الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 12th December,2005 العدد : 133

الأثنين 10 ,ذو القعدة 1426

شرف قاطع طريق
تأليف: حنا مينه
بيروت - دار الآداب - 2005
(شرف قاطع طرق) رواية تؤرخ لعشرينات القرن الماضي وتكشف حجم الماساة والمعاناة لذاك الطفل الذي رافق عائلته المؤلفة من الاب والام وثلاث بنات في ترحالها القسري خوفاً من القهر والجوع ابان الاحتلال الفرنسي لسوريا وتسلط الاقطاعيين والاحتلال الفرنسي على الناس.. حيث يرصد حنا رحلة الخوف والعذاب من بلدته السويدية إلى انطاكية في نزوح اضطراري بعد نكبة تربية دودة القز وهربا من المختار الذي كانت تدين له العائلة بمبلغ ضخم عاما بعد عام بسبب الفائدة المتراكمة.. وقد كان السبب الرئيسي لهذه الهجرة (اقتصاديا بحتا) بعد ان أوقف الفرنسيون الذين يحتلون سوريا آنذاك الفلاحين عن العمل في تربية دودة القز التي تفرز الحرير وقضوا على هذه المهنة لتنشيط الحرير الاصطناعي الفرنسي وتسويقه بدون منافس... وفي هذه الرحلة يقدم حنا مينه مشاهداته عن قطاع الطرق والوازع الاخلاقي الذي يحملونه والذي يتحكم بمهنهم غير الشريفة.. كما يستعرض حنا خوف امه الدائم على العائلة وشجارها الدائم مع والده اثناء هذه الرحلة الشاقة مقابل عدم اكتراث الاب (السكير) بما سيجري وما هو المجهول الذي ينتظر هذه الاسرة حيث تتوالى الاحداث المؤلمة بشكل متسارع في سياق الرواية.. يقول حنا مينة: (سئلت يوماً: وهل لقطاع الطرق شرف؟ فأجبت: نعم لهم شرف أكثر من بعض الفاسدين في الوطن العربي. شركة مايكروسوفت الأمريكية العالمية نوهت بهذا الكتاب من بين الكتب التي قدمتها مؤخراً. أنا لا أقول هذا لأفتخر بأن شركة قدمتني أو أنها عرفت كتابي، إني أقول إن الكلمة كانت بدءاً وستبقى أبداً هي التي تصوغ وجدان المناضلين والمكافحين على جميع الجبهات، إذا لم تكن الكلمة ماجدة ممجدة وقادرة على صياغة وجدانات الذين يقاتلون في فلسطين قتالاً لا مثيل له بعد الحرب العالمية الثانية، والذين في العراق يقاومون مقاومة باسلة وأعني بهم المقاومين الشرفاء. وقد كتبت مقالة حول هذا الموضوع لأن أمريكا أحضرت معها إلى العراق كمية كبيرة من المرتزقة والموساد الذين يقومون بتفجيرات تقتل الأبرياء...).
ويرى حنا مينة ان ثمة سؤال يقول: هل هذه الرواية من الواقع، أم أنها محض خيال.. ؟؟ فأقول: إن الرواية تتحدث عني وعن عائلتي في عشرينيات القرن العشرين، وتتناول مجموعة من الأحداث التي واكبت الحركة الجهادية للاستقلال من المستعمر الفرنسي الذي كان رابضاً على الأراضي السورية).
بعد أربعين عاماً سأعرف اسمها الحقيقي، وتأتي المعرفة مصادفة، كأنما كتب، في لوح القدر أن أتألم من أجلها مرتين: أولاهما عندما كنت طفلاً في الخامسة من العمر، وثانيها عندما نيًّفت على الخامسة والأربعين! لقد كانت في المرة الأولى امرأة منبوذة، وكانت في المرة الثانية امرأة شقية، وهي، في الحالين، ضحية مجتمع ذكوريّ ظالم، يبرر للرجل ما لم يبرر، ويعد الأنشوطة للمرأة، التي هي من كل النواحي، محكومة بحرمٍ اقترفه هذا الرجل بالذات، فناب عنه المجتمع بإصدار حكمه الأقسى من الإعدام! أذكر، في ما وعت ذاكرة الطفل الذي كنته، أن والدي قال لوالدتي ذات يوم: لا تدعي هذه المرأة تدخل هذا البيت.
قالت الوالدة: وماذ أفعل إذا طرقت علينا الباب؟ أغلقيه في وجهها! وإذا لم يكن لها من بيت تأوي إليه؟ لتذهب إلى جهنم عندما تموت، إذا لم يغفر لها الله، لكنها الأن حية، فماذا تفعل بنفسها؟ وهل أنا مسؤول عنها؟ ألست خالها؟ أنا برئ منها إلى يوم القيامة؟... ورنت صفعة على خدّ الوالدة، خلتها، في خوف الطفل على الأم، أنها رفت على خدّي، فما كان من الوالد إلا أن رفع يده الثانية، فانفجرنا، أخواتي وأنا، بالبكاء، وركضت الوالدة إلى المطبخ فاحتمت بداخله، بينما الشتائم في حقّ (جنس حواء) تتشظّى وترتطم بجدران البيت!..).
إلا أن الروائي حمّل روايته الكثير من المعاني التي ساقها ضمن السرديات التي حملت في جزء منها قصة تلك المرأة التي نبذت من مجتمعها الذكوري بسبب عملية اغتصاب تعرضت لها من قبل لصوص اقتحموا بيتها في غيبة زوجها، إلا أن هؤلاء اللصوص حملوها عاراً رافقها إلى نهاية حياتها.
وهنا يقول حنا مينه: (الزمن كان إلى جانب الزوج، العشرينات من هذا القرن كانت موبوءة بالجهل، بالتخلف، بالظلم الاجتماعي، وكانت السيادة المطلقة للرجل). وقد أودع حنا روايته معاني ومرامي أُخَر، إذ أن الرواية في جزء آخر منها حملت صورة الرجل الشهم البطل الذي حارب الظلم والقهر في مجتمعه على الرغم من كونه قاطع طريق- وهو هنا يتحدث عن خاله -. ومن خلال صنعة روائية ارتقى الكاتب بقصته إلى منحىً استغل من خلاله شخصياته لوصف تلك الفئة من قطاع الطرق الذين كانت لهم مساهمة مشرفة في الصراع مع العدو الفرنسي في ذاك الحين. يقع الكتاب في (208) صفحات من القطع المتوسط.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved