الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th November,2006 العدد : 176

الأثنين 22 ,شوال 1427

مطالعات في تجربة النعمي الصحفية في عقد التسعينيات الهجرية
الآفاق الموضوعية
د.خالد ربيع الشافعي
إن فقدان وتلف كثير من المواد التي تمثل إرشيف الشاعر علي النعمي، لا تمكن من إنصاف مشوار النعمي الصحفي. كما كان في كامل عطائه..
لكن الجزء المتبقي من ذلك الإرشيف، يعطي انطباعاً واضحا عن تنوع الآفاق التي كتب فيها النعمي.. وعن الشجاعة الأدبية التي كان يتحلى بها، وعن عمق الثقافة التي ينزع إليها. وكونه من أوائل الكتاب الذين أرسوا دعائم العمود الصحفي، في وقت كان فيه الملتزمون بذلك قلة، والصحف التي تمنح الفرصة في ذلك محدودة، الأمر الذي يعكس المكانة الصحفية التي توصل إليها النعمي في وقت يسير..
كتب النعمي في وقت مبكر المقالة السياسية، والوجدانية الذاتية، والاجتماعية، ومقالات المناسبات الدينية، والأدبية النقدية المتخصصة.
ففي المقالات السياسية، كانت له عدة وقفات آنذاك مع جهود الملك فيصل في توحيد شمل الأمة الإسلامية، ورحلاته بين بلدانها، لتعزيز الدعوة للوحدة الإسلامية. كما تناول في مقالاته ذكريات النكبة باحتلال فلسطين عام 1948م وآثار ذلك وانعكاسه على الشعب الفلسطيني، وما ينبغي بذله من جهود وحشده من مقدرات لنصرة القضية الفلسطينية.
وفي المقالة الوجدانية، كتب كثيرا عن الاغتراب الوجداني، والحنين لمسقط رأسه الجنوب عامة، ومحافظة ضمد، وقريته (حرجة ضمد) التي كان يصفها بالحزام الأخضر، وكانت سلسلة هذه المقالات تحت عنوان (ذكريات مغترب). كما كتب عن الأمل مقالة تتميز بلغتها الشعرية، وروحها الداعية للتفاؤل: منها هذا المقتطف: (الأمل شمعة تضيء وتنطفئ لتضيء من جديد، الأمل تسبيح روحاني عميق لا تحس نغمه، إلا النفوس الطامحة، الأمل ينبوع متفجر... الأمل هو الذاتية الراقية والأجنحة التي يطير بها الإنسان إلى عوالم مجهولة، وهو الحياة، أو بعضها، بكل أبعادها وتكوينها، إذ به يبدع الإنسان، وبه يقلد، وبه يتعلم، وبه يفكر... إلخ، وما من اتجاه يساير الإنسان في مراحل حياته جنباً إلى جنب كالأمل)... وأمثلة هذه اللغة الجميلة في مقالات النعمي كثيرة، غير أن الوقت لا يتسع لاستعراضها.
وفي المقالة الاجتماعية، انتقد النعمي الكثير من الظواهر غير الحميدة، كالحسد، والتزلف، والكبر والغرور، إلى جانب طرح موضوعات كانت تعد حساسة في ذلك الوقت، لكن مثل هذه الموضوعات كان غالباً ما يكتبها تحت أحد أسمائه المستعارة. ومن ذلك مقالته عن الدعوة للإفادة من عمل المرأة، في المستشفيات، ودور الرعاية الاجتماعية، وأن يكون البدء في ذلك بالنساء الكبيرات في السن، لما يمنحه ذلك من أمان اجتماعي ووظيفي ومالي لهذه الشريحة من المجتمع، بدلا من الاعتماد على الوافدات الأجنبيات، مستشهدا في ذلك بعمل المرأة مع الجيوش الإسلامية في التمريض.
ومن تلك المقالات انتقاد أداء بعض الأجهزة الخدمية الحكومية، كبلدية الرياض، وتوجيه المقترحات لتفعيل أدائها.. ولم ينس النعمي جنوبه، وحاجته للنهوض والتطوير، فكتب مقالة مهمة باسمه الصريح عنوانها ( يا وكلاء الوزارات)، وذلك في إثر زيارة اللجنة المشكلة من عدة وزارات للنهوض بتطوير اللجنة، حيث انتقد عدم مرورها على كافة المحافظات والمدن، لتلمس جميع حاجياتها.
وكان النعمي يكتب بتأمل في المناسبات الدينية، ولا سيما الحج ورمضان، وله مقالة جميلة في تأمل غايات الحج السامية.. وآخر ما يمكن استعراضه في هذا المشوار، هو مقالات النعمي في الصحافة ذاتها، تلك المقالات التي تعكس أمرين مهمين للغاية؛ أولهما: أن العمل الصحفي كان وقتها ما يزال يعيش طور النشأة، ندرك ذلك من سعي النعمي لتوضيح خلل الفهم وتداخل المهام، حينما كتب أكثر من مرة في التفريق بين بعض المصطلحات الصحفية؛ كمصطلحي: (المراسل الذي كان يسمّى مخبرا، والمحرر الصحفي) وبيان حدود عمل كل منهما.
والأمر الثاني: وهو مترتب على السابق، ونستنتج منه المرحلة التي وصل إليها واكتسبها النعمي، وما يدل عليه ذلك من تنامي وعيه وحسه المهني، وتراكم خبرته بالعمل الصحفي.
بل إن ذلك الوعي وصل في وقت مبكر، كما تكشف عنه مقالته باليمامة عام 1385هـ (مشاكل صحفية) إلى فهم أهم طرفي صراع يتجاذبان صمود أي صحيفة، ويهددان بقاءها، المادة الجادة، والإعلان التجاري الممول للصحيفة، وأيهما يكون وجوده على حساب الآخر.
والحقيقة أن تجربة النعمي الصحفية جديرة بدراستها دراسة مستفيضة، وجديرة بالتقدير فقد رسم النعمي بتلك الحقبة التي امتدت عقدا من الزمان، نموذجاً مشرقاً ومشرفاً لأحد أدباء منطقة جازان استطاع أن يكون له اسماً، وأن يناضل بقلمه وفكره وشعره، جنباً إلى جنب مع كبار الأدباء، في تلك الفترة، ولئن عد المشوار الزمني الممتد لعقد من الزمان قصيراً بالنسبة لامتداد تجربة شاعرنا، أطال الله بعمره، ومتعه بالصحة والعافية، فحسبه أنه قد كان نموذج الأديب الناشئ الذي لم يتجاوز الثلاثين من عمره، ومع ذلك استطاع أن يكون علما مبرزا من أعلام الصحافة في تلك الحقبة الممتلئة بأسماء الرواد والرموز المشهورين أمثال العواد، والعطار وحسين سرحان، الذين سبقوه زمناً، واستطاع أن يحفر لنفسه ومنطقته تلك المكانة العالية التي نجدها في المتبقي لديه من رسائل الأدباء التي هي بحاجة لجمعها وتدوينها، فمن راسلوه وأثنوا عليه في تلك الفترة وبعدها الأدباء المرحوم الأستاذ عبد العزيز الرفاعي، والأديب عبد الله بن خميس وغيرهم. وكل ذلك يضاف إلى مسيرة الشاعر النعمي الممتدة، التي حققها عن كل جدارة واستحقاق. أمد الله في عمره.
هوامش:
* المقالات المعتمد عليها بشكل أساسي: تتراوح تواريخ نشرها ما بين (1384 1392هـ) وكانت بصحف الرياض، اليمامة، الدعوة..
موجز مشوار النعمي الصحفي:
* بواكير اهتماماته الصحفية بدأت من المعهد العلمي بالأحساء عبر صحيفتي (التاج والضياء).. في الأعوام (1382 1384هـ)
* أول مقالات منشورة كانت سلسلة مقالات (يعجبني ولا يعجبني) في صحيفة (الرائد) التي كان يرأس تحريرها الأستاذ عبدالفتاح أبومدين.
* أول مقالة نقدية منشورة له كانت في صحيفة اليمامة وتناول قصيدة لزميله الأستاذ علي محمد النجعي وكيل وزارة الإعلام لشؤون التلفزيون سابقاً وكانا أيامها طلابا، حدثت بعد تلك المقالة مناوشات بينهما في عدة مقالات.. حتى أوقفتها الصحيفة.
* بدأ العمل محرراً مع بداية عهد صحافة الأفراد عام 13841385هـ في مؤسسة اليمامة، وكان ينشر معها نصوصاً ومقالات في صحيفة المدينة. إلى جانب عمله مراسلا لنشرة الاقتصاد السعودي، لسيف الدين عاشور رحمه الله، الذي كان يرأس تحرير مجلة قافلة الزيت.
* مع بداية عهد صحافة المؤسسات، كانت أول زاوية ثابتة له بعنوان (سوانح بصحيفة الدعوة الأسبوعية).
* انتقل فترة قصيرة (حوالي شهرين) لصحيفة الجزيرة، وكان يكتب زاوية اسمها بالمناسبة.
* عاد لمؤسسة اليمامة مرة ثانية، 13851386هـ، وفي نفس الوقت يكتب مقالات في الرياض (مؤسسة اليمامة).
* عمل مراسلا من مدينة الرياض لصحيفة البلاد (1387هـ).. وكان يعمل في أكثر من صحيفة في نفس الوقت، إلى نهاية العام 1389هـ.
* استمر بعدها في العمل الصحفي خلال فترات الإجازات، إلى نهاية العام 1392هـ. حيث تناوب مع عدة محررين في كتابة زاوية (أوراق محرر) بصحيفة الرياض..
وهنا يلاحظ عمله محرراً بكل صحف ومجلات المنطقة الوسطى.. إلى جانب مراسلته، لصحف المنطقة الغربية..
* أهم الأعمال التي أنجزها، حوارات مع بعض الوزراء، وكلاء الوزراء، منهم معالي الأستاذ حسين المشاري، ومعالي الأستاذ حسين المنصوري، وزيري المواصلات، وغيرهما.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved