قصة قصيرة السكين المثلومة عبد الهادي القرني
|
ليست فاضلة في كل شيء، ولكنها قريتي التي نشأت بها، لها لمسة ساحرة فاتنة فقوانين الحياة الطبيعية تسري عليها مع ارتفاع فى جمال هذه القوانين عندما تغادر الشمس منازل القرية، وتسمع أصوات الأمهات من الأغنام وهى تثغى طلبا فى صغارها بعد حرمانها منها طوال النهار، قريتي يستبقى أهلها قليلا من الحليب ويبدأ الرجال فى الذهاب إلى المسجد لصلاة المغرب، وأما النساء فينصب اهتمامهن على الاعتناء بالأغنام..وتهيئة مراحها... بعد أداء صلاة عندها يجتمع أهل البيت حول القهوة، التفت الأب وسأل أين سارة فقد كان من المفترض تواجدها ولكنها أطالت فى عدم الحضور فهي كبرى بناته والساعد الأيمن لزوجته وسيفتقدها قريبا فلقد بلغت الخامسة عشرة واصبح كل رجل من أهل القرية يتمناها لابنه.... لم ترد عليه الأم.. فلقد كانت سارة على غير عادتها، اصبح السرحان رفيقا لها.. واصبح النوم متأخرا من عادتها متعذرة بدراستها.. ولكن من يغوص الى أعماقها ويبحث بين حنايا الصدر الصغير، انه يحمل هما خيل إليها انه سوف ينزع منها حياتها.....
وسيقتلع منها أضلاعها الصغيرة ويجعله شاهدا على قبرها....انها الآن تعود بذاكرتها آخر لقاء بينهما... عندما أخبرها أنه سيغادر الى المدينة فهو لا يرى نفسه فى هذه القرية الصغيرة ...وقد لا يعود إليها...
قالت له: سأكون ضميرك الذي تحمله بين جناحي قلبك.
نظر إلى الجهة الأخرى وقال: لقد كان خطئي!!!!!!..
لم تفهم ما يعنيه بهذه الكلمات، فتقدمت اليه ومن خلف ظهره أصرت على توضيح ما يقول...أخبرها انه سئم من رتابة هذه القرية، لم يعد هناك شيء يميزها كما كانت فى صغره...وانه سينتقل منها.. ولكنها لم تيأس وقالت: أي طريق فى الحياة، ليس له معنى إذا لم اكن برفقتك، وشاهدا على خطواتي المجنونة إليك.....
التفت اليها وهو يقول إن حياة المدينة تختلف عن القرية، ابتعدت عنه، سألته وهذه المرة أصبحت كسكين مثلومة، لا تحسن القطع أبداً:
هل تعرف من أنت!!!!!!!
لم يجب فقد كان يتوقع منها كل شيئا،، فرد ببساطه:
أنا اعرف من أنا.... وأنتِ!!!!!
تيقنت من انه لم يعد هو كما كان، اقتربت منه ووقفت ملاصقة له ووضعت شفتيها على أذنه وهمست:
نحن لا نستطيع أن نغير من المستحيل ولكن نستطيع أن نتحكم به، ولا تعتقد أن اسفك في يوم من الأيام سيكون كافيا لكي تحصل علىّ مرة أخرى.
| | |
|
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى
chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى
admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved
|