الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th July,2005 العدد : 114

الأثنين 5 ,جمادى الثانية 1426

ثقافة الوصاية

تستبيح وسائل الإعلام المختلفة في عالم اليوم وبكل قوة وقدرة فضاءنا الثقافي بحكم أننا جزء من العالم، واستطاعت برامجها أن ترسم التأثير في سلوكنا، ولعل لوقوفنا أحياناً مكتوفي الأيدي دوراً في إعطائها الفرصة، إما لعدم مبالاتنا أو لعدم جديتنا أو لعدم إحساسنا بالخطر منها، وهذا لا يعني أنه لا توجد محاولات ثقافية وطنية محلية تشعر بذلك الخطر إلا أنها تتدارى أو تتوارى أحياناً، وتؤدي أحياناً أخرى مقاومة هذا الاعتداء بشتى الوسائل مستغلة الفرص السانحة والمتاحة ليكون البقاء قرينها والحلول في واقعنا مسلكها والقبول التلقائي سمتها.
إنَّ ثقافتنا اليوم تعاني إضافة إلى ذلك من معضلة الوصاية التي أدت إلى ثقافة الولاية أو الوكالة بموافقة وتأييد من بعض أولياء الثقافة في الميدان الثقافي، فكم شهدت منابرنا الثقافية وصفحاتنا وفضاؤنا الثقافي استباحة ببجاحة ووجها سافرا جناية هؤلاء، فجاء سمة طرحهم الثقافي عبارة عن إسقاطات لطرح الأوصياء، وإن ظهرت في عباءة وطنية لتمريرها وفرضيتها وفرضها أحياناً.. ودافع عنها أولياء الثقافة الذين غلفوها من وراء حجب وسواتر متوهمة على أنها ثقافتهم وبالتالي هي ثقافتنا، مستغلين مواقعهم الثقافية فأظهروها في أشكال متعددة.
لعلي لا أتهم أحداً بعينه في عملية الطرح التي تشم رائحتها أنها ثقافة الغير لاختلاف مزاجها ورائحتها وطعمها ولونها.. ويتلقاها ميداننا الثقافي دون اعتراض إما حياء أو تقديراً أو تهاوناً أو تجاوزاً أو عجزاً أو مجاملة أو أن بعض جزئياتها قد غُفر لها وسُمح لها بالمرور فأخذت شكلاً وجوبياً يلزمنا بالتعامل معها لا التفاعل واللبيب بالإشارة يفهم ، ومن ثم يصبح هذا الوجه الثقافي أو الصياغة الثقافية له ولاية علينا بعد وصاية لمدافعة مَنْ قدموه باستماتة عنه بحكم مواقعهم، وفي نفس الوقت جناية على ساحتنا الثقافية التي بكل تأكيد يرانا الآخرون من خلالها وأنها ذات خلل أو إعاقة ثقافية أو تباين لأنها لا تعبر عن حقيقتنا الثقافية. ولا يقف الأمر عند ذلك الحد بل طرح ما أسقط لهم في مجال وجدل في محاولة التجذير لإدخالها ضمن منظومنا الثقافي بتبني هذا النسيج الثقافي بحجج عدة حتى يصبح لذلك المنهج ولاية علينا ثقافياً فيحدث الصدام الذي يؤدي إلى تراجعنا الثقافي لانشغالنا بعملية الخلط أو الدمج مجاملة، إلا أن ثقافتنا في تركيبتها لا تقبل في نسيجها ما هو غريب عنها بالرغم من محاولة عرضها بالمقترحات أو الآراء أو المشورة أحياناً عند تقديمها دون بدائل محلية فتحل فرضية إلزامية أصبحنا عاجزين عن الجدل حولها.. لتظل الساحة أمام هذا اللون والطعم من الثقافة هي لسان حالنا لعزوف ثقافتنا عنه بل وترفعها عن الاندماج فيه أو معه أو تتفاعل معه فيصبح ذلك النمط وحيد الساحة أحياناً.
إنَّ الاستباحة لخارطتنا الثقافية تعدت على خصوصياتنا بمفاهيم عدة بحجة العالمية أو العولمة في هذا العصر، كما أسهمت وسائل بشرية ومادية ومعنوية في حلولها كبديل لثقافتنا. ولعلي بذلك الطرح أشير إلى أن ذلك ليس دعوة إلى التقوقع والانطواء والتطرف الثقافي الضدي، ولكن المستهدف هو التفاعل والتلاقح مع المحافظة على خصوصيتنا التي يغفل عنها أولياء الثقافة أحياناً وذلك بتنمية خلايا ثقافية تنمو مع الأيام إذا ما أعطيت فرصة التفاعل والبروز بكافة الأوجه وفي شتى المجالات مع الآخر، وإتاحة الفرص لكافة المهتمين بثقافتنا.. وهي أهل لذلك.
والله الموفق


د.عبدالعزيز بن عبدالرحمن الشعيل

الصفحة الرئيسة
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
المنتدى
مداخلات
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved