الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 12th December,2005 العدد : 133

الأثنين 10 ,ذو القعدة 1426

تعقيباً على (فضائح (رواية!!!) بنات الرياض):
نقد بلا تجريح.. وإشادة بلا مبالغة
لم أكن أتخيل أن تصل حدود النقد بنا إلى التجريح والتعرية الفكرية، مهما بلغ حجم ومقام الناقد، لهذا كان شعاري في النقد (نقد بلا تجريح.. وإشادة بلا مبالغة)، ولكن ما حدث من الكاتبة منال قاضي في نقدها لرواية بنات الرياض الذي لم يخرج - فقط - عن حدود التجريح لمؤلفة الرواية، رجاء الصانع، بل انهالت هدماً بمعولها على التراث الثقافي والأدبي العربي معللة ذلك على حد قولها: (تولعت منذ صغري بقراءة شتى أنواع الفنون الأدبية من شعر ونثر وقصة ورواية، كنت أقرأ بنهم شديد كل ما كان يقع بيدي، ومن حسن الحظ أن الروايات التي ولعت بها لم تكن سوى روايات أجنبية). وتضيف: (إن هناك الكثير من الأدباء رسخ في ذهني صورة الرواية العربية، بأنها كتابات عبثية، تفتقد ما يسمى (الإطار) ضعيفة الحبكة والبناء، قليلة الخبرة، أسلوبها ينم عن الركاكة وسوء التركيز، فقيرة من القيمة الأدبية، ودائماً ما توضع على خط الهامش إذا ما قورنت بالروايات الأجنبية).
بداية أريد أن أعرف من الذي رسخ في ذهنها..؟ هل هو أديب حقاً؟ وإن كان أديباً فهو أديب عربي، أي إن هناك من الأدباء العرب من تثق برأيه، وتسير على خطاه هذه الكاتبة، ويالهول ما تقول: (لم أجازف بثقافتي وأقرأ روايات عربية حتى لا ينتقل فيروس (الرداءة) إلى قلمي)، نريد الآن أن نقرأ ما يكتب قلمها المتشبع بالثقافات الأجنبية، المتربص بكل ما هو عربي، وأسأل سؤالاً استفهامياً: مَنْ أنتِ حتى تحكمي على النتاج الأدبي والثقافي بالعبثية والركاكة؟ أنا لا أقصد قدحاً في ذاك وحاش لله أن أكون كذلك، إنما أريد أن أعرف مؤهلات من حكمت على أعمال محمد عبدالحليم عبدالله، نجيب محفوظ، يوسف إدريس، أو البحتري، أبو تمام، المتنبي، أو شعراء العصر الجاهلي أو أدباء الحداثة وشعراؤهم، هل تعلم الأخت الفاضلة الناقدة أن أعمال صنع الله إبراهيم تترجم لأكثر من عشرين لغة عالمية حتى قبل طباعتها ونشرها في وطنه؟ هل وقعت بين يديك ابيات للشاعرة الأندلسية حفصة بنت الحاج:
أغار عليك من عيني رقيبي
ومنك ومن زمانك والمكان
ولو أني خبأتك في عيوني
إلى يوم القيامة ما كفاني
حقاً زامر الحي لا يطرب، لنعد إلى التسطيح الفكري ورؤيتك غير الناضجة، تقولين: (من غير المعقول أن يقوم شخص من طبقة وضيعة بتصوير مجتمعات من الطبقة الراقية). يا لها من رؤية، إذن من المفترض أن يكون الأديب وضيعاً إذا أراد أن يكتب عن مجتمع وضيع والعكس صحيح، هل قرأت أعمال تولستوي وتشيخوف، وديستوفسكي، واليكس هيلي، والبرتو مورافيا، وفيكتور هوجو؟
ليس المقصود سرد أسماء الأدباء، ولكن الهدف هل هؤلاء عاشوا بيئة وواقع رواياتهم وأعمالهم؟ يا سيدتي الفاضلة؛ الأديب لا يحاكي واقعاً، بل يخلق واقعاً (بشخوصه) بشخصياته، حتى عنصري المكان والزمان هو من يتحكم فيهما، حتى وإن كانت البيئة المحيطة به هي بطل الرواية.
ونأتي لكلمة الفضائح التي وردت مرادفاً لكلمة ملاحظات!! فمن أدراك أن رؤيتك النقدية، هي الرؤية الصائبة، لست مدافعاً عن رجاء الصانع وروايتها، فلم تتح لي الفرصة لقراءتها، ولكنني قرأت ما كتب عنها من مدح وقدح، قرأت أن أديباً وشاعراً بدرجة وزير قدم لها، وما الذي يعنيه لك عمر الكاتبة الصانع سواء كان عمرها 23 أو 32 سنة، فهل للإبداع عمر وسن معين؟
وقبل أن أصل إلى النهاية أتساءل عن قصدك: (أنك شخصياً على علم ودراية بأعظم كتاب الرواية الأجانب، بيد أنك لا تعرفين اسماً واحداً فقط من كتاب الرواية العرب). وسؤالي هل هذا موضع فخر؟! ويبدو أن ناقدتنا العزيزة لا تقرأ في هذا أو ذاك، فهي تجزم أنه لا توجد رواية عربية تمت ترجمتها للغات أخرى، لن أقوم بحصر الروايات التي ترجمت، ولكن سأورد بعض الأمثلة فقط، أعمال نجيب محفوظ ترجمت لأكثر من ثمانين لغة بداية من الصينية واليابانية والروسية ومروراً بالإنجليزية والفرنسية، والألمانية والإيطالية وصولاً إلى الأسبانية والبرتغالية، حتى رواية علاء الأسواني (عمارة يعقوبيان) ترجمت لسبع لغات حتى الآن، وقد تعاقدت معه الجامعة الأمريكية على ترجمة كل إنتاجه لأربع لغات.
أخيراً من قال كما تقولين: إن الغرب يسخر من إنتاجنا الروائي؟
ألم تقع بين يديك أي صحيفة تتحدث عن تكريم الأديب المصري جمال الغيطاني في فرنسا، وصنع الله إبراهيم في ألمانيا وغيرهما من الأدباء اللبنانيين والسوريين والسعوديين.
إن الطامة الكبرى أننا نلهث خلف الغرب، نردد ما يقولون، حتى أمسى بعضنا أذناباً، أو مجرد ببغاوات نردد فقط بلا فهم أو دراية.
لقد أثرت ثقافتنا العربية المكتبات الأجنبية بلا استثناء، نراهم يتحدثون ويعرفون عن أدبائنا أكثر ما نعرف نحن أبناء أوطانهم.
الشيء الوحيد الذي يمكن أن أتفق فيه مع الناقدة، إن إنتاجنا الأدبي والروائي الجيد قليل جداً، ولكن هناك أدباء عالميون شئنا أم أبينا يأسرون الدنيا بإبداعاتهم.
نعم لن نركن إلى تراثنا الزاخر، ونبكي على أطلال مبدعينا السابقين، فهم أثروا العالم شاء من شاء وأبى من أبى، ولكن علينا أن ننظر بموضعية للأجيال الجديد من الأدباء لا أن نلجأ لجلد الذات و(سفسطة) الأمور، ومنطقة غير المعقول.
أخيراً مرحباً بكل الثقافات والفنون، لكن بعداً لكل (المتعولمين) الذين اتخذوا من تجريحهم لإبداعات أوطانهم سلماً.. ولكن إلى أين يرتقون؟ الله أعلم.


محمد إبراهيم مطاوع
صحفي مصري
metawei63@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved