الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th December,2006 العدد : 180

الأثنين 20 ,ذو القعدة 1427

قلعة من الأدب والفكر والثقافة
د.عبدالرحمن بن سبيت السبيت*

عندما تريد أن تتحدث عن شخصية وطنية أمضت عمرها في خدمة دينها ومليكها ووطنها، فإنك تحتاج إلى التوقف طويلاً لتستطيع الولوج إلى منافذ هذه الشخصية الفذة، ليس ندرة في معلومات، أو قلة في المواقف والأحداث، أو غموضاً في هذه الشخصية، وإنما أنت أمام قلعة في الأدب والفكر والثقافة والسياسة والاجتماع.
إن شخصية الوالد الكريم معالي الأستاذ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري هي مدرسة بذاتها تنهل من معينها ما طاب لك أن تنهل، تجللها الشهامة والكرم والشجاعة وبعد البصيرة والنظر، والتفاني في خدمة الدين والوطن، ومساعدة الغير، ورأب الصدع، وجمع الكلمة وتضييق مواقع الشتات والتفرق على مستوى الخريطة العربية.
عرفت معالي الشيخ الكريم منذ عشرات السنين، وسمعت من الناس في شتى مناطق بلادنا الغالية الثناء العطر والمديح الفطري والرضا المتكامل عن هذه الشخصية التي أوكل لها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رعاه الله- موقعاً متميزاً في إدارة وتوجيه شؤون الحرس الوطني، فكان عند حسن ظن مليكه، ساهراً ومتابعاً ومشاركاً لتطوير وبناء هذه المؤسسة العسكرية الحضارية التي أصبح يشار إليها بالبنان بحمد الله تعالى.
ومنذ ما يزيد عن 25 سنة تشرفت بخدمة المؤسسة العسكرية الناهضة الحرس الوطني تحت الرعاية والتوجيه الكريم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وتلك الصفوة المختارة من الرجال الموكلة بالإشراف والتطوير والنهضة لمنسوبي الحرس الوطني، حيث انتقلت من جامعة الملك سعود - كلية التربية - لأعمل وكيلاً للشؤون الثقافية والتعليمية فيها ومشرفاً في كلية الملك خالد العسكرية التي أنشئت عام 1403 هـ - 1983م، ثم وكيلاً للشؤون الفنية لسنوات أخرى، وإلى ما أنا عليه الآن بوكالة الحرس الوطني.
ربع قرن من الزمان بعد أن أخذ الزمان على الإنسان وقتاً سابقاً من الخبرة وعراك الحياة والمسؤوليات المتنوعة التي توليتها قبل أن انتقل إلى هذه المؤسسة العسكرية المباركة، وأقولها بحق إن هذه المواقع والخبرات التي اكتسبتها قبل مجيئي إلى الحرس الوطني كانت حصيلة جيدة لأتعرف عن كثب وبعلاقة مباشرة مع هذا الرجل القدوة، هذه القامة الثقافية الفكرية الأصيلة، هذا الرجل الذي يشع الأمل والنظرة المتفائلة إلى المستقبل من كل جوانحه وعقله وأفكاره.
لقد كنا نجد فيه: الأخ الكبير بل الوالد الحريص على سير العمل وتقدمه والسهر عليه ومتابعاته وتوجيهاته، نجده البلسم الذي يداوي المصاعب والمهمات، يحمل على نفسه أكثر مما يحملك ويطلب منك، يجتمع بكبار مسؤولي قطاعات الحرس الوطني باستمرار، يتابع أخبار منسوبي الحرس وواقعهم وحاجاتهم، أبوابه مفتوحة للقاصي والداني. تعلمنا منه الكثير: الأمل، الصبر، المثابرة، العمل المتواصل، الإخلاص للقيادة الحكيمة، ونظرته العربية الإسلامية، دعوته إلى التآلف والمحبة في الداخل وعلى مستوى الخريطة العربية الإسلامية.
ولعل الشاعر العربي الأصيل يقصد معالي الشيخ عبدالعزيز وأمثاله حين قال في قصيدته:
وكم رجل يد بألف رجل
وكم ألف تمر بلا حساب
لعلي في هذه المقدمة السريعة قد قدمت كلمات توفي بحق هذا الشيخ الجليل ومقامه في نفوسنا وقلوبنا التي تربع واحتل جزءاً كبيراً منها، فحياه الله تعالى، وأطال في عمره المديد ليواصل مسيرة العطاء والإخلاص للدين والمليك والوطن.
والآن لتسمحوا لي أن أقدم لكم نماذج عملية ملموسة مما عشته ولمسته وعملت في معيته، والتي طالت كافة قطاعات وأجهزة الحرس الوطني في بلادنا الغالية، ولهذا سأضع أمامك أخي القارئ بعض المرئيات:
1- لقد التحق معالي الأستاذ عبدالعزيز في خدمة الدولة منذ ما يزيد عن سبعين عاماً كانت بصمات الخبرة وآثاره الطيبة تظهر على ما يوكل إليه من مسؤوليات ومهمات.
2- عهدت القيادة الحكيمة منذ ما يزيد عن 40 سنة لمعاليه موقعاً متميزاً في الحرس الوطني، فقام بهذه المهام على أحسن وجه وأكمل صورة، فقد أدرك مبكراً توجيهات ورغبات القيادة الحكيمة في تطوير هذه المؤسسة العسكرية بشكل يتلاءم وهذا النمو المتصاعد في كافة أجهزة الدولة.
3- تشرف معاليه بأن يكون أحد المرافقين الأساسيين لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في رحلات الخير والوفاق والمصالحة التي يقوم بها في العديد من دول العالم.
4- كثيراً ما كان خادم الحرمين الشريفين يعهد إليه بمهمات داخل الوطن وخارجها في سبيل بث الخير، والوفاق والائتلاف ونبذ الفرقة والخلاف، وكان معاليه عند حسن ظن مليكه فيه لجميع هذه المهمات، وقد تشرفت بمرافقة معاليه في بعض منها.
5- من هذا كله وعلاوة على رصيده الشخصي تمكن معاليه أن يقيم علاقات طيبة ومتميزة مع عدد كبير من القيادات ومراكز الحكم في البلاد العربية لما يعمل على جمع الكلمة بائتلاف القلوب وتصافي النفوس، وقد أكد قادم الأيام تفوقه في هذا المجال.
6 - أدرك معالي الاستاذ عبدالعزيز مبكراً بأن القيادة الحكيمة ترغب في أن يصل الحرس الوطني بجناحيه العسكري والحضاري إلى مستوى لائق بمكانته وببلادنا الغالية، وأن تكون هذه المؤسسة العسكرية حضارية بكل ما في هذه الكلمة من معانٍ.
7 - من هنا راح يتابع بهدوء وبصيرة مع قيادات الحرس الوطني العسكرية، ومع قيادات القطاعات والأفواج والألوية في أنحاء المملكة خطط التطوير والتنمية التي وضعت من القيادة الحكيمة لاستكمال هذا التطوير والبناء سواء في ميادين التدريب، أو الإعداد الشخصي أو التزويد بالمعدات والسلاح اللازم لهذه المؤسسة أو ما يحيط بهذا كله.
8- تلازمه مع هذا التطوير والتنمية العسكرية بكافة أوجهها وتلك التوجيهات السامية السديدة، أدرك معاليه الحاجة الماسة لمنسوبي هذه المؤسسة المباركة للأخذ بيدهم في ميادين الثقافة والتراث والتعليم فكان أن انتشرت مدارس البنين والبنات، الابتدائية والمتوسطة والثانوية على أحدث طراز واستكمال مستلزماتها الحديثة وأنشئت كلية الملك خالد العسكرية لتخريج الضباط العاديين والجامعيين وكذلك مدارس ومعاهد تحفيظ القرآن الكريم.
9- جاء التوجيه السامي الكريم ليوجه ويتابع هذا التطوير والنمو في قطاعات الحرس الوطني، بإقامة المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي أصبح أحد معالم نهضتنا البارزة والصوت السعودي المتزن، حتى أجمع مثقفو العرب وغيرهم بأنه (عكاظ العرب الجديد) وأحد أبرز المهرجانات في سمائنا العربية.
10 - كان يوجه ويحرص بشدة على أن تلتقي الصفوة من المفكرين والأدباء مع راعي المهرجان الوطني وصاحب فكرة تأسيسه، في هذا العالم الذي اختلطت فيه الأوراق وهوجمت الثقافات والهوايات، أن يلتقوا مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ويستمعون مستمتعين إلى رعايته وتوجيهاته السديدة وحرصه على الثقافة العربية الإسلامية كمصدر هام في الثقافات العالمية وإلى تنمية الحوار بيننا وبين الآخر ويتم ذلك في جو من الإخاء والمحبة وشوق اللقاء يشملهم -أطال الله عمره- بكرم ضيافته العربية الإسلامية حيث يتناولون طعام الغداء على المائدة الملكية الكريمة يحيط به العلماء والأدباء ورجال الفكر والسياسة والاقتصاد من دول الخريطة العالمية. إنه لمشهد طيب يذهب به أصحابه إلى بلاده شاكرين وعارفين هذا التطوير والتقدم الذي حققته المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله.
11 - التنظيم والتطوير هو هاجس معالي الشيخ وديدنه الذي يؤكد عليه لينمو العمل ويتكامل ويؤتي ثماره يانعة مباركة.
وقد ظهر ذلك جلياً في كافة أجهزة قطاعات الحرس الوطني سواء الشؤون العسكرية منها أو الشؤون الثقافية، أو الشؤون الدينية أو الرعاية الصحية التي تخطت بأعمالها وسمعتها الآفاق لتحظى بموفور الصحة والعافية على العديد من الدول العربية والإسلامية وغيرها، مما جعلهم يلهجون بعظيم الثناء والتقدير على المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة.
12- لقد كان لمعالي الأستاذ عبدالعزيز التويجري دور كبير في رفد المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات التي جاءت عن هذه الثقافة الواسعة لمعاليه وتلك التجربة التي لا تماهى، وهذا الموقع الذي يقوم به في خدمة الوطن، وبالتالي فإن الدارس لها المتمعن بها يجد تلك الفوائد الجمة: من فطرة صافية ودعوة إلى التضامن والتآخي وإحياء التراث العربي الأصيل، ومفاهيم التربية والشهامة والعزة والكرامة وتاريخ الأمة.
هذه لمحات متواضعة وسريعة عن سيرة ذلك الرجل العبقري الذي نذر نفسه لخدمة دينه ومليكه ووطنه، والإسهام بكل جهد ومقدرة على تطوير وتنمية مؤسسة الحرس الوطني الحضارية.
وإننا إذ نسجل هذه الحقائق إنما نؤكد على ما تكنه أفئدتنا وعقولنا عن عظيم التقدير والامتنان لهذه القامة التي تعلمنا منها الكثير من مواقع المسؤولية المتعددة أو من لا يشكر الناس ويقدرهم لا يشكر الله تعالى.
حفظ الله معالي الشيخ عبدالعزيز وأمد في عمره ليتواصل العطاء وتستمر الثمار بإذن الله.


* وكيل الحرس الوطني


الصفحة الرئيسة
عدد خاص
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved