الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 12th May,2003 العدد : 11

الأثنين 11 ,ربيع الاول 1424

عبده خال في حوار ساخن للثقافية:
رواياتنا مجرد أعمال توثيقية.. ولا يجوز أن نطلق لقب «روائي» على كل مواطن
إبراهيم الناصر الحميدان لم يحقق الشرط الفني للرواية واكتفى بالريادة

* حوار عبدالله السمطي:
لستُ أستاذاً يصنف طلابه الأدباء.. هكذا يعلن الروائي عبده خال وهو يحاكم المشهد الروائي الذي يتوهج هذه الأيام بالمملكة. خال يرى في هذا الحوار الذي يجيء بعد صدور روايته الرابعة «الطين»، يرى أن النقاد بالغوا في توصيف الرواية المحلية واعطاء الألقاب لهذا وذاك، وهو يرى أيضاً أن ابراهيم الناصر الحميدان فقد فنية الرواية واكتفى بالريادة، وان الشمري، وشحبي، وعلوان، والعصيمي، وأبا حمراء مجرد «متعاونين» لصنع رواية سعودية، كما يرى أيضا ان كتابات توثيقية تاريخية اجتماعية عدّها البعض «روايات» وهي غير ذلك. عبده خالد في هذا الحوار الساخن يتحدث بصراحة وشجاعة ايضاً، ترى الى اين تأخذنا أحاديثه هذا ما نراه في هذه الأسئلة وتلك الأجوبة:
* في البدء.. لِمَ هذا التحول من القصة القصيرة الى فضاء الرواية؟ هل هي مجاراة للسياق الأدبي؟
لن تكون اجابتي بأن القص قد فاق مخزوني الحكائي، حيث ارى ان القصة أكثر خصوبة، وتحتاج الى مقدرة بارعة من السيطرة وتمرير الأحداث، بحيث تصنع للكاتب الكثير من المعضلات، والرواية عالم آخر له معضلاته التي يمكن لها ان تُوقع بالكاتب من حيث لا يعلم، حيث يتحول الاتساع المكاني والزماني الى فخاخ يمكن أن تُوقع بالكاتب في براثنها لذلك ليس هناك هروب من مكان القصة الى فضاء الرواية وتغدو «الخيارية» فيما تكتب هي رهينة للفكرة ورهينة للخطة، في تشكلاتها ومنازعتها للخروج من أعماقك ووجدانك.
لذلك اعتبر ان لكل شكل كتابي سواء كان روائيا او قصصيا ظرفيته التي تنتجه، ولا اقصد هنا بالظرفية ما تمليه علينا البيئة او الحكاية اقصد بالظرفية النفسية للكاتب.
* تقصد ان الظرف الاجتماعي والنفسي يتحقق بشكل دال في الرواية؟ وهل أسس هذا الظرف لرواية سعودية؟
إذا أردت أن اتحدث عن الرواية كوعاء يحمل ماء المجتمع فهي كذلك، لكن الآنية التي تحمل هذا الماء بعضها مثقوب، وبعضها مهشم، وبعضها لا يصلح لنقل سائل، ومن هنا ننتقل الى ما يُكتب، ويصبح السؤال: هل ما تنتجه الرواية السعودية الآن يمثل فنيات الرواية؟ أم هو تسجيل وتوثيق لأحداث عبرت هذه الخارطة السياسية؟
ربما اكون متطرفا حين أصم كثيرا من تلك الروايات التي أُنتجت خلال السنوات العشر الماضية بأنها مجرد أعمال توثيقية يغيب فيها الجانب الفني غياباً يؤسف عليه، حيث تغدو همة الكاتب البحث عن حدث يعلق عليه الكاتب جملة مشاهد ولا يجيد خلق حالة فنية ما بين فصول روايته وأحداثها وبين الواقع، أو بين فنية الرواية كحالة جمالية ليس من شروطها ان تتحول الى كتاب تاريخي.
* وكيف تنظر إذن لوجود اسماء روائية كثيرة اليوم في المشهد الأدبي السعودي؟
ربما دعا هؤلاء الوهج الإعلامي الذي تمركز حول كتَّاب الرواية السعودية ويؤسفني كثيراً ان الصحافة تحديداً تقتل كثيراً من الكتَّاب الذين يمثلون نواة للرواية السعودية باطلاق الألقاب على كاتب لم يكتب سوى رواية واحدة.
وهنا هل يمكن لك كناقد أو قارئ ان تنتظر من هذا الكاتب ان يقدم فنّاً روائياً متكاملاً من خلال عمل واحد؟
أنا أؤمن ان الرواية تجربة تراكمية ولا يليق بنا ان نطلق لفظة «روائي» إلا بعد اعمال عدة أثبت خلالها أنني قادر على صنع هذا العالم الروائي، حتى وان لم يستطع الاقتراب من الناحية الفنية والجمالية.
بمعنى أن هناك من كتب روايات عديدة مثل ابراهيم الناصر الحميدان ولم يحقق الشرط الفني للرواية واكتفى بالريادة، وهناك فوارق بين الريادة وبين الفن. في الجانب الآخر ارى ان ما كتبه عبدالحفيظ الشمري بعنوان «فيضة الرعد» لا يُعد رواية يمكن الالتفات اليها كعمل فني يمنحه لقب «روائي».
كذلك نجد كاتباً شاباً مثل: محمد حسن علوان بمثابة مشروع روائي، لكن النقاد مصرون على قتله من أول عمل، خاصة وان الشاب لديه امكانية أن يصبح روائيا متميزا.
وتأتي جملة اسماء شمرت عن سواعدها كمعاونين لخلق رواية سعودية مثل ابراهيم شحبي، وعواض العصيمي، ومحمد ابو حمراء.
في الجانب الآخر هناك من تمتع بلقب «روائي» لأنه استطاع ان يصنع الحد الأدنى من العمل الروائي، وان كانت هناك ملاحظات على أن ما كتب يمثل المسكوت عنه، وذلك قي عدة تجارب روائية.
* وماذا لو اعترض عليك عدد من الأدباء وربما على رواياتك وذائقتك مع ما تذكره الآن عن الأدباء الآخرين؟
هذا القول الذي أذكره ليس من أستاذ جلس «يصنّف» طلابه هذا «روائي» وهذا غير روائي، لكنه يصدر عن ذائقة لشخص يتخذ الكتابة مهنة، ويمتلك ذائقة عصية في تقبل الأعمال والصرامة معها بصورة ربما تكون مزعجة للآخر.
هؤلاء ممن ذكرت يمكن ان يصنفهم الآخرون بأنهم افضل من كتب الرواية، وربما يتقدمون على ما أكتب وفق رؤية الآخر.
* هل تتفق معي أن الروائيين الذين هاجروا بأبطالهم للخارج لم يؤسسوا لبطل روائي للمكان؟
الروائيون الذين هاجروا بأبطالهم الى اقطار عربية اضروا كثيرا بمستقبل الرواية، بمعنى أنهم لم يؤسسوا لنا تراثا روائيا يمكن التعامل معه كمنتج لهذه البيئة، وسفر أبطالهم جعل منهم شخصيات ممسوخة لما يقدم من أدب في مصر والعراق والشام، ومن الأضرار الأخرى التي جناها علينا هؤلاء ان الأعمال التي كتبت لم تستطع ان تؤسس لها وجوداً في ذهنية المتلقي، وتغييب المكان أضر بالتواصل مع الروايات، ونتذكر على سبيل المثال «بريق عينيك» لسميرة خاشوقجي التي نتعامل معها على انها منتج خاص بمجتمع مفتوح هو المجتمع المصري.
اتصور لو ان الروائيين الذين نعدهم رواداً تعاملوا مع الرواية حتى بمفهومها الكلاسيكي تعاملوا معها على أنها منتج فني ملتزم بشروطه المكانية والزمانية لاستطاعوا ان يخلفوا لنا كماً تراكمياً لهذا الفن نستطيع التواصل معه.
* هل سبب هذا الخروج او الهروب للخارج قلة المكنوز التعبيري للمكان المحلي؟
عندما أكتب رواية يستعصي عليّ خروج هذه الدماء والأحلام والطموحات والانكسارات من بيئتها لكي تبحث لها عن مدينة أخرى.
نحن نجلس على «كنز بكائي» مذهل لم تتم الكتابة عنه بالصورة الباهرة التي يعيش عليها. عندما تقرأ «ماركيز» وواقعيته السحرية، ستجد ان مناطق الجنوب مثلاً تزخر بمشاهد ثرية، عندما صورها «ماركيز» نجد أنها بالنسبة لنا مشاهد اعتيادية كان بالامكان لهؤلاء الرواد ان يكونوا سبّاقين لكتابة الواقعية السحرية من خلال واقعها الذي يعجّ بعوالم شهية لكل روائي.
* أخيراً كيف ترى الحالة النقدية في معايشتها للرواية المحلية؟
ما كتب عن الروايات السعودية الى الآن يعتبر مراجعات، وإعادة ما كتبه الروائي، حيث يقوم الناقد بإعادة حكي الحدوتة. اتصور اننا بحاجة الى نقاد من مهماتهم الأساسية الوقوف على جماليات هذه الروايات لان التساهل مع هذه الأعمال ربما يقودنا الى ما حدث في فترة منتصف الثمانينيات من القرن العشرين حيث تساهل النقاد مع القصة القصيرة وتم توزيع لقب قاص على كل مواطن، وهو ما يحدث اليوم بالنسبة للرواية.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون
الملف

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved