على الشاطئ أرادت أن تصل إلى شيء ما لكنها لم تستطع..
حاولت لكن محاولاتها باءت بالفشل، الخوف يراودها -الحنين بداخلها- الحب يملؤها، بيدها حجارة صغيرة مبللة بالطين، الهواء يداعب خصلات شعرها الطويل، نظراتها تتجه للأفق البعيد تصطدم الأمواج فيها ثم تعود وهي كما هي.
لا يتحرك فيها ساكن ما عدا قلبها الجريح الذي يخفق، وبالجنون اندهشت وهي ترى أمامها الأمواج تتلاطم، فسرعان ما تغضب ثم تهدأ، ابتسمت وهي ترفع أحد حاجبيها لهذا المشهد العجيب أطلقت زفرة عميقة وهي تهتف آه آه آه يا بحر ها أنا كل مساء في هذا المكان بجانب هذه الصخرة أبث إليك همي وحزني انتظر من يحملها معك أولاً.
دعك أنت الوحيد لتكون مصدر أسراري وكل ما بداخلي، ها أنا بجانبك أبعث إليك سري الذي تحبسه في دفء صدرك العظيم وأعدك أني لم ولن أبعثه لأحد غيرك مهما تقلبت الأزمان وتغيرت الأيام وانطفأت شموع الأحلام، سأكون هنا ألعب بالأحجار وأرسم الحب على التراب واحتسي فنجاني المليء بالأشواق، سأكون مجنوناً في أفكاري ولن تنكسر نفسي من أجل غيابه، سأكتب حكايتي على سطح القمر، على أوراق الشجر، على اللوح والصخر، وعند غروب الشمس نهضت وفي يدها الحجارة ممسكة بها فاستعدت للرحيل، فجأة سمعت خطوات قادمة..
انتابها شعورها رهبة، خفق قلبها، ارتعشت يداها، اهتز كيانها، التفتت والحجارة تسقط من قبضتها حدّقت النظر وهي تغطي وجهها بيديها، بعد وهلةٍ هدأت وهي تنظر إليه بشدة والمكان يعمه الصمت والسكون..
(عفواً أيها القاطع لا شيء بيننا).
نفضت بقايا الطين من يديها، وهي تمشي ذاهبة أراد أن يقول شيئاً حاول أن يلحق بها لكنها سرعان ما ذهبت، تقدم إلى مكانها ينظر وبحرقة إلى حكايتها بعد رحيله، قد رسمته على الرمال.