الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th June,2005 العدد : 110

الأثنين 6 ,جمادى الاولى 1426

حمد الجاسر مر بالأحساء
بدعوة كريمة من الأستاذ صالح أبو حنية صاحب الملتقى الثقافي بالأحساء لحضور تكريم الأستاذ عبدالرحمن المريخي مساء الخميس الخامس من شهر ربيع الأول الحالي، تسنت لي زيارة رجل الأعمال عبدالله بن إبراهيم العجاجي برفقة الصديق عبدالرحمن الحمد، إذ كان العجاجي متوعكاً، ففضلت أن أطمئن على صحته وأنقل له تحيات أستاذنا عبدالكريم الجهيمان.. رحب بنا الوجيه العجاجي وغلف ترحيبه بشيء من اللوم، إذ إننا ما نعطي الأحساء حقها كما كانت تعطينا في السابق عندما كانت هي مصدر غذاء نجد من تمورها، وكان ميناؤها الوحيد (العقير) الذي تنقل منه البضائع بواسطة الجمال ثم الشاحنات الكبيرة (الدمنتي) و(الماك) ثم أخيراً (اللواري) التي تحمل لكم في نجد ما يصل عن طريق البحر، أوما سمعت بيت الشعر الشعبي الذي كان يردده أستاذنا الجهيمان، والذي يتمثل به الشاعر بعد وصول الشاحنات الحديثة وصارت تسبق السيارات القديمة مخلفات الحرب العالمية الأولى (الدمنتي).
يستاهل المدح أبو سيرين
والا الدمنتي بطل كاره
قلت له: هون عليك يا أبا عادل الكل هنا يعتبر المملكة بلاده على اتساع رقعتها من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها لا تفضل مدينة على أخرى والكل ما زال يذكر فضل الأحساء قبل تدفق النفط ووجود البدائل وتوافر الخيرات.
قال: حتى التاريخ تبخلون علينا به، فإذا ذكر الأحساء مر سريعاً وكأنكم في وادي محسر بمنى، وذكر أمثلة منها: أن أستاذ الجيل حمد الجاسر قد مر بالأحساء ودرس بها عندما كانت المدرسة الابتدائية الوحيدة ببيت النعيم عام 1359هـ وترك أثراً لا يمحى، وعندما كتبت سيرته الذاتية بعد وفاته أسقط اسم الأحساء منها، فأنكرت ذلك وحاولت أن أدافع ولكنه لم يترك لي مجالاً، وأعطاني أحد كراسات ابن عمه عبدالعزيز بن عبدالله العجاجي الذي كان أحد طلبة المدرسة، وكان بالسنة الرابعة الابتدائية وقتها، وكان (الدفتر) يحتوي على مقطوعات أدبية أملاها عليهم أستاذهم حمد الجاسر وصحح أخطاءها ومهرها بتوقيعه الذي لا ينسى.. وقال إن هذا المقرر القواعد والإملاء.. فأخذته منه شاكراً لتقديمه لابنه المهندس معن بن حمد الجاسر لعله يعيد النظر ويضيف اسم الأحساء إلى جانب المدن والبلدان التي عمل بها والده.
عند عودتي للرياض اطلعت على كتاب (حمد الجاسر) دراسة لحياته مع ببليوجرافية شاملة لأعماله المنشورة من إعداد مكتبة الملك فهد الوطنية عام 1415هـ 1995م وإذا هو يذكر أنه بعد أن أنهى دراسته في المعهد السعودي بمكة المكرمة عام 1352هـ عمل مدرساً في ينبع من 1353هـ حتى 1357هـ، حيث انتقل إلى سلك القضاء فعمل قاضياً في ضبا بشمال الحجاز، وفي العام التالي جاءته الفرصة فسافر إلى القاهرة عام 1358هـ ليلتحق بكلية الآداب في جامعة فؤاد الأول بالقاهرة، ولكن الظروف العامة لم تساعده على إنهاء الدراسة في تلك الكلية، فتركها قبل أن يحصل على درجتها العلمية حيث قامت الحرب العالمية الثانية، وأعيدت البعثة العلمية السعودية من هناك وعند عودته، رجع إلى التدريس فدرس في مناطق عديدة في المملكة العربية السعودية وشغل مناصب تربوية مختلفة، منها رئيس مراقبة التعليم في الظهران، ثم مديراً للتعليم في نجد عام 1369هـ... إلخ.
على الرغم من أن علي جواد الطاهر مر على ذكر الأحساء سريعاً إذ ذكر في معجم المطبوعات العربية في المملكة العربية السعودية في طبعته الثانية التي أشرف عليها الشيخ حمد نفسه بدار اليمامة عام 1418هـ ففي ترجمة لحمد الجاسر ص (517 535) ورد في ص (519) أنه بعد عودته من مصر (عمل بعد ذلك في التعليم في الأحساء، مشرفاً على مدارس (أرامكو) في الظهران ثم مديراً للتعليم في نجد عام 1369هـ.. إلخ.
قلت في نفسي معك حق يا أبا عادل.. ولهذا سأسلم هذه الكراسة لمن سيؤتمن عليها، وسيعيد النظر في كتابة السيرة الذاتية التفصيلية لأستاذ الجيل حمد الجاسر رحمه الله، ولعلي أستميح القارئ والعجاجي عذراً في أن أطل على هذا الكنز الثمين الذي مضى عليه أكثر من ثمان وستين سنة، فنجده وقد سقطت منه الصفحات الأولى الست، ففي الصفحة السابعة وهي الأولى نجد مقطوعة بعنوان (إتقان العمل) إذا عمل الإنسان عملاً من الأعمال النافعة فيجب أن يتقنه، ولا تدفعه العجلة والإسراع إلى تأديته بدون إتقان.. إلخ، وقد أعطاه درجة تسعة وعشرين على ثلاثين ووقع بتاريخ 10 صفر 1359هـ.
وفي الصفحة التالية نقرأ موضوع (أعرابية تتشوق إلى وطنها) كانت أعرابية تسكن في موضع يسمى بلطة قريب من حائل في شمال نجد فتزوجها رجل من أهالي مصر يسمى سودان وسافر بها إلى بلده فمرضت هناك فأتتها النساء برمان وكعك لعلها تأكل منه فأنشأت تقول:
أهل بلطة إذا حلوا أجاعها
أشهى إلى القلب من أبواب سودان
جاءوا بكعك ورمان ليشفيني
يا ويح نفسي من كعك ورمان
يا ويح يا ويح يا ويح يا ويح
وعلى الرغم من أن الطالب العجاجي قد أخطأ بكتابة يا ويح الموجودة في بداية الشطر الثاني من البيت الأخير كتبها (يا ويويح) بدليل أن هذه المقطوعات كانت تملى على الطلاب.. لقد كان الجاسر كريماً فقد أعطاه كامل الدرجة بعد أن طلب منه أن يعيد كتابة الكلمة أربع مرات بشكلها المصحح يا ويح، وذلك بتاريخ 1121359هـ، وقد أصبح توقيع الشيخ حمد يختلف عن التوقيع السابق إذ كان يكتب اسمه صريحا، أما هذه المرة وبعض المرات القادمة فهو يكتب حمد ثم يدمج البقية ببعضها لا يميزها إلا من يعرف توقيعه.
وهكذا استمرت تلك المقطوعات كالتالي: المحافظة على الصحة، ثلاثيات الورد ويقول عنه: الورد من الأزهار العطرية الرائحة ينعش الإنسان، ويفرح القلب وينعش الروح، يستعمله الناس في أمور كثيرة ويستخرجون دهنه بواسطة التقطير، وماءه بالطبخ، قال أحد الشعراء على لسان الورد:
أنا أمير الزهر
أنا علي القدر
رائحتي زكية
وصحبتي ندية
بشوكتي القوية
أحمى من الأذية
ثم مقطوعات، الغراب والحمامة، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وآداب التكلم، والكلب والحمار، وقصة خفي حنين، وأحاديث شريفة، والعطف على الفقير، وفائدة النوم، وكثرة الحلف، والقرآن العظيم، ووطني من نظم أحد شعراء الشام الموجودين.
وطني هذا أراه جنة
عبثت فيه أكف النوب
وطن قد أحرزت أبناؤه
خطط المجد بماضي الحقب
كيف لا أبذل نفسي دونه
خائضاً فيه غمار الرهب
ولساني وحسامي وأنا
عربي عربي عربي
يأتي بعدها تمرين 19 بعنوان الشجاعة، حديث شريف، الرياضة البدنية، الكسل، الأمير علي بن مقرب العيوني الأحسائي، الأدب، والحلم.. إلخ.
وإبراء للذمة.. ووفاء لما ائتمنت عليه، فلعلي أوفيت في عرضي لكراسة العجاجي بعد هذا العمر الطويل.. وبعد أن انتقل إلى رحمة الله شيخنا الجاسر قبل حوالي خمس سنوات.


محمد بن عبدالرزاق القشعمي

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved