Culture Magazine Monday  11/06/2007 G Issue 202
مراجعات
الأثنين 25 ,جمادى الاولى 1428   العدد  202
 

استراحة داخل صومعة الفكر
سعد البواردي

 

 

***

شمعة ظمأى

أسامة عبدالرحمن

150 صفحة من القطع الكبير

***

الشعر هواية وغواية.. هواية يلهو بها الشعراء، يلوون بها أعناق الكلمات يقولون بها ما لا يفعلون.. وغواية يصدقها الآخرون حتى ولو كانت مجرد خيال سارح ضارب في متاهة الفكر.. ولنا في الآية الكريمة أصدق مثل.

{وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ}(صدق الله العظيم).. ومع هذا فإن في الشعر ما يتناغم وحركة الحياة وروحها متى جاء هادفاً.. وصادقاً.. وأمينا.. أقول هذا لا أعني به شاعر اليوم، بل أعني به كل الشعراء وكل شعراء الشعراء شاعرنا يبحث عن خبر فاته.. أو لم يأت بعد.. إنه يطالب فتاة حلمه أن تخبره.. (خبريني).

لم أزل أقرأ ما بين النجوم الزهر آلاف الليالي

وأصيد الكوكب الدري لو مر على نهر الخيال

لم يزل مثلي الأعلى، ونبراسي أبو زيد الهلالي

فارس يتأسى بفارس.. والفروسية شجاعة موقف.. وشجاعة حركة.. وشجاعة ثبات بالمبدأ.. (لم أزل أحلم) استغرقها توصيفا جميعاً ممتعاً.. ولكن ماذا بعد (لم)؟ وقد مد طرفه في الأفق بحثاً عن محاريب الجمال.. هل وجده..؟ وإذا ما كان وجده فهل حصل عليه؟ ذكراها بالنسبة له عبق.. تمنى.. وتمنى.. وتمنى.. هل فاز بأمنياته؟

صرخت ليلى وسيف العزة القعساء مصلوب حيالي

ما استشاط الثأر غضبانا ولا هب مغاوير الرجال!

أخبريني.. ونسيت الجرح في ليلى، ودمعا كالآلي

وتجاهلت نداء العزة القعساء للسحر الغوالي.!

وتركت المجد مقتولا على الأرض.. وأهملت سؤالي.

أبيات معبرة صارخة وجميلة وهو يشهد ليلاه مضرجة بدمها تستصرخ دون مجيب لأن الشهادة مفقودة.. والنجدة موؤودة.. ليلى العامرية أيضا بكت من مرقدها! (الممارون والنكسة) مقطوعة طويلة اجتزئ منها بعض مقاطعها:

يا رفيقا بين حزبين تجلى الاقتدار

وتسامت كبرياء النفس واعتز الفخار

وتهاوى تحت كفيه شعار وشعار

وهو كالبيداء صمتا ووقور كالوقار

ورفاقي دأبهم غزل ونقص وشجار

ونفاق في كؤوس بالمراعات تدور

وضع أصبعه على الدمل محاولا فقأه...

يا أخ الصمت، وللصمت جلال ووقار

قتلت نفسك نفسي ألبستها كل عار

كشفتني فاقد الهمة في ضاحي النهار

جردتني من فخار الأمس، من كل اعتبار

هل تريدون أكثر من هذا صرخة واحتجاجا على حال أمة تقبلت نكبتها ونكستها وهي نائمة كقطة في سباتها دون حراك؟ هذا يكفي.. يطلب من الريح أن تزمجر بعد أن فقدت الروح نبضها.. والجسد حركته.. والقوة إرادتها واستشعارها بالخطر..

زمجري يا ريح في البيداء فالبيداء قفره

لم يعد فيها أنيس يودع الأنجم سره

أو مهاد ضمت البدر وغذت فيه سحره

أو سيوف تتلالى في الليالي المكفهرة

فجرَّت في عمقها ألف نهر للمجرة

يلج على الريح أن تزمجر عوضا عن زمجرة الإنسان الراكد.. إلا أن الريح محتجة لا تزمجر وينتهي المشهد الحزين عند هذه الأبيات:

سقطت حطين، ضاعت كل أشعار المعره

وسبى نيرون ليلى وسقى التاريخ جوره

صدئ السيف فلم ينهض لثأر أو لثورة

قد مضى الرعد ولم تثبت على الصحراء قطره

ومضى العز، ولم ينشر على التيجان عطره

وانتهى المجد وما زلنا نياما في الأسرة

أبيات أسرة بدلالاتها، حزينة بتداعياتها لأن الإنسان نفسه صدى كما صدى سيفه..

رسالة من شاعر لفيلسوف فرنسا الكبير براتراند رسل.. يقول فيها وباقتضاب:

هل لأفلاطون، أو سقراط أراء خفية؟

لم تشع في اليأس إلا بعد أن ذاقا المنية؟

أيها الفارس في ميدان حرب فلسفية

كم رفعت الراية الحمراء من أجل القضية

براتراند رسل كان مدافعا شرسا عن حرية فلسطين وحق شعبها في الحياة.. يتساءل شاعرنا/:

أيها الفارس ما للحق قد صار ضحية؟

وفلسطين لماذا ولدت وهي صبية؟

قل لبلفور لماذا فوقها سلط غيَّه؟

كيف أهداها كما شاء لأفاق هديه

بلفور يا صديقي يهودي بالهوى والهوية أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق..

في عطاءات شاعرنا نزعة.. وفزعة قلَّ ما تجدها عند شاعر آخر.. إنه يحترق كرماد قضيته.. وكأجساد ضحايا.. ليس في فلسطين وحدها وإنما على امتداد وطنه العربي الكبير.. واكب بشعره كل التحولات.. كل الانتصارات.. وجميع الانكسارات رصدها بقوة والدموع تملأ محاجر عينيه.. ينادي (دهره).. والدهر نحن الذين نحركه.. نقتله بجمودنا، أو نحييه بصمودنا:

يا دهر مهلا كفى يا دهر ما كانا

من غفلة بات فيها الطرف وسنانا

إن مسَّ أجفاننا نوم وقهقرنا

فلن يُمسَّ لنا من بعد أجفانا

وإن طوتنا ليالٍ في حوالكها

عشنا فقد أذنت بالصبح دنيانا

لم يفقد الأمل رغم كثافة جهام الليل.. أوقد شمعة وراح يبحث تحت ضوئها:

هنا قد تبلج وجه الصبح واندحرت

جحافل الليل، والإشراق حيانا

مفردة (قد) زائدة شعرية يحسن استئصالها رحمة بالشطر..

سنسترد من الأيام ما سلبت

ونستعيد من الأمجاد ما كانا

وسوف نعلي صروح المجد عالية

ونبتني فوق سطح السحب معنانا

يا عزيزي.. بتواضع تريد أن تبني فوق سطح بيوتنا الأرضية سكنا.. وحرية.. وتقدما.. السحب نتركها لمن لا مكان لهم على وجه البسيطة. (الحضارة الجديدة) شغل باله بها: إنها مطلب ينشده الذين ما زالوا متخلفين عن الركب..

يا نهضة في الغرب أشرق نورها

قد باركت خطواتها العلماء

لم تعرف الدنيا لها مثلا ولا

حلت بها تاريخها العلماء

الشطر الأخير أحس فيه بعض الارتباك.. أتمنى لو جاء هكذا (حلت على تاريخها العلماء) ويعود من الغرب إلى الشرق في مقارنة.

فإلام يحيا الشرق في أوهامه؟

وعليه تنشر ثوبها الظلماء؟

فرضت عليه قوى التعصب عزلة

ورمته في بحر الردى الأحماء

إن كان ماضيه مفاخر جمة

قد خلدته صروحها الشماء

فاليوم حاضره غداً متعثراً

وله من الوهم الكبير عزاء

لا عزاء في الوهم.. ولا في التخلف.. صحيح أن خصومنا يريدون مصادرة عقولنا وتفريغها من واقعنا.. ولكن نحن أيضا نتحمل جانبا من اللوم.. والعتب..

شاعرنا يهتصره الشوق.. ويعتصر خلجاته الشعورية..

مواطن الخلد ما للخلوق عبثت

به الليالي وما للمجد قد غربا

إني لأذكر ماض فيه مؤتلقا

بنى الحضارة، والعرفان، والأدبا

أضاء للغرب مسراه بأندلس

حتى بنى عجبا يتلو به عجبا

وراح يبني على الجوزاء دولته

من الحقيقة شمسا تدفع الريبا

لا تذكروا الأمس للذكرى مجردة

أو للتأسي، ولا تبكوا الذي ذهبا

أعيذكم أن تكونوا مثل أرملة

تبكي الزمان، ولا تلقى لكم دأبا

شوق إلى ماض موصول بحاضر يجدد خلاياه.. ويجذر رواسيه ودعاماته.. ويربط حلقاته بعضها ببعض.. ومع (الراحلين) كان له وداع..

قل لي بربك، ما دراء الأفق؟

ماذا خلف غيهبه السحيق؟

نمضي فرادى تاركين وراءنا

دمعا يسيل على الطريق

ونواح أرملة يصم الأفق

وهي تكاد يقتلها الشهيق

وصراع طفل زائغ النظرات

وحزنهم صمت أريق..

(صمت أريق) أحسب أن مفردة (صمت سحيق) أقرب إلى الحالة.

كل يمزقه الأسى برماحه

ويهده الحزن العميق

لم يعط شاعرنا للمشهد صورة مكتملة.. أعطى وصفاً.. ولم يعط لم يطرح تشخيصا للحالة الجنائزية.. ومن مشهد الراحلين إلى مشهد اليتيم

نبت البؤس بجفني وأدمى مقلتيا

وسقاني ما سقاني من أسى شق عليا

أين من يحضن آمالي، ويرعاني صبيا

يا لنفسي أي دهر أنشب الظفر قويا

هل يرد الريح غصن لم يزل غضا نديا؟

اليتيم يا عزيزي ليس بموت أب، أو أم، أو هما مجمعان.. اليتيم بمفهومه الحي عناه شوقي بقوله:

ليس اليتيم من انتهى أبواه من همِّ الحياة وخلفاه ذليلا

إن اليتيم هو الذي تلقى له أما تخلت أو أبا مشغولا

يتامى دون أبوين اعتصموت بالجلد والصبر، شقوا طريقهم في الحياة.. خلدوا بخلود أعمالهم..

شاعرنا الإنسان يحمل في داخله أماني كبارا طرحها طرحاً جميلاً.. إنه يقول:

ناءت بي الأثقال.. وانتفضت أمانيّ الكبار

لو كنت أملك من سليمان أفانين اقتدار..

لقطعت بالسكين عقد الشمس من جسد النهار

ووضعته في كف أرملة وأيتام صغار

لجعلت من قدري فراتا ترتوي منه القفار

لجمعت فيض مشاعري ونسجتها أحلى إزار

ونثرت فيه النجم فوق النجم طوبى للنثار

ومنحته للنفس تسمو أن يدنسها شنار

بعض أمانيه الكبار.. ولكن اليد قصيرة والعين بصيرة.. تكفيه أمانيه شهادة تحسب له.. ولأن الناس أصناف كانت له رؤية:

صنف من الناس ألقاه وتلقاه

عذب الأحاديث بشري محياه

تكاد من ثقة بالود تألفه

وتصطفيه أخا للعمر ترضاه

وفيه ما فيه من حقد ومن حسد

نفس الكريم ونفس الحر تأباه

يصب خلفك أقوالا مقولة

ولا ضمير عن البهتان ينهاه

قد كنت مثلك مخدوعا بمظهره

وكنت قبلك فردا من ضحاياه

الإنسان يا صديقي مخبر لا مظهر.. جرِّبه.. تعامل معه قبل أن تعقد معه علاقة صداقة.. الصفات أحيانا هي المحصلة لمن لا يأخذ الحذر ويحسن الاختيار.

(اليأس، والشموخ) لا يتفقان.. اجتمعا معا على صعيد واحد في مقطوعته:

جفت دموعي فاستغاث بكائي

وطفى قنوطي فاستفز رجائي

وعفت على قلبي غيوم من أسى

أنحت عليه بوابل البأساء

ويحي أأركن للقنوط ومهجتي

تقتات ما في الكون من أرزاء؟!

والأرض حولي مكفهر وجهها

سيان في الإصباح والإمساء؟

إن كان جرحني الزمان بكأسه

بؤسا فلست بأول البؤساء

أو كان هاجمني الزمان فإنه

هو واحد من جملة الأعداء

سأظل أرنو للحياة وأجتلي

نعماءها في غمرة الظلماء

وإذا تعلق فوق جفني الأسى

أمحوه مثل بقية الأقذاء..

الإنسان إرادة كبرياء لا تنحني أمام العاصفة.. لا تتعرى أمام هبوب الخريف.. وإنما تظل شامخة تتحدى الأنواء.. والأهواء لأنها إرادة حي..

نفس النقيضين (اليأس) والشموخ و(القمر، والظلام)، يا ترى من ينتصر؟

يا أيها القمر الذي مجدته من ألف عام

يا من نسجت له من الأعماق أبيات الغرام

إني صحوت ولم أعد للحلم أخضع كالنيام

عادت إلي رجولتي واستيقظ الشرف المضام

فكسرت آنيتي وأوتاري وأهرقت المدام

وحلفت إني لن أراك ولن أخلد في الظلام

ما ذنب القمر يا شاعرنا.. إنه يجلو الظلام.. دعه يسبح في فلكه يمزق ستار الدجنة من حولك كي لا تخلد فيها.. إنه خير رفيق.. يشدو لبلده.. ومن فينا لا

يشدو.. ولا يشكو مرار الغربة عنه؟!

وعدت إليك يا بلدي واشواقي بلا حد

لثمت ثراك ممزوحا بدفع فاض عن حدي

ومرت فوقه شفتاي ينبوعا من الشهد

رشفت كآبة الحرمان فيها.. ضقت بالبعد

فراقك سامني ذلا وبعدك فت في عضدي

سيبقى حبك الريان في قلبي إلى الأبد..

الوطن أم.. حين نبتعد عن أمنا نتحول إلى يتامى نبحث عن حنان مفقود لا نجده إلا حين نعود إلى حضنها.. ومن الأم الوطن إلى الأم التي أنجبت:

يا مثال الطهر هذي أسطري تجثو لديك

ما أنا إلا غصين يستمد الأصل فيكِ

ما ارتوى إلا نميرا ورضابا من يديك

يا فؤاد غاب عنه أمسك الغالي وعنك

أيكه المفروش ورداً عاد مفروشا بشوك

كاعذريه لو دعاه دمعه لو راح يبكي..

دموع البر تغسل أوجاع البعد وتعيد للبصيرة والبصر شفافية الرؤية، والرؤية والنظر.. الدموع خطاب حب صامت أبلغ من الصوت.. (أول معاناة) لها صدمة.. لأنها الصدفة الأولى أمام تجربة قاسية..

تعالي فارحمي في الحب حالي

وداويني فقد طال اعتلالي

جمالك قد سرى فسبى فؤادي

وأنتِ من الجمال ذرى الجمال

بثثتك من أحاسيسي شجونا

وقد نفذتها لكِ باللآلي

سأقضي العمر أرقب فيك وصلا

فهل ما أرتجيه من المحال؟

أجيبيني ولا تدعي الليالي

تعيد عليَّ تكرار السؤال..

رغم مقطوعته الوجدانية المفرطة في رومانسيتها إلا أنه كرر السؤال أكثر من مرة.. لأنها لم تُجب.. هذا ما انتهى عليه المشهد.. (الدمع) يغسل العيون.. ويخفف من غلواء النفس.. ويجفف ما أمكن عناء الكتمان..

كلنا يذرف دمعة كلما الشوق استبدا

كم يكون الدمع نعمى تغمر المشتاق بردا

ويطرح السؤال:

أينا لم يهو يوما؟ أينا لم يلق صدا؟

أينا لم يجن شوكا؟ أينا لم يجن سهدا؟

فذرفنا الدمع بعد ال دمع كم بلل خدا

كزهور حفها الطل فباتت فيه أندى

توصيف جميل للحالة.. أنصف فيه الدمع.. دلالة الحب، والرحمة، وسلاح العاشقين في مواقع نجواهم وشكواه، قصائد حب شاعرنا أشبه بالعقد.. إنها مشدودة إلى بعضها (ذكرى لقاء) و(يا فائتي) و(أنا لن أجحد ذكرى حلوة) و(الحب الوفي والاغتراب) و(يا حبيبا) و(كل يحن إلى ليلاه) و(يا فتنة تشفي الأنام) و(لم أنكر الهوى) و(محروم) و(ليالي) و(رسالة إلى حبيبة) و(نفضت الحب يا سلمى) و(يا أزرق العينين) و(خواطر رومانسية) و(إنني أعلنت) و(الحب الممسوخ) و(حماك سيفي) و(الحلم الأول).. حبات ينتظمها عقد طويل قزحية الألوان تفيض وجدا وجدانيا تتصارع فيه الكلمات، والتأوهات.. والمناجاة.. قاسمها المشترك الأعظم الحب ولا شيء سوى الحب وقصائد غزلية أخرى مشابهة لا يتسع الوقت لعرضها واستعراضها.. أخلص منها إلى مقطوعة الرصيف:

هذا الرصيف أكاد أسمعه يضج من الجموع العابرة

أقدامهم حملت من الأدران ما حملت نفوس فاجره

والقهقهات الطائشات العائدات من الليالي الساهرة

في كل ليل لم تزل بين الرصيف إلى الرصيف مهاجره

يرقب الرصيف.. يحصي المشاهد.. العيون الساحرة.. الأجساد التي لوثها ثوب بلا حياء، الهوى العذري، الذئاب الكاسرة.. الحب الذي يشبه العيد في الغابات.. الفتنة الرعناء، الرصيف وعاؤها.. والفضاء غطاؤها.. مزيح من الأجساد المتراصة تشتم في بعضها النقاء.. وفي بعضها الآخر الشقاء..

يا فتنة ثارت على كل المبادئ، والمبادئ زاخرة

وتوهمت أن المبادئ كلها مثل السلاسل جائرة

مهلا فإنك تستقطين إلى الحضيض.. وإن تكوني ثائرة

لا تخلقي ثوب العفاف، ولا تبيعي الأمنيات العاطرة

لا تقذفي شرف الهوى العذري في وحل الوعود الباهرة

لا تأمني لليل تطرقه الوحوش وما أمنت مخاطرة

لا تتركي للذئب حتى لو أناب على يديك مشاعره

خطاب إرشادي انتزعه من أعماقه وهو يرى مشهد عالم يتزاحم في مدن لا ينتمي إليها.. وعلى أرصفة لا يحب السير عليها.. رسمها بريشته دون تدخل.

وفي النهاية انتزع بضعة أبيات من ذكريات أمس لعل فيها الجديد.

يا ذكريات الأمس يا روح الصبا

يا بعث حبي يا شعاعا ماجنا

أحييت في قلبي الرجاء فأخصبا

وجعلت لي كل الوجود محببا

يا وردة ركعت لها ريح الصبا

وتفتحت فهمت لها كل الربى

بالله لا تذري فؤادي مجدبا

جار الحبيب عليه والحب بنا

قد جاء بابك سائلا متقربا

كوني الملاذلة، وكوني الهربا

وأخيراً قضينا معا رحلة ممتعة مع شاعر الحرب والحب أسامة عبدالرحمن في ديوانه (شمعة ظمأى).. شاعر لا يتبعه الغاوون.. وإنما أولئك الذين يعون الحقيقة الغائبة ويسعون إلى استنهاضها.. يدعون الحرية، والحق والفضيلة.. ويرعون نبته الأمل الظمأى إلى وِردها ووَردها كي يعود للحياة رونقها.. وللأحياء كرامتهم داخل أوطانهم دون وصاية يفرضها عليهم دخيل لا يرعى فيهم إلا، ولا ذمة..


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة