الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 13th December,2004 العدد : 87

الأثنين 1 ,ذو القعدة 1425

ظفار.. قصة الحضارة في معجم الذاكرة
5 لسان ظفار
د. سلطان القحطاني
اهتم العلماء والباحثون في التاريخ والآثار واللغة بهذا الموضوع في العقود الأخيرة اهتماماً شديداً، وأعني بهم العلماء الغربيين، وإن كان البحث في أساسه منصباً على الآثار، لكن هناك منهم من اهتم بدراسة هذه اللغة، من الناحية الصوتية، وكأنها قطعة من قطع محتويات متحف الآثار، وإذا تجاوزنا استعمالاتها اليومية، كلغة محلية، فإن الصعوبة تقل في تحديدها، كلغة من لغات العرب القديمة، التي لا تزال لهجاتها متداولة في أوساط المجتمع، بجانب اللغة العربية الفصحى، لغة الثقافة والعلم والمكاتبات الرسمية، كباقي لغة تميم، وتهامة، واليمن وأجزاء كبيرة من عمان.. فعلماء العربية تناقلوا النصوص القرآنية،وأخذوا مصادر اللغة العربية من العهد القريب لظهور الإسلام، وبالتالي نسبوا فصاحة اللغة الى قريش، وهذا قول عليه تحفظ علمي، وقد ساعد على شهرة سوق عكاظ الأدبي التجاري، وكثرة ما ورد في قريش من الآيات القرآنية، حتى ذكر إيلافهم، وأسماء بعض زعمائهم، عن غيرهم من زعماء وأكابر العرب، ولم ينتبه المفسرون وعلماء اللغة إلى أن هذا ليس تشريفاً لهم بل هو تذكير لهم بالنعمة التي وهبها الخالق جل جلاله لهم فلم يحمدوها، وليس سوق عكاظ بالسوق الوحيد في الجزيرة العربية، بل هناك أكثر من ستة عشر سوقاً للعرب في جزيرتهم، ونجد أن قريشاً القبيلة الوحيدة من بين العرب
التي عارضت الإسلام بشدة، فكل الآيات المكية آيات ترهيب وتهديد ووعيد من الله لهم، وأن القصص التي وردت في القرآن الكريم كانت تطمئن الرسول صلى الله عليه وسلم بأن ما حدث من قومه لا يساوي شيئاً مما حصل للأنبياء والرسل من قبله، وقد ثبت في المصادر العربية، أن لغة قريش، التى نزل بها القرآن الكريم، ليست لغة قريش القديمة، بل هي اللغة الأدبية التي صارت خليطاً مصفى من لغات العرب، بدليل ما نقي منها في سوق عكاظ من الأشعار، وأصحابها ليسوا قرشيين، فهذا أحمد بن فارس، عالم من علماء اللغة العربية يروي عن إسماعيل بن عبيدالله قوله: أجمع علماؤنا بكلام العرب والرواة لأشعارهم والعلماء بلغاتهم وأيامهم ومحالهم أن قريشاً أفصح العرب ألسنة وأصفاهم لغة، وذلك أن الله جل ثناؤه اختارهم من جميع العرب واصطفاهم، واختار منهم نبي الرحمة محمداً صلى الله عليه وسلم، فجعلهم قطان حرمه وجيران بيته الحرام وولاته، فكانت وفود العرب من حجاجها وغيرهم يقدمون الى مكة للحج، ويتحاكمون الى قريش في أمورهم.. (الصاحبي، ص55) لقد اتحد العرب، في شبه اتحاد (فدرالي) بعد التهديد الذي جاءهم في عام الفيل، فكان من الضرورة تكوين أحلاف
معروفة في التاريخ العربي، ومنها إيجاد لغة أدبية راقية بعيدة عن اللهجات المحلية، ومنها صفيت هذه اللغة واستغلتها قريش بحسب موقعها، ووجود البيت الحرام، والبلد
الآمن، وما أورده ابن فارس يحمل جملة لها دلالتها (اختارهم من جميع العرب) أي اختار لغتهم من جميع العرب، وهي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم، ولكن الدراسات العربية، في القديم والجديد صارت تنقل من بعضها ولم تول هذه اللغة اهتماما يذكر، بعكس الدراسات الغربية، وبما أن اللغة العربية بقيت اللغة الرسمية لكل المسلمين والعرب، بحكم الدين، فإن هذه اللغة بقيت في جبال ظفار، نتيجة العزلة والبعد وقلة التعليم، حتى ان الزبيدي، في كتابه، صفحة جزيرة العرب، 248، وهو أحد أبناء اليمن القريبين منها وهو عالم من علماء اللغة، يقول:(لغات أهل الشحر والأسعاء ليسوا بفصحاء، مهرة غتم يشاكلون العجم) والأغتم في اللغة يعني الأبكم، والغريب أن هذا العالم وصف كل لغة لم تتداول في العربية بأوصاف غريبة، حتى في اليمن، مثل قوله:( ليسوا بفصحاء، وغتم، وحميرية محضة، أو معقدة..) ولكن يبقى السؤال قائماً، كيف عرف هؤلاء الدين وقراءة القرآن وقد سمعت من يقرأه، وهو لا يتكلم العربية الفصحى؟، ووجدت أن هذا الرجل تعلم القرآن على أيدي الكتاب، بطريقة الحفظ النظري، وهي الحفظ على نسخة معينة من المصحف، فلو تغير المصحف بخط آخر لم يستطع قراءته، فقد جاء العلماء
والمرشدون الى هذه المنطقة مبكرين منذ ظهور الإسلام وأقرؤوا أهلها القرآن وتوارثوا الدين، ومنهم من نزل الى المدن وقرأ على العلماء، مثل: الشيخ الفقيه يحيى بن حنش الظفاري، والشيخ الفقيه، أحمد بن عوض باحضري الظفاري، والشيخ أحمد بنعلي باعلوي، من مرباط.. وغيرهم الكثير، وهؤلاء كان لهم الدور الكبير في نشر العلم الشرعي في ظفار كلها.
ومن الباحثين من انتبه الى خصوصية بعض المفردات في ظفار، فيما يتعلق بالأسماء والأماكن، وهذا دليل على ما توارثه الظفاريون نتيجة البعد عن الآخرين، والاسم يتوارث من جيل الى جيل، وفي الغالب يكون الاسم احياء لذكر عزيز فقد من بين العائلة، كالأب أو الأم أو صديق عزيز، وما الى ذلك، وهناك ما يلفت النظر في أسماء أهالي ظفار وبعض الأماكن والمدن، وهي من الأسماء القديمة، وقد ذكر بعض الباحثين سبب هذه الأسماء، وأنها تعود الى اللغة الحميرية، مثل وجود التاء المفتوحة في آخر الاسم، أو الفعل على السواء، وقد أشار باحثون آخرون في ثقافة هذه اللغة، الى بعض من هذه الأسماء، منهم سعيد بن مسعود المعشني في كتابه (الأعراف والعادات الاجتماعية في ظفار، 146) الذي ذكر بعض الأسماء التي يتميز بها أهل ظفار دون غيرهم، أو يندر وجودها في غير ظفار، منها: مستهيل، اسم رجل لم أسمعه في غير ظفار، ومحاد، ومن النساء، جهات، وحلوت، والخيار، وميزون، وطفول.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
حوار
تشكيل
كتب
مسرح
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved