ومسمى مستقل، يقوم في مقابل الأصالة، والثوابت بتقاليده وأعراقه.. أو مفهوم عصري يحافظ على الأصالة والتجديد بوعي وتفكير - مواكبة ومواءمة مع حركة التطوير والارتقاء - لا كما يقول البعض تناقضاً مع د. الغذامي في طرحه لهذا المعنى في كتابه (حكاية الحداثة) ص 38 وقد عنى به بالتجديد الواعي بتجديد الوعي ذاته وليس بالتجديد نفسه في مقابل الحراك الجماعي والتفنن المنفرد مدرج ضمن الاستفادة من الموجود في تطوير سبل التفاعل والتعامل لنتائج أفضل وأسرع، وبما أننا في معرض هذا الموضوع.. نود أن نذكر بعضا من كتب في هذا الشأن، مع العلم أن أكثر المنظرين المعنيين بهذا الضرب بالذات هم من المثقفين المحليين وليسوا إقليميين أو من العرب القريبين فكرة وبحثاً بالرغم من أن البعض عزاها إلى الثقافة الفرنسية وعلى يد (رولان بارت) بمصداقها الخاص، فتحولت بعد الترجمة إلى أجزاء ومسميات ومعان كل حسب توجهه واختصاصه.
فقد كتب د. عوض القرني الحداثة في ميزان الإسلام وهناك كتاب آخر يحمل (الحداثة سرطان العصر) لمؤلف آخر.
وقد ذكر د. حسن ظاظا - رحمه الله - (الحداثة هي الرباط المقدس بين الأديب والمستمع)، ولا يفهم من هذا أن ظاظا من أنصار الحداثة بمفهومها المعاصر، بل يبدو أنه من خلال مقالاته من الرافضين لها بتعليق من صاحب كتاب الرياض عدد 133 سعد بن عبدالعزيز المطوع (المقالة في أدب حسن ظاظا 1985 - 1999م).
وقد كتب الناقد محمد العباس في كتاب الرياض عدد 59 تحت عنوان (حداثة مؤجلة).
وما ورد في كتاب الرياض عدد 97-98 للدكتور عبدالرحمن بن إسماعيل السماعيل بعنوان (الغذامي الناقد - قراءات في مشروع الغذامي النقدي)، وأيضاً أوردت جريدة اليوم في العدد 11524 بتاريخ الأحد 21-11-1425هـ في صفحتها الثقافية تحت عنوان (لا يضيرني أن أتعامل مع الحداثة من جانبيها الفني والشكلي) والكلام للدكتور عوض القرني من خلال فعاليات الندوة المسماة (الحداثة بين خطابين) مع الدكتور معجب الزهراني.
وما ذكره الشاعر سعد البواردي في ملحق الجزيرة ليوم الاثنين 16-6-1425هـ عدد 70 من أنه وجه اقتراحاً لشعراء الحداثة - وهو أن يرافقوا دواوينهم ليوضحوا طلاسمها - وذكر أحمد الواصل مقالاً بعنوان (الحداثة وآخر جروح الخفافيش) في الملحق الثقافي لجريدة الرياض عدد 13604 الخميس 18-8- 1426هـ.
وذكرت جريدة البلاد في ملفها الثقافي ليوم السبت 29- 7-1426هـ عدد 17851 (أدبي الباحة أجج الحوار حول الحداثة مجدداً).
د. الحارثي أنا حداثي إسلامي أستعمل منهجاً يبني ولا يهدم.
د. محمد بن حسين.. الحداثة هدم لجميع الثوابت وليست منهجاً أدبياً.
وفي مجلة اليمامة الأسبوعية عدد 1844 السبت 10-1- 1426هـ تحدثت الأخت ليلى إبراهيم الأحيدب عن هذا الموضوع تحت عنوان (عوض القرني من الحداثة إلى البرمجة) حداثي مرجعي في خليط عصري. وفي ملحق المدينة الرسالة بتاريخ الجمعة 19-8- 1426هـ وتحت عنوان (لماذا وكيف.. فشلت الحداثة بعد نصف قرن من الزمان؟) د. محمد هريسي (كل الذين تحدثوا عن الحداثة لم يحسنوا التنظير الدقيق عن ماهيتها) والشاعر خالد سليم (الحداثة اتجهت نحو العبث بالمفاهيم الدينية العليا والاستخفاف بمقام الألوهية) إضافة إلى مجلة المجلة ومقالة أبو بكر باقادر وكذلك القنوات المتلفزة وخصوصاً العربية والمستقبل قبل أسبوع.. وبعد هذا الاستقراء البسيط والتتبع المتواضع لا على سبيل البحث والسبر في غور الموضوع وإنما حسب ما وقع تحت النظر وتناولته اليد بشيء من الاهتمام واللفت والمعذرة في تجاوزنا الحد أو الدخول فيما لا يعنينا في هذا الشأن وطول المشاركة والإسهاب فيها بشيء يدعو إلى الملل والسأم.. وتبين مدى التباين والبون الشاسع بين المؤيدين والمعارضين في هذه الفكرة التي اعتبرناها نموذجاً يعبر عن تكيف بعض المثقفين والمبدعين في مثل هذه المصطلحات والمكوث فيها على نحو يفيد النقد والتأمل ونظير هذه التوجهات والرؤى كثيرة يحفل بها مشهدنا الثقافي المحلي ويتعامل معها على أنها إحدى مشكلات الساعة التي لا تتم الحياة بدونها.


واصل عبدالله البوخضر
الأحساء

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved