الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th August,2003 العدد : 24

الأثنين 13 ,جمادى الثانية 1424

على ضفاف الواقع
وهزي إليك بجذع.. الألم (1)
غادة عبدالله الخضير
البعض منا يعيش الألم..
والبعض الآخر يتحمله أو لا يتحمل قوته..
ومنا من يبقى مع ألمه في حالة تأمل..
ويقلب أوراق زمنه..
ربما يحزن..
ربما يبكي..
ربما يشتعل ألم جديد في روحه..
وربما يبتسم ساخرا..
على هذه الإفاقة المتأخرة للذاكرة..!!!
(2)
إليه وهو يعلم أنها تحتاجه لكنه لايعلم أنها تفتقده....
هادئ صوتي.. وبطيئة تلك الحركة التي أنهضها من فوق سريري هذا الأمين الذي يدوّن حكايات ألمي.. وبعض حزني، زجاجات الدواء المتراكمة تتشكل لي كرجل أكثر وفاء من أولئك الذين تسرب الزمان من حولي دون ان أعلمهم معنى صادق للوفاء فلربما صنعت لي ملجأ عند مرض أو ألم (للصدق حاولت اعترف لك لكن صوتا قديما كان يجمد فيّ الرغبة ويعمر الخوف ويصنع لي منه أقنعة قوة).
أخبرتك سابقا ان الألم يعصف بي كريح عاتية وان جسدي أصبح كقطعة قماش قديمة وربما زهيدة الثمن.. يحملها الريح/الألم في كل اتجاهات الحزن وربما في كل اتجاهات اليأس..!!
وحيدا أنا الآن ابصر التاريخ القديم.. قاسيا كنت.. وحادا.. وعنيفا.. ومخيفا.. وجافا.. ومتفضلا برحمة.. صورة يفضحها أنني الآن أكثر ضعفا من وليد صغير لم ترهقه الحياة بعد.. فهل يولد الإنسان من جديد؟؟ هل هناك مفاهيم مثل التسامح والمغفرة والصفح والحنو والرحمة يمكنها عن جدارة وقوة ان تقابل تاريخا من القوة والقسوة والخوف والعنف؟؟
وهل في جراب الذاكرة بعض ظل لشجرة غرستها ذات حذر وتفكر والآن قد أجني لها ثمراً؟
هل في الوجوه التي حولي قلوب بيضاء كحمامة يمكنها ان تغفر لي تلك الجراح التي رسمتها بدقة على صفحة صفاء أيامهم؟
هل يمنحني هذا الألم أرضاً خصبة من طمأنينة الروح؟ وهل في العمر متسع لعمر نصلح فيه ما أفسده الإحساس بدوام كل شيء؟
ألم وزجاجات دواء وسرير وعاجز وفوق كل ذلك.. الأسئة (بداية كل شيء ونهايته).. وهي عظيمة الوخز عندما تصبح رفيقة.. وحدة ووحيد..!!!
الآن أقول لك.. قصير عمر البهجة.. عود ثقاب واشتعل هذا ما تصوره الآن.. عود ثقاب هذا العمر.. ورغم ان هناك أعواد ثقاب ذكية لها ان تشعل في عمر بهجتها ألف شمعة وضياء.. إلا ان العود الذي يرقص حول نفسه فقط ينطفئ بسرعة.. وهل بعد هذا إلا الظلام..!!!
الوحدة بنيتي قاتلة.. في أول الليل هي تشبه وحشاً متحفزاً.. وفي أول النهار شيء يشبه الاحتضار مع فارق بسيط لصالح الخوف.. ذلك الفارق أجده في هذا التأمل الدقيق المنظم الملون.. لمشهد الاحتضار الذي لاينتهي.. قتلتني هذه الوحدة.. التهمت من عمري الكثير.. وحدة غريبة تلك التي عشتها وأنا بعيد عن الكل قريب من الكل.
هل كانت حساباتي خاسرة؟
أم أنني لم أفكر جيدا كيف يمكن ان يحسب الانسان منا ان ما يفعله اليوم سيكون شاخصا أمامه ذات نهار مضاء بعاطفة ما أو وفاء أو رد فعل ما كنتيجة طبيعية لخير فعله قديما؟ ظلمت نفسي كثيرا وقسوت عليها بسؤالي هذا.. أفهمك جيدا عندما تقولين ذلك مثلما أنت تفهمين أنني لا أقصد أولئك الذين يعبرون العمر دون أثر.. بالقدر الذي أقصد به أولئك الذين لي بداخلهم دم وعروق.. ولهم بداخلي عاطفة تربت على الجفاف والقسوة..!!
أيضا ظلمت نفسي؟
ما الذي يريده الآباء من أبنائهم إلا مساحة الفهم أو العذر أو التبرير أو المجاملة وربما الكذب عندما يشتعل الرأس شيبا وتصبح الكلمة الحانية هي المداوية للجرح العميق..!! لكنني أسألك قبل نوم يسكّن الألم في أجزائي، هل للتسامح أن يبرئ قلق الروح؟

++
ghadakhodair@hotmail.com

++
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved