الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 13th March,2006 العدد : 144

الأثنين 13 ,صفر 1427

هل سقطت ورقة التوت..؟!

* سعيد الدحية الزهراني
لم يكن معرض الرياض الدولي للكتاب تظاهرة فحسب إنه حدث جوهري، جاء ليسقط ورقة التوت عن أخطر القضايا (الإقصاء) التي نعاني منها وفي مختلف الاتجاهات فكرياً ثقافياً، وحتى إنسانياً..!
سأكتفي في هذا التسجيل أو هذه القراءة.. بمشاهدات اليوم الأخير للمعرض من حيث أنشطته المصاحبة مع إشارة سريعة لأهم الملامح التي شكلت لون ونكهة المعرض / الحدث ..!
كنت قد استعرضت في ثقافية سابقة ثلاثة محاور رئيسة حول معرض (الرقابة - المرأة - وزارة الثقافة) وأرى أنه من المنصف أن نقف عليها بعد انقضاء المعرض.. بطبيعة الحال وجدت الرقابة وفرض من فرض سلطتهم ووصياتهم على معظم الأعمال (العادية جداً رقابياً والمتفاوتة فنياً) التي عُرفت لأنها مُنعت (وهذا ليس كل الأسباب.. بل أهمها) وفيما يتعلق بالشأن الرقابي القائم على بواعث ذاتية (أهواء وانطباعات شخصية) تكفي الإشارة إلى عدد من الكتب التي أتيحت في المعرض.. هي بمقاييس الرقابيين (من خلف الكواليس) أفسح عن ما تم حجره ومصادرته وفرض الوصاية على الناس منه؟؟!
وتأتي المرأة والحضور النسائي، ففي نظري أن هذا الجانب شهد تحسناً ملحوظاً (لا يمثل كامل المأمول) فيما يتعلق بأيام الحضور والمشاركة (المحدودة) في عدد من الفعاليات المصاحبة..!
أما وزارة الثقافة ودورها أو وجودها في المعرض.. فبطبيعة الحال المعرض أدبي الشخصية .. ثقافي الملامح.. ولا غرابة فكل ما يتصل بمعرض الكتاب يرتبط تلقائياً بوزارات أو مؤسسات الثقافة.. وللأمانة ما قدمته وزارة التعليم العالي وما بذله د. عبدالله المعجل.. عمل رائع وجهد حقيقي يستحق الشكر والتقدير لكل من أسهم في إنجاحه وإخراجه بالصورة المشرفة التي اكتساها المعرض الدولي الأول لدينا مع الاعتراف بعدد من الملاحظات التي لا تستحق الوقوف أمامها فهي حتماً ستكون حاضرة في أذهان المعنيين عن المعارض القادمة!! أما ما يتعلق بالنوع أو المستوى المعرفي السائد لدينا الذي برز من خلال المعرض فأتصور أن المنافسة لم تكن لصالح مجال ما عدا المجالين (الديني والشعبي) ويكفي للإستدلال على ما أشرت باستدعاء سريع للملامح السائدة في جنبات المعرض المحفوظة في الذاكرة القريبة إلى جانب احصائيات المبيعات التي تعلن عنها إدارة المعرض من حين إلى آخر بأشكال مختلفة..!!
وعوداً على بدء جاء اليوم قبل الأخير من عمر المعرض بشكل عام والأخير فعالياتياً ونشاطياً الخميس 2-2-1427هـ لم يكن الحضور في فعاليتيه القصصية عصراً والثقافية مساءً.. أقول لم يكن الحضور حضوراً فقط ..سيكون أي شيء إلا أن يكون حضوراً ثقافياً نزيهاًَ! فمن حشد وتعبئة مسبقة ليست على مستوى المنتديات الالكترونية فقط بل حتى الصحف إلى حضور ووجود إن لم يكن منظماً فهو قادم بخطوط عريضة يسير وفقها وعلى ضوئها..!!
الأمسية القصصية التي أدارها د. حسن النعمي وشارك فيها الأستاذ / عبده خال والقاص منصور العتيق (بُترت) بسبب تطاول إقصائيين لم تسلم منهم حتى (أمسية قصصية)..؟!
تم حجز المقاعد الأمامية بشكل كامل وعند بدء الأمسية توافدت مجموعة أخرى واقتعدت تلك المقاعد المحجوزة وخلال أو أثناء الأمسية كانوا يتهامسون أو يتذمرون ولا أعلم من ماذا ولماذا..؟!
وكانوا يتبادلون رسائل الجوال فيما بينهم لدرجة أحسست معها بالضجر.. فممارساتهم أفسدت الجو العام للأمسية على الأقل على مستوى الحضور (سيئ الحظ) الذي كان قريباً منهم .. فور انتهاء الأمسية وبدء المداخلات بدأ نوع من لا أقول التطاول ولكن (الشغب)، حاول مدير الأمسية أن يحتوي تلك التجاوزات وأن يسير بالأمسية في إطارها الصحيح لكن دون جدوى ما اضطره في نهاية الأمر إلى بتر الأمسية والاعتذار من الحضور حيث تم تطويق أعضاء الأمسية من قبل رجال الأمن وإخراجهم من مخرج خلفي (ليس باب أو مخرج طوارئ) في الحين الذي تعالت فيه أصوات البعض مما أنتج غوغائية مخجلة للغاية..؟!
انصرفنا جميعاً بعد تدافعات وتطاولات وتشنجات وخيبات كل إلى مستقره.. توجهت وزميلي علي مجرشي إلى مقر إقامة ضيوف المعرض والتقينا عدداً من الزملاء.. لم ينتقل الحديث إلى شيء عما دار قبل ساعة أو أقل إلا إلى ما سيكون بعد ساعة أو أقل (ندوة إصلاح التعليم).. وبلا شك التنبؤات لم تكن مطمئنة ابداً كان الوقت المقرر للندوة الساعة الثامنة مساءً وصلنا الساعة الثامنة وسبع دقائق تماماً وإذا بالقاعة لا تتسع لموضع قدم ..حضور المساء لا يختلف في كل شيء عن حضور العصر إلا في عدده غير المعقول نهائياً.. كثافة الحضور لا يمكن أن توصف ..أمر جديد بكل التفاصيل على طبيعة المشهد الثقافي ..نعرف تماماً الحضور الثقافي الحقيقي ونعرف الحضور لمآرب أخرى.. السؤال من وراء من.. في كل هذه التداعيات؟!!
سنختلف حول أي شيء لكننا سنتفق على أن ما كان ليس ضربة حظ أو هكذا كيفما اتفق.. خصوصاً إذا علمنا أن السواد الأعظم إن لم يكن هناك ما يستحق الإشارة سواهم .. هم من إياهم..!!
ندوة كل من فيها (مشدود) الأعصاب والحبال الصوتية وحتى الفكر!!
غاب الشيخ العلامة: عائض القرني ..وأعلن عليه الرمز عبدالله الغذامي.. الحب!! وأضفى كل من د. أحمد الربعي ود. هند الخثيلة.. أجواء عميقة للندوة..! للأمانة.. لم يكن لذلك الموقف سيّد سوى.. عبدالله الغذامي.. بوعيه وروحه وعقله وعمقه وذكائه..! بالمواجهة والشجاعة والثقة لا بغيرها احتوى كل تلك الوجوه القادمة من أجل أن تكون عليه لا معه وضده لا له ..هو ومن معه.. كما نشرت إحدى الصحف المحلية صبيحة ندوة الخميس التي نتحدث عنها!! أسئلة متعددة متباينة تطرأ وأنا استجمع ملامح مشهد ذلك اليوم.. تهاوت أشياء وثبتت أشياء وسقطت ورقة التوت العملاقة عن أهم قضايانا (الإقصاء)..! هناك في معرض الكتاب / الفعاليات والمعرض ذاته.. شوهد الإقصاء بشحمه ولحمه.. كان يمشي ويداخل ويناقش معنا وبنا دون أن يقترب منه أحد لكي يلقي عليه القبض.. كان يرافقه احتكار الحقيقية.. لا يدع لمن يختلف معه مجالاً للبقاء. انصرفنا.. جميعاً ..الغذامي.. الربعي.. الخثيلة.. الناصر.. المثقفون.. الإقصائيون.. ورجال الأمن والشرطة الذين كانوا يقفون على يمين ويسار منصة الندوة..؟!!
صدق أو لا تصدق.. ندوة يحرسها رجال الأمن والشرطة؟! مشهد محزن جداً.. وكيل وزارة التعليم العالي.. د. عبدالله المعجل يطلب من أحدهم فور انتهاء الندوة أن يمسك المكرفون ويطلب من الحضور الانصراف بهدوء ودون أن يتسببوا في مشاكل أو مضايقات.. وبعد هذا يقبله بحرارة على هذا الفضل الكبير الذي اسداه إليه؟! ما الذي دفعه إلى ذلك كله ..؟!
وبعد .. هل سقطت ورقة التوت..؟!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
قضايا
حوار
تشكيل
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved