الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 12th May,2003 العدد : 11

الأثنين 11 ,ربيع الاول 1424

يوميات سعودي في القاهرة.. ومصري في الرياض!
د. حسن محمد وجيه

وصل وفد كبير من الصحفيين والإعلاميين المصريين إلى الرياض لتغطية حدثين ثقافيين على درجة كبيرة من الأهمية مؤخراً ليسا موضوع هذا المقال. لكن الموضوع يبدأ عندما ذهبت لاستقبال عدد من الأصدقاء المقربين جداً في هذا الوفد، حيث يتسم الحديث بالطرافة والحميمية الشديدة، وفي خضم هذا الحوار التلقائي سمعت جملة «يوميات سعودي في القاهرة» وظننت أنها قد تعني شيئاً ضمن برنامج الزيارة واستدعى ذلك في ذهني على الفور عدة أفكار سريعة من وحي الجملة فقلت: هل هذا نص لعرض ستشاهدونه لفريق مسلسل مثل «طاش ماطاش» الشهير والطريف للغاية، أم أنه فلم سينمائي على غرار «صعيدي في الجامعة الأمريكية» ولكن علمت أن هذا كتاب جديد لكاتبه الأخ الصحفي المتميز عبدالله العميرة.. ولا شك أن هذا العنوان الطريف قد نجح في إثارة الفضول لمعرفة مضمونه.. واهتممت بالحصول على نسخة لقراءته، وكانت سعادتي أن أجد المؤلف في الفندق الذين نزل به الوفد فتعارفنا وطلبت منه نسخة من كتابه، فأهداها لي مشكوراً. وإذا كان لي أن اتشجع بكتاب الأخ أ. الفاضل عبدالله العميرة كما ذكرت له، فأكتب «يوميات مصري في الرياض» حتى لا يكون الحوار من جانب واحد، المهم أن أرصد هنا انطباعاتي كأحد المستهدفين من هذا الكتاب الشائق، فأرصد فيما يلي ما وجدته من إيجابيات كبيرة هي:
أهمية المزج بين «الطرفة» و«المكاشفة» و«المودة»:
لا يخفق المحلل الموضوعي في أن يلحظ نغمة طرح تؤكد في عمومها على عمق الروابط الحميمية بين الشعبين المصري والسعودي عبر السنين الطويلة والأمل في المزيد من الترابط والتلاحم بين الشعبين الشقيقين وأتصور أنهما الأقرب لتحمل عبء الجهد الأكبر لإقامة صرح الوحدة بين أقطار العالم العربي كافة، فالاتحاد الأوروبي قد قضى سنوات طويلة وكفاح طويل وتحقق في النهاية ما سعى له الاتحاد.. وكل السنين وكل الاخفاقات التي شعرنا بها إلى اليوم هو شيء طبيعي وسيتم عبوره إن شاء الله إلى بر النضج الكافي للتضامن واندماج سوق عربي مشترك حقيقي يحقق آمالنا في خوض معارك التنمية الصعبة ومواجهة التحديات الكبرى بطاقات وإمكانات أكبر لصالح الجميع. ولعلي أقول إن المفتاح يكمن في «إدارة الاختلافات» بروح المودة والمكاشفة أولاً.. ولعل من المهم أن أعود هنا إلى النص الأسبق الذي حكم عندي قراءة كتاب عبدالله.. وهو نص من كتابي بعنوان «سيناريوهات الحرب والسلام: دبلوماسية المسار الثاني من منظور اللغويات الاجتماعية والسياسية: (دار المعراج الدولية بالرياض) فهو ضمن خمسة كتب نشرتها أثناء اقامتي في الرياض معاراً إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من جامعة الأزهر. ولقد استشعرت في ذلك الكتاب الأهمية الخاصة لمحور الرياض القاهرة، فجاء بمقدمتين اعتز بها من مفكرين استراتيجيين هما د. أنور عشقي من الرياض ود. أحمد عبدالحليم من القاهرة، للتأكيد على مقولة المؤسس العظيم لهذه البلاد العزيزة الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي قال في زيارته لمصر عام 1946م.
«إن خط الدفاع الأول في تاريخ العروبة خط مشترك بين مصر والسعودية».. وهذا ما أكده أصحاب الجلالة من أبنائه ملوك المملكة الملك سعود والملك فيصل والملك خالد رحمهم الله وخادم الحرمين الشريفين حفظه الله.
ولعل الحملة التي تشن اليوم ضد المملكة ومصر لتؤكد على وحدة المصير المشترك وكوننا في سفينة واحدة علينا الابحار بها في أجواء عاصفة ونسأل الله العلي القدير أن يجمعنا دائماً على كل ما يحبه ويرضاه.
أعود لما ربطت به قراءتي لكتاب العميرة من خلال نص إدارة الاختلافات في كتابي عن سيناريوهات الحرب والسلام حيث قلت نصاً: «ما يلي في إدارة الاختلافات والاقتراب الخاطىء لتحقيق الوحدة العربية» (ص328).
«لقد كان التوجه إلى الوحدة العربية في إطار تصور ما ينبغي أن يكون في إطار المبدأ التعاوني المثالي.. فهو أمر قد يكون واقعياً في التفاوض الاجتماعي بين صديقين حميمين، أو زوج وزوجة في حالة حب مثلاً، ولكنه ليس كذلك في إدارة «عقول» و«توجهات» التيارات المختلفة والدول والكثيرين في واقعنا العربي.. ولذلك اخفقت أساليب تحقيق الوحدة والتعاون العربي، لأن الكثرة كانت تضع في اعتبارها وتمارس توجهاتها في إطار «المبدأ التعاوني المفترض والمثالي» والمتصور فقط..
وكانت الأجندات والتصورات في الحقيقة «متنازعة، وكانت تستلزم الوعي بآليات المبدأ التنازعي في الحوار.. ولكن ليس المبدأ التنازعي التفاخري الذي آلت إليه الأمور بمجرد إخفاق توظيف المبدأ التعاوني.. المشكلة تكمن في أننا لم نتعود ونتدرب على شيء واقعي في عالم اليوم، وهو التعامل مع المبدأ التنازعي/ التعاوني، فمن يتعامل طبقاً لمعطيات هذا المبدأ، عليه أن يقر ويتوقع دون اندهاش واستغراب وجود أجندات مختلفة وأن الجهد الإيجابي يكمن في إدارة الاختلافات بشكل يبعدنا عن التناحر وعن المثالية المتوقعة التي لا تحدث أبداً في الواقع.. المطلوب هو أسلوب إدارة الاختلافات والأجندات المختلفة والمتنافرة والعمل على تلمس وصنع الأرضيات المشتركة في إدارة التفاعلات الاجتماعية والسياسية والإدارية.
لقد نظرت وقرأت كتاب عبدالله العميرة «يوميات سعودي في القاهرة من هذا المنظور.. فرأيت أنه يدخل في انتهاج أسلوب إدارة الإختلافات ووجدته وبالرغم مما أوضحت مناقشات تلك الأمسية من وجود «كلمات وزن تقبل بعيداً عن أساليب الإخفاء والتمويه وإظهار المودة الزائدة و«التبويس الزائد» على حساب المكاشفة والنضج المستند إلى المودة كمقصد وأسلوب في نفس الوقت.. لقد وجدت أن الكتاب يمثل نهجاً مطلوباً.. وأشكر عبدالله لأنه قد أهدى لي فكرة كتابة «يوميات مصري في الرياض» ولعلي بنشر هذا المقال أكون قد سجلت أمسية ثقافية رائعة في يومية من يوميات الرياض جمعت بين السعوديين والمصريين بكل المحبة والمودة ونضج المكاشفات الإيجابية.. ليتتابع الطرح. والله ولي التوفيق وهو المستعان.
الصفحة الرئيسة
أقواس
فضاءات
حوار
تشكيل
المنتدى
كتب
مسرح
وراقيات
ذاكرة
مداخلات
المحررون
الملف

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved