الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 10th November,2003 العدد : 36

الأثنين 15 ,رمضان 1424

«القصيبي» في عمل روائي جديد:
«سعادة السفير» كتابة تاريخية عن خرافات الرسميات

* الثقافية عبدالحفيظ الشمري:
معالي الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي قامة أدبية فارعة وصوت عربي نقي ونابه يصوغ من فكره مفردة الخطاب الإنساني، فهو إلى كونه إدارياً ووزيراً وسفيراً ومسؤولاً يظل مبدعاً تشغله القضايا الإنسانية البسيطة.. تلك التي نقول عنها هكذا «بسيطة»!! في وقت يرى فيها الدكتور القصيبي أنها معاناة فائقة تلك التي يستقصي ومن خلال هذه الرواية رحلة «يوسف الفلكي» وحارسه الشخصي أبرز هذه الملامح ليكون المدخل هنا تقريرياً مباشراً شبيهاً بمدخل «قاعة السفراء» التي يصفها الكاتب بأنها هيئة واضحة لمعنى الضيق والكآبة وتناقض الأذواق في ترتيبها .. (مدخل الرواية أيضاً ص 13).
يصف الأديب الدكتور القصيبي ومن خلال تفاصيل روايته الجديدة «سعادة السفير» والتي يراوح فيها بين أدب السيرة واستقصاء التقرير الذي جعله يدخل مباشرة إلى عمق إشكالية بناء العلاقات المتباينة والمتطرفة في اقدامها أو احجامها، في حبها وكرهها خيالها المجنح، وواقعيتها المؤذية.. تماماً مثلما يدخل «يوسف الفلكي» دهاليز السياسة التي اشتغل فيها وتردد في بناء علاقة كما أسلفنا لها وجهان أو ثلاثة أو عدة وجوه فحسب الموقف والحالة يمكن لك أن تخرج القناع المناسب.
يعيد الدكتور القصيبي رسم ملامح شخصية الرواية ليذكرنا وعلى نحو استدراكي فاعل أن البطل في الرواية يشبه إلى حد بعيد بطل تلك الحكاية التي تتردد على ألسنة الرواة .. تماماً مثل سيرة «يوسف» الذي ظل يراوح بين فهم عفوي للحياة يلتقطه من واقعه البريء ، ومن خلال ممارسته الادارية التي برع فيها ونجح إلى حد كبير في تحقيق معادلة «القوة والعدل» لتصبح هذه الايماءات التي تواثبت على لسان الراوي الذي يبدع في رحلته الاستنطاقية حيث يصوغ من الخطاب الحكائي عالماً يحاكم الواقع الذي أخذ بالتحول والتبدل وفق ما تمليه ظروف ومرحلة الواقع.
الرواية في مجملها تبرز الحالة الإنسانية لشخص مثل «يوسف الفلكي» ذلك الإنسان العربي الذي يتفنن في عرض حالته التي تعد نموذجاً مصغراً لحالة أهله وذويه فهو من حيث الهيئة يدرك أهمية الشكليات والرسميات والخطابات الرنانة التي عاش عليها هؤلاء وتربو في كنفها حتى أصبحوا جزءاً من عالم الرسميات التي يقال عنها أنها تندرج في نطاق «فن الممكن» ذلك النطاق الذي يتسع لكل شيء حتى أنه يحول المستحيل وهو الضد إلى مجرد وهم صغير لا يلتفت إليه تماماً مثل حياة «يوسف» في ثنايا صفحات الرواية لاسيما واقع يوسف مع العمل الدبلوماسي الذي أخذ جل وقته وحياته.. بل ودفع مقابل ذلك جزءاً من روحه وعطائه الإنساني الذي لازال يتشبث به.
الدكتور القصيبي وفي هذه الرواية يخلص إلى القول بأن هناك قصصاً حقيقية في الرواية يجب أن تقرأ بحرص وعناية حيث يستشهد بالعديد من القضايا الإنسانية من قصص تاريخية وأحداث تقلبت فيها الموازين واختلطت فيها الأوراق كحكاية «البرامكة» مع هارون الرشيد والتي أخذها نموذجاً للحكاية التي تحاك تفاصيلها اليوم وستتم فصولها غدا أو بعد غد، (الرواية ص 49).
يذهب الدكتور القصيبي إلى أن روايته «سعادة السفير» هي بناء إنساني للحكاية الأم تلك التي لا تتخلى عن عفويتها حينما يذهب يوسف إلى أبعد نقطة في الدبلوماسية لكنه يعود إلى تفاصيله الدقيقة .. تلك الأوراق والقصاصات التي تؤكد أنه لازال وسيظل وفياً لعالمه البريء ليثبت ومن خلال هذا الراوي المفوه انه قادر على جمع (بيضة البراءة وحجارة الواقع) لتكون هذه المعادلة جسراً للقارئ يحقق من ورائها بناء علاقة متميزة مع الكاتب الدكتور القصيبي الذي عرف عنه الجزالة والرقة والعفوية الصادقة نراه وقد توج روايته الجديدة التي يطالعها الآن.
رواية «سعادة السفير» للدكتور القصيبي هي العمل الثامن عشر من أعماله الأدبية والتي راوحت بين (الشعر والبحث والمقالة والسيرة والنقد والسياسة والرواية).
إيماءة:
* سعادة السفير (رواية) * د. غازي القصيبي
* المؤسسة العربية للدراسات بيروت 2003م
* الرواية تقع في (176 صفحة) من القطع العادي
* صمم الغلاف زهير أبو شايب
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved