الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 12th June,2006 العدد : 157

الأثنين 16 ,جمادى الاولى 1427

على ضفاف (حمزة شحاتة)«3»
نايف فلاح
وكيما نعود على البدء في سلامة وعافية، فلابد أن أعيد القول، إن الحديث عن (شحاتة) هو في جوهرة حديث عن أهم حالة ثقافية أدبية في هذا الوطن.. ومن المؤكد أن أجد من يضيق ? وهم كثر - بتفضيل (حمزة شحاتة) كأهم ظاهرة أدبية.. وهذا الضيق في أغلبه ناشئ عن ضيق بصيغة (أفعل) التي في مساق التفضيل، والباحث لرأي كهذا باعث فيه الجدارة والجدوى إذا ما كان عنوانه التوخي والتحري والنزاهة، أما إذا ما كان الرأي مبعوثاً عن
(موضة) مجترحة التي غالباً ما تتمطى بالقليل الذي تعلم على الكثير الذي تجهل هروباً من الالتزام.. فإذا كان ذلك كذلك فخليق بنا أن نجافيه.. فالناس ? كما يقول العقاد - (قد تعودوا ممن يسمونهم بالكتاب المنصفين أن يحبذوا وأن ينقدوا، وأن يقرنوا بين الثناء والملام وأن يسترسلوا في الحسنات بقدر لينقلبوا من كل حسنة إلى عيب يكافئوها ويشفعوا كل فضيلة بنقيصة، فإن لم يفعلوا ذلك فهم إذن، مظنة المغالاة والإعجاب المتحيز، وهم إذن أقل من الكتاب المنصفين الذين يمدحون ويقدحون ولا يعجبون إلا وهم متحفزون لملام).. فليس لصيغة التفضيل، وهي أيضاً صيغة تأتي في معرض التقليل، ليس لها، إن استدعاها الظرف، أن ترفض أو تنبذ طالما أنها بناء عربي أصيل وإلا وقعنا في تعطيل وظيفة تعبيرية راسخة. فالتفضيل لو لم تنطق به الكلمات، فهو مقيم ماثل في الأذهان والتفضيل حالة لا استقرار لها في مجاري الذوق، فالواحد منا في لحظة ما في يوم ما في ظرف ما سيكون في جوفه من هو أفضل وفقاً لملابسات تلك اللحظة، وذاك اليوم وذلك الظرف.. وشحاتة نفسه يرى أن (كل الأشياء سواء إذا لم يكن هناك ما هو أفضل) . ورغبة في التسوية والتنبيه ورفعاً للحرج، أزعم أن (شحاتة) الأفضل فيمن عرفت من أدبائنا، فلست أحسب في جيله من هو أشعر منه، إلا إذا ما طابقت زعم من يرى أن العواد نزاع لشحاتة في هذه المنطقة. وأيضاً رغبة في التسوية أزعم أن (شحاتة) كشاعر، هو في جيله الأول حقيقة والعواد الأول نسبة كما يقول أهل الكلام..
أما من حيث كونه ناثراً فلم أجد من أهو أكتب منه على امتداد حياتنا الأدبية أو الثقافية، ولا أنشد في هذا القول احتراساً أو تسوية لأنه من النثراء المعدودين في عالمنا العربي.. ولن أنفر ممن يقوض هذا الرأي، بل لعلي أفخر أن يضاف إلى منزلة شحاتة النثرية شحاتة آخر.
إئذنوا لي أن أقفكم أو أعوج بكم قليلاً ناحية الأدب السعودي والكلام عليه.. وبطريق أخصر.. كيف أضحى العواد والعربي والزايدان وشحاتة وابنا المدني وابنا حافظ في سجل الأدب السعودي ؟!.. أجل كنت ووجهت بسؤال كهذا خارج الوطن، كما قد ووجهت من صديقي الأديب. (عثمان أبودلي).. نعم إنه في نظري من جملة الأدباء وإن لم يتعاط أياً من الأجناس الأدبية.. وأظنني بهذا التوصيف دخلت على غير أهبة أو استعداد في تخالف مع رأي الأديب الكبير الدكتور (محمد الخطراوي) حول تعريف الأديب وتحديده إذ يرى الدكتور إلى الأديب بوصفه صانعاً لأحد الأجناس الأدبية، شعراً أو قصة أو رواية وما إلى ذلك... ومن ناحيتي أرى إلى الأديب على أنه حالة جوانية قبل أن تكون برانيه.. وهذا الخلاف في أصله خلاف بين موقفين فلسفين.. فهناك من يساوي بين الوجودات والماهيات، أي أن الوجود هو الماهية.. وهذا مذهب الدكتور .. وهناك من يرى أن الماهية سابقة على الوجود بل ومتميزة عنها وهذا ما أحنف إليه في هذه اللحظة فقط لأنني سوف انتكث عليه في هذه المحاصرة، وأصرح بهذا الآن لئلا يقال ما بال باء تجر وباء لا تجر... وهنا موطن معركة فلسفية عن (الصور الجوهرية) منذ قدماء اليونان وبقيت في دوارها حتى نقضها أو أوشك أستاذ الفلسفة الحديثة (ديكارت) بمنهجه الرياضي.. الذي حاول دحض تلك الصور التي يرفضها كذلك الدكتور الخطراوي.. ومن ثم جاء اسيينوز ليدحض بمنهج ديكارت، وديكارت ذاته، ليقول إن خاصية المثلث ناجمة عن ماهية المثلث غير أن الرأي الإسلامي الذي أوقف الماهية على شروطها أو علقها على أركانها، كان ذا خطر في وضوحه وحسمه، ما يعضد رأي الدكتور ويعفي على رأيي السابق.. وهذا مستندي في نفي خاصية الفيلسوف عن شحاتة وإبقاء خاصية الأديب فيه.. وفي اللاحق من المكتوب سيأتي ما ينشر هذا اللف.
على العموم من حسن حظ الأدباء كما هو من سوء حظ الأدب أن ليس مكتوب على بابه كما قال (نخله)، ممنوع الدخول لغير العاملين.. أقول لقد ووجهت بذلك السؤال في كيفية تسجيل أولئك الأدباء في حساب الأدب السعودي والبعض منهم قد تشكل واستوى قبل العهد السعودي!! من أخي (أبو دلي) إذ كنا نندو مجلساً يدرس الدخول السعودي الموفق للحجاز.. فالسؤال كان حينذاك منجذباً عن ذلك الموضوع؟!.. فكانت الإجابة عليه معروضة في سؤال أو جملة أسئلة متفرعة عن بعضها، وهي، هل دخول عهد سياسي يفيد بالضرورة دخول عصر أدبي؟ أم أن أحدهما يسبق الآخر؟ بل وأيهما الأولى بالسبق والتقديم؟ من ثم أحلته على تاريخ الأدب العربي لطه حسين الذي قرر أن العصر الأدبي في أغلبيته سابق على العهد السياسي. وأن الأول - أي العصر الأدبي - على الدوام هو المرهص والمهيئ للثاني - العصر السياسي - وهذا الرأي له إياده ودعامته في الدراسات الاجتماعية الأنثروبولوجية.


nf1392@hotmail. Com

الصفحة الرئيسة
فضاءات
تشكيل
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved