الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 13th November,2006 العدد : 176

الأثنين 22 ,شوال 1427

الشيخ العلامة حمد الحقيل..شابٌّ في التسعين من عمره
محمد بن عبدالرزاق القشعمي

من الواجب علينا ذكر ذوي العلم والفضل والإشادة بدورهم، وشكرهم وتقديرهم، والاحتفاء بهم في حياتهم، ويجدر بي أن أشير إلى أحدهم، وهو الشيخ حمد بن إبراهيم الحقيل بمناسبة بلوغه التسعين من عمره أطال الله عمره وأبقاه وما زال يتمتع بالصحة والعافية ويستقبل زواره في أوقات محددة معروفة بمعدل ثلاثة أيام أسبوعياً. حرصت على الالتقاء به في أحد هذه الأيام، إلا وهو ضحى يوم الخميس من كل أسبوع، حيث أسعد بلقائه وبمن يحضر مجلسه الثقافي مثل شيخنا الفاضل عبدالكريم الجهيمان والأساتذة الأجلاء عمران محمد العمران، وعلي المسلم، وعبدالرحمن الرويشد، ومعيض البخيتان، وصلاح الزامل، وصالح الجهيمان، وغيرهم، ونستمتع بالأحاديث الشيقة والقصائد الجميلة من شعر عربي وشعبي.
وبمناسبة بلوغه التسعين من عمره يسرني أن أشيد به، فمثل هذا الشيخ يحق لنا أن نقدره ونشكره لدوره الريادي في مجال العلم والأدب وقبله القضاء والفتيا، فهو من ذوي الفضل في كل مجال أو عمل يسند إليه، لا يركن أو يكتفي بما عهد به إليه بل تجده يلج الأبواب الأخرى ذات المصلحة العامة، ويشجع الآخرين على بذل ما يستطيعون من أجل الخدمة العامة وتقديم ما يتيسر لهم لخدمة المجتمع.
صحيح أنني لم أتشرف بمعرفته إلا متأخراً.. ولكني عرفت والتقيت بوالده في مجلس الشيخ سليمان بن عبيد بالرياض في حدود عام 751376ه وأنا أرافق والدي ليستدل بي على الطريق إذ كان كفيفاً لحضور مثل هذه المجالس العلمية ومنها مجلس الشيخ ابن عبيد بعيد نقله من رئاسة القضاة بالظهران إلى المحكمة الشرعية بالرياض فكان مع مجموعة من طلبة العلم يرتادون مجلسه. فكان منهم الشيخ إبراهيم الحقيل رحمه الله وكأني آراه رغم مضي أكثر من نصف قرن وهو يضع فوق غترته عقالاً فالمعروف أن طلبة العلم والمشايخ لا يستسيغون لبس العقال فهو خاص بِ(الزكرت) وكان صوته عندما يتحدث جهورياً فقد علق بذاكرتي مدحه لسوريا لكثرة المساجد بها وسماع المؤذن في كل مكان.
بعد ذلك بعشر سنوات تعرفت بشقيقه سماحة الشيخ عثمان بن إبراهيم الحقيل رئيس القضاة بالظهران بحكم مجاورته لمنزل عمي سليمان رحمهم الله جميعاً وكان وقتها هو إمام جامع الظهران. وقد تعمقت صداقتهما وتجاورهما إلى مصاهرة.
وكنت وقتها أهوى القراءة والاطلاع، فمن الكتب التي اطلعت عليها (زهر الأدب.. في معرفة أنساب ومفاخر العرب) لشقيقه الشيخ حمد وكان وقتها يرأس محكمة الخرج. وقد علق بذهني من هذا الكتاب بيتان من الشعر هما:
أما والله لو كنا يهودا
لما رضي اليهود لنا بذلك
فأهل العلم لا يعطون شيئاً
وأهل الجهل يعطون الكدالك
فعرفت الشيخ مؤلف الكتاب مؤخراً أي قبل ما يقرب من عشر سنوات بفضل وبواسطة أستاذي وصديقه عبدالكريم الجهيمان، فقد التقينا أكثر من مرة بالقاهرة، وعرفت أنه يفتح بيته بالرياض ضحى كل خميس، فكنت أحرص على زيارته والتحدث إليه عندما تتاح الفرصة لي لمعرفتي أن من زواره من لا أمل مجلسه ولقاه وهو الجهيمان وغيره من العلماء والشعراء. كنت وغيري نستفيد من غزارة علمه ومن سمو أخلاقه وحسن معاملته التي لا تخلو من الظرف وخفة الظل وذكر بعض الحكم والقصائد والقصص المفيدة، وقد أهداني الطبعة الرابعة عشرة من كتابه الشهير (كنز الأنساب ومجمع الآداب) والذي يقرب من650 صفحة بطبعة أنيقة وبمقدمة ضافية للدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي. بعد أن عرفته وأنست به، طلبت منه أن يفسر لي أو يذكر لي قصة البيتين من الشعر السابق ذكرهما:
فقال إنه قد كلف بحل مشكلة أرض بين خصمين وكان يلزمه أن يقف على الأرض المتخاصم عليها وهي تقع خارج البلد، فكان قد خصص للمحكمة سيارة (جيب) كثيرة الأعطال. وكان مدعي الأرض يركب سيارة (كدلك) فعرض عليه الركوب معه فرفض.. فما كان منه إلا أن قال هذين البيتين ونشرهما في كتابه (زهر الأدب...) وطبع في القاهرة عام 1381هـ وقال إنه قد قرأهما يوسف ياسين ونبّه عليهما الملك سعود فاستدعاه وأنّبه. ولكنه لم يخرج من عنده إلا بسيارة (كدلك) وطلب منه أن يحذفهما من الطبعات القادمة للكتاب.
لقد تعرض قبل أشهر لوعكة صحية ألزمته الفراش ولكنه تعافى منها والحمد لله وعاد لصحته وحيويته وأصبح يستقبل زواره ويحتفي بهم وينزلهم ما يستحقون من أجمل المنازل كما يعامل أستاذي الجهيمان ويمازحه ويناكفه ويذكّره بما جرى لهم في سنوات خلت من طريف المواقف وغريبها.
عرفت من خلال مجالسته ما بذله من جهد في سبيل تحصيل العلم والمعرفة وتنقلاته من أجل الاستزادة منه ما بين المجمعة مسقط رأسه عام 1338هـ ومكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف والأحساء، فكلما ذكر له شيخ مشهور في علمه شد الرحال إليه.
عاد بعد ذلك إلى المجمعة حيث واصل القراءة على يد الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري ثم الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد أثناء توليهما قضاء المجمعة.
وتقلد مناصب حكومية، فقد عين أولاً إماماً لقصر الحكومة في المجمعة سنة 1353هـ ثم إماماً ومرشداً وطنياً للجيش العربي السعودي الذي جهز لمحاربة اليهود في فلسطين عام 1367هـ 1947م. ثم تولّى القضاء في الخرمة، والأحساء، والدمام، وضرما، والمزاحمية، ثم رئيساً لمحكمة الخرج، وأخيراً تقاعد وتفرغ للبحث والتأليف.
لقد اطلعت على بعض المشاركات التي كان يشارك بها في الشأن الاجتماعي وتشجيع مساعي الخير والنفع العام. فمثلاً نجد العدد الخاص من مجلة المنهل لصاحبها عبدالقدوس الأنصاري والتي تصدر من المدينة المنورة، فقد صدر عدد بعنوان (الكتاب الفضي المنهل في 25 عاماً 1355 1379هـ 19371960م) وقد شكلت لجنة تشرف على هذا الكتاب الضخم، وبدأ البعض ممن لديهم المقدرة المادية بالمساهمة في التبرع ببعض المبالغ لإنجاز المشروع، فنجد الشيخ حمد الحقيل يبعث بحوالة مالية بمبلغ مائة ريال وكتب عنه في الصفحة 85 (25 وفي 2281379هـ وردت رسالة من فضيلة الشيخ حمد الحقيل قاضي ضرماء والمزاحمية تتضمن حوالة مالية بمبلغ (100ريال) عربي مساهمة منه في إبراز الكتاب الفضي).
كما نجد أنه عندما تتاح له الفرصة للكتابة أو التحدث لمسؤول يدخل المصلحة العامة ومصلحة البلد التي يعمل بها في الموضوع بل ويغلبها على مصلحته الخاصة، ففي جريدة (البلاد السعودية) لعام 1377هـ نجده يبرق للملك سعود مهنئاً بذكرى جلوسه ويصفه بالقائد الفذ الذي يقود سفينة العروبة وسط أمواج هائجة مائجة تتقاذفها العواصف من كل اتجاه ولكنه بحكمته وحنكته يوصلها لبر الأمان.. وفي نهاية البرقية يطلب افتتاح مركز صحي ومكتب بريد وفروع لبعض الوزارات التي تحتاجها (ضرماء والمزاحمية). كما نقرأ في جريدة (الندوة) في 1371381هـ البرقية التالية:
جلالة الملك المعظم الرياض:
وافت البشرى على أسلاك البرق أن جلالتكم اغتنم الفرصة في المستشفى وأجرى عملية للعينين التي تم نجاحها بفضل الله تعالى. وإني وأهالي منطقة ضرمة والمزاحمية والغطغط وملحقاتها نهنيكم بهذا النجاح السار شاكرين المولى جلّ وعلا.
أحمدت عاقبة الدواء
ونلت عافية الشفاء
وخرجت منه مثلما
خرج الحسام من الجلاء
وفقكم الله وولي عهدكم المساعد الأيمن ودمتم.
حمد الحقيل رئيس محكمة ضرمة
قلت إنه قد تفرغ للبحث والاطلاع والتأليف منذ عام 1388هـ أي منذ أربعة عقود... وهو معني بالتاريخ والأنساب والأدب وينظم الشعر الفصيح والعامي.. كما يعرفه الدكتور علي جواد الطاهر في (معجم المطبوعات العربية) ويذكر أن له مؤلفات هي:
1(زهر الأدب في أنساب وأخبار العرب): القاهرة، مطبعة المدني، 1384هـ1964م، 258ص.
2(صيد القلم) (شذرات ونوادر): بيروت، مؤسسة المعارف، 1389هـ، وفي أول الكتاب ثلاث صفحات كتبها سعيد يحيى تعريفاً بالمؤلف، 7 9،11، 12183188.
3(عبد العزيز في التاريخ) (تاريخ وأدب): بيروت، مؤسسة المعارف، 387هـ1968م، 251ص.
4(كنز الأنساب ومجمع الآداب): 1388هـ (؟)1968م، 348ص.
ومن مؤلفاته المخطوطة:
1(نسيم الصبا في أشعار الأدبا).
2(شفاء المرام في القضايا والأحكام).
3(مذكرات قاض).
4(شفاء الأمراض في قرض قارض الأعراض) (في النقد).
و(كنز الأنساب) مما تكرر طبعه، ومن ذلك: ط6، نادي الطائف الأدبي 1399هـ 1979م، 247ص. وط8، الرياض: مكتبة الرياض الحديثة 1401هـ1981م.
وصدر له: (الوحشيات والأوابد لشعراء الجاهلية والإسلام)، القاهرة: مطبعة سجل العرب،1400هـ 1980م، 349ص واسمه عليه: حمد بن إبراهيم ابن عبد الله الحقيل.
وقد زاد على ذلك ما ذكره أحمد سعيد بن سلم في (موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين) إذ ذكر:
1 إعلام من (الجزيرة).
2 ديوان شعره حكمة.
3 ديوان شعره شعبي.
4 سلمان الفارسي، لو كانت الحقيقة في المريخ لشد الرحال إليها، بيروت عام 1400هـ 174صفحة.
قال عنه الدكتور عمر الطيب الساسي في (الموجز):
(... وحمد الحقيل أديب اهتم بالدراسة التاريخية وتحقيق الأنساب وله مؤلفات في هذا المجال بعضها طبع ونشر. أما شعره فهو على النهج التقليدي المتوارث ومعظم موضوعاته في الاخوانيات...).
وقد ترجم له إلى جانب علي جواد الطاهر في معجمه كل من أحمد سعيد بن سلم في (موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين) و(دليل الكتاب والكاتبات) لجمعية الثقافة والفنون و(معجم الكتاب والأدباء) الدائرة للإعلام و(شعراء العصر الحديث في جزيرة العرب) لعبد الكريم الحقيل و(الموجز في تاريخ الأدب العربي السعودي) لعمر الساسي كما ترجم له في مجلة (المنهل) العدد الخاص بتراجم وأدب أدباء المملكة وغيرهم.
حفظه الله وأطال عمره.
الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved