الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 12th December,2005 العدد : 133

الأثنين 10 ,ذو القعدة 1426

رؤية
حجر (العودة)..؟
محمد الدبيسي

يمثل (حجر الزاوية) في نظري.. النقلة النوعية في التصور والتطبيق.. لخطاب (سلمان العودة) وحده..؟ وأقول وحده..، لأن معطيات خطاب (العودة) الفكرية ومرتكزاته (القديمة) التي انزاح عنها، - كانت (ذاتها) السلفية التقليدية في منحاها الخطابي الدعوي.. وأجوائها التعبوية.. لدى جيل من رموزها.. وتلاميذهم.. (جلهم.. أو كلهم) يعيد ترداد ذات اللغة والأفكار والمضامين، وبذات الأسلوب والإيقاع النفسي.. وعلى نفس (الهم القديم) المنفصل - في بعض نماذجه - عن الواقع.. ومقدماته وسياقه ونتائجه..؟
* (ثلاثون حلقة).. كانت كافية (ربما).. لكشف الأساس المنهجي الجديد.. والتصور الديني المتطور الذي صار إليه (الشيخ).. والأولويات التي اختارها وحددها.. والقضايا التي مسها وتعاطى معها.. وحاول فيها أن يكون مستجيباً للواقع ومتغيراته..؟
فالمستوى المعرفي الذي تشكلت منه رؤيته لقضايا (الدنيا والدين) تعكس إدراكه لنظام هذا الواقع وملابساته، لينصرف عن الارتهان لما كان..؟ أو ما سيكون..؟
إلى معالجة ما هو (كائن).. واستشراف تأثيره في المستقبل..؟
* بمعنى من المعاني هو اشتغاله على قضايا (الواقع والحياة) - .. بعيداً عن الإيغال في قضايا الغيب المطلق وتكرار (الكلام) عن المسلمات والمبادئ الشرعية البدهية..؟ - (الواقع).. الذي لم يعد مقنعاً معه.. كثرة المرددين لقضايا كيفية الصلاة والوضوء.. أو صلاح الأبناء وفضل إطلاق اللحية وتقصير الثياب، وعدم سماع الأغاني.. والانصراف عن الدنيا ومتاعها الزائل..؟.. وكثيراً مما علم بالضرورة ومورس بمقتضى الفطرة، وتشكل وفقاً لسائد التربية الاجتماعية..؟
(تناغماً) مع وتيرة أصاخت لها الأفئدة، واستمرأتها الأذهان.. فصارت جزءاً من نظامها.. وفهمها لقضية (الدين) واختزاله في دائرتها..؟ فضلاً عن (مكونه) الأهم (المعاملات).
وهو ما يرتقي ب(سلمان العودة) عن أن يكون ذلك (الشيخ) الذي يستمد حضوره السلطوي المؤثر من جمهور واسع، يمتثل لمشيئة الشيخ، ويعتبر حصناً ومبرراً لوجوده..؟ إلى (شيخ) يستمد حضوره وتأثيره من (معرفة) مكنته منها فترة قراءة ومراجعة وإعادة تأسيس، وإعادة صياغته لأولوياته ومواقفه..؟ ومن ثم لم يعد محتاجاً (معها) إلى سند اجتماعي بتلك الصفات..؟
وعندما يختار (الشيخ) فيما اختاره من قضايا، الأثر السلوكي المتوخى من العبادة.. أو غيرها من قضايا.. تمس واقع المجتمع الإنساني (المسلم).. الذي نشكل جزءاً منه.. بل أكثر الأجزاء حاجة لإصلاح وعيه الجمعي..؟ وأكثر الأجزاء نفوراً من الامتثالية للشيخ (الرمز).. والقول (الواحد) الفصل..؟..
وبذلك يعتبر حضور (سلمان العودة) وخطابه، في هذا الوقت.. خطوة (تنويرية) في إطارها وظرفها الزمني، و(تتضافر) مع حركات واجتهادات المطالبة بالتغيير الاجتماعي.. دون أن (تنتظم) في (مساق) توجهه رؤية إستراتيجية..؟
* من الامتثال إلى الفاعلية.. هو ذلك المسار.. الذي أجاد فيه (العودة).. في بث مفهوم راقٍ (للتصحيح والإصلاح).. المرتكز على بينة الوعي الديني..؟
(الدين) كجزء من الهوية وكمؤسسة اجتماعية وقانون واقعي، ينقي العلاقات الاجتماعية وينظمها.. وينأى عن التشدد والشطط في تناولها.. ليعرض الرأي المعتدل فيها.. ويستبين العلاقة بين الشأن الديني و(الدنيوي).. والبحت في هذا الإطار، انطلاقاً من مبدأ (الخطأ والصواب).. وليس من حتمية (الحق والضلال)..!؟
حيث لم يعد (العودة) ذلك (المشغول) بترسيخ الإيمان أو تكريسه والانمياع العاطفي الشعاري في شرح واستعراض قضاياه..؟ لأن الإيمان قضية يقينية.. لا تقبل الشك أصلاً..!؟
وإنما اتجه إلى البحث في مسألة (الدين) كنظام للتعامل.. يحكم الحياة وينظم العلاقات بين الناس..؟
* عندما يظهر (العودة) بخطابه - المناقض للمفهوم الافتراضي التقليدي، الذي لم يعد مجدياً.. في هذا العصر..؟ - إلى تشكيل رؤيته بشذرات من النظرية الاجتماعية وأسلوب الحوار الجريء والنقاش العقلاني، الذي يتوسل الإقناع باعتبار كفاءة المتلقين ووعيهم.. فذلك ما يمنح خطابه الجديد التأثير والنجاح.
وعندما يختار.. (حجر الزاوية) اسماً لبرنامجه ورمزاً لحضوره وأطروحاته فثمة إشارةً ضمنية، بأن الحاجة باتت تفترض وتتطلب (بناءً جديداً)، بعد أن فقدت أحجار (البناء القديم) قيمتها.. وتلاشى تأثيرها، مما يعني عقلانية دور (الشيخ) بإلقاء (حجر جديد وثقيل) في مستنقع الركود.
* إنني إذ أشيد بهذا (الرجل).. وأؤمل على دوره.. فلأنني على قناعة بأن دمج المعرفة بالدين كما تراءى لي من خطاب (الشيخ)، يوحد بين الوظيفة الدينية.. والوظيفة الثقافية.. في وقت وظرف باتا يلحان على ضرورة (تجديد) ثقافتنا الدينية، وذلك مرهون بتجديد الخطاب..؟.. (خطاب) أضحى جريئاً في مكاشفة كل (القضايا)..؟
فليس ثمة قضية تمتلك حصانة ضد (الحوار) حولها أو مراجعتها..! طالما هي في (دائرة) الدين كنظام اجتماعي، والواقع الدنيوي.. وكل ما يدور فيه.. وبذلك تمتلك قابلية المراجعة والتغيير والتطوير..؟
لقد ظهر (العودة).. بخطاب يتجاوز الأطر (المغلقة) - التي تتسم بالثبات - ويلج إلى واقع يومي وحراك مستمر.. ويناوش مسلمات صلدة في الذهنية العامة..؟
ربما لم ولن يروق خط كهذا.. لمريدي (الشيخ) القدامى.. الذين لا يتفقون مع (ميكافيلي) في رأيه (أن الزمان خلف كل حقيقة).. ولأن ذلك كذلك..؟.. فسيواجه (أو لعله ووجه) من قبلهم (بتهم ما..) أعتقد أنه يدرك حقيقة محركاتها ودوافعها.. ويمتلك من الأدوات ما يجعل (خطابه) يقوض ما ألفوه من تسليم مطلق بمقولات ومواقف (معينة).. ويشق خطاً تنويرياً في خطابنا الديني..؟


Md1413@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
اوراق
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved