الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 10th November,2003 العدد : 36

الأثنين 15 ,رمضان 1424

قراءة في العدد الماضي
إعداد :اللجنة

إلى وزارة الثقافة والإعلام (3)
قبل فترة ليست بعيدة صرح وزير الثقافة والإعلام للصحافة انه لا يوجد أي تفكير في إلغاء «الأندية الأدبية».. وهذا يعني أن هذه الأندية ستظل قائمة في ظل ارتباطها بالوزارة.. ومن هذا المنطلق كان حديثنا في العدد الماضي عن الأندية الأدبية مطالبين بتحقيق فكرتين:
* الأولى: إنشاء اتحاد عام لهذه الأندية يمثل «المرجعية» لها، وشرحنا بعض ما نراه من مهمات هذا الاتحاد في مواجهة «التشتت».. و«الفردانية» لأن الثقافة عمل «جماعي» لا يخضع للاجتهادات «الفردية». والمزاج الشخصي»!!
* الأخرى: تحديد رئاسة النادي لفترة معينة بالانتخاب.. ويمكن تمديدها لفترة أخرى بالانتخاب أيضا.. وبعدها ينتخب رئيس جديد للنادي يحمل أفكاراً جديدة.. إذ لا يعقل أن يبقى فرد رئيساً للنادي عشر سنوات، أو أكثر بحيث تتحول رئاسة الأندية إلى «وقف» على شخص واحد يفترض فيه ميوله الشخصية التي تنعكس على العمل الأدبي، ونشاطاته.. ونحن هنا لا نوجه الاتهام إلى أي رئيس من رؤساء الأندية حاليا.. لكن طبيعة الثقافة، ومتغيراتها تفرض ما تدعو إليه!!
ونأتي إلى دور المرأة المثقفة في بلادنا، وهو دور لا يمكن، بل لا يعقل تهميشه، بل يجب أن يكون له حضوره في منظومة ثقافتنا الحديثة.. وهو حق من حقوقها بعد أن أثبتت وجودها في مشهدنا الثقافي (باحثة، ودارسة، وقاصة، وروائية، وشاعرة، ولها صوتها المسموع من خلال وسائل الإعلام المرئي منها، والمقروء، والمشاهد.. إلى جانب قدرتها على اعتلاء المنابر، محاضرة، ومشاركة في الندوات).
وهي حين أثبتت وجودها، إنما أثبتته بقدرة، واقتدار، مما يؤكد حقها في المطالبة بممارسة دورها التاريخي، والاجتماعي، والثقافي، في بلادها بشكل ملموس له أثره، وتأثيره.
ونحن نعرف أن بعض الأندية الأدبية أفسحت أمامها الطريق للمشاركة من خلال القنوات التلفازية المغلقة مثل (نادي جدة الأدبي)، و(نادي الشرقية الأدبي).. فهل يعني ذلك أن ظاهرة «القناة التلفازية المغلقة» سوف تُعمم على كل الاندية، بحيث ينحصر دورها من وراء «الستارة»؟
لو قبلت المرأة المثقفة بهذا الوضع قبل انتقال الأندية والجمعيات الى وزارة الثقافة والاعلام.. فهل سيبقى الحال على ما هو عليه بعد الانتقال إلى الوزارة؟
نطرح هذا السؤال تاركين الاجابة عنه لمثقفاتنا.. ويسعد «المجلة الثقافية» أن تتلقى آراءهن في هذه القضية موجهة إلى الوزارة التي بلاشك تقوم في هذه الفترة باستطلاع آراء المثقفين والمثقفات، وتلمس تطلعات الجميع.
لكننا نود أن نطرح على الوزارة سؤالاً يتعلق بقضية المثقفات في بلادنا، وهو: ما رأي الوزارة في تشكيل هيئة من رموز مثقفاتنا.. واللقاء بها من خلال قناة تلفازية مغلقة بحضور الوزير شخصياً، وبعض المسؤولين لسماع ما لدى هذه الهيئة من أفكار في الشؤون الثقافية.. هذه الأفكار التي قد تثري أفكار هيئة المثقفين التي سبق للوزارة تشكيلها، والاجتماع بأفرادها.. أليس للمرأة في بلادنا همومها الثقافية «المضمرة» غير المعلنة؟
مع الدكتور.. الحازمي
صديقنا العزيز الدكتور «منصور الحازمي افترش لقاؤه في (العدد الماضي) صفحتين طرح من خلالهما عدداً من القضايا الأدبية، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على مستوى الوطن العربي.. وكان كما عُرف عنه جريئاً في أفكاره.. صريحاً في آرائه.. مما جعلنا نقف معه وقفات مطوَّلة تفترش مساحة هذه (القراءة)، معتذرين للقراء الكرام لعدم تناولنا بعض نصوص (العدد الماضي) كما اعتادت هذه القراءة.. وهذه الوقفات هي:
(1) إن نشوء التيارين المتطرفين اللذين أشار إليهما، هما في الواقع «إفراز» طبيعي للمرحلة التي سبقتهما قبل هزيمة 67، وخرافة «الناصر»، و«الظافر».. فإذا كانت قاعدة «نيوتن» في الحركة تقول «إن لكل فعل، ردة فعل مساوية له في المقدار، ومعاكسة له في الاتجاه».. فإن هذه القاعدة تنطبق على التطرف بصفته فعلاً من الأفعال!!
وهذا ما حدث من تطرف عنيف «سابق» للهزيمة، قاد إلى تطرف أعنف «بعد» الهزيمة التي بحدوثها جعلت «البركان» الخامد يثور لإفراز مكبوتاته، واحباطاته، ومعاناته!!
فالجميع يعرف أنه في المرحلة التي سبقت الهزيمة تم خلالها «تسييس» الأدب بخاصة.. والثقافة بعامة.. بل وظفتهما لمصلحة السلطة السياسية.. فمن خضع لهذا «التسييس»، أو«التوظيف الرسمي» وجد أمامه كل أبواب، ونوافذ «النشر» مفتوحة أمامه.. وفرشت طريقه، ليس بالزهور فقط، بل الكثير من «الامتيازات» المادية.. وغير المادية. فشكل هؤلاء تياراً يقف «مؤيِّداً» للثورة.. مصفقاً لها في «المحافل»، داعياً لمبادئها بالأقلام، وعلى المنابر.. لهذا أساد هذا التيار.. وتسيد على غيره من التيارات، وهي «الأكثرية» التي تحوَّلت إلى «أكثرية صامتة» خشية البطش، والتنكيل، والسجن، والتعذيب.. كأن مرحلة ما قبل الهزيمة بثورتها «الاشتراكية» قد طبقت مبدأ السياسة «البوشية» القائلة «من لم يكن معنا فهو ضدنا»!!
وهو ما طبقه «ماوتسي تونج» بثورته الثقافية في «الصين الشعبية» الذي عرف ما للثقافة من تأثير كبير على العقل الإنساني.. فسعى الى تشكيل «عقل صيني جديد» يتناسب.. وينسجم.. ويتناغم مع ما يدعو إليه من مبادئ وقيم ثورته.. لهذا حين تذكر أبرز الاعمال التي قام بها (ما توسي تونج) في الصين تذكر على رأسها «الثورة الثقافية» كمعطى له أثره، وتأثيره.. لهذا ساد وهيمن، وسيطر على الصين، الفكر، أو «التيار الماوتسوتونجي» في مواجهة أي تيار معارض، أو مناوئ، أو مناهض لهذا التيار «المسيِّس».. وهو ما كان سائداً بشراسة فيما كان يسمى «بالاتحاد السوفيتي» الذي ربما كان السبّاق في تطبيق «السياسة الاشتراكية» حتى ان «بوليس باسترناك» عندما ألف روايته المعروفة «دكتور زيفاجو» التي فضح فيها مساوئ الحكم الاشتراكي.. فاستغلت «جائزة نوبل» صدور هذه الرواية فمنحته وقتذاك جائزة الأدب.. لكنه لم يتسلمها، ولم ينعم بأضوائها وقيمتها لأن حكومته الاشتراكية المتسلطة منعته من السفر، لأنها رأت في روايته تمثيلاً للتيار المناوئ لتيارها!!
لهذا نجد أن بعض الدول العربية التي وصلها «المد الاشتراكي» حذت حذو الاتحاد السوفيتي.. والصين.. فطبعت كل معطيات الأدب والثقافة بأفكارها.. فتحوَّلت الأصوات «المؤيدة» الى تيار قوي، وعنيف بمساندة «الحكم السياسي الاشتراكي».. هذا التيار الذي سيطر على كل منابر ومناشط النشر.. وأمام هذا التيار «المتطرف» القوي، لجأت التيارات «المناوئة» الى الصمت.. وتم تهميشها.. ولم تجد أمامها أي وسيلة لإيصال صوتها.. فكانت أفواهها «مكمَّمة» بأقفال مختلفة، ومتنوعة.. كأنها في «معتقل كبير».. تفكِّر، ولكن بصمت.. تقول رأيها في أسلوب «النكتة، والتنكيت» في المقاهي حيث يرتادها فئات مختلفة منها المثقفة، ومنها غير المثقفة.. مما يعطينا فكرة انه حيث لا حرية للرأي تبرز «النكتة» وتنتشر كوجهة نظر، ورأي مكبوت.. وعملية تنفيس عن المحظور، أو المسكوت عنه!!
ومع ذلك ظهر خلال تلك الفترة (ما قبل الهزيمة) ما يمكن أن يطلق عليه مصطلح «الأدب الرمزي» ممثلا في روايتين لنجيب محفوظ هما (ثرثرة فوق النيل)، و(ميرامار).. وحين وقعت الهزيمة.. وتساقطت الأقنعة.. وتهاوت الأصنام ارتفع صوت (توفيق الحكيم) من خلال كتباه (عودة الوعي) كاحتجاج صارخ على «التطرف الكبير الأوحد».
وبدأت «التيارات الصامتة» تظهر في شكل تيارات متطرفة، ليس في الأدب والثقافة، بل في كل مظاهر الحياة التي دبَّت فيها الحياة من جديد بعد كابوس طويل ران على العقول، والأنفس!! هذا هو تعليلنا لحالة التطرف التي تفشت «بعد الهزيمة»، مقابل تطرف ما «قبل الهزيمة».. وفوق كل ذي علم عليم!!
(2) بالنسبة للمناهج الغربية.. والمصطلحات الحداثية.. فقد نشأت في الغرب بناء على معطيات كانت سائدة، فجاءت كإفرازات محكومة بظروف فكرية، واجتماعية غربية.. وبعوامل زمانية، ومكانية.. وبعد استنفدت أغراضها.. واختلفوا على ما هيتها بحيث تجد الامريكيين لا يلتقون مع الألمان كما تجد الفرنسيين يعارضون البريطانيين، انطلاقا من رغبة كل شعب في الاستقلالية برفض الهيمنة الثقافية القادمة من خارج أقاليمها، ومواقعها على خارطة الثقافة الانسانية.. قمنا باستيرادها.
ولو أردنا أن نضرب مثالاً على ذلك نجد أننا نحن العرب أخذنا مصطلح «الأدب المقارن» من أمريكا، واعتبرناه قضية مسلم بها غير قابلة للنقاش.. وتداول مثقفونا هذا المصطلح كأنه متفق عليه على مستوى العالم.. مع أن المعروف أن القضايا الفكرية ومصطلحاتها لا تكون مجالاً «اجماعياً» غير قابل للأخذ، والرد.. والقبول والرفض.. فهم رجال يفكرون، ثم يقعدون ويؤصِّلون على نتائج تفكيرهم.. ونحن العرب رجال نفكر لا «امعات»، أو «أبواق» لفكر غيرنا.. وكان علينا أن يكون لنا استقلالنا الفكري.. إذ لا يعقل أن نستورد الأفكار، والمناهج، والمصطلحات، كما نستورد الوجبات المعلبة، والسيارات، وموضات الأزياء!!
وإذا كان مصطلح «الأدب المقارن Cpmpartive Litratuture سائداً في أمريكا.. فإن العلماء الألمان أطلقوا مصطلح «تاريخ الموضوعات Stoofgeschichte» كما يرى «تيجم».. بينما عارضه أستاذ بجامعة اكسفوردهو «البروفسور س.س.بروور» الأماني الأصل، والمتضلع في عدد من الحلقات الأوروبية فأصدر كتاباً بعنوان (مدخل للدراسات الأدبية المقارنة)، ومن عنوان الكتاب يدرك القارئ أنه يخالف، ويختلف مع مصطلح «الأدب المقارن»، ومصطلح «دراسة الموضوعات».. وهو يفضل في كتابه مصطلح «الدراسات الأدبية المقارنة» عما عداه من المصطلحات!!
(لقد جاء أول ذكر للأدب المقارن في الانجليزية على لسان الكاتب الناقد (ماليوارنولد 1822 1888م وقد شكك الانجليز ليس في مصطلح «الأدب المقارن»، وإنما في قيمته ومن هؤلاء «لين كوبر» الذي كتب عام 1920م في نقد الأدب المقارن.. واتهم مصطلحه بأنه مصطلح مزيف لا معنى له، ولا بنية.. وسخر من تركيبه الذي يشبه تركيب مصطلحات لامعنى لها في قولنا «البطاطس المقارنة».. أو «السنابل المقارنة»، مما لا جدوى منه، ولا معنى له.. ولهذا يرى «بروور» انه يفضل «الدراسات المقارنة» وهو ما نميل إليه.
انظر إلى القوم، لقد اختلفوا في مصطلح واحد.. كل فريق يكسر» صنمية» مصطلح الآخر.. لأنهم يقرؤون، بينما نحن نقرأ فنتلقى... ما قرأنا وتلقينا دون أن نفكِّر.. وهذا مجرد مثال!!
المثال الآخر بصفتك من النقاد الرواد في فني «القصة القصيرة، والرواية» تعرف ان بعض القاصين في بلادنا نهجوا منهج «الغموض المغلق» بتوظيفهم الاسطورة، والرمز فكانت النتيجة أن أحدهم صدرت له مجموعة قصصية، فصرح للصحف بعد صدورها أنه نفسه بعد أن قرأ مجموعته لم يعرف ماذا كان يود أن يقول!! أليست هذه كارثة؟
ثم أنت يا عزيزنا (الحازمي) بماذا تسمي صمتك.. وأين الجديد الذي قدمته في نقد القصة، والرواية.. وحولك الوسط الأدبي يعج بالكثير من المعطيات؟.. بماذا نفسر هذا الصمت؟ بالشيخوخة المبكرة.. أم بعدم الرضا.. أو بهما معاً؟ نريد منك إجابات عن هذه الأسئلة التي نطرحها رافعين راية الاحتجاج الحمراء.. أو الصفراء.. أو الخضراء، أمام عتبات ريادتك التي نعتز بها!!
(3) نحن مع الدكتور (الحازمي) أن أدبنا العربي مجرد أصوات متنافرة حيناً.. ومتناقضة حيناً في غياب «معطيات موضوعية».. فأنت تجد من درس في فرنسا يتحزب لكل مُعطى فرنسي.. والحال نفسه من تلقى دراسته في أمريكا.. أو بريطانيا.. وهذا التعدد في الروافد الثقافية تسبب في عدم «النماذج.. والتناغم» للخروج بنظرية أدبية عربية!!
(4) كما نتفق مع الدكتور (الحازمي) في دعوته الموجهة لوزارة الثقافة والاعلام، للاتصال بالمثقفين.. وعقد ندوات.. ولقاءات معهم.. وعدم الاكتفاء بتوصيات، واقتراحات الهيئة التي شكلت، رغم أهميتها.. فهي تعكس آراء فئة جد قليلة.. والمثقفون في المملكة ليسوا أفراد الهيئة فقط وممثليهم.. بل هناك رموز لها أهميتها، وتجاربها من خلال احتكاكها المباشر بالاوساط الثقافية العربية.. ولها همومها، وتطلعاتها.. فالوزارة بتشكيلها «هيئة» من أفراد محددين.. كأنها شكلت «لجنة».. وأسلوب اللجان ينطبق عليه المثل الانجليزي القائل: «إذا أردت لمشروع الفشل فشكِّل له لجنة».. والله المستعان..
الهويمل.. بين اليمين واليسار!!
الذي يثير الاستفهام من خلال ما قاله الدكتور (الحازمي) هو موقف صديقنا العزيز الدكتور (حسين الهويمل) المزدوج الذي يجمع بين «اليمين» المتمثل في «الأدب الاسلامي» وعضويته في ندوته وبين «اليسار» المتمثل في «الحداثة» التي أغرق كتاباته في أتون مصطلحاتها التي لا يقرها «الأدب الإسلامي» الذي قام ونشأ في الأساس لمواجهة «التيار الحداثي» المتطرف في عجته، واتباعيته للغرب.. فبماذا نفسِّر موقفك.. وما موقف تيار «الأدب الإسلامي» الذي تنتمي إلى عضويته.. وهل هذه العضوية مجرد ناحية شكلية، أو منصب وظيفي ليس له علاقة بفكرك وتفكيرك؟
سؤال نطرحه من خلال ما أشار إليه (الحازمي) بطريقته الخاصة فما ردك أيها العزيز؟
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved