اثر خفيف المثقف وأدواره علي العمري
|
يختلف المفكر السويسري جان زيغلر مع نظيره الفرنسي ريجيس دوبريه في مفهوم المثقف ودوره فزيغلر يرى أن جزءاً من شلل المثقف وعدم قدرته علي الفعل نابع من عدم وجود حركات اجتماعية فاعلة تحيل أفكار المثقف عملياً من إطار الفكر الى مسرح الواقع، وذلك كله نتيجة سطوة عقلية التاجر التي أصبحت تسيطر على الإعلام والاقتصاد والإنتاج وكافة نواحي الحياة مع ذلك فلا بد من أن يكون المثقف ايجابياً وفعالاً فالمثقف يحقق نوعاً هاماً من الوجود حين يمارس دوره الثقافي كمنتج للمعنى، ان زيغلر مؤمن ان معركة المثقف تتجاوز حدود الوطن لتشمل البشرية جمعاء وبعدالة أحلام الشعوب في التحرر وحقها في المساواة، على أنه يعي سذاجة الطرح الذي صاحب حركات التحرر الثورية السابقة التي آلت الى دكتاتوريات جامدة وفاسدة، ويعترف بفشله في كل ما قدم من تنظير ونضال لصالح تلك الحركات، لكنه يظل ملتزماً بالقيم العادلة التي قامت عليها تلك الثورات، وبمناصرة قضايا العالم الثالث الذي يمثل ثلاثة ارباع البشرية يحيا معظمهم حياة غير لائقة بالبشر لأن 16% من سكان العالم يستهلكون 62% من مجمل ثروات العالم، يناضل زيغلر ضد السيادة المطلقة للعرق الأبيض على العالم، ضد كل أشكال الهيمنة والامبريالية، ويشير الى تلك المعدلات المخيفة التي ينشرها البنك الدولي كأن يكون 560 مليون انسان يحيون بمعدل دخل وسطي لا يصل الى الخمسة دولارات سنوياً، لذا فإن زيغلر يصر على الذريعة الاخلاقية كوسيلة للمواجهة والتصدي لنظام عالمي يزداد فيه الثري ثراء والفقير فقراً. أما دوبريه وبعد ان كان مثقفاً ثورياً خاض مع تشي غيفارا النضال في امريكا اللاتينية فيبدو اكثر تشاؤماً واحباطاً ولا يرى جدوى من وجود المثقف الان الذي اصبح مفهوما ملتبساً ومتناقضاً ويفرق بين المثقف والكاتب او العالم، فإذا كان المثقف هو من يلتزم بالقضايا العامة ويعلن دائماً آراءه ويدافع عنها، فإن العالم او الكاتب رجل يعزل نشاطه الفكري او العلمي بعيداً عن الأضواء العامة على ان من أسباب ضعف دور المثقف الان طغليان وسائل الاتصال المرئي والمسموع وتفوقها على المطبوعة. لا يرى في طرح زيغلر إلا كلاماً عاطفياً بعد أن وصل الى قناعة شخصية مفادها انه لا حاجة لوجوده كمثقف ملتزم مارس النضال تحت تأثير رواية واحدة «اليخو كاربنتييه» ويؤكد ان «الثورة العالمية ليست وطناً، لقد كانت فكرة خرافية او ستاراً خادعاً» اذ على الانسان ان يرتبط بمكان وذاكرة خاصة. أما الكلام عن «عالم ثالث» واحد فكلام بلا معنى، مجرد شعارات جوفاء.
alialamri8@hotmail.com
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|