الحريري أم بديع الزمان* |
عاد غض الشباب عبر الزمان |
أتحف الناس بالمقامة تحكي |
عن صفات المهذب الإنسان |
عن أبي طارق، ومن ليس يدري |
من أبو طارق، عفيف اللسان |
طيب القلب طاهر الذيل شهم |
لا يدانيه في المروءة ثاني |
ذي أيادٍ كريمة يتفانى |
في قضاء الحاجات أي تفاني |
لم يغيره منصب أو يباعده |
بأعبائه عن الاخوان |
ما عرفناه مذ عرفناه إلا |
صادق القول لوذعي الجنان |
يبذل الخير بالأقارب بَرٌّ |
عاطر الذكر بين قاصٍ وداني |
ما وجدناه في المواقف إلا |
أريحياً يفيض بالإحسان |
هادئ حينما يدور نقاش |
لا تراه يثور كالبركان |
قد أحب الكتاب منذ صباه |
ومحب تلاوة القرآن |
شاعر يأسر الشعور إذا غنى |
وفي النثر كاتب ذو بيان |
وسع المبدعين حباً وعطفاً |
ورعاهم بدافق من حنان |
لم يفرق بين الشباب ذكوراً |
وإناثاً فكلهم سيان |
لين الطبع باسم الثغر ترتاح |
إليه النفوس في كل آن |
لا تراه مقطباً أو حزيناً |
رغم ما كان من ظروف يعاني |
وعلى وجهه البشاشة تبدو |
وهدوء يوحي بالاطمئنان |
ما تشكّى لصاحب أو قريب |
فهو راضٍ بقسمة الرحمن |
يا أبا طارق لقد كنت نجماً |
لامعاً مثلما سهيل اليماني |
قد فقدناك والعزاء لنا ما |
قد رأينا بالأمس كالمهرجان |
حضروا للصلاة من كل فج |
والوداع الأخير للجثمان |
قد حزنا عليه والعين جادت |
بدموع كالوابل الهتّان |
ربِّ إنا نحبه فتقبله |
قبولاً مكللاً بالأمان |
ربِّ فارحمه فهو عبد فقير |
وتصدق عليه بالغفران |
ربِّ واجعل مأواه جنات عدن |
بين حور وعبقري حسان |