الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 13th February,2006 العدد : 140

الأثنين 14 ,محرم 1427

السيرة الذاتية
عبدالله بن حمد الحقيل

تمثل السيرة الذاتية جنساً من الكتابة الأدبية التوثيقية ولا تزال تمثل منجزاً أدبياً لدى مختلف الثقافات فكل شخص في هذه الحياة لا بد له من ذكريات في أي ناحيد من نواحيها العلمية والاجتماعية أو الفكرية أو السياسية.. هي حصيلة تجربة في الحياة التي لا تخلو من تجارب وعطاءات وعبر، وخاصة من بلغوا مرحلة الشيخوخة وتوقفوا عن العطاء وكان لهم دور مؤثر ومتميز.. ومن الخير إلا نبخس الناس أشياءهم والجزاء من الله.
إذ المذكرات أو السير الذاتية سجل للأحداث لأنها تتحدث عن تاريخ عصر من العصور وتصوير حقبة من الزمن مما يجعل في قراءتها متعة وفائدة لما تدل عليه من ملامح الحياة وما تحمله من أفكار وكشف لحقائق النفس بحيث يتجلى فيها صدق التعبير وتكون السير الذاتية فناً من أجمل فنون الأدب وأكثرها قبولاً ورواجاً وأصبحت فناً يزداد الاهتمام به في العصر الحاضر إذا يقبل عليه القراء إقبالاً شديداً، وهذا النوع من الفن لا يحتل مكانته وخاصة لدينا وفي العالم العربي قاطبة.. بينما نرى أدب السيرة الذاتية يتميز ويزدهر في الغرب وتحفل به دور النشر والصحافة والإعلام في البلدان الغربية ولقد حالت المعوقات النفسية دون ازدهار أدب السيرة الذاتية في الشرق بما ينطوي عليه من اعترافات صريحة.. أما ميخائيل نعيمة فيقرر في سيرته الذاتية (سبعون) إن حكاية ساعة واحدة من ساعات العمر أمر صعب فكيف يمكن حكاية سبعين سنة.
إن مجال السيرة الذاتية نوع من أنواع الأدب وتتميز بأن كاتبها يكشف عن خبايا نفسية ويعرض حياته وتربيته وأساليب تعامله وما اعترى حياته من تجارب وخبرات وذكريات وممارسات وما واجهه من متاعب وما صادفه من مواقف طريفة ومثيرة وكذا توضيح الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي لازمت مسيرة عمله بحيث يكون عرضة لتلك السيرة بالوضوح والصراحة التي تعينه أن يخرج من ذاته ويقف من نفسه موقفاً موضوعياً ولا يخشى مواجهة تلك الأشياء التي مرت في حياته مهما كانت صغيرة أو كبيرة فهي تعبير عن موقف كاتبها واتجاهه وما يدور في مجتمعه من أمور وقضايا. وتتباين السير الذاتية من فرد إلى آخر وبما تنطوي عليه من أفكار وتجارب وذكريات وأخلاق ومثل وعادات وغير ذلك مما يبرزها بشكل جلي.
ومن يستعرض التاريخ العربي الإسلامي يجده زاخراً بالسير الذاتية لعدد كبير من العلماء والأدباء والمفكرين والرحالة والساسة والأمراء وغيرهم حيث قاموا بتسجيل وسرد سيرهم وإبرازه في مؤلفاتهم وذلك في وصفهم لنشأتهم وتعليمهم وسلوكهم ورحلاتهم وما صادفوه من مشاق ومحن وما شاهدوه من آثار وبلاد وأحداث وما تركوه من عطاء وإنتاج ومؤلفات كالجاحظ وابن حزم والغزالي وابن خلدون وابن بطوطة وياقوت الحموي وابن فضلان والمقريزي وغيرهم.
كما نشر العقاد، وطه حسين، وأحمد أمين، والمازني، والزيات وغيرهم فصولاً عن سيرتهم الذاتية.. حيث تحدثوا ووصفوا ما جرى لهم وما أحاط بهم من ظروف وحوادث فسجلوا ذكرياتهم وسيرتهم العلمية والشخصية واهتماماتهم الفكرية ومشاهداتهم في البلدان التي زاروها.
إنها تجسيد لصورة الحياة والعصر الذي عاش فيه كل منهم وشكلت حياته وما تميز به من علم وفنون فكرية.
وفي العصر الحاضر ظهرت مجموعة من الكتب تتسم بالاعترافات والمذكرات واليوميات والرسائل وهي ترجمة لحياة كاتبيها وتصوير لعصرهم وإماطة اللثام عما كانت عليه حياتهم وتعاملهم مما قد لا يعرفه سواهم من أسرار حياتهم ووجهات نظرهم.. وتنطوي بعضها على تجربة وخبرة وفائدة وتجارب عاشها أصحابها وخاصة من كان لهم دور بارز ومؤثر في مجرى الأحداث.
وهناك مجموعة من الأباء السعوديين كتبوا سيرتهم الذاتية كأحمد السباعي، ومحمد عمر توفيق في كتابه هذه حياتي، وحسن كتبي أشخاص في حياتي، وحسن نصيف مذكرات طالب، وعبدالعزيز الربيع ذكريات، وغازي القصيبي سيرة شعرية، ورحلة الثلاثين عاماً لزاهر الألمعي، وذكريات العهود الثلاثة محمد زيدان، وسوانح الذكريات لحمد الجاسر، وتباريح التاريخ لأبي عبدالرحمن بن عقيل، ورحلة العمر لمحمد مرداد، وحياة من الجوع والحب والحرب عزيز ضياء، ومذكرات خلال قرن من الأحداث لخليل الرواف، ومذكرات في ذكريات من حياتي لعبدالكريم الجهيمان، ومن حياتي لمحمد بن سعد بن حسين وغيرهم من لا تحضرني أسماء تلك الكتب التي تشتمل على فن السيرة الذاتية في الأدب السعودي. وهكذا تظل السيرة الذاتية صورة من الصور التاريخية والأدبية لها أثرها في إثراء الفكر والأدب والمعرفة ويجد فيها القراء دروساً وعبرة وفائدة ومتعة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved