الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th December,2006 العدد : 180

الأثنين 20 ,ذو القعدة 1427

مع الوالد الشيخ
فيصل بن عبد الرحمن بن معمر *

الحديث عن رموز هذا الوطن تعتريه شهادة قد تكون مجروحة، وبالرغم من ذلك سأمضي في رسالتي التي أود إيصالها من خلال هذا المنبر الكريم بالحديث عن هامة ثقافية وفكرية وسياسية سعودية، استطاع أن يبرز منهجه ويرسخ لثقافته ومعارفه التي تشرّبها خلال رحلته الطويلة في خدمة هذه البلاد المعطاءة.
إنه معالي الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري، أحد الخبرات الوطنية والمدارس الفكرية والإدارية التي تتلمذت على يديه سواء في رحاب مدرسة الحرس الوطني الكبرى برئاسة سيدي خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - أم في رحاب مكتبة الملك عبد العزيز العامة اللتين تشرفت بالانتساب لهما..
عرفته.. رجل مروءة وإخلاص ومحبة.. عطوفاً كما يجب للعطف أن يكون ودوداً كما يجب للود أن يكون..، باشاً وصادق السريرة كما يجب للصدق أن يكون تكمن شخصيته في عطفه وطيبته وصدق سريرته..
وعندما أتحدث عن شخصية بحجم معالي الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري وهو يلتحف السرير الأبيض - شفاه الله وعافاه -، فإنني حتما سأتحدث عن عبد العزيز التويجري (الإنسان) الذي عندما تعمل معه أو تناقشه أو تحاوره أو حتى تنصت لنصيحته أو عتابه أو توجيهه، فإنك لا محالة ستخرج هانئ النفس، باش السريرة، ما يجعلك تتساءل: ما سر هذه القدرة العجيبة التي دفعتك باتجاه ذلك؟ ولكن سرعان ما تتذكر أنه أحد رموز جيل المؤسسين، الذي نشأ وترعرع في مدرسة الملك عبد العزيز - طيّب الله ثراه -، ثم مدرسة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - حيث عاصر معاليه نهضة وتطور الحرس الوطني بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - وشارك في تنفيذ الخطط والبرامج والسياسات، لتطوير الحرس الوطني وتحديث تنظيماته في كافة مجالاته العسكرية والإدارية والصحية والتعليمية والثقافية، كما عاصر معاليه بدايات انطلاق المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي ينظمه الحرس الوطني سنويا على مدار نحو ربع قرن وحرص على الإشراف على برامجه ومنتدياته الثقافية.. والندوات التي يتواجد فيها ويطرح فيها تجاربه ورؤيته، وكذلك مكتبة الملك عبد العزيز العامة.
رسم معالي الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري لنا ملامح هذه المدرسة في الكثير من الممارسات والأعمال التي يقوم بها بين وقت وآخر، باستناده على رصيد ضخم من الخبرات والمعارف التي اكتسبها من ملازمته لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - في الحرس الوطني، والإرث الكبير الذي اكتنزه خلال حياته التي تجاوزت عقدها التاسع، أمدّ الله في عمره، فضلا عن مساهمته الأدبية والثقافية بما ينشره من مفاهيم وقيم، رغم أنه لم يختلف إلى مناضد المدارس والمعاهد والجامعات.
ولكن بعزيمته وإصراره وبما حباه الله تعالى من فطنة وذكاء كبيرين استطاع أن يصنع (نفسه) بنفسه ويؤهلها حتى صنع لنفسه فكرا وتوجها أو ما اصطلح على تسميته ب(الشخصية) التي ميزته عن الآخرين.. حدث ذلك في وقت عزّ فيه وجود مدارس، وندرت فيه المكتبات وافتقدت مقومات المدنية الحديثة فضلا عن شظف العيش وبعد الرفاهية..
القاصي والداني يعرف عن الوالد الشيخ عبد العزيز التويجري (الإنسان)، وامتداد تواصله مع القبائل المتواجدة في المدن والبوادي والهجر وكان دوماً ومازال سباقا للعمل الإنساني والتطوعي.. يستثمر علاقته في تحقيق المساعدة لأبنائها وقد رسخ الشيم العربية الأصيلة في هذا التعامل، ولعل ذلك ما يدهش البعض عندما ربط جميع مؤلفاته ببيئته وإعطاءها زخما خاصا وبعدا وطنيا أسهم بلا شك في ترسيخه لتكون أحد معالم جوانب هذه المدرسة الوطنية الأصيلة. وظلّ الشيخ الوالد عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري ومازال منذ أكثر من أربعين عاماً مؤمناً بهذا الوطن، مسكونا بقضاياه المُلحمة، مشغولاً بأبنائه، حريصا كل الحرص على أعطاء الصورة الإيجابية المعبرة بصدق عن واقع مجتمعنا لكل زائري المملكة وضيوفها الذين يحرصون على زيارته والاستئناس بآرائه، فيجدون عنده الإجابة عن أسئلتهم واستفساراتهم.
ومن خلال صحبتي لمعالي الأستاذ الوالد على مدار أكثر من عشرين عاماً - كما عرفته عن قرب ويقين رأيته وهو من هو (الأديب)، و(المثقف) راغبا في البعد عن (صخب) الإعلام.. (زاهداً) في عالم الأضواء والشهرة (سعيداً) بالبعد عن المكانة البارزة التي يجب أن يتبوأها ويسكنها.. ظل وفيا لأبنائه وتلاميذه، يلقي عليهم دروسه الحكيمة والرزينة.. بذاكرة قوية وذكاء حاد..، لدعم تماسكهم الروحي والفكري والنفسي بصدق حديثه وصوت متميز في غاية الألفة، ليس بالنسبة لقطاع الحرس الوطني أو مكتبة الملك عبد العزيز العامة ذلك المشروع الخيري الذي أسسه ويرعاه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - بل وبالنسبة لمعظم القيادات الإدارية الوطنية أيضاً.
يحرص الوالد الأستاذ دوماً فيما يطرح من آراء وأفكار على أن يحث أجيالنا الجديدة على القيام بحمل الأمانة التي حملها الآباء والأمهات، محدداً هذه الأمانة في (الوطن) كمفهوم وقيمة، فالوطن ظل ومازال يحتل مكان الصدارة في دروسه التربوية والأخلاقية.
ولذلك لم يكن غريباً أن يتجاوز دوره محليا إلى الدور الإقليمي العربي والإسلامي، عندما يضطلع بدوره الحضاري انطلاقا من مكانته ومن خلال الإرث الكبير الذي اكتنزه خلال حياته المديدة بإذن الله وتشرّبها من القادة العظام لهذه البلاد المعطاءة.
وعلى مدى الأعوام أثبت الوالد الأستاذ أنه ضمير للوطن ووفاء وإخلاص لتطلعات قيادتنا الحكيمة الوحدوية والنهضوية، وكانت كلماته وما زالت معبّرة على الدوام على أنه امتداد لأولئك الرواد من جيل المؤسسين وتتمة لجهدهم كحملة مشاعل وحدتنا الوطنية.
وهذا دعائي للوالد والمعلم، صاحب القلب الواسع والروح السمحة، والحريص على أداء الواجب مع رفعة في الخلق وسمو في الشمائل، وهو يلتحف السرير الأبيض أن يمن الباري تعالى عليه بالشفاء العاجل وأن يسبغ عليه أثواب الصحة والعافية، ليواصل عطاءه ويستمر في خدمة دينه وخدمة هذه المملكة العزيزة في ظل عهد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله.. إنه سميع مجيب.


* المستشار بالديوان الملكي
المشرف العام على مكتبة الملك عبد العزيز العامة


الصفحة الرئيسة
عدد خاص
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved