الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th June,2005 العدد : 110

الأثنين 6 ,جمادى الاولى 1426

علاء الأسواني لـ«الجزيرة»:
الكتابة العدمية سبب هروب القراء

* القاهرة مكتب الجزيرة إنصاف زكي:
تبدو العلاقة بين الناقد الأدبي والمبدع في واقعنا العربي شائكة وملتبسة؛ فكل منهما يشكو الآخر، فالمبدع يردد دائما أن الحركة النقدية لا تواكب اعماله، ويرد النقاد أن الاعمال التي تستحق الكتابة عنها قليلة، ومن هنا ربما نشأ تعبير أو مصطلح الفجوة النقدية الذي يتم تداوله على نطاق واسع.. ولكن ماذا لو تناول ناقد عملا ابداعيا وركز انتقاداته على شخصية الاديب صاحب العمل، هل يكون قد خرج عن دائرة النقد الأدبي؟ وما هي حدود نقد العمل الأدبي؟ وما هي حدود العمل الابداعي كي نطلق عليه أدبا؟ واين يقف النقد واين يقف الابداع في الساحة الأدبية؟ هل هما في تواصل وانسجام ام تضاد واختلاف؟
هذه التساؤلات وغيرها اثارتها الازمة النقدية التي شهدتها المجموعة القصصية (نيران صديقة) للاديب علاء الاسواني، حيث شن الناقد الكبير فاروق عبدالقادر هجوما حادا على المجموعة وصاحبها، وذلك في مقال نشرته مجلة المصور المصرية قال فيه ان علاء الاسواني يمارس من خلال مجموعته التدليس الأدبي، موضحا ان قصص المجموعة قديمة وسبق نشرها منذ اكثر من خمسة اعوام بعناوين أخرى، كما أن صاحب المجموعة أي الاسواني مثل بطل قصتها الرئيسية، شخصية كارهة لمصر. وفي مقابل هجوم عبدالقادر قام عدد من الأدباء الشباب بالرد عليه بل واتهامه بالازدواجية في نقده وانه يحابي اصدقاءه فقط. حول الازمة وما اسفرت عنها من تساؤلات التقينا الاديب علاء الاسواني في هذا الحوار:
* لماذا التزمت الصمت طوال الفترة السابقة وانت المعني بالازمة؟
انا اسير وفق مبدأ أن اعمالي هي التي تدافع عني، وان دور المبدع ينتهي فور صدور الكتاب لتبدأ مهمة الناقد.. فالابداع لا يحتاج إلى توضيح من المبدع ولكن يحتاج إلى رؤية ناقدة تضيء جوانب النص.
* ولكن الناقد تناول شخصك؟
في تقديري أن هذا ليس بنقد أدبي؛ فالناقد حدوده الكتاب الذي بين يديه، اما أن يخلط بينه وبين كاتبه ويطابق بين الصفات الشخصية للاديب والبطل الأدبي فهذا خلط عجيب ومرفوض، وإلا كان نجيب محفوظ يحمل كل آثام ابطاله.. كما انني آثرت عدم التدخل لأني وجدت أدباء وكتابا يدافعون عن هذه المغالطات.
* وماذا عن قدم القصص وتغير عناوينها؟
انا لا اري في قدم القصص في المجموعة وتغيير عناوينها أي غضاضة؛ فهذه القصص قد نوهت الى انها قد نشرت من قبل، كما أن عنوان القصة والقصة نفسها قابلة للتغيير والتبديل من قبل مؤلفها دوما ولا يقوم بنشرها حتى يرضى عنها.
* وماذا عن الاتهام باساءة سمعة مصر؟
هذا اتهام غريب لم اسمع به من قبل، وهناك خلط واضح بين شخصية بطل قصتي الكاره لمصر وبين شخصيتي الحقيقية.
بناء العمارة
* بعد عمارة يعوقبيان قفز اسمك إلى صدارة المشهد الأدبي العربي حتى ان الكثيرين اعتقدوا انها اول عمل أدبي لك؟
ليس صحيحا أن هذه الرواية هي عملي الأدبي الاول، فقد أصدرت من قبل مجموعتين قصصيتين هما الذي اقترب ورأى ومجموعة منتظري الزعيم، وقد لاقت المجموعتان استحسانا لافتا من الوسط الأدبي، وكتب عنهما وتمت مناقشتهما في ندوات كثيرة. وبالنسبة لمجموعة الذي اقترب ورأى فقد اصدرت اول طبعة منها على نفقتي الخاصة، وبعد نفادها وبعد أن كتب عنها بعض النقاد والصحفيين طلبت مني احدي دور النشر الخاصة أن تقوم بطباعتها، وبالفعل حدث هذا.. لكن عمارة يعوقبيان هي التي قدمتني للقراء، فقد كسرت بهذه الرواية حاجز الحياة الأدبية التي تتحرك للاسف في اطار ضيق جدا.. ونظرا لانني لا اكتب سوى للناس فقط اسعدني جدا أن تستقبل روايتي الاولى بهذه الحفاوة من القارئ العادي.
* كم استغرق العمل في الرواية.. وكيف كانت ردود الفعل؟
العمل في الرواية استغرق عامين ونصف العام.. اما بالنسبة لردود الفعل فقد كنت متوقعا اثناء العمل فيها انها ستلفت الانظار، ولكن بصراحة ما كنت متوقعا كل رد الفعل هذا؛ لانه وبصراحة ايضا غير مسبوق ولم يحدث مع رواية في السنوات الكثيرة الماضية.. ولك أن تتخيل سعادتي لعدة اسباب: اولا الذين اتصلوا بي بعد قراءة الرواية ومنهم الاستاذ محمد حسنين هيكل اتصل بي لتهنئتي على الرواية وقال كلاما سريعا لا اجرؤ أن اقوله، وبعدها اتصل بي الفنان الكبير عادل امام وهنأني بالرواية وقال كلاما في غاية الرقة، والفنان صلاح السعدني اتصل ايضا، اضافة إلى أن ما كتب عن الرواية يمكن أن يشكل كتابا منفصلا.. واعظم ما اسعدني هو ردود فعل الناس العاديين فهؤلاء للاسف خرجوا من معادلة الأدب منذ فترة نتيجة لتعالي أو ضحالة موهبة من يكتبون الأدب، وقد فوجئت.. وتعلمت ما الذي يريده الناس بعد ردود الفعل، فالناس تريد أدبا يعبر عنهم، فاذا وجدوا دعموا كاتبه واقبلوا على ما يكتبه.. والمفاجأة أن فهم الناس للرواية تجاوز فهم بعض النقاد مع الاسف، ففي ندوة عقدت لمناقشة الرواية في أتليه القاهرة كان الحضور كثيفا حتى انني اضطررت لاستئجار كراسي اضافية على حسابي الخاص.. في هذه الندوة سمعت ملاحظات من قراء وناس عاديين في غاية الدقة وشديدة الوعي.. صحيح أن روائيا كبيرا مثل بهاء طاهر كتب دراسة كابدع ما يكون عن الرواية لكن بصراحة فان أكثر ما اسعدني استقبال الناس.. والطريف انني كنت قد تقدمت لنشر هذه الرواية عند الناشر المعروف مدبولي الذي رفضها بشدة وقال انه لا ينشر الأدب مطلقا لانه لا يباع باي شكل، وبعد أن نشرت الرواية في دار ميريت وبعد أن نفدت اتصل بي مدبولي ليصدر طبعة ثانية من الرواية وكانت اول مرة تصدر مكتبة مدبولي طبعة ثانية من كتاب أدبي.. وقد اكدت ردود الفعل على الرواية قناعة كانت وستظل عندي وهي أن الكتابة وفي ذهنك النقاد مهلكة حقيقية لاي كاتب حقيقي.. انا اكتب للناس واحترمهم جدا وقد بادلني القراء والحمد لله هذا الاحترام.
الأدب العدمي
* يرى البعض أن الأدب العربي المعاصر اصبح بلا جمهور وهي مقولة اثبتت روايتك خطأها.. فما هو رأيك؟
الواقع أن كثيرا من الأدباء والنقاد يفسرون ظاهرة عزوف القارئ العادي عن الأدب بانها تعود إلى انشغال الناس بوسائل أخرى للمعرفة أو حتى التسلية مثل التليفزيون والانترنت وما إلى ذلك. ولكن الحقيقة في تقديري خلاف ذلك تماما وربما تكون حقيقة مؤلمة لاهل الأدب.. كيف؟
اعتقد أن الامر ببساطة يعود إلى الأدباء انفسهم أو الغالبية العظمي منهم على الاقل في الوقت الحالي؛ فهؤلاء الأدباء عمدوا إلى كتابة طلاسم لا علاقة لها بالأدب وزعموا أن تلك هي الحداثة أو ما بعد الحداثة، وكلها في الحقيقة مصطلحات لا معنى لها سوى انه قد جرت أكبر عملية استيراد لأسوأ المدارس العدمية في الأدب العالمي.
* وما رأيك في جيل الستينيات؟
استفدت منه كثيرا؛ لأنه انجز بالطبع في مجال الرواية، ومواهب هذا الجيل متفاوتة.. والحقيقة أن جيل الستينيات هو الوحيد الذي يستحق أن يطلق عليه لفظ (جيل) وكل ما بعد هذا لا يصح ولا حتى علميا أن يطلق عليه جيل لأن التقسيم خاطئ تماما.. وبالنسبة لهذا الجيل فأنا ادين لواحد من أهم مبدعيه بالفضل واقصد الروائي جمال الغيطاني؛ فقد نشر الرواية مسلسلة على صفحات أخبار الأدب لمدة ثلاثة شهور مع أن التقليد الصحفي أن تنشر حلقة أو حلقتين أو ثلاثة على أكثر تقدير، وتحمل أي مخاطر ممكن أن تنشأ عن نشر رواية تلمس مناطق حساسة جدا في الأوضاع العامة.
* في كثير من مقالاتك تبدي وتستشهد بأقوال ديستويفسكي.. هل هو الروائي العالمي الأقرب لقلبك؟
على مستوى الأدب العالمي ديستويفسكي وتشيكوف هما أعظم وأهم راوئيين على الاطلاق، واعتقد انه لكي يكتب انسان أدبا بالتحديد رواية لا بد وان يكون قد قرأ أدب الاثنين بدقة.. وقراءة ديستوفسكي وتشيكوف تجعل أي روائي يسأل نفسه بعد أن ينجز عملا حقيقيا: كم امامي من الوقت والجهد لكي اصل لهذه الصروح العملاقة البالغة الدقة والفن والعبقرية.
* وما الجديد لديك الآن؟
سأبدأ في كتابة عمل روائي ضخم.. ورغم حماستي الا انني حذر في الوقت نفسه من المسؤولية الملقاة على عاتقي؛ فإما استمرار النجاح أو العكس.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved