الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th December,2006 العدد : 180

الأثنين 20 ,ذو القعدة 1427

محطات في سيرته الكُبرى!
محمد بن عبدالله السيف

يمثل الشيخ عبدالعزيز التويجري ظاهرة فريدة ومتميزة في مسيرتنا الثقافية والفكرية، وربما عُدّ المثقف السعودي الأبرز، الذي توقف في دارته وحطّ الكثير من المفكرين والمثقفين والباحثين والصحافيين العرب على اختلاف توجهاتهم وآرائهم، يحاورونه ويناقشونه في قضايا التاريخ والأدب والفكر، التي اشتغل بها وانشغل عليها، وإلى جانب ذلك، فهو أحد رجالات الإدارة السعودية، منذُ أن انخرط فيها موظفاً قبل 70 عاماً. وتلبيةً لدعوة كريمة من أخي العزيز الأستاذ إدريس بن عبدالله الدريس، نائب رئيس التحرير، للمشاركة في هذا العدد المُخصّص للاحتفاء بالأديب الكبير، أعرض لشيء من سيرته ومسيرته، مما هو مُستخلص من قراءتي لكتبه، ومتابعتي لما ينشره، ومحاورتي إيّاه ونقاشي معه في قضايا التاريخ والشعر النبطي والثقافة العامة.
- ولد في حوطة سدير سنة 1336هـ، ومن ثم انتقل إلى المجمعة وعمره ست سنوات.
- بدأ عمله متطوعاً في صفوف جيش الملك عبدالعزيز، رحمه الله.
وفي عام 1350هـ عين مشرفاً على بيت مال المجمعة وسدير والزلفي بأمر من جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله-.
- وفي عام 1357هـ عين رئيساً لمالية المجمعة وسدير والزلفي بأمر من جلالة الملك عبدالعزيز - رحمه الله - .
- وفي عام 1381هـ عين وكيلاً للحرس الوطني بموجب المرسوم الملكي رقم 6-21-2322 بتاريخ 28-5-1381هـ.
- وبتاريخ 4-7-1395هـ صدر المرسوم الملكي رقم أ - 108 وتاريخ 4-7-1395هـ بتعيينه نائباً لرئيس الحرس الوطني المساعد بالمرتبة الممتازة.
- وبتاريخ 5-7-1397هـ صدر الأمر الملكي رقم 1-177 بتعيينه نائباً لرئيس الحرس الوطني المساعد بمرتبة وزير.
- عضو مجلس الأمن الوطني، اللجنة التحضيرية بالمجلس الصادر بالأمر رقم 1659 -8 وتاريخ 14-10-1399هـ.
- عضو مجلس القوى العاملة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م - 31 وتاريخ 1-8-1400هـ.
- عضو المجلس الأعلى للدفاع المدني الصادر بالمرسوم الملكي رقم م -10 وتاريخ 10-5-1406هـ.
- نائب رئيس مجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز بالأمر الصادر رقم 2429 وتاريخ 28-5-1407هـ.
- نائب رئيس اللجنة العليا بالحرس الوطني الصادر بالأمر رقم 87-م وتاريخ 22-7-1411هـ.
- عضو اللجنة العليا لإعداد النظام الأساسي للحكم الصادر بالمرسوم الملكي رقم أ - 90 بتاريخ 27-8-1412هـ.
- عضو اللجنة العليا لإعداد نظام مجلس الشورى الصادر بالمرسوم الملكي رقم أ - 91 وتاريخ 27-8-1412هـ.
- عضو اللجنة العليا لإعداد نظام المناطق الصادر بالمرسوم الملكي رقم 100 -92 وتاريخ 27-8-1412هـ.
- نائب رئيس هيئة الإشراف على مجلة الحرس الوطني.
- كرسي الزمالة باسم الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية، ويعني ذلك توفير منح دراسية للطلاب المتفوقين من مختلف أنحاء العالم للدراسة في جامعة هارفارد وبالأخص طلاب العالم الإسلامي والعربي.
- شهادة تقدير من جامعة جورجيا الحكومية بالولايات المتحدة الأمريكية كإحدى الشخصيات المشاركة بالدراسة المتعلقة بصانعي القرار الإستراتيجي.
- نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للتراث والثقافة.
- حصل على عدد من الأوسمة والميداليات.
- قام بمشاريع خيرية داخل المملكة وخارجها.
- تم إنشاء قاعة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري بمركز الأبحاث والكبد بجامعة لندن.
- هوايته القراءة ورياضة المشي.
- شارك في معظم رحلات خادم الحرمين الشريفين منذ عين رئيساً للحرس الوطني سنة 1384هـ إلى مختلف دول العالم.
- شارك في كثير من مؤتمرات القمة الخليجية والعربية والإسلامية والدولية.
- شارك في الكثير من الندوات الفكرية في المملكة وخارجها.
- له مراسلات وعلاقات صداقة مع معظم الشخصيات العالمية والعربية والسياسية والثقافية.
* من مؤلفاته:
1- في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء، القاهرة - المكتب المصري الحديث - الطبعة الأولى عام 1979م.
في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء بيروت - دار الساقي - الطبعة الثانية عام 2004م.
2- حتى لا يصيبنا الدوار (رسائل إلى ولدي) لندن - الدار العالمية - 1403 - 1983م.
3- منازل الأحلام الجميلة (رسائل إلى ولدي) لندن - الدار العالمية - 1403هـ - 1983م.
4- حاطب ليلٍ ضجر (في جزءين) القاهرة - دار الشروق - 1987م.
5- أبا العلاء ضجر الركب من عناء الطريق، الرياض - مطبعة الفرزدق - 1410هـ -1990م.
6- خاطرات أرقني سراها، الرياض - مطبعة الفرزدق - 1411هـ - 1991م.
7- لسراة الليل هتف الصباح (الملك عبدالعزيز دراسة وثائقية) - بيروت - دار الريس، 1997م، وتعددت طباعته ست طبعات.
8- ذكريات وأحاسيس نامت على عضد الزمن - بيروت - دار الساقي 2000م.
9- رسائل خِفْتُ عليها الضياع - بيروت - دار الساقي 2001م.
10- عند الصباح حمد القوم السري (الملك عبدالعزيز دراسة وثائقية) الناشر - بيروت - دار الساقي 2004م.
11- أجهدتني التساؤلات معك أيها التاريخ - بيروت - دار الساقي 2002م.
12- ركب أدلج في ليلٍ طال صباحه - بيروت - دار الساقي 2006م.
13- الإنسان رسالة وقارئ - بيروت - دار الساقي 2006م.
14- رسائل وما حكته في بيتي - بيروت - دار الساقي 2006م.
في وهاد ومرتفعات المجمعة وسدير:
قبل مائة عام وعام، أي في عام (1326هـ) انضمت مدينة المجمعة إلى حكم الملك عبدالعزيز ودخلت في رداء الدولة السعودية، التي بدأت في التشكل حينذاك، وبعد هذا الحدث المهم في تاريخ المدينة، عاد بعض أعيانها إليها بعد أن غادروها مكرهين، وكان من ضمن العائدين أحد وجهائها وأعيانها المشاهير، وهو الشيخ عبدالمحسن بن محمد التويجري، الذي عاد إليها قادماً من العراق، ليباشر عمله في العهد السعودي الجديد مديراً لمالية المجمعة وسدير، وبعد أربعة عشر عاماً من هذا الحدث، كانت (المجمعة) على موعد مع مولد أحد أبرز أبنائها النابهين، الذي ستقدمه ليكون أحد رجالات الدولة المخلصين وأحد رموزها المثقفين.
كان هذا هو عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري، الذي خطا أولى خطواته على هضاب ووهاد المجمعة وعاش في كنف ورعاية والده، الذي لم يمهله القدر طويلاً ليُسر برؤية أبنائه وهم يساهمون في خدمة دينهم ووطنهم ومليكهم، إذ اختطفه الموت على ساحل الخليج العربي، عائداً من الدكتور ديم، بعد أن وجّه الملك عبدالعزيز بعلاجه لديه في البحرين، والذي نصحه بالرجوع إلى أهله بعد أن يئس من علاجه، فكانت الوفاة عام 1346هـ، قريباً من بلدة الجبيل الحالية.
عن هذا الحدث الجلل في مسيرة أبنائه الأطفال، يتحدث الشيخ عبدالعزيز مستذكراً تلك الأيام بقوله: (جاء الخبر إلى والدتي فلبست السواد وحاولتْ أن تتماسك وتتجلّد وتستقبل الفاجعة بصبر كي لا ينزعج أطفالها، إلا أن الفجيعة ليست سهلة ولاحظنا حالة الحزن واتشاحها بالسواد، فبدأنا نسأل ونبكي كلّما رأيناها تبكي وبعد يومين قالت: لقد ذهب والدكم إلى ربه!) وأضاف: (كنتُ يومها لا أعرف شيئاً عن فكرة الحياة والموت، فارتبكتُ وصرتُ أصرخ، ومع هذه الحالة بدأت أخاف من الموت، فصرتُ لا أنام إلا وعصاي بيدي لا تفارقني لأدافع عن نفسي إذا جاء إليّ الموت!!). ولأن والدة عبدالعزيز وشقيقه عبدالله من حوطة سدير، فقد انتقل معها إلى الحوطة ودفعت والدته به إلى الكتاتيب كي يتعلم شيئاً من القرآن الكريم عند المطوّع صالح بن نصرالله، الذي كان يولي عبدالعزيز اهتماماً خاصاً كونه يتيماً، وقد بقيت والدته طيلة حياتها دون زواج ترفض المتقدمين لها بغية الاهتمام بصغارها ورعايتهم.
وعن اليُتم الذي عاناه التويجري وواجهه في طفولته، يقول: (اليتم الموجع أثّر في حياتي وعجزت عن احتماله أو تفهمه آنذاك).
في حوطة سدير، جنوباً عن المجمعة، عاش عبدالعزيز التويجري سنوات طفولته، وتشكّلت له صداقات مع عدد من أبنائها، الذين زاملوه في الكُتّاب، غير أنه انفرد عن أطفال القرية بميله إلى العزلة وإلى الهروب عن أهله، ويتذكر الشيخ عبدالعزيز أنه هرب ذات يوم ومعه قليل من التمر والماء ولاذ بغارٍ مجاور للقرية وبقي فيه ليلة موحشة لم يساعده على تجاوزها إلا غلبة النوم عليه، وكان أكثر ما أخافه ما كان يسمعه من الكبار من أحاديث وقصص عن الجن، فعلقت في نفسه مخاوف لم يحتملها قلب الطفل، الذي أجهش بالبكاء وشعر بالندم وخرج من الغار، لكن خوفه من الطريق كان أكثر! فبات ليته تلك في الغار، وفي الصباح التقى براعي أغنام تناثرت أغنامه حول الغار، فخرج إليه الطفل يخبره بحاله ويسأله عن الجن والذئاب؟ فرد الراعي بأنه لا يوجد جن ولا ذئاب وأخذ بيده وعاد به إلى أمه وسلمه إياها، وكان أهل القرية قد بذلوا جهداً لمعرفة مصيره، لكنهم لم يفكروا بالغار!
إلى المجمعة مرة ثانية:
بعد سنوات، انتقل الطفل إلى المجمعة، ليعيش في كنف أخيه الأكبر حمد، الذي سبق وعيّنه الملك عبدالعزيز مديراً لمالية المجمعة وسدير والزلفي، خلفاً لوالده، عام 1347هـ، وحمد التويجري، هو الابن الثاني في الترتيب من بين أبناء الشيخ عبدالمحسن، بعد محمد، الذي رفض أن يتولى شيئاً من شؤون الدنيا ورعاً وزهداً.
في المجمعة عمل الشاب عبدالعزيز مع أخيه حمد في إدارة بيت المال ورعاية شؤون الأسرة. وذات يوم وهو خارج عن بلدته يتمشى في أحد أوديتها، كما هي عادته، كان له موقف قادته الظروف إليه، دونما تخطيطٍ أو موعد مضروب! هذا الموقف سيكون له الأثر الأبرز في حياة الشاب عبدالعزيز، أو سيكون المنعطف الأهم في مسيرته الثقافية والعلمية، إذ بينما هو يسير في الوادي تناهى إلى سمعه صوت رجل مسنٍ حكيم يُردد قول المتنبي:
كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً
وحسبُ المنايا أن يكن أمانيا
هذا البيت أوقف الشاب، الذي أدار حواراً طويلاً مع الشيخ الحكيم، فعرّفه بالمتنبي وبأبي العلاء المعري، اللّذين يسمع بهما الشاب لأول مرة في حياته، فسأله عنهما فأجابه الشيخ بما أسرّه وبما وجهه إلى عالمٍ آخر أوسع من عالم القرية آنذاك، ومنذُ ذلك الحين لايزال حواره قائماً مع المتنبي والمعري، حيثُ ظل لهما تلميذاً إلى اليوم يتعلم منهم ويتخلف معهم ويحاورهم ويجادلهم، وقد وثّق حواراته معهم ومناجاته لهم بكتابيه الشهيرين: (في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء) و(أبا العلاء: ضجر الركب من عناء الطريق).
عن ذلك الشيخ المُسن الحكيم الذي أباح لي باسمه ذات مساء، يقول التويجري: (لا استبعد أن الشيخ في اختياره لذلك المكان المعزول في وادٍ صغير مجاور لمقبرة قديمة، أراد أن يخلق لنفسه عالماً خاصاً يؤنسه في غربته الروحية والفكرية، استنتج ذلك من أول صوت سمعته منه، ونظرتي تلاقت مع نظرته وهو ينشد بصوت رفيع: كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً). مع حوار ومناقشة ذلك الشيخ الحكيم في أحد أودية المجمعة، انطلق عبدالعزيز التويجري إلى آفاق واسعة في الثقافة، فأخذ يُعلّم نفسه بنفسه، ويقرأ كثيراً، حتى اشتد أمره وأصبح أحد متعلمي بلدته ومثقفيها دون أن يدخل مدرسة أو معهداً، فقد تخرج في جامعة الحياة وكلية التاريخ، التي الهمته وعلمته الكثير.
إلى عسير:
في عام 1353ه حدث في التاريخ السعودي ما يُعرف ب(حرب اليمن) وكانت هذه الحرب كفيلة بإخراج الفتى عبدالعزيز التويجري من حدود بلدته الوادعة، الغافية في أحضان نجد إلى مرتفعات وشواهق عسير، على الطرف الجنوبي من بلاده السعودية، حينما قرر الانضمام متطوعاً -مع غيره من أبناء المجمعة وسدير- في الجيش السعودي المتجه إلى الحدود مع اليمن، فكانت هذه أول مهمة خارج بلدته، وجاء انضمامه ضمن الفرقة الرابعة التي كان على رأسها الأمير محمد بن عبدالعزيز، والتي انطلقت من الرياض إلى عسير، غير أنها ما إن وصلت إلى أبها حتى كان الصلح قد تمّ بين الملك عبدالعزيز والإمام يحيى، رحمهما الله، فعادت الفرقة أدراجها من حيثُ جاءت.
ورغم عدم مشاركة الشاب عبدالعزيز في الحرب، إلا أنّ لهذه الرحلة الطويلة من الرياض إلى أبها أثراً كبيراً في حياة الشاب، فقد تعوّد منها الصبر والاحتمال وتدرّب فيها على الجوع والظمأ والإيثار فيما بين رفاق الرحلة، ولا يزال الشيخ يستعيد ذكرياته مع المطايا والصحراء وسُرى الليل والحادي، وما تخلل تلك الرحلة الطويلة التي قطع بها الفيافي والسباسب والمهام على ظهور المطايا.
رئاسة بيت المال:
بما أن الفرقة الرابعة في الجيش السعودي، والتي شارك فيها الشاب عبدالعزيز التويجري قد انطلقت من الرياض، فهذا يعني أن الشاب قد زار الرياض وعرفها، لذا ظلت الرياض حاضرة في ذهنه، يقوده الطموح إليها، فبعد أربعة أعوام من زيارتها، عاد إليها ثانيةً يحدوه عزم الرجال في البحث عن العمل في دولة عبدالعزيز، لذلك فقد فكّر في توجيه خطاب إلى الملك عبدالعزيز يطلب فيه عطفه وتوجيهه، فيّمم وجهه ذات يوم من أيام 1357هـ، شطر الرياض، برفقة صديقٍ له من البادية، وكان قد استأذن والدته، فأذنت له، وحظيَ الشاب الطموح بلقاء مليكه وسيده، الذي أبرق لحمد التويجري مخبراً إياه بتعيينه مديراً لمالية القصيم وتعيين أخيه عبدالعزيز بديلاً عنه في رئاسة مالية المجمعة والزلفي وسدير، فكان أن ذهب حمد إلى القصيم واستلم الشاب عبدالعزيز أولى مهامه في عالم الإدارة السعودية، والتي استمرت معه إلى اليوم، نائباً مساعداً في الحرس الوطني ورجلاً من رجالات الدولة، وحامل رسائل ملكية.
لم تكن مقابلة الشاب عبدالعزيز لمليكه في الرياض هي الأولى، إذ سبق أن وقف بين يديه وحظيَ بقبلةٍ حانيةٍ منه، وذلك قبل عشرة أعوام من لقاء الرياض، ففي عام 1347هـ، وبعد أن وضعت معركة (السبلة) أوزارها، زار الملك عبدالعزيز المجمعة واستضافه مدير ماليتها الشيخ حمد التويجري، وفي منزله جاء أشبال أُسرة التويجري ليسلموا على المليك المؤسس، وكان في مقدمتهم عبدالعزيز، فسلّموا عليه وقبّلهم جميعاً وأمر لكل واحدٍ منهم بعشر ريالات فضية.
أما اللقاء الثالث، فكان في عام 1358هـ، فقد كان الملك عبدالعزيز مخيماً في (الشوكي) فرأى مدير المالية أن يذهب للسلام عليه، فانتخب ثلاثة من أبناء المجمعة وذهبوا إليه، وذات يوم وبعد صلاة الفجر دُعي التويجري ورفاقه لمقابلة عبدالعزيز والسلام عليه. عن هذا اللقاء الأول بين المليك عبدالعزيز وبين الموظف الجديد وما يثيره في الذاكرة، يقول التويجري: (الشيء الذي تثيره هذه المناسبة التي هي أول لقاء لي بالملك عبدالعزيز بعد أخذي الوظيفة هو ما لا أقوى على وصفه. لكن ما بقي معي منه ما زال يبهرني ويذهلني. عملاق، والرجال من حوله يومها في تقاصر عن هامته. كلّما تذكرته واقفاً والرجال يحيطون به وقوفاً صعّدتُ بصري إليه وإلى شبه الجزيرة العربية فتراجعت الحيرة عندي).
طيلة الفترة الممتدة من عام 1357هـ إلى عام 1381هـ، ظل التويجري في المجمعة يُدير ماليتها وما ارتبط بها من مدن وقُرى، يتلقى أوامر سيده المليك فينفذها، وتكشف رسائل عديدة متبادلة بين المليك المؤسس ومدير المالية عن توجيهات ملكية حانية وتعكس ما كان عليه الملك عبدالعزيز من حرص واهتمام بشؤون وطنه ومواطنيه، من ذلك مثلاً برقية أرسلها الملك عبدالعزيز في عام 1359هـ، يسأل فيها عن أحوال المزارعين بعد هطول الأمطار، وأخرى تحمل توجيهاً بأن المليك أرسل حبوباً وإبلاً لتوزع على مزارعي المنطقة لمساعدتهم على القيام بمهام الزراعة. ومن أراد التوسع في هذا المجال فليعُد إلى كتابي (لسراة الليل هتف الصباح) و(عند الصباح حمد القوم السُرى).
حوار الثقافة:
في منتصف الخمسينات (1955-1375هـ) استقبلت مدن وقُرى نجد أعداداً كبيرة من المعلمين من مختلف البلاد العربية، خاصة مصر، بغرض التدريس في مدارسها، فكانت فرصة ثقافية واسعة لعدد من أبناء نجد، الذين أجروا حوارات ومناقشات مع عددٍ منهم، وكان من أبرز شباب نجد، الذين اشتهر وعُرف عنهم اهتمامهم بالمعلمين العرب، الشيخ عبدالعزيز التويجري، الذي فتح لهم بيته في المجمعة، فغدا منتدى ثقافياً، تُناقش فيه كثير من قضايا الثقافة في التاريخ والأدب والتفسير وغيره، ولقد أنِس التويجري بهذه الصفوة واسنوا به، واستفاد منهم وأفادهم من هذه اللقاءت، التي أضافت إلى رصيده المعرفي والثقافي، ولا سيّما بعد أن بدأ يقرأ ويطلع على صحف ومجلات عربية، وفي تلك الفترة كانت البلاد العربية تموج بحركة نشِطة من الأفكار، خاصة القومية منها، بعد قيام عبدالناصر بتأميم قناة السويس ومن ثمّ العدوان الثلاثي على مصر، الذي ألهب مشاعر المواطنين العرب، وأبرز شخصية الرئيس عبدالناصر كرمز قومي تعاطفت معه وهتفت له الجماهير، حيثُ أظهرت هذه الأحداث البُعد العربي في ثورة عبدالناصر، فكان الالتفاف الشعبي العربي حول مركزية مصر وقيادة عبدالناصر.
عبدالعزيز التويجري وكأحد المثقفين العرب، كان متفاعلاً مع هذه الأحداث القومية، وقد شكّلت نقطة انعطاف في مسيرته الفكرية وهويته القومية، لذلك حرص الشاب العربي الغاضب من هذا الاعتداء على مقابلة عبدالناصر، وذلك حينما ذهب ومعه ستة من شباب المجمعة إلى مصر، فكان أن التقوا بالرئيس عند مدخل إحدى دور السينما، وقد روي لي الشيخ في حوارٍ مسائي جميل مدى انبهار الشباب، وهم يلتقون الرئيس!
حياة التويجري في المجمعة، ورغم بُعدها عن الحواضر السعودية، إلا أنها لم تكن حياةً تقليدية كما قد يتصورها البعض، بل كانت حياة شاب طموح قلق متوثب، عانى خلالها قلقاً فكرياً وصراعاً نفسياً، لكنه انتصر في النهاية بقوة إرادته وبصدق عقيدته وبتأمله في ملكوت الله وآياته في الكون.
في هذا الصدد، يتذكر التويجري موقفاً حدث له وهو خارج من بيته في المجمعة إلى المسجد، لأداء صلاة الفجر، حينما صادفه رجل فسأله: أين أنت ذاهب؟ فرد الشاب قائلاً: إلى المسجد، فقال الرجل: خذ هذا الكتيب ليساعدك على معرفة المسجد أكثر!!
أخذ الشاب الكُتيبَ ووضعه في جيبه، وبعد صلاة الفجر أخذ يقرأ فيه، وكلّما قرأ أكثر شعر بشيء مبهم يغشى مشاعره وأحاسيسه ويثير عنده صوراً تشكلها في خياله ألفاظ ما سمعها من معلم الكُتّاب ولا من إمام مسجده. وقد أثارت عنده شيئاً من المراهقة الذهنية وأوجدت بعض الارتباك لأن ما في الكتيب -كما يقول التويجري- مثير لتساؤلات كثيرة ومجيب عن بعضٍ منها بأجوبة أقل ما أقول عنها اليوم: إنها آتية من فكر بخس لا أملك وعياً كافياً لخطورته آنذاك.
يصف التويجري أثر تلك الحادثة على نفسيته، فيقول: (وقعتُ فريسة للصراع الذاتي والنفسي فيما بين من اصطادني في الظلام وأنا ذاهب إلى مسجدي وبين ما علمتني إياه الأمهات والجدات الطيبات، لقد حاول هذا المتلصص أن يطفئ لدي نور الإيمان، كان كلُ ما في الكتاب خليط صاغته فلسفة مداعبة لكل غريزة، منازلة لها).
طالت آلام التويجري وعجزت دموعه أن تطفئ الحريق في نفسه، فقام بعدة رحلات إلى دولة عربية وإلى خارجها، وقادته تلك الرحلات إلى طبيب نفساني التقاه في القاهرة عام 1375هـ، فبعد أن حكى الشاب كلّ ما في نفسه والطبيبُ يكتب ويكتب، التفتَ عليه وقال له: (ما قيمة الحياة يا ابني من غير الدين والإيمان بالله؟ لكن تنقصنا المعرفة به ونحن نتخبط بعقولنا القاصرة في طريقنا إليه، نسير ونتعثر، وهذه العثرات هي عبادة لله، لأننا نمشي إليه بتساؤلات عنه وعن عظمته في آياته الكبرى).
ارتاح قلب الشاب واطمئن، وسأل طبيبه قائلاً: ما الذي تقوله عن هذا الإعياء والسقوط؟ أهو خوف من أن لا أصل؟! فقال له الطبيب: (أشدُ على يدك وعلى روحك وإرادتك وأدفع بك في اتجاه التأمل وعبادة الله وحده بنبض جوارحك).
يتحدث التويجري عن تلك التجربة وذاك الطبيب فيقول: (قدم لي نصائح كل ما فيها يحاول به أن يدنيني من الله، جلّ وعلا، ويبعدني عن شياطين نفسي وأبالستها، واستمرت الجلسات عدة أشهر، وبعدها ودعت هذا الإنسان الطيب وأحسستُ أن إرادتي ولله الحمد صارت أقوى من مخيفاتها من الأشباح).
إلى الحرس الوطني:
بعد 24 عاماً من العمل في رئاسة بيت المال في المجمعة والزلفي وسدير، وبعد ما حقّقه التويجري من حسن إدارة ومن صيتٍ طيب وسمعة حسنة لدى ولاة أمره وبين الناس، انتقل إلى الرياض للعمل في الحرس الوطني وكيلاً لسمو رئيسه الأمير سعد بن سعود بن عبدالعزيز، وذلك بموجب المرسوم الملكي الكريم الذي أصدره الملك سعود بن عبدالعزيز، ذي الرقم 6-12-2322 وتاريخ 28-5-1381هـ، والمتضمن أنه بناءً على مقتضيات المصلحة، فقد تم تعيين عبدالعزيز التويجري وكيلاً للحرس الوطني بالمرتبة الأولى وبراتبها المُقرّر لها.
وقد أشارت صحيفة (القصيم) بعددها الصادر بتاريخ 29-5-1381هـ، إلى أن تعيين التويجري وكيلاً للحرس الوطني يأتي بديلاً عن الفقيد الشيخ سليمان بن جبرين، وأضافت الصحيفة تقول: إن الشيخ عبدالعزيز قد باشر عمله بعد أن اجتمع ومديري الأقسام بالحرس الوطني بسمو رئيس الحرس الوطني، حيث استمع الجميع إلى توجيهات وإرشادات سموه التي تهدف إلى التعاون والعمل الجدي لما يحقق المصلحة العامة.
ومضت بالقول: (هذا وقد عُرف عن سعادة الشيخ عبدالعزيز أنه الرجل الحكيم البصير في مثل تلك الأعمال لخبرته الطويلة وخدماته الكثيرة في الدولة، مما جعل أفراد تلك الرئاسة مسؤولين وغيرمسؤولين يستبشرون خيراً ويؤملون في شخصه تعديل ما اعوج من الأوضاع التي لا تخدم المصلحة بفضل توجيهات سمو الرئيس، الذي لا يدخر وسعاً فيما يحقق الأهداف السامية التي يدعو إليها صاحب الجلالة الملك المعظم. فنهنئ سعادة الشيخ عبدالعزيز ونتمنى له التوفيق والنجاح).
بعد انتقال التويجري إلى الرياض حلّ مكانه في بيت مال المجمعة وسدير ابن عمه حمد بن ناصر التويجري ثم ابنه إبراهيم وما تزال رئاسة بيت المال في أبناء التويجري إلى اليوم منذُ مائة عامٍ وعام.
غادر التويجري المجمعة ووادي المشقر وأُشي، حيثُ ذكريات الطفولة وأحلام الشباب الغامر، غير أنها كانت وما تزال لديه هي أجمل الذكريات وأرحبها في نفسه.
يقول عنها وبشيء من الحزن: (هي اليوم تلتقي بي وأنا على آخر عتبات سلّم الحياة، ولقاء كهذا يرمي بالحجر الثقيل في أعماق النفس فتنفجر بالأحزان وتشق طريقها إلى قيعان الذات التي أمحلت، وأتساءل مع نفسي: هل صحيح أن الحياة مرّت بنا على هذه الطريق الطويلة من الذكريات دون أن نشعر بها إلا حين أكل الصيف أيام الربيع عندنا؟!).
في الحرس الوطني، عمل التويجري بكل جدٍ وإخلاص في إدارة هذه المؤسسة العسكرية، فكان أحد بُناتها الذين أرسوا دعائمها وكان أحد الذين وقفوا خلف مساهمتها في العمل الثقافي من خلال مهرجانها الكبير (الجنادرية) الذي أسّس للحوار الثقافي بين مثقفي الوطن العربي بمختلف أفكارهم وتوجهاتهم، حينما التقى القومي العربي مع اليساري مع الإسلامي في رحاب الرياض، كما أن هذا المهرجان قد أسّس تالياً للحوار الوطني، الذي نتفيء ظلاله اليوم.
الحدث الأهم في الحياة الإدارية للتويجري، هو حينما تعيّن الأمير عبدالله بن عبدالعزيز (خادم الحرمين الشريفين حالياً) رئيساً للحرس الوطني، فبدأت فصول قصة طويلة من الحب والوفاء والإخلاص والتضحية والتفاني كان بطلها عبدالعزيز التويجري.
عن علاقة التويجري بالملك عبدالله بن عبدالعزيز، يُعلّق الكاتب الكبير فؤاد مطر، قائلاً: (الذي يتمناه عارفو علاقة الشيخ التويجري بالملك عبدالله بن عبدالعزيز، هو أن يكون الشيخ أنجز كتاباً عن هذه العلاقة نقرأه ذات يوم بمثل قراءتنا لما كتبه هيكل عن عبدالناصر، وبذلك يُكتشف الكثير عن أدوار ومهمات في اتجاه الغرب والشرق والعرب والمسلمين وبالذات ما يتعلق بالعلاقة السعودية - الأمريكية والعلاقة السعودية - العراقية والعلاقة السعودية - السورية، وهي أدوار أوكل عبدالله بن عبدالعزيز في كثير من المرات إلى الشيخ التويجري أمر التمهيد لها من خلال رسالة ينقلها أو وجهة نظر يعرضها أو نصيحة يسديها أو نص برقية يبعث بها من الأجواء ومن شأنها ترفع منسوب المعنويات.
ويضيف مطر قائلاً: (ولأنه عمل مع ستة ملوك، فإنه بات يحيط بخصوصية القرار السعودي وكيف يُصاغ، لكن تألقه كمفكر ومستشار وحامل رسائل فيها التمنيات أحياناً والتنبيه في معظم الأحيان والنصيحة عند الحاجة القصوى لمن يحتاجها كان في ظل عبدالله بن عبدالعزيز).
التويجري مؤلفاً ومؤرخاً:
يتمتع التويجري بثقافة عريضة ويحتفظ بوثائق تاريخية ذات أهمية، ظلّ يجمعها عن تاريخ وملحمة البطل عبدالعزيز، الذي عشقه وأحبه، فاستولى على تفكيره واهتمامه، لكن ورغم ذلك، فقد تأخر ظهور التويجري مؤلفاً، إذ أصدر كتابه الأدبي الأول (في أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء) بعد أن تجاوز الستين، وأصدر كتابه التاريخي الوثائقي الأول (لسراة الليل هتف الصباح) بعد أن شارف على الثمانين، وما بين الكتابين وبعدهما توالت المؤلفات، التي غلبَ عليها الطابع الأدبي والفلسفي والوجداني، والتي بلغت 15 مؤلفاً، تُزيّن المكتبة العربية، بأسلوب صاحبها ومنهجه المتميز الفريد.
وفي هذا الصدد، فإن مما سيحفظه التاريخ وستحمده الأجيال اللاحقة للشيخ التويجري، كتابيه الوثائقيين اللذين أصدرهما عن الملك عبدالعزيز، وما كان غريباً عليه مثل هذا العمل، وهو الذي عاش أجواء الملحمة التي صنعها عبدالعزيز وعايش أحداثها، منذ المعركة الفاصلة في تاريخنا الثقافي (السبلة) التي وقعت شمالاً من بلدته، وكان عمره وقتها سبعة أعوام، فكانت مسيرته الثقافية مسيرة عاشقٍ لبطل، واصل من خلالها متح رسائل ووثائق حملها بريده طيلة عقود، قلَّبها وتأمل فيها، وقف على إحداها متأملاً متذكراً وعلى أخرى مبتهجاً مسروراً، وعلى ثالثة فحمد الله على ما منّ به على هذه البلاد من نعمة الأمن والاستقرار، حينما أغاثها بالمليك المؤسس، رحمه الله.
ولأنه، حامل بريد، كما يقول عن نفسه، متواضعاً متجرداً من صفة الباحث المؤرخ المحقق، فقد رغب أن يحمل رسائله من تاريخ عبدالعزيز الكبير الواسع إلى جيل اليوم من الشُبان والشابات، وإذا كان التويجري قد طرح شيئاً مما ضمه بريده الوثائقي المهم في كتابه الرائد (لسراة الليل هتف الصباح) فقد وقف مع عبدالعزيز في ذلك الصباح المشرق حينما حمد القوم السُرى، بعد تلك المسيرة التي قادهم فيها عبدالعزيز، وهي مسيرة مظفرة ظفر فيها التاريخ وحمدت الأجيال اللاحقة تلك المسيرة وسراها وسراتها.
وطيلة رحلة التويجري لم يغب عن باله (عبدالعزيز) بل عطّر مجلسه بذكراه، وكثيراً ما أقلقه السؤال واستوقفه الحوار، يبحث ويحاور ويسأل وينقب ويُقلب في صفحات التاريخ والوثائق، لذلك لا عجب أن يضم بريده التاريخي رسائل متفردة متميزة، نشرُها يعد إضافة وثروة للباحثين.
وحينما يتساءل الكثير من المثقفين: لماذا لم يؤلف التويجري إلا بعدما تجاوز الستين، ولم يخرج وثائقه إلا بعدما اقترب من الثمانين؟ فإن الكاتب فؤاد مطر يُجيب على هذا التساؤل قائلاً: (إذا كان المواطن السعودي ومعه شقيقه العربي لم يعرفا الشيخ عبدالعزيز التويجري كاتباً وجدانياً تصدر الكلمة عن قلمه متألمة أحياناً من شدة أوجاع الماضي ومنغصات الحاضر التي تنذر بمرارات في طيات المستقبل غير البعيد، إلا بعد صدور كتاب (رسائل إلى ولدي) بجزئيه، فلأن الرجل بعيد عن الأضواء وعن حياة السهر وفي الوقت نفسه مستغرق في جمع ما يمكن جمعه من وثائق وأوراق ووقائع على ألسنة البعض عن سيرة الملك عبدالعزيز ومسيرته لكي تكون مادة كتابه عن السيرة والمسيرة التاريخية، لكن بعد صدور الكتاب الأول من السيرة وهو (لسراة الليل هتف الصباح) بدأ السعودي ومعه العربي يعرف من خلال مقابلات لوسائل إعلامية مع الرجل ما لم يعرفوه عنه وما هم تواقون إلى معرفته، ومما عرفوه أنه عاشق للعرضة النجدية والربابة وضد الفن الخليع وأنه يرتاح عندما يجد نفسه بين أصدقائه وأنه يحرص على أن يكون في مكتبه في الثامنة صباحاً وأن هاجس محو الأمية في المملكة لايفارقه).
ويضيف مطر قائلاً: (في تقديري أن الشيخ عبدالعزيز كان يرى أن المجالسة الفكرية تفي بالغرض وأنه مثل الظواهر التراثية يقول في مجلسه ما هو رأي أو واقعة أو تصحيح لافتراء تاريخي على أن يتحول إلى حديث بين الناس أو يعتمده أهل الكتاب من رواد المجلس كمادة في مؤلفات. ولعل الكاتب لطفي الخولي عندما شبه الشيخ التويجري بالشيخ رفاعة الطهطاوي كان يريد القول ما معناه أن التويجري (مبشر فكري) كما الطهطاوي).
أما عن التأخر في الظهور كمؤرخ وموثق لتاريخ سيده ومليكه، فُيرجع فؤاد مطر السبب إلى أن الشيخ أراد فيما يبدو تقديم نفسه إلى بني قومه وإلى أمة العرب كمؤلف تسبق عدة مؤلفات كتابه عن سيرة الملك عبدالعزيز، وبذلك لا يظهر على الناس أنه لم يؤلف من قبل وأن قدرته على التأليف تتعلق فقط بالملك عبدالعزيز مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا القائد المؤسس والموحد هو ملهم قلمه وشاحذ فكره في المؤلفات الأولى التي هي بمثل بشائر للكتاب الأهم بجزئيه حول سيرة الملك عبدالعزيز.
التويجري الإنسان:
عُرف عن الشيخ عبدالعزيز التويجري تواضعه الجمّ وإنسانيته المفرطة وحب للأصدقاء غامر، مع حسن أدب وثقافة شمولية، جعلتْ منه كل هذه الأشياء صديقاً مقرباً لأغلب المثقفين العرب باختلاف آرائهم وتوجهاتهم، أولئك الذين أنِسوا به وأنِسَ بهم، ناقشوه وناقشهم، راسلوه وراسلهم، تزاحمت مناكبهم في دارته وفي مكتبته في حي العليا بالرياض وأيضاً في منتجعه الفرنسي (ديفون)، وكثير منهم من قصده في قضاء حاجة أو شفاعة لدى هذا المسئول أو ذاك، مما ليس هنا مجال عرضه وذكره، ويُجمع الكثير من السعوديين والمثقفين العرب على ما يتمتع به الشيخ التويجري من حرص على قضاء حوائج الناس والعمل على إنهائها، ويروي فؤاد مطر عنه قوله: (المحسوبية ليست من المصلحة العامة وأما الواسطة فلا ضرر منها). وخلال رحلة التويجري التي تقترب من التسعين تزوّج عدة زيجات وأنجب عدة أبناء وبنات، يساهمون اليوم في خدمة المليك والوطن ويعملون جاهدين الحفاظ على (التويجرية) كمدرسة في علم الإدارة والأدب والتاريخ وفن التعامل مع الناس.
هذه محطات في سيرة التويجري ومسيرته، وهي ليست تاريخاً يُكتب لهذا الرجل، فالرجل يحتاج إلى كثير من (القراءة) و(البحث) لأن من خلاله نقرأ كبرياء مرحلة وتاريخ دولة، متعه الله بالصحة والعافية.


alsaif@srmg.com


الصفحة الرئيسة
عدد خاص
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved