الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 13th March,2006 العدد : 144

الأثنين 13 ,صفر 1427

الغذامي تلميذاً نجيباً.!!

* تركي الخليوي
كان يوم الخميس الثاني من شهري صفر ومارس موعداً مع واحدة من الإضافات الجيدة في مسيرة الحوار، حيث اجتمع النقيضان المتمثلان في الربعي والغذامي وبعض الحضور من جهة، والنسبة الأعلى من الحضور من الجهة الأخرى وهي المعارضة كما أستقرئ، والذي أتوقع أيضاً أن كثافة حضورهم كانت نتيجة الإعلان عن وجود الشيخ عائض القرني الذي بقي مكانه خالياً، ومع دسامة المتحدثين: الربعي والغذامي، كمفكرين بارزين إلا أن الحضور لم يكن ليكون بهذا الشكل لو كانا وحدهما، للحكم المسبق عليهما من قبل الحضور، كما سيرد في استهلال الربعي... وهناك ميزة أخرى تعد إضافة لمثل هذه الفعاليات، وهي المداخلات الهادئة المتعقلة مقابل بعض النقاط الجريئة من المحاضرين والتي ما كان لهما التحدث بها في وقت سابق، تحدث الغذامي- في أهم ما تحدث - عن المنهجية الخاطئة في تغييب المعلومة ويقصد تحديداً الرأي الآخر سواء من نفس المذهب أو من المذاهب الأخرى، متسائلاً ومتعجباً!
لماذا نخنق الجيل في بوتقة الرأي الأوحد، وراح (متابعاً) يجزم بأن المنهج التعليمي مليء بالأخطاء وعلينا الاعتراف بذلك وأنه لا بد من التغيير واستهل حديثه بدايةً بمقدمة اعترف فيها أنه سيكون تلميذاً نجيباً لمن أعلن أنه سيلقنه درساً لن ينساه، تحدث بعده الربعي عن ضرورة الإيمان بالتعددية وفكرة التعايش معهما كمفترق مهم في تقدم الأمة ولكنه بدأ كلمته بتعليق لا يخلو من طرافة مبطنة حول الأسئلة المسبقة التي تراكمت لدى مدير الندوة مما يخفي معه أن الحرب لا زالت مستعرة وإن بدت غير ذلك استجابةً للظروف الراهنة... ما نود التعليق عليه أولاً : ما المقصود بالتغيير ؟ هذا المصطلح الذي يطرح مقصوداً به المناهج (الكتاب) وبتعميم لا تفصيل... فهل المقصود به تغيير المحتوى أم إلغاؤه أي المحتوى أم تطويره... ولعل الذي تذهب إليه الغالبية هو التطوير... لكن ياترى كيف؟ أهو التطوير في أساليب التدريس مثلاً أم في التعددية داخل الكتاب المدرسي بمعنى عدم حجب الأمور الخلافية... أم أنه في احتوائه (أي المنهج) على ما يساعد في تنمية مهارات التفكير إضافةً إلى مهارات البحث أم في تطوير وتدريب المعلمين باعتبارهم أداة التغيير، وكل ما سبق في اعتقادي تفتقر إليه المناهج المدرسية الحالية... لذا علينا عند الحديث عن التغيير أن نعيد صياغة المطلوب مبتعدين عن العمومية المتمثلة في الدعوة إلى تغيير المناهج إلى تحديد المطلوب من المناهج وكيف من المفترض أن تكون.
ثانياً: لماذا نعتقد وكثير منا يجزم أن أي مناداة لتغيير المناهج أو تطويرها، إنما المقصود بها مناهج التربية الإسلامية فقط، مع أنها حلقة من منظومة كبيرة متخمة بالحشو المعلوماتي التقليدي وتكديس المعرفة دون تمثلها، المعلومة الجامدة في غالبها والتي لا تساعد على التفكير النقدي والإبداع وتقتل روح المبادرة بمعنى أن كل المواد تحتاج إلى تغيير أو تطوير.
ثالثاً: لماذا نغفل الحديث عن تطوير الإدارة (والعقليةالإدارية) حيث إنها العقبة الكأداء في طريق التخطيط السليم المبني على استشراف مستقبلي، وهي العائق أيضاً أمام التطوير والتحديث، فتطوير المسؤول بدءاً من وكيل المدرسة مروراً بالمدير والمشرفين ومديري الإدارات والعموم وانتهاءً بوكيل الوزارة (على اعتبار أن الوزير منصب سياسي وليس بالضرورة أن يكون متخصصاً أو أن تتوافر لديه كل المهارات المطلوبة) والواقع يقول إنه لا زال هناك رسوخ في التقليدية والبيروقراطية والتعصب يعشعش في بعض العقول المتسنمة للعمل الإداري والتي لا يمكن أن تقبل التغيير أصلاً، لأن هذه الكلمة تمثل بعبعاً مخيفاً يهدد مستقبل الأمة في نظرهم، لأسباب عدة لعل أحدها خوفهم ألا يكون لهم مكان مع التطوير والتحديث لنمطية تفكيرهم وقصور نظرتهم (إنهم لا يبصرون الضوء من الثقب الكبير) ونحن بحاجة لمن يبصره من الثقب الصغير ولعل ما تفضل به المحاضران جزء من الواقع المرير الذي نعيشه على اعتبار أن تعليمنا بعيد عن واقعنا ولا أدري ما الذي يمنع من إجراء التغيير والتطوير للمناهج كل خمس سنوات مثلاً، والتعليم كما نعلم هو حجر الزاوية في التنمية بعامة ولعل بعض المناصب كما يقول البليهي (تحتاج إلى عقول ونفوس ذات طابع استشرافي حضاري راقٍ).
فمناهجنا تعاني من حشوٍ زائدٍ للمعلومات وغياب للأنشطة بأنواعها وأيضا غياب للمعلم القدوة إضافةً إلى ضعف تأهيله (مع احترامي لجامعاتنا) مما يحتم تأهيل القطاع التعليمي برمته وتطوير برامجه ومناهجه وفق احتياجات خطط التنمية وهذا لن يتأتى ما لم نقرأ واقعنا قراءة حقيقية لا قراءة متمناة، ولعل أولها اختراق وتوحيد الشبكة المجتمعية التحتية (المذهبية والطائفية والقبلية) حتى لا نظل أسرى الاقتصاد الريعي المتمثل في بيع النفط والغاز مثلاً دون المشاركة في تصنيعهما.
وسأورد بعض المشاهد أو الشواهد مصداقاً لما دار في هذه الندوة منها على سبيل المثال:
1- قضاء المعلم 40 سنة ممارساً لمهنة التعليم دون أن يأخذ دورة واحدة تطور من مستواه وتعيد الصياغة الأسلوبية لأدائه، وقلة منهم أخذوا دورات مدتها يوم أو اثنان وفي غالبها لا تقدم شيئاً لأن المعطي لها فاقد لكثير من هذا الشيء والغرض منها إعلامي أكثر منه حقيقي وعلى ذلك فالشريحة الكبرى من معلمينا يتمتعون بخبرة متكررة لا متراكمة.
2- إذا سلمنا جدلا ً أن المطلوب تغيير مناهج التربية الإسلامية فلأننا لا نجد تفسيراً لأن يصل الطالب إلى المرحلة الثانوية مثلاً وهو يفتقر إلى كثير من التطبيقات والأحكام التي تتكرر عليه سنوياً من الروضة حتى الثانوية كأحكام الوضوء أو الصلاة وآدابها... ألا يستحق ذلك وقفة متأملة وطويلة.
3- الوزير السابق يقول لا نريد مشرفاً يحمل مسطرة، بمعنى يريد مشرفاً يتبنى أساليب إشرافية حديثة ومتنوعة تعطي المعلم أو المدير خيارات تنموية واسعة بما يتناسب وواقع التعليم وما يحصل على أرض الواقع هو تفتيشي حتى وإن غلف ذلك التفتيش ببعض العبارات الاستهلاكية. وفي إحدى المداخلات تساءلت حاضرة أظنها (أميرة كشغري) عن تفسير وجود حشد من رجال الأمن بعد إحدى الندوات الثقافية وقد تكون شاهدت رجال الأمن الذي يطوق المنصة، ولعله حماية لطائش من هنا أو متهور من هناك حيث سمعنا تدخلاً بغيضاً من أحد الحاضرين وبصوت مرتفع يطلب من الغذامي السكوت وعدم مقاطعة المداخل (مع أنه لم يقع شيء من هذا) ولكنه حماس الشباب الذي يحتاج إلى ترويض وتوجيه ولعله فقط يريد أن يفي بالعهد الذي قطع من أجل تلقين الغذامي درساً لن ينساه، وكان الغذامي تلميذاً نجيباً.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved