الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 11th December,2006 العدد : 180

الأثنين 20 ,ذو القعدة 1427

شيخ البادية
سليمان العيسى

صديقك.. شيخ البادية عبد العزيز التويجري مريض..
إنه في المستشفى. لا بد أن تسأل عنه فالرجل يحبك.. وما أشك في أنك تحبه.
وتحمل له أطيب الذكريات وتنزله في نفسك المكانة التي يستحقها.
ألقى إلي صديقي النبأ على الهاتف.. وطارت بي الذكرى إلى شيخ الرمال السمر.
هذا العصامي الذي استطاع أن يبني من نفسه جسراً للثقافة والأصالة العربية، يمده بينه وبين العالم، عبد العزيز التويجري.
إني أراه أمامي الآن يحملنا على جناحين من الحب والكرم إلى خيامه التي نصبها في أعماق البادية، بادية نجد وأشهد أني ما مررت في حياتي برحلة أمتع ولا أجمل من تلك الرحلة التي حملتنا إلى بادية نجد، قبل بضع سنوات كان ذلك بمناسبة مهرجان (الجنادرية) المعروف، وكنت أحد المدعوين إليه.
لقد اختار لنا شيخ الرمال السمر هذه الزيارة يومئذ ليردنا إلى جذورنا الأولى، إلى منابعنا العربية الرائعة في قلب نجد..
امرؤ القيس، عنترة، طَرَفة، النابغة، زهير، وكل الجميلات اللواتي فَجَّرت قصائد الحب والبطولة في صدورهم، ورقَرْقَتها على شفاههم، لا بد أن يكونوا جميعاً قد مروا هنا، وتحركوا هنا، وغنَّوا أجمل أشعارهم هنا.
ما أجمل أن ألتقي ذكرياتي القديمة، يربطني بها شيخ الرمال السمر، أن أشاهدها عياناً، أن أحسها تتحرك أمامي الآن!
كنت واحداً من القافلة الكبيرة من كتاب العرب وشعرائهم الذين استضافهم عبد العزيز التويجري في خيام عبلة وفارسها - والعبارة له -، كان شيخ البادية يحيطنا بكل ما يملك من الرعاية، والحب والأصالة.. وكنت أشعر أني أعيش التاريخ في كل لحظة، وأنا اجتاز رمالي، السمر.
أَطْلقْ صهيلَكَ.. هذا الرملُ والطَّلَلُ هذي جُذورُكَ في عينيكَ تشتعلُ
يا دارَ عبلةَ.. إني دَمْعةٌ طَفَرتْ ورحتُ في شهقةِ الصحراءِ أَرتحِلُ
وما تلبثُ الحافلة الأنيقةُ التي كانت تُقِلّنا، أن تحط بنا في رحاب مجموعة من الخيام، لا أجمل ولا أبهى؛ ونترجَّلُ، وأنا أتابع أبياتي التي بدأتها قبل قليل:
طفولتي في يدي.. أذرو براءتها على الطريق، فعمري مورقٌ خضِلُ
وتوقظُ الخيمةُ الزرقاءُ أُغْنِيَتي فاللحنُ بيني وبين الدهرِ مُتَّصِلُ
وعلى باب الخيمة الزرقاء الواسعة، يقف العصامي الجليل، شيخ الرمال السمر، عبد العزيز التويجري ليستقبلنا ويصافحنا واحداً واحداً، ويلتقط الصور التذكارية معنا. وكنت أحد الذين شد على يدهم بقوة، مرحِّباً بشاعر النضال العربي، كما آثر أن يسميني، ولم يتركني أغيب عن رعايته لحظةً في تلك الزيارة كلها.
صديقك شيخ البادية عبد العزيز التويجري مريض.. إنه في المستشفى.
لكم وددت أن أحمل إلى هذا العصامي الكبير باقة من ياسمين دمشق أطوق بها عنقه، وأخرى من (عرار نجد) ألقيها بين يديه، متمنياً له الصحة والشفاء العاجل.
أيها الصديق الجليل: تعودت بوادينا أن تُنبتَ الرجال على مر الزمن وأشهد أنك واحد من هؤلاء الرجال الذين أنبتتهم أرضنا السخية، اقبل في ختام هذه الأسطر تحيتي ومحبتي وذكرياتي الباقية.
الصفحة الرئيسة
عدد خاص
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved