الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 12th April,2004 العدد : 54

الأثنين 22 ,صفر 1425

عندما يتلفع النقد بالصمت
أين النقاد من شعر العشماوي
تطل علينا أسبوعياً المجلة الثقافية بالأدب والثقاقة وهموم المثقفين والأدباء، جمع للشتات، واحتواء للخلاف في الرأي والتنظير، تتعدد فيها المنابع والمشارب، كتعدد صفحاتها تشكيل، مسرح، نقد، منتجع أدبي، اشادة بوجه أدبي وثقافي أو رائد من روادها، وزوايا تعلق جرس الإبداع، أما وقد جاء في صومعة الأستاذ سعد البواردي الفكرية مقالان ماضيان في تقريظاته وتعليقاته على ديواني الشاعر الكبير عبدالرحمن العشماوي (مراكب ذكرياتي) و(جولة في عربات الحزن) التي لا ترقى للمشهد النقدي مقدراً له جهده ومزيداً من ذلك في قصائد بعينها، وجاءت أيضا في أعداد سابقة في صفحة الرأي من الجزيرة بقفشات وبلونات هذرولوجية على بعض قصائد العشماوي المنشورة فيها للكاتب نزار رفيق بشير مع شكري له في تلمس وابراز الديناميكية الشاعرية عند العشماوي.
إن النقد الأدبي له أهميته وتشتد رغبته وحضوره إذا كان هنالك نصوص رصينة، وبها رصيد أدبي وثقافي ولغوي لا يستهان بها، ولرمز من الرموز الأدبية العربية والعالمية، ولاسيما أيضاً في علم من أعلام الشعر السعودي الرائد بالأصالة والبيان، فإن تجربة الدكتور العشماوي الشعرية حافلة بالمعطيات والإنجازات العظيمة لأمتنا الإسلامية، حيث سخر شعره في معالجة مشكلاتها، ورصد لأخبارها وأحداثها منذ نبوغه الشعري، وبث هموم المسلمين، بل جعلهم يشاركونه ذلك الهم في القصيدة الشعرية، ولم يكن بمنأى عن حديث المشاعر والأطلال والهضاب والرياض ومرتع الصبا ومحط الترحال وسجل الأسفار، بل كان لها نصيب كبير منها فنشر بعضها، ولكن تعذر عن الآخر تقديراً لمصير الأمة الحالكة التي تصارع عليها الأعداء وتكالب عليها، وهن الحياة الإنسانية، إن على النقاد الكرام الذين نرى لهم المكانة والملكة في النقد الأدبي أما وانهم قد طوفوا على كثير من قصائد شعراء تشجيعاً للإبداع الواعد أو بيانا لبلاغة متجسدة في حياضنا، أو إظهار لشاعرية منطوية عن العقول قبل العيون، وغيرهم كثير في الساحة، ألا نرى لهم نصيباً في حق شاعر أمتنا الإسلامية وحسان القرن الحادي والعشرين (عبدالرحمن العشماوي)، وقد سمعت في اللقاء مع الناقد الكبير وأستاذنا الكريم الدكتور حسن الهويمل في الإصدار الصوتي لمؤسسة أحد الإسلامية في سؤال موجه له عن سبب غياب شعر العشماوي عن مشروعه النقدي «اننا نتفق وإياه في المنهج، ولكن يبقى الاختلاف معه في الفن الأدبي الذي هو ليس من الأهمية التي أسعى إلى توضيحها أكثر مع تقادم العمر وغربلتها من شوائب الثقافات الغربية، ولما يزل مشروعي النقدي مع توسع الثقافة وازدهار المعرفة والانفتاح الفكري والعربي والعالمي، مع ذلك إني أناشد الدكتور الهويمل في تقديم اضبارة نقدية تكريماً للأمة الإسلامية قبل أن تكون تشريفاً للشاعر، وأناشد أيضاً النقاد الكرام في السعي إلى إبراز معالم الفن الأدبي في الصورة الشعرية، والثروة اللغوية والبلاغة اللفظية والمعاني الجميلة والخيال الرحب في قصائد العشماوي، وأدعو الأستاذ إبراهيم التركي في استكتاب النقاد وتخصيص عدد من أعداد المجلة الثقافية عن سيرة العشماوي الشعرية، فلم تكن له هذه الشاعرية إلا منحة إلهية وموهبة إنسانية ونابغة شعرية.
لقد كان استقرائي لقصائد العشماوي الذي ما زلت امتع وقتي في استكناه مشاعره وأحاسيسه، وقد أعدت القراءة مرة أخرى لقصائده على المنهج الذي سار عليه شيخ المعرة وأستاذ العربية محمود شاكر ـ رحمه الله ـ في شعر المتنبى وحياته الشعرية بتاريخ القصيدة، وما آلت إليه في دراسته لشعره، فشعر العشماوي محفوف باستحضار الروايات التاريخية وغزارة الفكرة المتوقدة بالإيمان الصادق والرأي الثاقب والنهر الإبد اعي الزاخر، فنان في رسم اللوحة الشعرية، وقد توافقت مع لوحات الفنان صالح النقيدان التشكيلية التي تصور أيضاً في فنه التشكيلي مأساة وهموم الأمة مع النزعة الطبيعية للإنسان في رسم الحياة الماضية التي عاصرها والمشاهد الحاضرة التي يعايشها الآن، وباعتقادي أن تجربة العشماوي الشعرية مرت على ثلاث مراحل، وهو الآن في المرحلة الثالثة التي بدأها، وهو يقف متأملاً بها المستقبل المشرق للأمة بقصيدته «زوارق المستقبل» في ديوانه (مراكب ذكرياتي) يقول فيها:
ريحانة القلب اطمئني إنني
أمشي وقنديل الوفاء يضيء لي
لاح السراب فما وقفت لأنني
أبصرت غصناً بعده لم يبذل
ورأيت نهراً صادقاً من خلفه
تجري عليه زوارق المستقبل
ورأيت خلف النهر فجراً ضاحكاً
يدنو إليَّ بوجهه المتهلل
أنا لن أخاف من الجفاف فديننا
نهر يفيض من الكتاب المنزل
ثم تأتي بعدها بسنة تقريباً قصيدته غير المؤرخة «مراكب ذكرياتي» التي سمى ديوانه الجديد بها، فشدت أشرعة الزمن وأبحرت في محيط الشعر:
لقد تعبت مراكب ذكرياتي
ولم يقطع مسافته قطاري
ومازالت غصون الحب تشكو
خريفاً هز أحلام الثمار
رأيتك في خيال الحب نجماً
بعيداً لايمر على مداري
هنالك سرت في صحراء حزني
أخبئ في الفؤاد لهيب ناري
وأكتم ما أعاني عن قريب
يعاتب، او بعيد لا يداري
حزنت، فلامني من ليس يدري
كأن القلب يحزن باختياري
اصبر قلبي الشاكي فيأبى
موافقتي على معنى اصطباري
هذا قلمي سال بالخواطر ليقدمها في الساحة الثقافية، ليشم أريجها ناقد ويبصر منظرها شاعر، وهي تدنو الى شغاف قلوبهم وتهديهم طاقات من المحبة والمودة، ودمتم بخير.

++++

فيصل بن محمد العبودي

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved