الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 13th February,2006 العدد : 140

الأثنين 14 ,محرم 1427

في الغرب وفي الشرق
آباؤنا الشعراء يتنافسون
* الثقافية عبد الله السمطي:
هل لنا آباء شعريون في الغرب، كما لنا آباء شعريون في الشرق؟ وما مدى استثمار هذه المعرفة الشعرية الجمالية بفنون الشعر في الغرب؟
لقد تربى أغلبنا على شعرنا العربي قبل الإسلام، وشعرنا في العصور الإسلامية المختلفة، في شعر عمر بن أبي ربيعة وابن الدمينة والفرزدق وجرير والعباس ابن الأحنف، والشعراء العذريين، وتوقفنا طويلاً عند شعر العصر العباسي الأول والثاني بشعرائه الكبار من أبي نواس إلى أبي العلاء المعري، مروراً بالشعراء: ابن المعتز، وبشار، وأبي تمام والبحتري وأبي الطيب المتنبي، وأبي فراس، ثم ابن الفارض، والحلاج، هؤلاء الشعراء الذين مثلوا الأبوة الشعرية الفتية لكل ما جاء من شعر عربي بعد ذلك حتى ظهور البارودي وشوقي واقتباسهما أو معارضتها الشعرية لهذا الموروث الشعري الكبير لأمة الشعر، وأمة التخييل، وأمة الذهنية الوجدانية العاطفية، على الرغم من كل شيء.
وتوارث هذه الأبوة شعراؤنا الكبار على مدار القرن العشرين الميلادي: شوقي، حافظ، الجواهري، الشابي، مطران، بشارة الخوري، ناجي، طه، نازك، السياب، أدونيس، عبدالصبور، نزار، الماغوط، البياتي، العيسى، عفيفي مطر، النواب، أحمد مطر، سعدي، دنقل، درويش على سبيل المثال، هؤلاء الكواكب الشعرية الدرية الذين يحق لنا بوصفنا أمة الشعر أن نفخر بهم، وبإبداعاتهم التي تربت عليها الأجيال الشعرية المختلفة ولا تزال تتربى على أشجار مخيلاتهم حتى اليوم.
وكما أن لنا في هؤلاء أبوة شعرية، فأيضاً كان لنا في الغرب أبوة أخرى مختلفة، حققها هؤلاء الشعراء باتصالهم المباشر أو غير المباشر بالثقافة الغربية، استهلت عبر تأثر شوقي بحكايات الشاعر الفرنسي لافونتين، ثم باستلهامه المسرح الشعري اليوناني والإنجليزي (الشكسبيري)، ثم توالت درجات التأثير حتى وصلت إلى مرحلة الأبوة، واستلهام الأعمال الشعرية خاصة عند شعراء الشعر الحديث، فوجدنا استلهامات من: بودلير، ورامبو، وإليوت وباوند (اللذين احتلا مكانة مهمة في تحولات القصيدة العربية الحديثة خاصة عند يوسف الخال، وصلاح عبدالصبور، والسياب، وجبرا إبراهيم جبرا)، وسان جون بيرس (خاصة عند أدونيس)، وكذلك: الشاعر الأمريكي والت ويتمان، واليونانيان كفافيس، وريتسوس (خاصة فيما يتعلق بالتفاصيل الصغيرة، وكتابة الهموم الشخصية، ووضح التأثر الشديد إلى درجة الأبوة لدى شعراء قصيدة النثر العربية الذين عثروا على أبوتهم الفنية عند: رامبو، وريتسوس، وبودلير، وبريتون. ومن الكتب التي أثرت كثيراً لدى شعراء الشعر الحديث، وقصيدة الحداثة العربية الكتاب الذي ترجمه الدكتور: عبدالغفار مكاوي بعنوان: (ثورة الشعر الحديث) الذي مثل وسيطاً مهماً رائداً لتعرف الشعراء العرب المحدثين على نماذج مهمة من الشعر الغربي، مسبوقاً بترجمات لأدونيس، وجبرا إبراهيم جبرا، ثم لويس عوض في تقديم قصائد مهمة في الشعرية الغربية.
وعن هذا الأثر الذي تركه الشعر الغربي في العربي الحديث، وفي طريقة تلقي الشاعر العربي لتراثه الشعري والنقدي، يقول أدونيس وهو أحد أركان قصيدة الحداثة العربية في عصرنا اليوم: (أحب أن اعترف أيضاً أنني لم أتعرف على الحداثة الشعرية العربية من داخل النظام الثقافي العربي السائد، وأجهزته المعرفية. فقراءة بودلير هي التي غيّرت معرفتي بأبي نواس، وكشفت لي عن شعريته وحداثته. وقراءة مالارميه هي التي أوضحت لي أسرار اللغة الشعرية وأبعادها الحديثة عند أبي تمام، وقراءة رامبو، ونرفال، وبريتون، هي التي قادتني إلى اكتشاف التجربة الصوفية - بفرادتها وبهائها، وقراءة النقد الفرنسي الحديث هي التي دلتني على حداثة النظر النقدي عند الجرجاني خصوصاً في كل ما يتعلق بالشعرية وخاصتها اللغوية - التعبيرية) (الشعرية العربية: دار الآداب، بيروت، ط1 1985 ص 86).
لا ريب في أن هذه المعرفة الجديدة التي يتحدث عنها أدونيس، تثري حركية الإبداع الشعري العربي، الذي قدم نموذجاً شعرياً مبهراً تمثل في الموشحات الأندلسية حين عبر الشعر العربي إلى الجهة الأخرى، جهة الغرب، كما قدم قصيدة حداثية تكاد تضارع الحداثة الشعرية في الغرب، مستلهما بنياتها، وأبعادها الشكلية، ورؤيتها وحركيتها، واستقصاءاتها، ولكن برؤية / رؤيا عربية خالصة لأنها انطلقت من جماليات (ودلالات) اللغة العربية.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved