الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th June,2005 العدد : 110

الأثنين 6 ,جمادى الاولى 1426

الْيَقِينُ!!
محمد إسماعيل جوهرجي

رُدِّي إِلَيَّ بَصِيرَتِي وَصَوَابِي
فَلَقَدْ مَلَلْتُ مِنَ الْحَيَاةِ رَغَابِي!
لا تَعْجَبِي إِنِّي بَدَيْتُ بِلا رُؤَى
حِينَ الرَّبِيعُ غَدَا ظِلالَ ضَبَابِ
مَا عَادَ يُطْرِبُنِي الْغِنَاءُ وَلا الْهَوَى
فَكِلاهُمَا مُسْتَنْفِرٌ لِعَذَابِي
ضَيَّعْتُ أَحَلامَ الشَّبَابِ فَلا مُنًى
تَنْثُو عَبِيرَ الطُّهْرِ.. فِي أَجْنَابِي
حَتَّى سَئِمْتُ مِنَ الْحَيَاةِ وَزَيْفِهَا
وَأَفَقْتُ عَنْ لَغَطٍ بِهَا.. وَلَعَابِ
رُحْمَاكِ يَا نَفْسِي الْكَلِيمةَ إِنَّنِي
أَسْرَفْتُ فِي الْإِغْفَاءِ.. وَالتِّجْوَابِ
وَالْعَيْبُ أَنِّي لَمْ أَزَلْ فِي غَفْلَةٍ
أَلْهُو بَأَوْتَارِ الْهَوَى وَرَبَابِ
لَمْ أَعْقِرِ الْكَأْسِ الدَّنِيةَ مَرَةً
أَوْ مِلْتُ فِي شَوْقٍ لَهَا وَرَغَابِ
لَكِنَّهَا الدُّنْيَا أَعِيشُ لَهَاثَهَا
وَأَسِيرُ فِي سَبْقٍ لَهَا.. وَطِلَابِ
يَا وَيْلَتِي عِنْدَ الِّلقَاءِ فَإِنَّنِي
خَجِلٌ لِمَا قَدَّمْتُ.. فِي أَعْقَابِي!
إِنْ تُهْدِنِي رُشْدَ الطَّرِيقِ فَإِنَّنِي
وَلِهٌ لِعَوْدِ بَصِيرَتِي.. وَغِيَابِي
أَوَّ آهُ يَا نَفْسِي الْكَئِيبَةَ وَالدُّنَا
عَشِيَّتَ رُؤَاكِ بِزَيْفِهَا.. الْخَلاَبِ
أَفْرَطْتِ فِي الإِبْعَادِ عَنْ دَرْبِ التُّقَى
وَدَلَجْتِ لَاهِيَةً بِكِلِّ.. مُعَابِ
لَيْتَ الَّليَالِي أَنْ تُعِيدَ لَكِ الْحِجَى
فَيُضِيءَ نُورُ اللهِ.. فِي أَهْدَابِي
حَتَى أُذِيقَ النَّفْسَ لَذَةَ.. صَحْوَةٍ
يَصْفُو لَهَا قَلْبِي.. صَفَاءَ سَحَابِ
فَالْعَوْدُ حَوْلَ الْبَيْتِ غَايَةُ مُنْيَتِي
مُسْتَمْسِكًا بِسِتَارِهِ وَالْبَابِ
تِلْكُمْ لَعَمْرِي أُمْنِيَاتٌ عِشْتُهَا
فِي خَافِقٍ يَسْمُو عَنِ الْإِعْرَابِ
عَلَّ الَّذِي قَدْ كَانَ مِنْ سَقْطِ الْهَوَى
وَتَجَاوَزٍ لَمْ يُفْضِ عَنْ إِعْجَابِي؟!
إِنِّي وَأَدْتُ الْيَوْمَ كَلَّ مَظَنَّةٍ
تُصْغِي إِلَى الإِذْعَانِ.. لَلأَتْرَابِ
لَا تُسْرِفِي يَا نَفْسُ فِي دَرْبِ الْغَوَى
إِنَّ الَّذِي أَخَشَاهُ قُرْبَ.. إِيَابِي
كُلٌّ سَيَأْتِي رَبَهُ مُتَجَرِدًا
مَاذَا يُفِيدُ الْمَالُ.. يَوْمَ حِسَابِ؟!
هَلْ يَنْفَعُ الْأَهْلُونَ فِي قَاعِ الثَّرَى
أَوْ يَشْفَعُ الأَصْحَابُ.. لِلأَصْحَابِ؟
حَتَّى إِذَا وُورِيتُ قَبْرِي لَمْ يُفِدْ
مَنْ يُحْسِنُ التَّلْقِينَ فَوْقَ تُرَابِي
الأَهْلُ وَالْخِِلَّانُ كُلٌّ وَدَّعُوا
لَمْ يَتْرُكُوا عِنْدِي سِوَى.. النِّعَابِ
لا تَقْنَطِي يَا نَفْسُ إِنِّي مُؤْمِنٌ
مَا سُدَّ بَابُ العفوِ.. لِلتَّوَّابِ
فَاللهُ يَفْرَحُ حِينَ نَطْرُقُ بَابَهُ
وَنَجِيئَهُ رَاجِينَ فَتحَْ الْبَابِ
يَوْمٌ يَرَى كُلٌّ نَتَائِجَ فِعْلِهِ
فِي صَفْحَةٍ مَقْرُوءَةٍ.. وَكِتَابِ
لا يُظْلَمَنَّ الْمَرْءُ فِيهَا حَبَّةً
مِنْ خَرْدَلٍ أَوْ أَنْمُلٍ.. لِذُبَابِ!
لا تَسْأَلَنَّ عَنِ الْجَحِيمِ فَلَفْحُهَا
نَارٌ وَقُودُ حِجَارةٍ.. وَرِقَابِ
يُسْقَوْنَ مِنْ غِسْلِينَ فَيهَا جُرْعَةً
تَصْلَى بِحُرْقَتَِهَا حَشَا.. الْمُرْتَابِ
بَلْ تُلْهِبُ الأَمْعَاءَ عِنْدَ حَسَائِهَا
كَتَمَزُّقِ الأَحْشَاءِ.. مِنْ تِيزَابِ
أَمَا إِذَا جَاعُوا فَإِنَّ طَعَامَهُمُ
نَبْتٌ مِنَ الزَّقُومِ.. وَالأَخْشَابِ
ذُوقُوا الَّذِي كَذَّبْتُمُو فِي غَيِّكْمْ
فَلَكْمْ لَدَيْنَا الْيَوْمَ سُوءُ.. عِقَابِ
أَمَّا الَّذِينَ سَمَتْ بِهِمْ أَخْلاقُهُمْ
فَتُرَاهُمُو.. فِي جَنَّةِ الأَعْنَابِ
فِيهَا مِنَ الْعَسَلِ الْمُصَفَّى أَنْهُرٌ
أَشْهَى مِنَ الأَنْسَامِ لَلأَحْبَابِ
وَالْحُورُ فِيهَا قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ مِنْ
حُورِ الجِّنَانِ كَوَاشِحَ.. وَكِعَابِ
يَطُوفُ الْوِلْدَانُ حَوَلَ جِنَانِهِمْ
بِكُؤُوسِ خَمْرٍ.. لَذَةِ الشُّرَّابِ
لا غَوْلَ فِيهَا إِنَّهَا مَخْصُوصَةٌ
يَهْنَى بَِهَا الصَّادُونَ فِي اسْتِحْبَابِ
حُلُّو أَسَاوِرَ فِضَةً مَصْقُوَلَةً
وَكُسُوا حَرِيرًا زَاهِي الأَثْوَابِ
لا يَسْمَعُونَ الَّلغْوَ فِي أَرْجَائِهَا
نزقاً ولا هزءاً من الكذابِ
في جلسةٍ فوقَ الأرائكِ تجتلى
للناعمينَ بضجعةِ الأجنابِ
في جنةٍ عرضِ السماواتِ العلى
ومساحةِ الأرضينَ والأقطابِ
والعرشُ يبلغُ في المساحة مثلها
لا تعجبوا من حسبتي وحسابي!
إن السما والأرضَ عبرَ فضائها
كفراشةٍ.. ضلتْ بتيهِ الغابِ
فالله قدْ خلقَ الفضاءَ بعلمهِ
يستوعبُ الأشياءَ في استرحاب
لا تنكروا بالعقلِ أمراً كائناً
فالعقلُ لا يرقى إلى استيعابِ
فالأولونَ السابقونَ تواثبوا
في همةٍ شلتُ قوى الإرهابِ
خاضوا الحروبَ مع النبي وصحبهِ
وسلاحهمْ في الحقِّ بضعُ حرابِ
الدينُ وحدهمْ وجمعَ شملهمْ
بعدَ الذي عانوهُ.. من أثلابِ
أحلاسُ ليلٍ لا يهابونَ الوغى
في موكب للنور.. والآدابِ
واحسرتا يا نفسُ إنْ عز اللقا
وحملتُ أشلائي وخزيَ مآبي
حسبي من الأيامِ ذكرى عشتها
حفلتْ بكلِّ خطيةٍ.. وغلابِ
فلتهجري الأمسَ الشقي بخافقٍ
يسمو عن الإكبابِ في الأوصابِ
يا نفسُ كفي عن غوائك وارعوي
وتنزهي عن سلوتي.. وغيابي
رباهُ إني حائرٌ متعثرٌ
قد جئتُ والأدرانُ ملءُ ثيابي!
أرجو لديكَ متوبةً مقبولةً
إني عقلتُ مطيتي.. وركابي
حول المطافِ علقتها في صحوةٍ
خلصتْ منَ الأرجاسِ والأوشابِ
فأمننْ عليَّ بتوبةٍ تجلُ بها
ما كان في دنياي منْ أنصابِ
واستقبل اللهمَّ عبداً آيباً
أفضتْ سريرتهُ عنِ الأسبابِ
وأختمْ بإيمانٍ حياتي رحمةً
من جودكَ الفياضِ للأوابِ
ثم الصلاةُ على النبي محمدٍ
ما أشرقتْ شمسُ الدنا بهضابِ
واصفحْ عنِ الصحبِ الكرامِ جميعهم
وتولهم يا رب بالترحابِ
الخاشعينِ لربهم في ذلةٍ
وتنزه عنْ كثرةِ الأربابِ
فاللهُ ربٌّ وحدهُ في ملكهِ
جلتْ لهُ الأسماءُ عنْ ألقابِ
إنْ قال كن: كان الذي في علمهِ
ما بينَ خفقِ الطرفِ والأهدابِ
أعظمُ به منْ خالقٍ لا يرتضي
غيرَ الجميل لكل أمرٍ.. خابي
رباهُ.. بلغني الشفاعةَ إنني
كلفٌ بحبِّ المصطفى.. المنجابِ
(طه) الذي ملكَ الشغافَ محبةً
ذي المعجزات الكثر.. للمرتابِ
جاءَ الورى بالهدي عبرَ محجبةٍ
فاضتْ بنورِ الحق في إعجابِ
كف المثالبَ عن نفوس أحجمتْ
في غيها.. عن نوره المنسابِ
فاستأصل الأصنامِ عنْ عينِ القذى
فانداحَ صوتُ الشركِ والأحزابِ
وافترَّ نورَ الدينِ فوقَ شفاههمْ
من أرضِ (مكةَ) موئلِ الأنسابِ
فاستبشرت أرضُ الخليقةِ كلها
إذْ جلَّ نورُ.. اللهِ في المحرابِ
ثم الصلاةُ على النبي فإنهُ
خيرُ البريةِ طاهرُ الأصلابِ
الشافعُ المشفوعَ سيد قومه
فلكمْ سما بالخلقِ والآدابِ!
غفراك للأهل الكرامِ فإنهمْ
فيضُ الخلود لذروة الإنجابِ
واشملهمو بالعفوِ يا من عندهُ
أمرُ السما والأرضِ في استتبابِ
وأكرمْ إلهي نزلنا في محشر
نغشاهُ في خوفٍ من الأعقابِ
وأنزلُ علينا رحمةً مرجوةً
تمح بها ما كان.. من أوصابِ
إني أحسُّ الشوقَ بينَ جوانحي
للكوثرِ المورودِ للأحبابِ!
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved