الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 12th May,2003 العدد : 11

الأثنين 11 ,ربيع الاول 1424

ذاكرة للمستقبل
ع. س
مروعاً ومريعاً كان المشهدُ، مشهد احتراق ذاكرة العراق، دار الكتب والمخطوطات، المكتبة العامة، ذخائر التراث ونفائسه، نُهب وسُلب واحترق.
هكذا في ليلة وضحاها، احترقت قرون من الألم والدمع، وأصبحت الأحبار والقراطيس ذاكرة من رماد؟
كما فعل المغول القدامى، فعل مغول العصر، المغول القدامى ألقوا بالكتب في البحر، المعاصرون ألقوا بها في النار، كي تندثر تماماً، كي تنطمس أصابع الأصمعي، ومفكرة الخليل، وريشة المتنبي، ويراع أبي العلاء، وهمسات البحتري سواء كانوا قد عاشوا في العراق أم في بلد آخر إنهم حاضرون بآهاتهم وتهجداتهم وشهقاتهم.
تراث العراق العظيم هكذا ينهب، ويحرق.. ماذا فعل المبدعون والشعراء والكتّاب قدامى ومحدثون كي يحدث لهم هذا؟ أيمكن أن تتساوى الأبجدية مع الشظية، ويتعانق صوت خشخشة الأوراق مع صوت القنابل الذكية والغبية؟
تراث العراق تراثنا العربي المجيد، الذي ضاع ولكنه لم يندثر تماماً. آلاف المخطوطات والكتب النادرة والوثائق.
لكن هل يضيع العراق؟ هل يفقد ذاكرته المستقبلية؟
إن مغول العصر الراهن لن «يغيبوا» أو «يطمسوا» هذه الثقافة الممتدة من الكرخ إلى الأعظمية ومن البصرة إلى الكوفة إلى بغداد بلد الرشيد، الى سامراء ومدينة السلام. «سرّ من رأى» سوف تبقى حية وشاهدة، وبغداد هذه المدينة التليدة التي تذهب عراقتها في أقاصي الروح سوف تبقى. ربما هذا الحريق، هذا الركام ستنهض منهما عنقاء جديدة، وزهرة جديدة يعود بها العراق الى كتابة تاريخه وتراثه وابتكار حياته المستقبلية المخزونة في ضمائر الناس.. ووعي الشعوب لا يمكن تغييره بأية حرية حتى لو كانت مجلوبة من حديقة الهايدبارك او حديقة البيت الأبيض.. وحده العراق سيبقى شامخاً ويعانق مستقبله من جديد.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون
الملف

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved