عن أي ثقافة نتحدث؟
د. حمد بن عبد العزيز السويلم
|
تحتل كلمة الثقافة هذه الأيام دائرة الضوء بعد أن كانت متوارية في شرفة النسيان. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: ما الثقافة ما مفهومها وما حدودها.
إن الثقافة في أصل اللغة من ثقف أي حذق وفهم، وهي تعني أيضاً: التهذيب والتشذيب والتسوية من بعد اعوجاج.
وقد غدا مصطلح الثقافة من أكثر المصطلحات الحديثة إثارة للجدل وذلك أنه يقع في اهتمام كثير من ميادين البحث، خاصة تلك التي تهتم بالعلوم الاجتماعية، بيد أن تعريف تابلور المشهور هو الذي أخذ شهرة واسعة، وذلك لعموميته، فهو يرى أن الثقافة ذلك الكل المركب من القيم والمعتقدات والفلسفة والآداب والفنون وهذا تعريف فضفاض بحيث يشمل كل مناحي الحياة، بل إنه يتسع بحيث يشمل أمراً ليس من صنع الناس، وهو الدين الذي يتخذ صفة متعالية فهو يوحى إليهم.
وهذا التعريف الواسع جعل الثقافة تتخذ أنماطاً متعددة وأشكالاً كثيرة.
فهناك الثقافة الأصيلة التي تستمد من تاريخ الأمة وتراثها، وتتجانس مع قيمها وتمثِّل هويتها.
وهناك الثقافة الاستهلاكية وهي الثقافة التي تنتقل عبر الوسائل الاتصالية الحديثة وهي تكون موجهة لتحقيق أهداف ربحية، وهناك ثقافة الترفيه التي توظَّف لتزجية الأوقات والترويح عن الناس، وهي ثقافة آنية ليست بذات بعد حضاري.
وهناك الثقافة الكونية التي تسعى الدول العظمى لفرضها على العالم الثالث تحت مظلة العولمة أو النظام الدولي الجديد، وهي شذرات غير مؤتلفة مع قيمنا في الغالب، تفرض على عالمنا بطرق ذكية.
الثقافة إذن أنواع وأنماط، الأمر الذي يجعلنا نتساءل: ما نوع الثقافة التي نبحث فيها وعنها؟
إن تحديد نوعية الثقافة التي ننشدها من أهم المؤشرات على نجاح هذا الملتقى لذلك كنت أود أن تكون الجلسة الأولى من جلسات هذا الملتقى مخصصة لبلورة مفهوم وخصائص ثقافتنا المنشودة.
إننا إذا عدنا نسترجع ما تدل عليه كلمة ثقافة في اللغة العربية وهي كما رأينا ترتبط بالحذق والفهم والتهذيب والتشذيب أدركنا أن الثقافة جهد ذاتي يعبر عن وعي الأمة.
وإذا كانت الثقافة ترتبط بسلم القيم عند المجتمعات، أدركنا أن الثقافة الأصيلة والسامية والجادة والتي تتواءم مع الدين كقيمة عليا هي الثقافة المطلوبة والمنشودة في المجتمع السعودي.
* جامعة القصيم
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
