Culture Magazine Monday  12/03/2007 G Issue 190
عدد خاص
الأثنين 22 ,صفر 1428   العدد  190
 

حوار: الدكتور مصلح النجار...الأردن

على مقربة من قلبك، يمشي حاملا بيده فانوسه، يضيء هنا، وينير هناك، ومن خلفه جيش من المريدين، وخميس من المتربّصين، هؤلاء يتواجدون معه، وأولئك يحاولون أن يجدوها قبله، ليصرخ أحدهم قائلا: وجدتها!

يعرف ماذا يريد، ويعرف أنّ هناك طريقين توصلان إلى ما يريد: أحدهما شارع عريض، والآخر حبل معلّق، فيختار الحبل!

أكاديميّ بنكهة مفكّر، ومفكّر بنكهة إنسان، ومواطن عربيّ ...>>>...

على صبا نجدٍ

تلاقينا.. من الأزل

عتيقة.. أواصر القربى

بصدر الرمل كانت

منذ أن كنا

ولم تزل

على صبا نجد.. تعارفنا

على بيتين.. من معلقة

بحرفه المضيء.. عشت

في نشيدي عاش..

قبل أن نولد.. كنا

في الرمال السمر لحناً واحداً

بيتين من معلقة

* * *

على صبا نجدٍ..

نظل قصة تُروى من الأزل ...>>>...

أتذكر أنني كنت أستاذاً في جامعة الكويت في الفترة من 1983 إلى 1988، وهي فترة ابتعاد عن جامعة القاهرة التي لا أزال أشرف بالانتماء إليها، وعن مجلة (فصول) التي كنت نائباً لرئيس تحريرها الأستاذ الدكتور عز الدين إسماعيل، رحمة الله عليه، ولكن لم تنقطع صلتي بالحياة الثقافية العربية التي كنت أسهم فيها بما أكتب، أو أقتني، أو أشارك فيها من مؤتمرات. وفي صباح أحد الأيام من عام 1985 تلقيت بالبريد كتاباً ...>>>...

أهم ما في عبدالله محمد الغذامي على امتداد كتبه وكتاباته الغزيرة المتحركة بحركة دائرية ذات شغف بالمعرفة وذات قلق أو على قلق كان الريح تحتها.. هو أن الرجل كرة من الأسئلة تتدحرج على امتداد النصوص والظواهر التي تمسها من جهة وأنه أيضا كرة مكهربة لا تمر بالنصوص والظواهر بسلام أو حياد بل توجد معها حقول جذب ودفع وارتعاشة، ملاءمات وخصومات علاقات حيوية غير محايدة بالمرة بل متورطة بورطاتها المثيرة ...>>>...

إن الحديث عن عبدالله الغذامي لا يمكنه إلا أن يتشعب ويتنوع لغنى وتشعب مشروعه النقدي والفكري.

فهو من الرعيل الأول من النقاد العرب الذين عملوا على تجديد الفكر النقدي العربي منذ أواسط الثمانينيات.

وكان كتابه (الخطيئة والتكفير) (1985) محاولة جادة ومتميزة في تحريف مسار الدراسة الأدبية العربية من مجال البراعة الإنشائية والخواء الفكري إلى مرحلة التحليل والتفكيك والتشريح والتأويل.

كانت بدايته ...>>>...

استطاع عبد الله الغذامي بجدة أطروحاته وأصالتها وصدقها، أن يكون ظاهرة مركزية في الثقافة العربية الحديثة، ظاهرة يتحلّق حولها معجبون كثر، ويتربّص بها غرماء أكثر، حيث يتسمّر المعجبون بما يكتب من سحر بديع أيام كان الغذامي ناقداً أدبياً، وبنقد جاد ومجتهد للأنساق الثقافية المضمرة في ذهنية الثقافة العربية حين انتقل الغذامي، مع انتقال النقد والأداة والجهاز الاصطلاحي، إلى النقد الثقافي. في حين ...>>>...

لا يقف عبد الله الغذامي - كغيره- أمام المسلّمات الثقافية المتوارثة حانياً لها هامته احتراماً، ولا يتعامل معها - كآخرين غيره أيضاً- بتبجيل يصل حدّ التقديس، ولا يأخذ هذه المسلّمات ويقبل بها كما هي، من منطلق أنها من الإرث الذي لا يجوز المساس بحرمته وقدسيته، حتى بمجرد عرضه على الفكر والعقل، فهذا يعدّ تطاولاً لا يمكن غفرانه. لا يفعل الدكتور الغذامي ذلك، ولا يبدو أنه يعبأ بمن يفعلون ذلك برضى ...>>>...

لا يلام شاعر على خصومة مفترضة مع عبدالله الغذامي المبادر إلى ذم الشعر والشعراء كلما قال أو كتب، لكنني أعدُّ نفسي صديقاً لكثير مما يقول ويكتب، وأرحب بجوهر مسعاه كظاهرة وإشارة. فمنذ متى كان التطابق الكامل المطلق في الآراء والرؤى شرطاً للإصغاء والنظر بين طرفين في هذا العالم؟ ومن يدعي مثلي أنه شخص ذو معمار ديمقراطي داخليّ لا يملك إلا الإقرار بحق الاجتهاد مهما كان صادماً. لكن الأهم من كل ما ...>>>...

ليس لأحد أن يُشكِّك في أنَّ عبد اللَّه محمّداً الغذاميَّ أحدُ أشرقِ الوجوه الفكرية المعاصرة في المملكة العربيّة السعوديّة، وأنصعها؛ فقد شرَّف نفسه، وشرَّف بلده، ومن ثَمَّ شرَّف الفكر العربيَّ المعاصر بما أثار من قضايا، وبما تناول من أفكار جريئة، كثيراً ما سبَّبتْ له بعض الإزعاج وربما الأذاة، شأن كلّ مفكّر مشاكس، وكلّ صاحبِ رأيٍ جريء. من أجل ذلك نرى أنّه قد يكون أبرز المفكّرين السعوديّين ...>>>...

الدرس الأهم - بالنسبة لي أنا - في تجربة الغذامي الثقافية، ولن أقول النقدية فقط ولا الأكاديمية فقط، هو درس ما يمكن أن أسميه (الخروج من الضَّيق إلى الواسع)، وهو درس بدأت أتلقاه في النصف الثاني من التسعينيات، حين كان الغذامي ينشر في جريدة الحياة سلسلة مقالاته عن المرأة واللغة، كنت مأخوذاً حينها بالطريقة التي يؤول بها حكايات الثقافة، وهو ضرب من التأويل الجديد الذي يتجاوز الدرس الذي ألفته في ...>>>...

لعلّ عقدة النفط، بما خلقته من حالات تملّقيّة أو إقصائيّة، هي التي أخّرت الاهتمام والترويج الذي يستحقّه مشروع الدكتور عبدالله الغذامي في الثقافة العربيّة، والذي يمكن أن نقول إنّه المشروع الأكثر تكاملاً الذي مرّ على الثقافة العربيّة في العصر الحديث بفلسفته، وبتطبيقاته الإجرائيّة على هذه الثقافة بوصفها نسقاً، إذ يعدّ الدكتور عبدالله الغذامي واحداً من أهمّ النقاد العرب المعاصرين الذين يمتلكون ...>>>...

منذ فجّر عبدالله الغذامي قنبلة كتابه (الخطيئة والتكفير 1985) بدا تلك الشخصية العلمية الصارمة، والتي ستوطد صورتها كتبه النظرية والنقدية التالية. بيد أن سرديات الغذامي الجهيرة أو المواربة في (رحلة إلى جمهورية النظرية 1992 - حكاية سحارة، حكايات وأكاذيب 1999 - حكاية الحداثة في المملكة العربية السعودية 2004) تكشف شخصية أخرى في الشخصية المنذورة للعلم و - مرة أخرى - الصارمة. إنها شخصية المولع ...>>>...

نحن أمام مشروع يكتمل بفعل العمل الثقافي المتواتر والاستمرارية، ولسنا أمام تجربة طارئة في الزمان والمكان كما يحدث عادةً في النقد الأكاديمي المتبدل باستمرار الذي كثيراً ما يتوقف حتى قبل أن ينتهي من فهم الآليات العميقة المتحكمة في الصيرورة النقدية لمدرسة من المدارس أو لتوجه من التوجهات، وهو في ذلك يتوسل وسائل مشتركة بقدر ما تهيكل القراءة للدخول إلى النصوص، فهي تفقدها عفوية التعامل والمتعة بتعريف ...>>>...

انطوى تاريخ النقد الأدبي العربي، بشكل عام، على نزوعين: نزوع أول يمكن أن يُدعى بـ (العمومية التنويرية)، يختصر النقد إلى شكل من التربية والتهذيب، مُغَلّباً العنصر الأخلاقي على العنصر الجمالي، وهو ما ساد منذ بداية القرن العشرين حتى بداية ربعه الأخير، ونزوع ثان عنوانه: (النقد التقني)، يكتفي بقراءة ما جاء في النص ويحاذر أن يقترب من خارجه.

وقد اختلف الشكل الثاني، الذي صعد في منتصف السبعينات ...>>>...

لم يكن عبد الله الغذامي أول ناقد عربي يحاول أن يتملك المنهجيات الحديثة ما بعد البنيوية، لكنه كان أول ناقد في المنطقة المشرقية العربية يتشرب هذه المنهجيات ويعيد تمثلها بشكل تكف فيه عن أن تكون (وافدةً) لتظهر فيه نتاج السلسلة الثقافية العربية نفسها.

ولم يكن ذلك ممكناً لولا أن الغذامي الذي عبر في (الخطيئة والتفكير) عن اختزان طاقة فكرية هائلة كان يتجاوز منذ البداية حدود النقد بمعناه النصي ...>>>...

النقد الثقافي بين قارة التاريخ وقارة النفس والمسكوت عنه:

سبق لنا في كتاب لنا عن طه حسين أن اعتبرناه - وفق لغة خطاب السرديات - البطل الاشكالي للنصف الأول من قرن العرب العشرين، إذا كانت صورة العقل تحضر في ممارسته الكتابية بوصفها (وردة في صليب الحاضر) على حد التعبير المجازي لهيغل إذ يصف العقل في محنته ومسيرة آلامه نحو الحقيقة.

لا أدري لماذا تراءت لي صورة طه حسين الإشكالي وأنا أقارب تخوم ...>>>...

يحضر عبدالله الغَذَّامي في الحياة العربيَّة المعاصرة عبر ما بات يُعْرَفُ بـ(النَّقد الثَّقافيّ)، وهذا حضور يميِّز صاحبه عن كثيرين سبقوه في مجال السَّعي إلى تغيير ما في الحياة العربيَّة عبر ما يُعْرَفُ بـ(الدَّرس الثَّقافيّ). فالتجربة الثَّقافيّة العربيَّة، من رفاعة الطهطاوي وأحمد فارس الشِّدياق مروراً ببطرس البستاني وقاسم أمين وعبدالرَّحمن الكواكبي وعبدالحميد بن باديس، وصولاً إلى أمين ...>>>...

أخال أنه في وسعي، إذْ أسجّل اختلافي مع الدكتور عبدالله الغذامي جوهرياً ومنهجياً، أن أبدأ من التشديد على فضائل الرجل وإنجازاته، وشجاعته المعنوية والأخلاقية في وجه خصومه... وأقصد القول إنّ خلافي مع الغذّامي لا يسقط عنّي الحقّ، قبل الواجب، في التضامن معه بصفة مفتوحة لا حدود لها، وفي تثمين موقعه النقدي والثقافي والفكري، هناك حيث يقيم ويكتب ويدرّس أوّلاً، وأينما تعرّض لتنكيل جاهليّ ظلاميّ لا ...>>>...

وقع التعارف المباشر بيننا، عبدالله الغذامي وأنا، في صالة فندق (القدس الدولي) في عمّان- الأردن، ظهيرة يوم 26-7-1998م. قدمت أنا من ليبيا حيث كنت أدرس في إحدى جامعاتها بدعوة من وزارة الثقافة الأردنية للحديث عن (بناء السرد في الرواية الأردنية). وقدم الغذامي من الرياض في دعوة للمشاركة في إحدى الندوات الأدبية الموازية لمهرجان جرش الثقافي.

أبهجنا اللقاء غير المدبر أمام موظفة التسجيل في الفندق، ...>>>...

قد لا تكون مناسبة هذه الكلمة مما يسمح بتناول كلّ ما قدَّمه الزميل عبدالله الغذامي في مجال النقد العربي. وذلك:

أولاً: لتعدُّد موضوعاته وتنوُّعها ومراوحتها بين ما هو نظري يميل إلى نقد النقد، وبين ما هو، عنده، قراءة وتحليل يتناول النصَّ الشعريَّ كما النصَّ السًّرديَ. علماً بأنَّ هذا التعدُّد والتنوُّع قائمٌ، كما أرى، على خلفيَّة منهجيَّة واحدة، وينزع باتجاه نقدي يرى في الثقافي مجالاً للدراسة ...>>>...

يُعتبر الدكتور عبد الله الغذّامي أحد أبرز النقاد العرب المعاصرين. ولا تكمن أهميته في عدد المؤلفات التي أصدرها، وهي متنوّعة وكثيرة في حقل النقد الأدبي، وإنما في اجتهاداته النقدية التي قادته إلى تطويع المفاهيم والنظريات النقدية الغربية الحديثة بما يتناسب مع خصوصيّة النصّ الأدبي العربي، ولا سيما الشعري، هذا بالإضافة إلى تملّكه هذه النظريات بما يسمح بقراءتها قراءة نقدية عوضاً عن استخدامها ...>>>...

قفز مشروع الحداثة من إطاره الأدبي الذي ولج به إلى المشهد العربي نهايات القرن التاسع عشر، إذ تزامن مع نهوض الأيدلوجيا القومية، ليطرح رؤيةً أعلى تتناول مجمل نواحي الحياة العربية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. إلخ، وإن تأسس بدايةً على الخطاب الثقافي.

وبين مراوحة النقد عتبات الدرس النظري والحقل التطبيقي يبرز اسم الناقد والأكاديمي السعودي عبدالله الغذامي على رأس مشروع نقدي يشتغل عليه منذ ...>>>...

ما إن تشرع في الحديث عن رجل فذ فأنت واقع في مجال المقارنة، مقارنته بسياق العصر ورجاله تجديداً لمقولة قديمة، منذ أن قيض لي أن أقع على مقولة أفلاطون بالسؤال الفاسد وقعت في أسر التفكير في أمور تقع في دائرة المعاينة ولا تخرج مطلقاً عن مجال السؤال الفاسد الذي يتسبب يومياً في الكثير من كوارثنا الخاصة أعني تلك التي تشكل مدار حياتنا العربية، هكذا رحت أتابع هؤلاء الذين يراهنون على إنضاج وعينا ...>>>...

عبدالله محمد الغذامي

أستاذ النقد والنظرية،

قسم اللغة العربية كلية الآداب، جامعة الملك سعود.

* الميلاد: 15-3- 1365هـ - 15-2- 1946م، عنيزة السعودية.

* التحق في المعهد العلمي بعنيزة حتى الثانوية 1385هـ/ 1965م.

* ليسانس لغة عربية- كلية اللغة العربية- الرياض 1389هـ/ 1969م.

* ابتعث إلى بريطانيا في الفترة من 24-8- 1971 إلى 17-5- 1978، حيث حصل على الدكتوراه من جامعة اكستر عام 1978م.

* عمل في جامعة ...>>>...

 
 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

صفحات PDF

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة