تكوين
إبراهيم الناصر الحميدان..؟
محمد الدبيسي
|
بعد أربع سنوات من صدور رواية
(ثمن التضحية) لحامد دمنهوري (1378هـ
والتي كانت.. أول رواية فنية بمعيار
نقدي يتوخى زمن وظروف صدورها أصدر
إبراهيم الناصر الحميدان روايته الأولى
(ثقب في رداء الليل) عن الدار القومية
للطباعة والنشر في القاهرة..!
** ورواية الحميدان هذه بحسب النظر النقدي تعتبر أولى
النماذج التجديدية في مسيرة الرواية السعودية..
إذ تستوعب في مضامينها أحداثاً وموضوعات
وأفكاراً.. لحقبة زمنية تمتد عشرين عاماً.. وتقترب
كثيراً من قضايا الواقع الاجتماعي، وتنهض
بالمكان الواقعي.. كمكون سردي.. يعبر الكاتب
عن ثقافته وتقاليده.. ويكشف جانباً من قراراته واتجاهاته..؟
** وبما أنها صادرة قبل أكثر من أربعين عاماً..
فإن ذلك يرمز إلى وعي كتابها المبكر، في اقتراف الخطاب
السردي.. في وقت لا تزال الثقافة في
بيئته الإقليمية المحافظة (جداً).. في طور التشكل
البدائي.. إزاء استيعاب فن مدني كالرواية يروم الكشف والتعرية..!
ولذلك كانت طباعتها في القاهرة..
إشارة إلى قناعة ذاتية من لدن الكاتب بحتمية
المغامرة. في إعادة استظهار الحركة
المجتمعية في خطاب روائي.. يقترب إلى حد ما..
من الصدام مع المجتمع في مقررات وعيه..
في تلك الفترة..! أو تجاوز ذائقته وطبيعة تلقيه..؟!
** فـ(عيسى) بطل الرواية..
المثقف المثالي.. يجري الكاتب على لسانه
أفكاره التقدمية.. ويحمله عبء النهوض
بتلك الأفكار والتصريح بها.. مجابهاً بها واقعه
من منطلقين.. أولهما تواضع مستوى
الوعي الاجتماعي العام وانفصاله عن واقع
وطبيعة الحركات الشعبية والثورية
ومناخاتها الثقافية والاجتماعية
في الوطن العربي في تلك الفترة
وثانيهما مأزق التقاليد الاجتماعية الراسخة في المجتمع المحلي آنذاك..؟
** (عيسى) التواق.. للعدل الاجتماعي والمتخم
بالحماس الوطني.. والمثالية الفردية..
ظل شخصية نمطية.. اصطحبها الكاتب في رواية (سفينة الموتى) الصادرة عام 1380هـ
عن مؤسسة الأنوار بيروت..!
والتي أعاد طباعتها سنة 1409هـ بعنوان: (سفينة الضياع)..
ليعيد توسيع دائرة مشهده السردي في إطاره الاجتماعي
ومقاربة قضاياه بحس انتقادي.. وتصوير
عناصر البيئة المكانية.. (الرياض) واستثمار
معطياتها الثقافية ومناخها الاجتماعي.. في تسلسل الأحداث
وتراتب الأفكار السردية.. ومس قضايا مجتمع المدينة
بأدوات فنية..
ورؤية صياغية.. لم تكن بحمى عن ملاحظات النقاد..؟
وعلى الرغم من تراكم التجربة في مساقها النوعي..
فقد عدّ بعض النقاد الروايتين السابقتين..
ترجمة ذاتية.. تقارب سيرة الكاتب..
وتشكل فضاء اهتمامه الذاتي والثقافي..؟
وفي كل الأحوال.. فقد استحق الحميدان وصفه الريادي
في تحرير النص الروائي برؤية فنية..
لا يمكن تقييمها خارج إطار شرطها الثقافي العام..؟
.. وفي توالي إصداراته الروائية.. ما يؤكد ذلك..؟
** إذ قدم فيما بعد
(عذراء المنفى) 1398هـ (غيوم الخريف) 1408هـ
التي يستشرف فيها المستقبل.. من واقع متغيرات
الحاضر وظروفه.. ويتأمل الظواهر
الاجتماعية.. محيلاً نتائجها إلى طبيعة
القابلية الإنسانية في الشخصيات حال ضيقها
بمأزق واقعها وظروفها الآنية.. ورغبتها في الخلاص..
وكان مستجيباً لقدراته الفنية.. في تعدد أجناس الكتابة السردية.. ما بين
الرواية والقصة القصيرة.. فأصدر
في مساق القصة.. خمس مجموعات
قصصية.. شكلت رؤيته الفنية..
اشتجارا بالواقع العام.. وانتقاء إشكالاته الأكثر قابلية
للرصد والتأمل.. فمنذ مجموعته القصصية
الأولى (أمهاتنا والنضال) 1380هـ
إلى مجموعته الأخيرة (نجمتان للمساء) 1419هـ
نوّع (الحميدان) في أدائه السردي ما بين
الشكل الفني والمضامين الدلالية.. محترزاً
في انتقاء الفكرة ومس المستقرات المجتمعية..
والاتجاه بها نحو التعاطي الفني الواعي.. المستند على
خبرة حياة.. ومعطيات ثقافة وتجربة..
تتوج إنجازه بهذا الرصيد من الأعمال..!
** إن الاستعداد الفطري في شخصية
الحميدان.. لصياغة الحكاية.. والتنويع
في سك نماذجها واختيار مشاهدها
وبيئاتها وقضاياها وشخصياتها..
يرمز إلى بعد مهم في شخصيته كمثقف فنان..
كان في نزاع مستديم مع الالتزام الوظيفي
الرسمي.. الذي ناوأه القطيعة غير مرة..؟
والذي لم يمنعه من إيلاء الجانب الأوثق
والأبرز.. الكتابة (قضية وقيمة) اهتماماً
كوّن من خلاله هذا الرصيد من الإنتاج
والإنجاز.. ليعد بحق رائداً بالتجربة والتفاصيل والمعنى
Md1413@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
