قَطرَاتْ شعر: نورة الدامغ
|
كانَتْ تمْطِرْ
وَمَعَ كُلِّ زَخَّةِ مَطَرٍ أُغْمِضُ عَيْنَيّ
رُبّمَا لأَسْمَعَ صَوْتَ المَطَرْ
أَوْ لأَبْحَثَ عَنْ دِفءٍ تَحُوْمُ حَوْلَهُ البُرُوْدَة
بَلْ وَأَحْيَانَاً تَغْتَالُهُ لتَنْتَصِرْ.
***
لَطَالمَا نَبْحَثُ ونَتَسَاءَلُ ونَسْتَنْتِجْ
وكُلٌ مِنَّا يَسْتَنْتِجُ بطَرِيْقَتِهْ
مِنَّا مَنْ يجْعَلُ الاسْتِنتَاجَ هَدَفاً لَهْ
ومِنَّا مَنْ يَتْرُكُهُ صُدْفَة.
***
خُلِقَتْ الصُّدْفَةُ
لِتُرْسِلَنَا نَحْوَ ذَلِكَ الطَرِيْقْ
الذِي لَطَالمَا لمْ نَنْتَبِهْ لَهْ
أَوْ انْتَبَهْنَا ولَكِنْ اسْتَخْدَمْنَا سِيَاسَةَ التَّأْجِيْلِ مَعَهْ.
***
قَطْرَةٌ تَسْقُطُ عَلَيّ
وَرَاءَ قَطْرَة
مُنَظمٌ سُقُوْطُ تِلْكَ القَطْرَاتْ
كَتَنْظِيْمِ أَيَّامِنَا
في عَالمٍَ يُشَوّهُهُ النَّاسُ بِالعَشْوَائِيَّة،
كُلٌ يَقُوْمُ وَيَفْعَلْ
مِنْ دُونِ أنْ يُكَلّفَ نَفْسَهُ بِالنَّظَرِ في لُبِّ الأَمْرْ
وَمُحْدَثَاتِهِ وَأَسْبَابِهْ
وَحَتّى مَا سَيَحْدُث بَعْدَهْ.
***
نَظِيْفَةٌ تِلْكَ القَطْرَاتْ
خَالِيَةٌ مِنْ أَيَّةِ شَوَائِبْ
مِنْ أَيِّ تَصَنُّعْ
بِكُلِّ فَخْرٍ تَنْهَمِرْ
بِكُلِّ طَبِيْعِيَّةٍ وبِلا تَكَلُّفْ
فَرِحَةٌ مُتَفَائِلَة
فَعِنْدَمَا تَسْقُطُ مِنْ الغَيْمَة
تَسْقُطُ بِأَمَلْ
وَلحْظَةَ اصْطِدَامِهَا بِالأَرْضْ
تَصْرُخُ وتَقُوْلْ: ( أُحِبُّكِ أيَّتُهَا الحَيَاة)
رَغْمَ حَيَاتِهَا القَصِِيْرَة
ورَغْمَ مَعْرِفَتِهَا بِقصْرِِهَا
وإقْدَامَهَا عَلى السُّقُوْطْ
ظَلَّتْ تُحِبُّ وتَتَفَاءَلْ.
***
نَقِيَّةٌ تِلْكَ القَطْرَاتْ
شَفَّافَةٌ
تَسْقُطُ تِبَاعَاً
لِتُكَوِّنَ بُقْعَةً في الأَرْضْ
تَتَلَوّنُ بِلَوْنِ الأَرْضِ وتُحِسُّ بِمَلمَسِهَا.
***
فِعْلاً، إنّهَا عَمِيْقَة
رَغْمَ سَطْحِيَّةِ مَنْظَرِهَا.
***
فَنَظرَتُنَا لأَيِّ شَيءٍ هِيَ التي تَجْعَلُهُ مُهِمَّاً
وتُمَلّكنَا مَفَاتِيْحَ الوُصُوْلِ إلى إنْجَازِهْ
وإنْجَازَاتنَا لمْ تَتَحَقَّقْ إلا بِسَبَبِ نَظرَةٍ وَلحْظَة.
***
إنَّهَا الحَيَاة
تَبْدَأُ بِلَحْظَةٍ وَتَتَغَيَّرُ في لحْظَة
أَوْ نَتِيْجَةً لِقَرَاْرٍ اتُّخِذَ في لحْظَة
وتَنْتَهِي بِلَحْظَة.
حَتّى أَنَّ البَعْضَ يَبْقَى في انْتِظَارِ لحْظَةِ تَغَيُّرِهْ
فَيَتَغَيَّرُ مَسَارُهْ
فَيَسِيْرُ نَحْوَ أَعْتَابِ الحَقِيْقَة
ليَعُوْدَ حَامِلاً مَعَهُ نَسِيْمَهَا
لتَهُبَّ عَلَيْهْ
كُلّمَا حَرَّرَهَا مِنْ مُكْنُوْنَاتِ ذَاتِهْ.
***
رَطْبَةٌ تِلْكَ القَطْرَاتْ
تَسْقُطُ فَتُؤَثِّرُ عَلَى الجَّوِّ
فَتَمْسَحُ خُطُوْطَ جَفَافِهْ
لَهَا دَوْرٌ في حَيَاتِهَا
تُثَبِّتُهُ قِطَعَاً
حَتّى وَإِنْ انْتَهَتْ حَيَاتُهَا
تَظَلُّ لمْسَتُهَا ورَائِحَتُهَا
تَظَلُّ ذِكْرَاهَا بَاقِيَة.
***
فَإثْبَاتُنَا لأنْفُسِنَا وَوُجُوْدُنَا في هَذَا المُجْتَمَعْ
مَرْبُوْطٌ بِنَا وبِتَصَرّفَاتِنَا
ليْسَ عَلَيْنَا الانْقيَادَ والتَّقَيُّدْ
لِمُجَرَّدِ الخَوْفِ أَوْ الرَّاحَة،
وإنّمَا لِنَتَمَيَّزْ
لِنَخْتَلِفْ
لِتَكُوْنَ لَنَا نَظْرَةٌ نُحَاوِلُ إيْصَالَهَا
حَتّى نَصِلَ لمَرَافِئِ الحَقِيْقَة
ومَرَافِئِ ذَوَاتِنَا
وحَتّى نَرْتَقِي مَعَ ما حولنا مِنْ مِيَاهْ.
***
نَسْتَمْتِعُ بِصَوْتِ تِلْكَ القَطْرَاتْ
ونَطْلُبُ مِنْهَا الاسْتِمْرَارْ
ولَكِنْ يَأتي وَقْتٌ تَتَوَقّفُ فِيْهِ ضِدَّ رَغْبَتنَا
فنَسْتَوْعِبَ أنَّ مُجَرَّدَ اسْتِمْرَارهَا
خَطَرٌ قَدْ يُلَوِّح بِالكَوَارِثْ.
***
فِعْلاً، إنَّ الإنْسَانَ لا يَدْرِي
مَهْمَا عَلَتْ بِهِ مُسْتَوَيَاتُ المَعْرِفَة،
فَكَمْ مِنْ مَرَّةٍ اسْتَهْجَنَّا حُدُوْثَ شَيءْ
واتَّضَحَتْ فَائِدَةُ تَوَقّفِهْ
أَوْ عَدَمَ حُدُوْثِهِ في نهَايَةِ المَطَافْ.
***
تَسْقُطُ مِنْ مَوْطِنِهَا الغَيْمَة
لِتَذْهَبَ لمَوَاطِنَ أُخْرَى لا تَعْلَمُهَا هِيَ
بَلْ تَسْقُطُ وتَتَكَيّفْ
وتُؤَدِّي دَوْرَهَا بِكُلِّ حُرِيَّةٍ وانْطِلاقْ
فَلَمْ يُعِقْهَا مَوْطِنٌ ولا مَكَانْ.
***
فِعْلاً، إنَّهَا عَمِيْقَة
فِعْلاً، إنَّهَا عَمِيْقَة.
aldamigh_nora@hotmail.com
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|