Culture Magazine Monday  13/08/2007 G Issue 211
حوار
الأثنين 30 ,رجب 1428   العدد  211
 

بعد صدور العدد الأول من (الخطاب الثقافي)
الحجيلان: حاولنا أن ننأى عن الأدلجة..!

 

 

حوار - محمد عبدالله الهويمل:

صدر عن جمعية اللهجات والتراث الشعبي في جامعة الملك سعود العدد الأول من مجلة (الخطاب الثقافي)، وضم العدد جملة من الموضوعات المهمة ذات الشأن المباشر بمحور المجلة (الخطاب الديني) دشّن له مجموعة من الكتاب منهم حسن الشامي، حسين الواد، فالح العجمي، ناصر الحجيلان، سعد الصويان، سلومان دانجور، عبدالله الغذامي، تمام حسّان.

(الثقافية) التقت نائب رئيس الجمعية الأستاذ ناصر الحجيلان وحاورته بشأن الأدلجة وتأخر صدور العدد الأول، وغياب اللهجة عن مواد العدد والتعاطي مع الاحتجاج ضد الاحتفاء باللهجة.

* ألا يُعد صدور العدد الأول من مجلة الخطاب الثقافي في عام 1427هـ متأخراً عن جمعية أسست مبكراً؟

- في البداية ليس هناك ارتباط حتمي بين تأسيس جمعية معينة وبين صدور مجلة؛ لأن المجلة واحدة من أنشطة متعددة تقوم بها الجمعية، وقد لا تكون الظروف - أياً كان نوعها - مهيأة لصدور مجلة أو أي مشروع آخر مع بدايات نشوء تلك الجمعية؛ ولهذا فإنه حينما رأت اللجنة التأسيسية لجمعية اللهجات والتراث الشعبي أهمية وجود مجلة لنشر الأبحاث والدراسات والمقالات ضمن الحقول المعرفية التي تغطيها الجمعية، صدرت هذه المجلة العام الماضي. والحقيقة أن هدف المجلة هو امتداد لأنشطة الجمعية الأخرى؛ فعند النظر إلى تاريخ الجمعية يلاحظ أنها مرت بعدة مراحل تأسيسية، فقد أنشأها معالي الأستاذ الدكتور أحمد بن محمد الضبيب حينما عاد من دراسته في بريطانيا، واستطاعت الجمعية في تلك الفترة إقامة مهرجان للتراث الشعبي على أرض الجامعة بالدرعية كان يحضره جمع غفير من الجمهور وما لبث هذا النشاط أن تحول إلى (المهرجان الوطني للتراث والثقافة) في الجنادرية حينما رعاه الحرس الوطني، فتفرغت الجمعية بعد ذلك لنوع آخر من الأنشطة وهو الأعمال الأكاديمية؛ فشجعت على ترجمة عدد من المؤلفات العلمية عن اللهجات أو عن التراث الشعبي، ومنها - على سبيل المثال - ما قام به الدكتور أحمد الضبيب من ترجمة لكتاب (دراسات في لهجات شرق الجزيرة العربية) ل ت. م. جونسون، وما قام به عدد من أعضاء هيئة التدريس في قسم اللغة العربية وآدابها من ترجمات لعدد من المؤلفات عن العادات، أو الفولكلور، أو الثقافة الشفهية، أو مؤلفات عديدة عن اللغة المحكية، أو الأمثال الشعبية، أو الحكايات، أو أسماء الناس، أو النوادر والملح، أو غير ذلك من الموضوعات التي لها علاقة باهتمام الجمعية، ولا تزال تلك الأعمال مستمرة، وقد حرص عليها مجلس إدارة الجمعية من خلال إصدارات متخصصة منها مجلة الخطاب الثقافي.

* على الرغم من صدور المجلة عن جمعية اللهجات والتراث الشعبي إلا أن اللهجات لم تنل نصيبها الطبيعي من الدراسة.. أين الخلل؟

- كان محور العدد الأول هو الخطاب الديني؛ ولهذا فإن تركيز أغلب البحوث المنشورة كان منصباً على المحور، مع أن هناك استثماراً للهجات من خلال أحد الأبحاث التي تناولت اللازمة الدينية على اعتبار أن عدداً من تلك اللوازم مستخدم في اللهجات المحلية في عدد من المناطق التي يغطيها البحث؛ ولهذا فليس هناك خلل إذ لوحظ كذلك أن القسم الخاص بالتراثيات يغطي الجانب الفولكلوري واللهجات التي تبرزها الحكاية الشعبية المدونة، هذا إلى جانب أن الأعداد القادمة ستتضمن أبحاثاً ودراسات عن ظواهر لغوية في اللهجات العربية لتحليلها ومناقشتها وتفسيرها تفسيراً علمياً.

* (الخطاب الثقافي) عبارة فجّرتها لغة المشروع الإصلاحي وتم استثمارها بطريقة السهل الممتنع وعلى نحو ماهر وذكي كعنوان مجلة. أين تقع اللهجة والتراث الشعبي في المشروع الثقافي؟

- يُعد التراث الشعبي حقلاً واسعاً للثقافة؛ فهو يضم الأشكال اللغوية، ومنها اللهجات، كما يضم جوانب أخرى تتعلق بدراسة الأشكال اللغوية (لكنة، أو أصوات لغوية، أو تعبيرات شائعة، أو تعبير جسدي للغة، أو ضحك، أو طرق كلامية للتواصل، أو مماحكات لفظية، أو معايرات، أو لوازم لغوية... إلخ)، ويعنى كذلك بدراسة القيم (العادات، والتقاليد، والأعراف، والشيم، والطقوس، والممارسات الشعبية، والروتين اليومي، والآداب، والعلاقات.. إلخ)، ودراسة التصورات الشعبية (معتقدات أو خرافات أو أوهام أو إشاعات... إلخ)، ودراسة الفنون الشعبية (رقص، وغناء، وأزياء، ورسوم، ونحت، ونقوش، وتشكيلات تراثية، وألعاب شعبية، وحفلات... إلخ)، ودراسة الأدب الشعبي (شعر، وحكايات، وألغاز، وتعبيرات شائعة، وقصص، وأمثال، وحكم، ومواعظ، واستهلالات، وأدعية، وصيغ الختام... إلخ)، ودراسة الثقافة المادية (عمران، ومبان، وبلدانيات، وأوان، وأسلحة، وأدوات صناعية، وحرف، ومهن شعبية، وأطعمة، وأشربة، ووسائل النقل، والسكن، والملابس، وأدوات الزينة، ووسائل الترفيه... إلخ).

ومن هنا فإن المجال الذي يغطيه التراث الشعبي يعد مجالاً يتسع لكثير من الدراسات والاهتمامات، وتقع اللهجة ضمن الأشكال اللغوية المختلفة. هذا عن الموضوعات التي تدخل ضمن مفهوم التراث الشعبي، أما علاقة اللهجة بالتراث الشعبي، فاللهجة جزء من التراث اللغوي للناس، والتراث اللغوي هو جزء من الثقافة؛ ولهذا فإن المشروع الثقافي لا يمكن أن يغفل الثقافة الشعبية التي تمثل مساحة من اهتمام الناس ومن الحضور الفعلي على أرض الواقع، وهي مساحة أوسع مما تمثله الثقافة النخبوية.

* كيف تتجاوبون مع الاحتجاج التقليدي ضد الاحتفاء باللهجة على حساب الفصحى؟

- تقوم دراسة اللهجة على الدراسة العلمية التي تستند أساساً إلى معايير منهجية بهدف الكشف عن السمات اللغوية لتلك اللهجات وربطها بالفصحى. وتعد مادة (اللهجات العربية) إحدى المواد الأكاديمية التي يدرسها طلاب وطالبات قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة الملك سعود، وإقرار هذه المادة كان نتيجة لقناعة الجامعة بالجدوى العلمية من دراسة اللغة في مختلفة مستوياتها وأشكالها. وبناء على ذلك فإنه لا يدخل ضمن اهتمامات الجمعية الاحتفاء باللهجة لذاتها؛ ولهذا فإن الجمعية ليست معنية بالدخول طرفاً في الصراع التقليدي بين ثنائيات القديم والحديث، أو الأصالة والمعاصرة، أو الفصحى واللهجة... إلخ، ولكنها قد تهتم بدراسة ظاهرة (الاحتجاج) باعتبارها أحد أنماط التفكير الشعبية السائدة في المجتمع التي تدخل ضمن دراسات النقد الثقافي.

* ما معايير انتقاء الموضوعات؟ وهل كان انتخاب (الخطاب الديني) محوراً للعدد الأول سديداً أم أنه من قبيل الإثارة؟

- من أهم المعايير التي تراعي مناسبة الموضوع لاختصاص الجمعية واهتمامها العلمي، وواقعية الموضوع واتصاله بالبحث التطبيقي للمادة المدروسة، إضافة إلى الشروط التي تطلبها الهيئة الاستشارية للمجلة وما يراه المحكمون للأبحاث العلمية. وجدير بالذكر أن محاور العدد مرتبطة بما تقترحه الهيئة الاستشارية الخاصة بالمجلة، وهي هيئة تضم عدداً من الأكاديميين والأكاديميات من عدد من الجامعات المحلية والعربية والعالمية ممن لهم اختصاص متنوع في حقول الجمعية. وعليه كان اختيار الخطاب الديني محوراً للعدد الأول.

* لم يخل العدد الأول من الأدلجة. وفي حال افتراضنا أو تسليمنا بأن الدين موروث... فأين موضوع تمام حسان من الموروث؟

- حاول العدد الأول أن يكون موضوعياً بعيداً عن الأدلجة المشار إليها، وكان موضوع تمام حسّان ضمن محور الخطاب الديني؛ كونه يركز على التغيرات التي طرأت على هذا الخطاب بعد أحداث سبتمبر 2001م، وقد ناقش تدخل أمريكا سياسياً لتغيير هذا الخطاب وتعديل مساره ليتفق مع أجندتها؛ وعليه فإن موضوعه من الموروث المعاش وليس بالضرورة أن يكون قديماً.

* (اللازمة الدينية في كلام السعوديين) رصد في غاية العمق والطرافة. هل يمكن تصنيفه نواة لمشروع؟ وكيف نستشرف مدارات هذه النواة؟

- موضوع اللازمة الدينية هو محاولة لدراسة التغيرات في سلوك السعوديين من خلال اللغة مع مراعاة العوامل الثقافية (بما فيها السياسية) التي أبرزت هذا السلوك باعتباره سلوكاً تحول إلى نمط لغوي يميّز الشخص أو المجموعات، ويمكن أن يكون نواة لمشروع ثقافي، وذلك من خلال رصد النسق الثقافي للمجتمع للكشف عن البُنى الفكرية التي تتحرك من خلالها لغة الناس وسلوكهم.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة