الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 12th June,2006 العدد : 157

الأثنين 16 ,جمادى الاولى 1427

أعر اف
عبد الله نور (3)
محمد جبر الحربي

أحب عبدالله نور الشاعر الفلسطيني فواز عيد حباً عظيماً، وكان يجمعهما حب وفهم التراث والتاريخ العربي الإسلامي، وافتتان بكل حديث، وأعوامٌ طويلة قضاها فواز في المملكة هو والقاص والروائي سالم النحاس.
وكان أبو عبدالرحمن يحفظ تقريباً كل قصائد فواز في مجموعته (أعناق الجياد النافرة) الصادرة عام 1963 والتي تعد الأقوى من بين بدايات معظم شعراء الستينات الفلسطينيين حسب عز الدين المناصرة.
ورغم أن النور فتننا ومن بعدنا بروايته لقصيدة (دان.. دان) التي تجسد الراقص الجنوبي صاحب السبعين عاما:
صفق الراقصُ.. فاصطفت على الجنبينِ
جدرانٌ، ونخل ٌ
ويدانْ
واستدار الليلُ (خوصاً)، ووجوهاً
تتلوى: دانِ.. دانْ
كان شيخاً.. خلفه سبعون عاماً وصحارى
وعلى الخصرِ نطاقٌ..
وعلى الساحِ تلوبُ القدمانْ
تخفقُ الراحةُ كالنسرِ على الأخرى..
وتعدو الساقُ خلفَ الساقِ..
يلتفّ. . ويستعطي أكفّ المنشدينْ
راقصاً من عمره السبعين.. ينْفضُّ
جبينٌ بارقٌ..
تبكي- إذا أوجعهُ اللحنُ شفاهٌ
ويدانْ
ويغني طائفاً بالساحة الكبرى..
فتنهدّ أكفٌّ: دانِ.. دانْ.
إلى آخر القصيدة الجميلة التي كان يغنيها أبو عبدالرحمن راقصاً، إلا أن القصائد الأخرى التي كان يرويها كانت بنفس الدرجة من الفتنة، والموسيقى العالية، والتفاصيل والدفء والجودة. ومن تلك القصائد الرائعة قصيدة (رواه الترمذي) ومنها:
هما عيناك.. والخلجان والغرقى
هما خدرُ القواريرِ
هما القاتُ
موانئُ.. فيؤها الألوانُ والأسرى
أجئُ إليهما لأموت ملقىً مثلما ماتوا.
* * *
هما تعبُ النوافيرِ
تنوحُ بساحةِ الليلِ الكبيرِ.. بساحةِ الميدانْ
هما ماضيَّ.. أيامي التي أحيا.. هما الآتي
بكى صحبي لأنّ سحابةً مرتْ..
وما جادتْ بواحاتي.
وقصيدتا (أيلول الجامح) و(تشرين يمر).
إلا أن الشمل تفرق، ولم يجتمع الشتيتان، بعد مغادرة فواز إلى الشام.. والمخيم، وزياراته المتباعدة، فلم تحظ دواوينه اللاحقة بنفس الدرجة من الاهتمام، خصوصا (من فوق أنحل من أنين)، كذلك ديوان (بباب البساتين والنوم) الذي كان متميزاً وجميلاً كعادة شعر فواز، إلا أنني لم ألحظ أبا عبدالرحمن يتحدث عنه.
وأذكر أنني قابلت النور بعد وفاة فواز وشكرني على الكتابة عنه، وساهم هو بجهده في لفت الأنظار إلى وضع أبنائه وأسرته من بعده، كعادة أبو عبدالرحمن رحمه الله في مساندة القريب والبعيد والغريب، والسعي لخدمة الناس وتقديمهم على نفسه.
وهكذا كان النور جامعاً بين التراث كما رأيناه لدى الشنفرى والصمة وغيرهم، والحديث كما هولدى فواز وغيره من مبدعي الشعر العربي.


mjharbi@hotmail. Com

الصفحة الرئيسة
فضاءات
تشكيل
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved