بهية بو سبيت في قصص (أحلام عذراء)
نقد الواقع الاجتماعي سمة القصص في المجموعة
|
*مطالعات -عبدالحفيظ الشمري:
الأديبة القاصة بهية بوسبيت تطل على القارئ بعمل قصصي جديد وسمته بعنوان (أحلام عذراء)، وكرست من خلاله مفهوم القصة الواقعية.. تلك التي ترى فيه القاصة أنه الأسلوب المناسب والأمثل لتقديم هذه الرؤى الاجتماعية، فكلما تعمقت في عوالم المجموعة ستجد أن بهية بوسبيت تعمد إلى كتابة النص الاجتماعي الواقعي من أجل تحقيق معادلة (القصة - الحكاية) تلك التي تقيم بناء النص المألوف في التجربة القصصية.
ظلت القاصة بهية بوسبيت منذ القصة الأولى (أحلام عذراء) تعالج بعض القضايا الاجتماعية، لتبحث عن حلول مناسبة، وتوقعات محتملة لما ستؤول إليه أحلام الإنسان البسيط، وما يكابده من آلام ومتاعب قد لا يجد لها أي حل سوى الأحلام وبناء صورة الآمال في المستقبل.. ذلك الذي تعول عليه أبرز الحلول والوقائع.
قضية الزواج غير المتكافئ هو ذروة التنوير في قصة (أحلام عذراء).. هذه القصة التي حملت اسم المجموعة، وعبرت عن رؤية معرفية تريد الكاتبة أن توصل مغزاها ومعناها إلى القارئ من خلال عرض هذه الصور المتواترة عن قضية المرأة مع الرجل، حيث تأتي القصة مبينة لأوجه القصور في نسيج العلاقة بين هذين العنصرين من عناصر فعل الحياة.
قصص المجموعة الأخرى تميل إلى صنع هوية حقيقية للإنسان البسيط.. ذلك الذي لا يود أن تقتحم عالمه ممارسات الأهواء والنزوات والبحث عن الذات حتى وإن كان على حساب الآخرين.
الهوية الحقيقية لقصة (القرار الأخير) في المجموعة تأتي محافظة على هيئة حلم عملي يرتبط برغبة سامية في تحقيق حلم طالما راود تلك الفتاة التي تحلم بأن تكون (طبيبة) تحمل هموم المرأة إلا أن هذا الحلم لم يشأ له أن يستمر رغم تخرجها طبيبة وتعيينها في أحد المستشفيات فقد اصطدمت بقضية الزواج والأطفال حيث أصبحت أمام خيارين، إما الحياة الزوجية وبناء أسرة أو حياتها العملية حيث انتصرت رغبة الأمومة فيها لتترك عملها طبيبة وتحقق حلمها الجديد بالبيت والأطفال بدلاً من حلمها القديم.
قصص الكاتبة بهية بوسبيت تميل إلى النقد الاجتماعي للواقع الذي تعيشه المرأة على وجه الخصوص في ثنائية تتردد غالباً (الحكاية - المجتمع) حيث تتكون قاعدة حكائية تثري سياق الحوار الذي قد ينشأ من منطلق فهم ناقص أو مبتور لماهية العلاقة بين الانسان ومجتمعه حيث تصبح كل قضية حكاية قابلة لأن تناقش وتدور على الألسن، ليصبح دور الكاتب استشرافياً لأهمية ما يريده سياق التلقي للحكاية التي تصدر من المجمع وتعود إليه، إلا أن خروجها من المجتمع قد يكون بهيئة ردة فعل فيما تتحول لاحقاً إلى مجرد حكاية سرعان ما يلتقطها الكاتب الحاذق على نحو ما فعلت بهية بوسبيت حينما سجلت مواقف عديدة حول قضية المرأة مع المجمتع، إلا أنها حافظت على توهج الحكاية الواقعية.
لم تعمد الكاتبة إلى الأسلوب الخيالي في معظم قصصها إلا أنها نجحت في تهيئة القارئ لكي يتقبل رؤية ما خارج بؤرة الحدث الذي ترسمه على نحو ما قدمته الكاتبة في قصة (بئر الجراح) حينما استطردت في وصف قضية الفتاة (وفاء).. تلك التي رفضت مشروع الزواج من فتى لا يعرف من الحياة إلا قشورها، ورتوشها.. لكن هذه العلاقة أصبحت شاقة ولم تحقق بعدها المعبّر.
القاصة بوسبيت تقف عند أول خيط في العلاقة الإنسانية؛ لتلتقط للقارئ ما تراه مناسباً من هذه الحكاية الطويلة التي تنسجها أفواه الرواة حيث تصوغها على نحو بديع يؤثر في القارئ ويرفع من الذائقة.
سجلت الكاتبة مواقف واضحة من قضايا المجتمع حيث انبرت لبيان جزء من هذه القضايا، المتمثل في قضية الفتاة والمرأة وقضايا أنثوية أخرى حيث ترى أنها الأجدر في وصف تلك المواقف الكثيرة، والقصص التي لا يمكن لها إلا قرارات صائبة تصب في عمق التجربة لتصنع من هذه القرارات حلقة وصل تربط فيها أجزاء الحكاية طرفاً بطرف، لكي تحقق بعدها الاستشرافي الذي يصنع من الخطاب الإنساني أداة لفعل ما هو محتمل ومقبول في جملة هذه القضايا التي تعيشها المرأة على وجه الخصوص على نحو ما استعرضته في جميع قصصها في هذه المجموعة.
القصة الواقعية هي الملمح الواضح في تجربة القاصة بهية بوسبيت منذ قصصها الأولى.. تلك التي نشرتها في أماكن مختلفة.
إشارة:
* أحلام عذراء (قصص)
* بهية بوسبيت
* دار عالم الكتب - الرياض - 1426هـ
* تقع المجموعة في نحو 176 صفحة من القطع المتوسط
|
|
|
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
| 
