الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th July,2005 العدد : 114

الأثنين 5 ,جمادى الثانية 1426

حول الأدب الإسلامي
علي التمني
الأدب الإسلامي فيما أتصوره: هو الأدب الذي يلتزم بالتوجيه الإسلامي للتعبير عن كوامن النفس المسلمة في تفاعلها وعناقها لكل ما يقع عليه شعور وحس الأديب المسلم شاعراً أو ناثراً.
وفي جدال دار بيني وبين صديق أديب أو قل: متأدب وهو مدرس للأدب في إحدى الكليات، دار ذلك الجدل حول مضمون ومصطلح (الأدب الإسلامي) وهو من غير المتحمسين له، وخاصة فيما يتصل بالمصطلح، وقد ذكّرته بأن المصطلحات إنما تنشأ إذا ظهرت الحاجة إليها، فالحاجة سابقة للمصطلح، وهذا مدرك فجميع المدارس والمذاهب الأدبية إنما ظهر المصطلح الدال عليها بعد ظهور النصوص والمفاهيم المختلفة عن السياق الأدبي السائد، ومن ثم تظهر الحاجة الملحة إلى صياغة المصطلح المناسب لها والملائم لخصائص المذهب الجديد، وهكذا فمصطلح الأدب الإسلامي ظهر للحاجة للتعبير عن الأدب الإسلامي الذي نجمت نصوصه وتزايد عدد الشداة له الذين رجعوا إلى معين تصورهم الإسلامي فوجدوه لا يقبل العبث والمجون ولا الفجور والإلحاد، وهي الملامح التي طغت على معظم نتاج الأدب العربي في العصر الحديث، وغير العربي من الآداب التي ظهرت في البلاد الإسلامية قاطبة، يشملها بانحرافه التغريب الأدبي والغزو الفكري الذي عمَّ وطمَّ في بلاد الإسلام نتيجة التلقي عن الغرب والشرق الجاحدين لرسالة الإسلام، الغارقين في ظلمات الإلحاد والبعد عن ينابيع الإيمان بالله تعالى والقرآن الكريم والسنَّة المطهرة، وقد نتج عن كل ذلك آداب تائهة تافهة، موغلة في العبث والضياع والمجون والخلاعة والفساد، ولذا ونتيجة للوعي الإسلامي الذي تحقَّق للأمة الإسلامية في الخمسين سنة الأخيرة وهو في ازدياد ذلك الوعي برسالة الإسلام الشاملة المصلحة لكل زمان ومكان يوماً إثر يوم ظهر أدباء رفضوا الانسياق والانصياع للمقاييس والشروط التي تعارف عليها الغرب المظلم الظالم وتلقفها بكل إمعية وتسليم وكلاء التغريب في بلاد الإسلام والتي تلقفها كثير من الأدباء والمثقفون في البلاد الإسلامية فنشروها واعتمدوا عليها في صياغة آداب ليس لها من نسب أو صلة ببلاد الإسلام إلا أنها أخذت تنشر فيها عبر الجامعات والمراكز ودور النشر والمجلات والصحف وغيرها من وسائل النشر والإعلام، ولكنها آداب غريبة لا تتفق والإسلام ولا تشاطر المسلم ثقافته ووعيه وانتماءه، بل هي على النقيض من تصور المسلم وعقيدته، وبدل أن تكون هذه الآداب مصدراً للقوة والتقدّم والعزة، صارت من أخطر أسباب الخذلان والتفتيت لقوى المسلم وفاعليته.
وخلال الحوار مع صديقي قلت له: إن مصطلح (الأدب العربي) لم يكن معروفاً قبل بروكلمان وجورجي زيدان، وهما أبرز من كتب عن الأدب العربي من المستشرقين والنصارى وأسسا هذا المصطلح، فلماذا قبلت هذا المصطلح ولم تقبل مصطلح الأدب الإسلامي وهو إسلامي الصياغة والهدف والمضمون؟ بينما مصطلح الأدب العربي إنما صيغ ونشر لهدف فصل الأدب العربي عن عقيدته التي يجب أن ينطلق منها؟
وقلت له كذلك: لماذا قبلتم دون نقاش مصطلحات لا حصر لها في مجال الآداب مثل: الرومانسية ، الأدب الوجودي، الأدب الواقعي، الأدب الإفريقي (الزنوجة) الأدب الساكسوني، الأدب اللاتيني وغير ذلك من المصطلحات لآداب لا حصر لها؟
إن الأدب الإسلامي حقيقة ناصعة في زمن الآداب الهلامية الهشة التي تسعى بالإنسان إلى حتفه وانهياره وطمس فطرته وإغلاق السبل أمامه، بينما يحلِّق الأدب الإسلامي بالإنسان في آفاق الإيمان والأمل والسعادة والرسالة: رسالة الإنسان في هذه الحياة، قال الله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ } (61) سورة هود.
فهذه الآية تحدِّد للإنسان أن الله تعالى هو الخالق المنشئ للإنسان في هذه الأرض فهو المستحق للعبادة والطاعة، وهو الذي جعلكم تعمرون هذه الأرض لخير الإنسان فضلاً من الله تعالى، وبما أنه هو الخالق الرازق المسخّر للإنسان كل ما من شأنه تحقيق السعادة له، فهو سبحانه الذي أرسل الأنبياء ليدلوا الإنسان على طريق الفلاح والصلاح ومنهم نبيه صالح عليه السلام، والأديب المسلم ينطلق في رسالته الأدبية في هذه الحياة من هذه الحقائق الإيمانية السامية يجلّل بها هامات أدبه ليكون أدب طموح وأمل وبناء ورقي وسعادة للإنسان في الدارين.


attamni@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
المنتدى
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved