الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 13th February,2006 العدد : 140

الأثنين 14 ,محرم 1427

من يحاكم مرتكبيها؟
مواقف تجاوزت التأثر بالمدارس التشكيلية إلى السرقة
استخدام أيد خفية وأكل حقوق الآخرين.. أبرز قضايا الساحة

*إعداد: محمد المنيف
قسم القاضي الجرجاني أحد النقاد العرب القدماء السرقات إلى عدة أقسام منها:
الأخذ - الاقتباس - النقل- الاستعارة - الاختلاس - ويمكن لنا أن نضيف لها الجديد طبقا للتقنيات الحديثة منها: النسخ - والاستنساخ..
والواقع أن ساحتنا المحلية تتعرض للكثير من تلك التسميات أو الصفات التي تندرج تحت مظلة السرقة الظاهر منها والخفي التي لا يقبلها مسلم ولا يرضى بحدوثها، وقد تعددت سبل أخذ حقوق الآخرين في الساحة التشكيلية دون وجود حسيب أو رقيب يضع الأمور في نصابها ويرد الحق لصاحبه ويحاسب المخطئ.
***
السرقة المكشوفة
بداية سنجعل السرقة عبر بوابة النقل او تقليد العمل مباشرة منطلق لحديثنا هذا الأسبوع، هذا الأسلوب يتم ويدار في الخفاء ولنا في تاريخ الفن الكثير من المحاولات، وفي محيطنا المحلي ما يتطابق معها بل يتفوق على محترفيه، فهناك الكثير من الرسامين المستقدمين لهذه المهمة يمارسون نقل بعض الأعمال الفنية لفنانين محليين او خليجيين يتم بيعها لمتلقٍ لا يهمه مصدر العمل بقدر ما يسعى إلى أن تكون الأعمال طبقا لمواصفات معينة تحقق رغبته في استلهامها للبيئة والواقع المحلي.
تلك الحالات التي يتعرض له بعض التشكيليين على المستوى المحلي والعربي تأتي نتيجة إهمال بعض الفنانين لأعمالهم الفنية وعدم أخذ الحيطة عند المشاركة بها في معارض أو مشاريع يقوم عليها أفراد ليسوا أمينين على حقوق الغير أو نتيجة إهمال بعض الجهات أيضا لكيفية حفظ تلك الأعمال وإيجاد إجراء صارم تجاه من يتعدى عليها بأي شكل من أشكال السرقة من خلال تطبيق نظام يحمي حقوق الفنانين حتى لا تتاح الفرصة لضعاف النفوس التعدي عليها، وسبق أن طرح عبر الصفحة التشكيلية ب(الجزيرة) تحقيقاً مع فنانين سعوديين تعرضت أعمالهم للسرقة بكل أنماطها، ومنها الاستنساخ او أخذ العمل وعدم الإيفاء بتسديد ثمنه وهذه بعض المحاور التي سنتطرق لها في سياق هذا الموضوع.
***
التأثر والاقتباس والسرقة
لا يمكن أن نختلف على أن هناك فرقا كبيرا بين، التأثر، والاقتباس، والسرقة، فالأول وهو التأثر تعني إعجاب أي فنان في بداية تعامله مع الفن بشكل جاد بأساليب من سبقوه بالتجربة من الفنانين العالميين أو العرب أو المحليين فتدفع به لمحاولة التقليد في اختيار الفكرة وتكوينات العمل المتعلقة بتوزيع العناصر واللون والخطوط إلى آخر المنظومة ما قد يدفع بالمبتدئ أحيانا إلى نقل العمل مباشرة، وهذا أسلوب متعارف عليه في تاريخ الفن ولكل فنان عالمي تلامذته إضافة إلى غالبية الفنانين العالميين كانوا تلامذة لفنانين آخرين إلا أن الأمر لا يصل إلى التبعية والاستمرار في المطابقة، وهذا يتوقف على ذكاء الفنان وقدرته على اكتشاف خط سيره الخاص، وهو ما يعرف بالأسلوب الذي لا يمكن اكتشافه إلا بعد مرحلة من العطاء والبحث والتجارب الصادقة التي تنطلق من إيمان الفنان بإبداعه.
والتأثر مدخل هام في مسيرة أي فنان وهو أمر لا مناص منه، أما الاقتباس والمأخوذ من قبس الشيء أي الأخذ منه، وهو الأقرب إلى السرقة فحجم الاقتباس يحدد حجم السرقة أو التعدي ولهذا فهو كالحوم حول الحمى وكثيرا ما وقع فيه كثير من الفنانين المعروفين على الساحة، وقد يعلل بعضهم هذا الأمر يتوارد الخواطر, أما السرقة فأمرها مستشرٍ في الساحة وتمارس بكل شجاعة سيأتي الحديث عنها تباعا.
***
سرقات مع سبق الإصرار والترصد
قبل التطرق لقضايا السرقات التي نحن في صددها اليوم علينا ان نتوقف عند بعض الأخبار العالمية التي تتكرر بين فترة وأخرى ومنها خبر يقول موجزه (خشيت الشرطة البريطانية عندما تعرض احد أعمال النحات هنري مور إلى السرقة (تمثال شخص متكئ) من مؤسسة هنري مور في هرتفوردشير بشمال لندن والذي يبلغ ارتفاعه 3.5 أمتار وسجلت السرقة بكاميرا فيديو للمراقبة. أما الخبر الثاني فيتحدث عن سرقة لوحتين لبيكاسو ومارك شاغال من غاليري في بالم ديزيرت، غرب كاليفورنيا الامريكية, حيث تمكن السارقون من الاستيلاء على (امرأة تنظر من النافذة)، و(قبيلة دان) وهي مطبوعة حجرية لمارك شاغال تعود إلى 1964م.
أما الخبر الثالث فهو عن اتهام ستة اشخاص لتورطهم في سرقة لوحتى الرسام النرويجي ادوارد مونخ (1944 - 1863) (الصرخة) و(السيدة العذراء)، في أوسلو.
فمثل هذه الحالات من السرقات معروفة يقوم المجرمون فيها بتخطيط كبير ومدروس لتخطي أساليب الحماية العصرية في المتاحف لتحقيق غاياتهم، أما السرقات التي تعيشها ساحتنا التشكيلية المحلية ولدينا عليها الكثير من الأدلة على ذمة أصحابها والتي يمكن ان نطلق عليها أخذ حقوق الآخرين الأدبية والمادية تتم بشكل هادئ يبرز فيه ذكاء الطرف الأول المعتدي أمام طيبة وثقة الطرف الثاني صاحب الحق أو المعتدى على حقوقه مع أن البعض يصف الطرف الثاني بالغباء وعدم الاكتراث، ومن المؤسف أن تظهر أساليب اخذ حقوق الآخرين بأنماط متعددة منها.
***
أن ينسب أحدهم لنفسه إبداع غيره
ونعني به قيام بعض المنتمين للساحة وغالبيتهم من بعض الرسامين والرسامات باستغلال أيدي مستقدمة من دول عربية أو آسيوية للرسم لها وتقديمها تلك الأعمال للساحة على أنها من إبداعات أولئك الرسامين المحليين، ولنا في تاريخ الساحة الكثير من المواقف القديمة التي ساهمت الأقلام التشكيلية الناقدة في صفحات الفن التشكيلي في بعض الصحف المحلية ومنها صفحة الفنون التشكيلية بجريدة الجزيرة للتصدي وإيقاف الكثير من تلك الأساليب من خلال نشر الأصل والسرقة، ومع ذلك لم يتوقف مثل هذه الأساليب بقدر ما ازداد عددها في الفترة الأخيرة وأصبحنا نشاهدها في أكثر المعارض الجماعية أو الفردية وغالبيتها من الجانب النسائي لبعض التشكيليات، مع ما نشاهده أيضا من قبل بعض الفنانين مع أنهم قلة إلا أن في تصرفهم وبهذا الشكل المعلن ما يسيء إلى مصداقية الفنان مع إبداعه ومن ثم مع جمهوره، وأذكر هنا أن احدهم أهدى عملا يحمل إمضاءه لأحد المسئولين رغم انه لا يجيد الأسلوب الذي نفذ به العمل وكان مثار تساؤلات الحضور من التشكيليين.
***
كواليس مشاريع تجميل المرافق
أما الجانب الآخر والذي لا يقل بأي حال عن البقية فهو في دعوة التشكيليين من قبل إما زميل لهم وهذا هو المتعارف عليه وهو بيت القصيد أو من طرف آخر بعمل في مؤسسة تعنى بهذا المجال، والمشكلة أو القضية الكبرى تتعلق بالدعوة للمشاركة في تجميل إحدى الجهات من احد الفنانين لزملائه ويتم الاستجابة من قبل التشكيليين لزميلهم انطلاقا من مبدأ الثقة فينتهي بهم الأمر إلى عض الأنامل تحسرا على أعمالهم التي لاهي عادت ولا هو أعطاهم ثمنها، فأصبحوا في حيرة من أن يتقدموا بشكوى رسمية وبين احترامهم لزميلهم وثقتهم به ومع ذلك لا زالت مثل هذه القضايا معلقة والوقوع فيها يتكرر.
***
النسخ والاستنساخ
الجانب الآخر من السرقات والمنفذ بالأساليب المعاصرة والأسهل للكسب المادي على حساب جهود الآخرين دون علمهم، يتمثل في استنساخ أعمال الفنانين عبر الأجهزة الحديثة للطباعة وعلى خامات متعددة وكان لوزارة التجارة موقفا يحمدون عليه مع انه لم يتكرر في أنهم قبضوا على عصابة لطباعة الأعمال وتوزيعها للباعة.
كما لا نغفل أيضا مسألة المطابقة في العمل وتقليد الأسلوب بشكل مباشر كما يفعله لصوص القصائد وهو نقل الأعمال أو تقليها مع بعض التحوير والتغيير مع أن المشاهد يرجعها ذهنيا إلى صاحبها الأصلي عند مشاهدتها دون النظر للإمضاء ومن الفنانين المحليين الذين تعرضوا لهذا الأسلوب من السرقات الفنان على الرزيزاء والفنانة صفيه بن زقر ، كما تعرضت بعض أعمال فنانين عرب وعالميين إلى النقل من قبل رسامات محليات.
السرقة من الصور دون الإشارة للمصور ولا ننسى أيضا السرقة من الصور الفوتوغرافية التي تقع عليها عين الرسام او الرسامة في مجلة او كتاب او عبر الانترنت ونقلها إلى اللوحة بشكل سيئ يفسد جمالها الحقيقي في أصلها ومن ثم ينسبها الرسام او الرسامة لأنفسهم دون الإشارة للمصدر ولنا مع مثل هذا الموقف او التصرف الكثير ولدينا حقائق ثابتة نؤجل نشرها للوقت المناسب إذا دعت الحاجة لذلك.
***
متسلقو الفن التشكيلي
وإذا كنا لا نستطيع إيجاد حلول لقضايا السرقات المباشرة ومنها القضايا المادية وما يشوبها من مغالطات وتنازلات معلنة بنفس راضية من قبل الفنانين مع من يدعون سرقته لهم فإن علينا الالتفات للأمر الأهم في نظري والممكن معالجته والتشهير به لوجود مستمسكات واضحة عليه وهو الصنف الأول الذي ينسب عمل غيره لنفسه ومتابعة الساحة وتنظيفها من مثل هذه الشوائب التي بدأت تغطي وجه الفن التشكيلي الجميل، والمتسم بالمصداقية بين المبدعين وإبداعهم وبين المبدعين وجمهورهم.
وتتمثل هذه التصرفات في اعتماد بعض الفنانين وغالبيتهم من الفنانات على اللوحات الجاهزة التي ينفذها الآخرون وتذييلها بأسمائهن لمجرد التواجد في الساحة والاتصاف بكلمة فنان أو فنانة إضافة إلى المستوى الضعيف الذي لا يمثل تجربة او أسلوب ولا يشير إلى موهبة حقيقية، وقد نكشف للقارئ العزيز بعض الأوجه التي تؤكد تلك السرقا أنها لوحاتهم بإمضاءات متعددة وأساليب مختلفة بين عمل وآخر أما الأشد سوءا فهو في أن بعض الأعمال أو المعارض تأتي كما يقول إعلان منتجات الألبان من البقرة إلى المائدة أي مباشرة من الرسام الحقيقي إلى معرض الرسام المزيف بعد استبدال الإمضاء فقط. مع ما يمكن أن يقوم به الرسام الحقيقي من تواجد في المعرض لسماع رأي الحضور وكأن الأمر لا يعنيه.


monif@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
اوراق
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved