الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 12th December,2005 العدد : 133

الأثنين 10 ,ذو القعدة 1426

قصة قصيرة
العنب المسمم!
عبدالحليم البراك بريدة
مدخل:
(يريدون أن أموت، لكي يمدحوني..
وهم أقفلوا باب بيتك دوني،
وهم طردوني من الحقل،
وهم سمموا عنبي يا أبي!)
محمود درويش..
-1-
عندما مات أخي عبدالرحمن، قلت له:
- هل كنت تحبني؟ لم كنت تؤذيني!
لم يجب على سؤالي، بل بادلني السؤال بسؤالٍ عاجل،
- ماذا عنك أنت؟!
لم أجب أنا أيضاً! ليس لأنني لا أريد ذلك، بل لأن عينيه كانتا حمراوين، زائغتين كجمرة ملتهبة، تبحثان عن شيء تائه، انشغلت بهما. فجأة، أقبل بجسده الميت، كان يريد أن يقول لي: ضمني، لم أشأ أن أنصرف عنه، قبلت جبينه الأسمر، كان بارداً كقالب ثلج رديء! وضعت يدي على خديه، مررتهما بهدوء على عينيه لأطبقهما..
كانتا مطبقتين!
-2-
- كيف أمي نورة؟
- جدتك تطلبك الحِل!
أستاذنت من عملي، أقطع كتل الإسفلت تائهاً، البيت كان جامداً كصرخة لا تريد أن تخرج!
دون أن أنبس، اقتحمت جماعة المتحلقين بعيداً عن الموت، المتحذلقين على فرائسه، التغييب يختار كل يوم اختياراً جديداً، أخي بدر أشار إلى غرفتها، كانت لوحدها ملقاة كجذع منهك..
سألتها:
- مُتِّ؟
- سم؟!..
- مُتِّ؟
- ....
لم تجبني هذه المرة، ولم أكن أنتظر منها جواباً، فقط نظرت إلي بعينين اختلطتا بماء ابيض، صغرت عيناها كثيراً، كان موتها صعباً هذه المرة!!، فالبلغم لم تفد فيه محاولات الأطباء بسحبه، حتى لفظت أنفاسها الدنيوية!
فجأة، قالت لي بشفتين يابستين كخشب قديم:
- أنت طيب يا ابني..
- ...
لم أنبس، لم أكن أنتظر مديحها في يوم كهذا! فقد أحضرت الموت لقلبي،
- ماء!
- سمّي...
بللت شفتيها بالماء ولم ترحمني نظراتها الميتة، فلا حياة في ماء كهذا!
-3-
كان أصعب شيء يمكن أن أقوم به، أن أخبر زوجتي بموتها، فقط سمحت للموت والصمت أن ينهش جسدي!
المرض الذي يظهر ويغيب، لم يكن يمنح لي وقتاً أن أقول لها ذلك، مستقبلاً موتها بخبر!
فقط، آثرت الصمت مرة أخرى، لم يكن مؤلماً، ثمة شيطان صامت يرقص في داخلي.
-4-
عندما مت، فرغت نفسي للاحتضار كعاشق له!، بعدها، جاءوا وتحلقوا حولي، وسمعتهم يثنون علي!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved