الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 11th October,2004 العدد : 80

الأثنين 27 ,شعبان 1425

(الثقافية) تتساءل عن عزلة الأكاديمي وإحجامه
عن المشاركة الفاعلة في إثراء الحركة الثقافية
* الثقافية علي بن سعد القحطاني:
تعد قضية إحجام طائفة من الأكاديميين ونقصد بهؤلاء المغمورين الذين يعملون بصمت في أبحاثهم بعيداً عن الأضواء ولم يعرفهم القارئ بعد عن المشاركة الفاعلة في إثراء الحركة الثقافية عبر الصحف والمجلات ظاهرة تستحق الدراسة والتحليل لإبراز أسباب ذلك التقصير، وما يتبعه من تأثير في تلك الحركة بصورة عامة وكان ن قبل قد أشار الأديب الكبير الأستاذ علي بن محمد العمير إلى ظاهرة عزوف هؤلاء الأكاديميين عن الصحافة قبل أكثر من عشرين عاماً في إحدى مقالاته النقدية الساخرة.
تساءل الدكتور حافظ المغربي عضو هيئة التدريس بكلية الآداب جامعة الملك سعود في البدء عن ماهية الأسباب التي تجعل أعضاء هيئة التدريس الأكاديميين يعزفون عن الكتابة في الصحف حيث نجد أنه من أمثال الدكاترة طه حسين وأحمد لطفي السيد وأحمد أمين كانوا يملأون الساحة بمجادلاتهم وخصوماتهم التي أفاد منها النقد كثيراً وأفادت منها الصحافة الحقيقية كثيراً، وهناك أسباب كثيرة جداً تجعل الأساتذة الأكاديميين يعزفون عن الكتابة إلى الصحف لعل في مقدمة هذه الأسباب عدم تفعيل ما يكتبه الأساتذة الجامعيون من قبل الجمهور القراء، وكأنهم ينظرون مستقبلاً إلى أن هؤلاء الأكاديميين
متعالون على هذه الطبقة المثقفة وبالتالي يأخذون كلامهم على أنه ماهو الا مجموعة من المصطلحات التي لا تقدم ولا تؤخر في ظل من يبحثون الآن عن وجبة هامبورجر في فيديو كليب أو في أغنية راقصة ل(شاكيرا) وما إلى ذلك، وهناك سبب آخر ودعنا نتحدث بصراحة إلى أن الاساتذة الجامعيين لا يلاقون من هذه الجرائد دعماً معنوياً لأن الرقيب دائماً سيف مسلط على رقاب من يكتبون وأذكر مثلاً أنني نشرت في جريدة ما قصيدة، فإذا بالأخ الرقيب وهو لا يدرك أنين الكلمات التي يدوسها بسيفه لا يدرك أن هذه الكلمة قد تودي بالقصيدة كاملة، فمسألة (الرقيب) هذه في مجتمعاتنا العربية التي تتسم بالبيروقراطية، ما زالت تعد مشكلة بحد ذاتها، واتساءل حينئذ عن حرية الصحافة خصوصاً إذا الأستاذ الجامعي كان شاعراً ويرسل قصيدة أو موضوعاً ثم يتعرض إلى تشويه، وهنا أؤكد مرة أخرى على أن هناك سيفاً (للرقيب) مسلطاً على الرقاب، وهناك أمر آخر وإن كان فيه حرج أنه لا بد أن يكون هناك حافز مادي إلى جانب الحافز المعنوي الأكاديمي للكتابة لأن هذا جهد فكري ومن المعلوم أن الجهد الفكري يثمن في كل مكان في العالم وفي كل دولة ونحن نسمع مثلاً أن واحداً مثلاً مثل محمد حسنين هيكل يأخذ في الكلمة اثنين دولار، وهذا حق أقل مثل ما يستحقه واحد مثل هيكل، فالجهد العلمي والفكري لابد أن يثمن مادياً وبقدر التثمين المادي تكون قيمة ما يكتب.
غياب آلية الحوار
ويرجع الدكتور علي بن محمد الحمود عضو هيئة التدريس في كلية الملك عبدالعزيز الحربية، يرجع أسباب إحجام طائفة من الأكاديميين عن المشاركة الفاعلة في الصحافة إلى طبيعة عمل الأكاديميين وما يتحملونه من أعباء علمية وإدارية تأخذ جل وقتهم، وغياب آلية الحوار والأدبية وسيادة الصوت الواحد على حد تعبيره في تلك الملاحق الثقافية والأدبية مع العلم أنه يشيد بتجربة (المجلة الثقافية) وجهودها في استقطاب مختلف الرؤى والمشارب والاتجاهات حيث يقول:
وبادئ ذي بدء لابد من الإشارة إلى الأدوار المهمة التي تؤديها الصحف في تجسيد الواقع الثقافي لأي مجتمع، فإذا أردت أن تتعرف على ثقافة أي مجتمع، فما عليك سوى تتبع الملاحق الثقافية الأدبية، وعندئذ تكون قد كونت رأياً حول ثقافة ذلك المجتمع.
ومن وجهة نظري يمكن إرجاع أسباب ذلك الإحجام عن المشاركة في الصحافة الأدبية، أو التقصير من قبل طائفة من الأكاديميين إلى أسباب عدة، منها:
السبب الأول: طبيعة عمل الأكاديمي الذي يتحمل أعباء علمية وإدارية تأخذ جل وقته فلديه المحاضرات وتقويم الطلاب، والإشراف على الرسائل العلمية، وحضور الاجتماعات الدورية للأقسام العلمية، وتتضاعف أعباؤه إذا كان يتولى أعمالاً إدارية في الجامعة. وهناك أيضاً مشاريعه البحثية العلمية المتمثلة في الأبحاث والدراسات وحضور الندوات، ومتابعة آخر المستجدات العلمية المتصلة بتخصصه الأكاديمي. ومع كل هذه المشاغل لديه واجباته الأسرية والاجتماعية فكيف يتسنى له أن يشارك بفعالية، وبصورة تليق بمكانته العلمية؟
السبب الثاني: وهو خاص بطبيعة الملاحق الثقافية والأدبية وتوجهاتها فالمتتبع لطبيعة ما ينشر في كثير من تلك الصفحات والملاحق يلحظ أنها غالباً تتبع توجهات المشرفين عليها والعاملين فيها، ومن ثم فهي تعمل على استقطاب اصحاب التوجهات المتفقة مع توجهاتها، وتعطيهم المساحة والحرية للتعبير عن آرائهم، أما الطرف الآخر فلا تتاح له المساحة نفسها، وهذا الأمر أثر في الحركة الأدبية والثقافية في بلادنا، إذ خفت بريقها، وافتقدت بعض الإثارة والمصداقية، لأنها لم تعد تعبر عن واقعنا الثقافي والأدبي تعبيراً دقيقاً، فلا يوجد سوى صوت واحد، ووجهة نظر واحدة، وهذا مخالف للواقع الثقافي، وهو أيضاً لا يخدم الحركة الثقافية في مجتمعنا.
وفي هذا السياق أشير إلى فترة سابقة من تاريخ الحركة الأدبية في بلادنا، حيث اسهمت الصحافة بصورة كبيرة في إثراء تلك الحركة، عن طريق فتح الباب على مصراعيه أمام الاتجاهات المختلفة للتعبير عن آرائها بكل شفافية، وخير مثال على ذلك المعارك الأدبية التي قامت في تلك المرحلة بين الرواد مثل: (العواد، العطار، وحسن شحاتة، وغيرهم)، إذ احتضنت الصحافة تلك المعارك الأدبية، وفتحت المجال أمام جميع الآراء، وبذلك كانت وما زالت إلى يومنا هذا تلك الملاحق والصفحات من أهم مصادر دراسة الأدب السعودي أما في هذه الأيام فقد افتقدنا ذلك.
ومن هذا المنبر أدعو القائمين على الملاحق الثقافية والأدبية إلى فتح الباب لجميع الآراء والاتجاهات، لأن ذلك سيثري الحركة الثقافية في بلادنا وسيدفع طائفة كبيرة من الاكاديميين والمبدعين إلى المشاركة في الكتابة. مع التأكيد هنا على أهمية التزام الموضوعية من المجتمع، والبعد عن التجريح الشخصي، وهذا من وجهة نظري الشخصية سيجعل صفحاتنا الادبية معبرة عن واقعنا الأدبي: إبداعاً ونقداً.
وفي هذا المقام لا يسعني الا أن اشيد بجهود المجلة الثقافية في عامها الثاني، التي تصدرها مؤسسة الجزيرة الصحفية كل إثنين، إذ يلحظ المتابع أنها تحاول استقطاب مختلف الاتجاهات وآمل من القائمين عليها بذل المزيد من هذا السياق، حتى تعبر عن واقعنا الأدبي والثقافي الثري بصدق، وتسد النقص والفراغ في هذا المجال، وهذا هو المرجو من القائمين عليها.
وختاماً أرى أن تحرص الملاحق الأدبية والثقافية على استكتاب تلك الشريحة المثقفة المهمة، وأن تفعل أو توجد الحوافز المعنوية أو المادية التي تدفعهم إلى المشاركة وعلى الأكاديميين أن يستشعروا أهمية تلك المشاركات وأن يخصصوا لها بعض وقتهم، لأنها تسهم في إثراء ثقافة المجتمع وتعرف بهم في الأوساط الثقافية والاجتماعية.
المشاركة الحية
ويرى الدكتور أحمد صبرة عضو هيئة التدريس بكلية الآداب، جامعة الملك سعود أن مقولة (إحجام الأكاديميين عن المشاركة الفاعلة في إثراء الحركة الثقافية، بالصحف) مردود عليها خصوصاً وان الأكاديمي يحرص كل الحرص على نقل أفكاره ورؤاه النقدية والفكرية من كتبه والعمل على إحيائها وتوصيلها إلى أكبر عدد من القراء وهذا لا يتوفر إلا من خلال الصحافة.. وقديماً كان للأكاديميين دور كبير في المشاركة الفاعلة في إثراء الحركة الثقافية وعلى رأسهم الدكتور طه حسين الذي كان ينشر كل مقالاته في الصحف السيارة ثم جمعها فيما بعد في كتاب مستقل اسماه (حديث الأربعاء) وهو اليوم قد اثبت (الأكاديمي) تواجده من خلال المشاركة الحية في تلك الصحف ويرى الدكتور أحمد صبرة أن مجال النشر في صحف المملكة يكون أوسع والمجال يكون أرحب بالنسبة للأكاديمي مقارنة بمثيلاتها من الصحف العربية والدولية.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved