الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 11th October,2004 العدد : 80

الأثنين 27 ,شعبان 1425

القشعمي.. وسليمان الدخيل
قُدِّر لي أن أقرأ مؤلَّف الأستاذ الفاضل محمد عبد الرزاق القشعمي عن سليمان بن صالح الدخيل الصحفي، المفكِّر، المؤرخ.. ولا غرابة من القشعمي في أن يتجشم وينطلق في هذا الميدان.. فله بدايات عدَّة.. وآخر ما قرأتُ له (ترحال الطائر النبيل) عن المرحوم عبد الرحمن منيف.. همة يدفعها الحب لهذا الوطن وأبنائه حتى لو كانوا خارجه ميلاداً وتعليماً.. سليمان الدخيل من أبناء هذه البلاد الكريمة، من (بريدة) العزيزة.. ومن أسرة كريمة.. استطاع أن يشق طريقه في التعليم وبعصامية نادرة في تلك الأزمنة.. التي يعسر على الكثيرين فكُّ الخطر.. طوَّر معلوماته.. حتى أوجد لنفسه مكانة عالية..
الصحافة وقتها في العراق الشقيق.. وعالمها المحفوف بالمخاطر اقتحم الدخيل ميدانها غير مبالٍ كصاحب مبدأ نبيل رغم المصاعب والانكسارات، وحياة الشظف والأسفار.. والخوف من السلطة في العراق.. حياة حافلة تشد المتتبع لحياة هذه الشخصية الفذة في ذاك الزمن.
الأستاذ محمد القشعمي أماط اللثام عن شخصية تكاد أن تكون مجهولة لدى الكثيرين عامة، والبحَّاثة خاصة.. أن يكون أول صحافي من هذه البلاد، وإن كان خارجها.. فهو أول صحفي ومفكِّر ومؤرِّخ.. خاض غمار الصحافة.. وأوجد لنفسه مكانة.. فأوجد صحيفة (الرياض) ومجلة الحياة.. بعد جني ثمار ثقافة واسعة.. ونباهة في استخدامها.. إنه العصامي النادر بذاك الزمن.. إنه أعجوبة من الأعاجيب!
عافت نفسه أن يكون مثل مَن حوله كاتباً لتاجر.. عند فلان.. أو بذمة علان.. أو ليعلم به من يراه بأن عندنا كأساليب ذاك الزمن.. إنها حياة إنسان له تطلعات كثيرة.. وكتب كثيراً.. لكن الأقدار لم تمهله أن يكمل مشواره وما يتطلع إليه.. وآن الأوان أن يترجل هذا الفارس المحب لبلاده وأمته العربية، لكن المنية لم تمهله. نعم المنية لم تمهله بعد أن صال وجال في كتاباته المتعددة عن نجد وما حولها.. وعن المدن العراقية.. إلخ.
أعجبني جداً جهد ولوذعية أستاذنا القشعمي في دقة البحث والتحري واستقاء المعلومات الموثقة.. أكثر من ثمان صفحات من المراجع.. داخل بلادنا وخارجها.. علاوة على المقابلات الشخصية.. وأتت شروحاته موفَّقة بعيدة عن المساس بالمعنى.. الأستاذ القشعمي بجهده المشكور في هذا الإنجاز الذي لا يُشكُّ أنه بدافع وطني يُكنُّ لهذا الوطن كل الحب.. هذا الإنجاز ليطلع عليه الجميع، فاجتهد بحق، ولكل مجتهد نصيب. وما على البحاثين إلا أن يحققوا، وأنا كقارئ أبعد ما أكون عن النقد والتحكيم، فنحن في زمن يصعب علينا أن نقول عن شيء لم نعاصره، وإن كان للشيخ حمد الجاسر رحمه الله رأيه في الأستاذ سلمان صالح الدخيل في تعليقه في كتاب القول السديد ملحقاً بكتاب ضاري الفهيد الرشيد (نبذة تاريخية عن نجد) منشورات دار اليمامة كما مرَّ بي من سنوات.. وللشيخ حمد رأيه فيما قيل له عن الأستاذ الدخيل.
رحل الأستاذ سليمان الدخيل بعد أن ترك إرثاً ثقافياً يتسم بالريادة والإمساك بأكثر من زمام لنواحٍ معرفية (صحافة وفكر.. وتاريخ)، أعطى كل ما لديه من جهد.. ونال ثناءً في العراق الشقيق من رجالات العلم والمعرفة في زمانهم.. ولعل للأستاذ الدخيل العذر في انتهاب الوقت ليطلع القارئ عن نجد وما حولها.. وحدود إماراتها وقبائلها.. وكذا الخليج.. إنه أقام صُوًى ليستدلَّ بها الباحث والقارئ في هذه الأيام مع توافر المعلومات.. في زمن عزَّ فيه الاتصال بتلك الأيام.. ولا يُستهان بما أنجزه الأستاذ سليمان بن صالح الدخيل.. وأجزم أن الدافع لما صال وجال به في ميادين عدَّة هو حبُّه لبلاده هنا.. ولأمته العربية والإسلامية.. فمن خلال ما قرأته عنه في ثنايا هذا الكتاب فالدخيل عروبي النزعة.. سلفي العقيدة.. أنجز الشيء الكثير وانتقل إلى رحمة الله.
وأنا من خلال هذه الأسطر المتواضعة أشدُّ على يد الأستاذ الفاضل محمد عبد الرزاق القشعمي في إنجازه هذا عن الأستاذ الدخيل... وآمل أن يواصل هذا النهج عن آخرين من أصول وأرومة هذه البلاد.. ومن القدامى من أهل البلاد الذين أكملوا مشوارهم وغادروا هذه الحياة بهدوء.. بلادنا غنية بالرجال الفضلاء من روَّاد كُثْر تركوا بصماتهم التي يجب ألاَّ تمحوها الأيام.. بعد أن يعلوها غبار النسيان.


عاشق عيسى الهذال
حائل ص ب: 7004

الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved